بعد أسابيع عدة من توليه منصب رئيس إتحاد الإذاعة والتلفزيون، قبل رئيس الوزراء عصام شرف، استقالة سامي الشريف من منصبه، بعدما تصاعدت حالة الغضب والرفض تجاهه من أبناء quot;ماسبيروquot;.


القاهرة: استقبل العاملون في إتحاد الإذاعة والتلفزيون خبر إستقالة الدكتور سامي الشريف من رئاسة الإتحاد بفرحة عارمة، وأنطلقت الزعاريد في أرجاء مبنى quot;ماسبيروquot; العريق المطل على نيل القاهرة، فيما ضمّت بورصة الترشيحات ثلاثة أسماء لتولي المنصب خلفًا له، وهم اللواء طارق المهدي عضو المجلس العسكري، ورئيس الإتحاد السابق الإعلامي حمدي قنديل، واللواء أحمد أنيس رئيس مجلس إدارة النايل سات.

وقدم الشريف إستقالته من رئاسة الإتحاد إلىرئيس الوزراءعصام شرف مساء أمس، بعد أقل من ثلاثة أشهر على شغله المنصب خلفًا للواء طارق المهدي عضو المجلس العسكري، وتعرض الشريف لإنتقادات شديدة خلال تلك الفترة، على أساس أن البعض يصنفه ضمن الموالين للنظام السابق، حيث كان عَضوًّا في لجان مهرجان الإعلام العربي، ومقربًا من أنس الفقي وزير الإعلام السابق، وإندلع ضده العديد من الإحتجاجات في المبنى، فيمالا يزال العشرات يعتصمون في البهو منذ ثلاثة أشهر.

وخرج رئيس الإتحاد وسط حراسة من أفراد الشرطة العسكرية في ساعة مبكرة من مساء أمس، وذلك خوفًا من تعرضه لأي اعتداء من المتظاهرين الرافضين لوجوده، كما حدث معه خلال الأيام الماضية، حيث تعرض لانتقادات شديدة، وتم منعه من الدخول إلى مبنى التلفزيون، واضطراره للدخول من الباب الخلفي.

الزغاريد تعمّ أرجاء التلفزيون
وإنتشر الخبر قبل صدور قرار شرف بقبول إستقالة الشريف في أروقة مبنى quot;ماسبيروquot; بثلاث ساعات، وعلت الزغاريد أرجاءه إبتهاجًا برحيله، حيث كان يصفونه بـquot;صاحب اليد المرتعشةquot;، لأنه كان دائمًا ما يتردد في إتخاذ القرارات، ويؤخر التصديق على المرتبات والمكافآت للثلث الأول من الشهر التالي، على الرغم من أن العاملين من المفترض أن يتقاضوا رواتبهم في يوم 21 من كل شهر، والمكافآت في الأول من الشهر التالي، وكان دائماً ما يفتخر في إجتماعاته معهم بهذه الصفة، قائلاً إنه يفضل أن يكون صاحب اليد المرتعشة، حتى لا يسقط في أي مخالفة قانونية.

وردد العاملون في التلفزيون العديد من الهتافات التي تعبّر عن سعادتهم بقبول استقالة الشريف ومنها quot;بالطول والعرض جبنًا سامي الأرضquot;، وquot;الشعب يريد تطهير الإعلامquot;.

إعلاميو وعاملو ماسبيرو يرحّبون بالإستقالة
من جانبهم، رحّب الإعلاميون المعتصمون في quot;ماسبيروquot; منذ توليه المنصب في الثالث من مارس/آذار الماضي بالقرار، وأعلنوا أن رحيل الشريف كان واحدًا من أهم مطالبهم، التي طالما نادوا بها، وقالوا إن فرحتهم لن تكتمل إلا بعودة اللواء طارق المهدي إلى رئاسة الإتحاد.

وقال حسين سعيد مخرج بالتلفزيون، وأحد المعتصمين لـquot;إيلافquot;، إن إقالة الشريف كانت من أهم مطالب ثوار quot;ماسبيروquot;، لاسيما أنه كان أحد رموز الحزب الوطني، ذلك الحزب الذي تسبب في تدمير البلاد وإفقار أبنائها، وتقزيم مصر على المستوى الدولي.

مشيرًا إلى أن الشريف كان عضوًّا في أمانة إتحاد الإذاعة والتلفزيون في عهد النظام السابق، إضافة إلى أنه كان من المسيطرين على مهرجان الإعلام العربي، وكان يساهم في فوز أعمال دون المستوى بالجوائز لحسابات خاصة، وبالتالي لم يكن من المقبول تمامًا أن يتولى رئاسة الإتحاد بعد ثورة quot;25 ينايرquot;.

وأضاف أن الشريف قد يكون أستاذًا أكاديميًّا متميزًا، ويمكنه إدارة كلية باقتدار، لكنه لم يكن كذلك في ما يخص إتحاد الإذاعة والتلفزيون، حيث يحتاج الإتحاد حنكة وخبرة في هذا المجال، فضلاً عن رؤية واضحة للتطوير والتغيير في مرحلة ما بعد نجاح ثورة quot;25 ينايرquot;.

فيما أشارت نورا نوح مديرة تصوير في التلفزيون إلى أن سامي الشريف زاد مشاكل العاملين في ماسبيرو تعقيدًا، ولم يكن لديه رؤية للتعامل معها، وكان يدير الإتحاد بالطريقة القديمة العقيمة نفسها.

وأضافت لـquot;إيلافquot; أن خير دليل على ذلك إصداره أوامر بقطع الحلقة من برنامج quot;شارع الكلامquot; على قناة النيل الثقافية، حيث كان يستضيف الإعلامية بثينة كامل على الهواء، وكذلك إصدار تعليمات بتغيير موضوع حلقة يوم 13 مايو/ايار الجاري من برنامج quot;الحلم المصريquot; على القناة الأولى، والذي كانت مخصصة لمناقشة مشاكل الإعلاميين.

وأكدت أن الشريف لم يكن يستوعب أن ثورة quot;25 ينايرquot; قامت من أجل الحرية، ومنع مصادرة الآراء، ولذلك ظل يمارسها كما لو كان الحزب الوطني مازال يدير البلاد، فضلاً عن تأخير الرواتب والمكافآت، مما يجبر العاملين على الإعتصام أمام مكتبه كل شهر، ورشحت نوح اللواء طارق المهدي لتولى المنصب أو الإعلامي حمدي قنديل.

سامي الشريف: لم أستقل نتيجةً للإحتجاجات
من جانبه، قال الدكتور سامي الشريف، إن استقالته لم تأت نتيجة لضغوط الإعتصامات أو الإحتجاجات في ماسبيرو، بل نتيجة لوجود مشاكل معقدة في الإتحاد تستعصي على الحل، لاسيما في ظل عدم وجود موارد مالية كافية، وتضاؤل معدلات الإعلانات بشكل لافت، وعدم وجود دعم حكومي قوي.

وأضاف لـquot;إيلافquot; أن إتحاد الإذاعة والتلفزيون يضم 43 ألف شخص، 25% منهم إعلاميون، وهذا عدد ضخم جدًّا يحتاج مجهودًا شاقًا لتحقيق مطالبهم، لافتاً إلى أنه كان يعمل لأكثر من 18 ساعة يوميًّا.

المهدي وقنديل وأنيس مرشحون محتملون
ومن المتوقع أن يتولى اللواء طارق المهدي رئاسة الإتحاد خلفًا للشريف، أو الإعلامي حمدي قنديل، وفقًا لترشيحاتالمعتصمين فيماسبيرو، لكن مصدر مطلع في الإتحاد قال لـquot;إيلافquot;، إن اللواء أحمد أنيس رئيس مجلس إدارة شركة النايل سات من الأسماء المرشحة بقوة لشغل المنصب، الذي كان قد تولاه قبل تولي المهندس أسامة الشيخ السابق، والمسجون حاليًا على خلفية إتهامات بالفساد، مشيرًا إلى أن أنيس يحظى بقبول العاملين في ماسبيرو، ولديه الخبرة الكافية لإدارة الإتحاد في هذه المرحلة، فضلاً عن أنه أحد العسكريين، حيث كان يشغل في السابق منصب مدير إدارة الشؤون المعنوية في القوات المسلحة.

صناع الدراما يواجهون مأزقًا جديدًا
في سياق متصل، يواجه صناع الدراما التليفزيونية مأزقًًا بعد استقالة الشريف، إذ كان قد بدأ في التفاوض مع المنتجين من أجل شراء أعمالهم الدرامية لعرضها على التلفزيون المصري، وكان الاتفاق بين الشريف والمنتجين قد أوشك على الإنتهاء، لكن عدم وجود أي عقود يعيد التفاوضإلى نقطة الصفر مع رئيس الاتحاد الجديد.