بيروت: أسوة بقائمة العار المصرية، قام بعض الثوار السوريون بإنشاء قائمة عار سورية من خلال صفحة على الفايس بوك تحمل عنوانquot; قائمة العار السورية | سوريون ضد الثورةquot; ترصد كل من يناصب ثورتهم العداء، وتضم حتى الساعة 12,540 مشترك.

ويتصدر الأسماء في هذه الصفحة الفنان السوري دريد لحام الذي لطالما إشتهر بأعماله الفنية التي تنتقد النظام والظلم، وإنتهاك كرامة المواطن، ومن خلال مقطع فيديو مؤثر جداً، ومؤلم، بعنوان quot;الفنانون السوريون بين التمثيل والحقيقةquot; يرصد مشهداً للحام من مسرحية quot;ضيعة تشرينquot;، حيث يسأله quot;نايفquot; رفيقه في الزنزانة بعد عودته من غرفة التعذيب...

نايف: quot;ضربوك كتير يا غوار؟quot;.
فيجيبه quot;غوارquot; : quot;ما بعرف يا نايف ما عدت حسيت بشي.. وأنت؟quot;.
نايف: أنا حسيت... حسيت أن الكلاب صارت أحسن منا..
غوار: عندك حق.. (يبكي)
نايف: شو عم تبكي يا غوار؟ يا حيفك يا غوار .. كان المستعمر يهريك من القتل وانت عم تضحك، هلق من كرباجين صرت تبكي مثل الاولاد الصغار؟!!
غوار (بحرقة): يا إبني يا نايف ... لما بيضربك الغريب شكل ... ولما يضربك إبن بلدك شكل تاني...

ثم يعرض الفيديو مقطعاً جديداً لغوار (دريد) في الحقيقة وهو يتحدث عن الثورة السورية لإحدى قنوات النظام (الإخبارية السورية) ويصف المظاهرات بالفتنة وأمور كثيرة أخرى .... ويظهر الفيديو صوراً لثوار يتم ضربهم بوحشية من قبل قوات الأمن السورية وصوت دريد في الخلفية يصرخ (لما بيضربك الغريب شكل ... ولما يضربك إبن بلدك شكل تاني...) ... ويسأله من صنع الفيديو:أين أنت من أبناء بلدك يا دريد؟

لمشاهدة الفيديو كاملاً:

وتذكرت وأنا أشاهد هذا الفيديو ماقالته لي فنانة صديقة مرة- بأن الماغوط هو من صنع أسطورة دريد لحام،وبرحيله إندثر الأخير ولم يقدم شيئاً يذكره التاريخ ....

دريد لحام ليس الوحيد، فالغالبية العظمى من الفنانين، والإعلاميين، والمثقفين السوريينكانوا دون مستوى الحدث، وخيبوا آمال الثوار بتخليهم عنهم، وتوصيفهم بأشنع الأوصاف ... وهو درس لم يتعلمه هؤلاء مما حصل مع مشاهير مصر... ربما لأن بطش النظام السوري أكبر بكثير من نظيره المصري، والخوف من التعذيب، والتنكيل، والإقصاء، كان أكبر من أي عبرة، ومن الإنتماء للشارع السوري، ولـquot;همquot; المواطن السوري، فوجد هؤلاء أنفسهم بين نارين نار الخوف والرعب من النظام، ونار الخزي والعار الذي سيطاردهم مستقبلاً لأنهم أداروا ظهورهم لشعبهم... كما لا يخفى على أحد أن هناك من بين هؤلاء من ترتبط مصالحه إرتباطاً وثيقاً بالنظام ولا يود له أن يرحل وهو يقوم بما يقوم به طائعاً.

وما لا يخفى على أحد أيضاًأن أجهزة النظام السوري تلاحق وترهب أي شخصية سورية عامة تحاول أن تظهر ولو نزراً يسيراً من التعاطف حتى على المستوى الإنساني ... فمن وقع عريضة تطالب بفك الحصار عن أطفال درعا هوجم بقسوة،والبعض من شدة الهجوم عليه إضطر لإنكار توقيعه على القائمة ...

وعلمنا من شخصية سورية تعمل في الوسط الفني أن الضغوط والتهديدات بدأت بمجرد أن حاولت هذه الشخصية أبداء التعاطف مع من يسقط قتيلاً مضرجاً بدمه في الشارع أو يهان تحت جزمة رجل أمن...

هنا يقفز الى الذهن نقاش دار مؤخراً بيني وبين الزميل بيار أبي صعب مدير تحرير جريدة الأخبار اللبنانية، وكان سؤاله لي -عندما حاولت أن أبرر مواقف البعض بالخوف من البطش أن لم يكن على أنفسهم فعلى أقربائهم وعوائلهم في سوريا:وهل دم هؤلاء أغلى من دم الشهداء الذي أريق على الأرض السورية؟

سؤال لم أجد له إجابة سوى : بالطبع لا ...

وتذكرت لحظتها ما قاله الشاعر الحلمنتيشي quot;عمرو قطامشquot; خلال أحد لقاءاته المتلفزة أنه عندما كان يكتب قصائداً في هجاء الواقع المصري الرديء قبل الثورة لم يكن يجروء على أن يسمح لوالدته بقراءتها خوفاً من بطش النظام ... لكنه إعترف لمحدثته بأنحاجز الخوف إنكسر وبدأت الأولويات (أولويات الحياة كالمال والأمن وغيرها)تتساقط في الميدان حتى سقطت أولوية الحياة نفسها ولم يعد يشعر بالخوف ...

إذن ربما لو نزل دريد لحام وغيره من المثقفين والفنانين السوريين الى الشارع، والتحموا بالجموع وشاهدوا بأم أعينهم ما يحدث سيختلف الأمر ... وسيعلمون علم اليقين إن كان هؤلاءأًصحاب فتنة وقلة مندسة .. أم هم أبناء الوطن الشرفاء، يحاولون إستعادة مواطنتهم المسلوبة ولن نقل رجولتهم، لأن النساء والأطفال كانوا جزءاً لا يتجزأ من المشهد الذي يحاول الكل أن يغض النظر عنه، ويصدق ويقنع نفسه بأنها طائفية إرهابية و ليست سلمية سلمية؟!