في حوار مع الشاعر، كريم العراقي، تحدَّث عن علاقته بالفنانين العراقيين، كاظم الساهر، وماجد المهندي، ورضا العبدالله، كما تحدَّث عن مشاريعه الجديدة.


بغداد: اكد الشاعر الغنائي، كريم العراقي، ان كاظم الساهر هو الفنان الذي مثل الاغنية العراقية في الوطن العربي خير تمثيل، على الرغم مما يقال عنه، لان له اسلوب مختلف، واشار العراقي الذي جاء الى بغداد في زيارة، في حوار مع quot;ايلافquot;، انه يسعى الى تقديم مشاريع اكبر من الاغاني التي اصبحت موضوعا تقليديا، موضحا ان واجب الشاعر الغنائي ان يبعث التفاؤل، وفي الوقت نفسه عليه ان ينقل صورة المظلوم المضطهد المجروح.

لأسألك اولاً ما جديدك وانت في بغداد؟
جديدي في العراق مع الاستاذ عبد الرزاق العزاوي مسرح غنائي، وعندي عمل اخر مع علي خصاف عبارة عنحكاية مسرحية مدتها نحو ساعة، اتفقنا على الخط العام، وهناك اعمالي الاخيرة مثل صدور ديواني في الامارات بعنوان quot;المحكمةquot;، ولديّ مجموعة اعمال من ضمنها سلسلة اغاني للاطفال مع الموسيقار نصير شمةعملنا عليهافي مصر وبأصوات عربية مختلفة ومن الاطفال فقط، والالبوم الاخير للفنان كاظم الساهر كان لي فيه قصيدتان quot;دلع النساءquot;، وquot;حيارى يا زمنquot;، فضلاً عن تنويعة من الاعمال لفنانين عراقيين وعرب، وهناك اعمال ما زالت مجرد افكار، وانا اسعى الى مشاريع كبيرة لان موضوع الاغاني صار تقليديا وعاديا، ولكنني اريد ان اعمل اضافة جديدة.

ما هي فكرة عملك الجديد مع الموسيقار العزاوي؟
الفكرة عن حكاية اسطورة بابلية قديمة، تعاوننا انا والموسيقار العزاوي على ان نصوغها بشكل مميز بعيدا عن الاعمال السابقة التي نشاهدها، انجزنا الخطوط الاولى منها عبر جلسات اولية.

هل يكلفك المطربون بكتابة اغنيات لهم ام انها قصائد مكتوبة ذاتية؟
بين هذا وذاك، انا اكتب بشكل عادي، ولابد لي ان اكتب، واحيانا اختار المطرب او الملحن واحيانا اكلف، واذن الحالتان موجودتان.

نشعر ان بينك وبين الفنان ماجد المهندس قطيعة لماذا؟
كتاباتي لماجد قليلة، وللاسف لم يصور منها، وانت تعرف ان الزمن الان للتصوير، زمن الفيديو كليب، وعلاقتي به قديمة منذ بداياته، الاغاني التي لم يصورها لي ماجد مثل quot;حاير ياصديقيquot;، quot;هليquot;، وحتى اغنية quot;جنة جنةquot; اعاد تسجيلها بعد موافقةفنانها الاصلي رضا الخياط، واضفت لها مقطعا جديدا، كنت اتمنى على ماجد ان يصور الاغاني التي سجلها من كلماتي، وبالتأكيد ان لكل مطرب اسلوبه، واسلوب كاظم يختلف عن اسلوب ماجد، ولا اعرف ما سر عدم تصوير ماجد للاغاني من كلماتي.

هل بسبب احتكار كاظم الساهر لما تكتب مثلا؟
لا اعتقد، لان حتى بالنسبة إلى كاظم هي قليلة قياسًا لما كتبته له، انا كتبت له اكثر من 100 اغنية مغناة، ولكن المصورات لا تتعدى العشرة، يعني قليلة جدا، فعندي جديد لماجد المهندس موالات وقصائد واغان.

لماذا لم يصورها ؟
من مصلحته ان يصورها، وحتى اغنية quot;غاب القمر وثريتهquot; الدبكة، لها صدى جميل في كل مكان وهو يغنيها في الجلسات، ولكنه لم يصورها، وهناك المطرب التونسي صابر الرباعي الذي تعرفت اليه في تونس عندما كنت اعيش هناك، غنى لي 12 اغنية، لم يصور الا واحدة فقط، واعتقد ان الاغنية التي لا تصور تظلم لاننا في زمن الفيديو كليب.

ما السر؟
- اعتقد ان السر مادي، لان الفيديو كليب مكلف، فيركز المطرب على احدى الاغاني، وهم يتباهون ان تصوير الاغنية يكلف اكثر من 200 الف دولار. اما شركات الانتاج فهي قليلة جدا، هناك مطربون رائعون لا يستطيعون ان يعملوا لعدم وجود اموال لديهم للتصوير.

كيف ترى واقع كلمات الاغاني الحالية ؟
نمر بمرحلة انحطاط رهيب في الاغنية ولكنها مرحلة، فما الذي تفرزه الحروب والدمار، عبارة عن اغانيات مبتذلة ومنحطة، وللاسف كنا نعتقد انها موجة، ولكن المرحلة طالت، وصار التحسن بطيئا لان الغناء والفن انعكاس للحياة، فما الذي نتوقعه للاغنية وسط هذه المآسي والتخلف والانحدار، لكنني لم اشعر باليأس، وثمة امل ان تحدث صحوة، وترجع للاغنية عافيتها، لان هنالك مبدعين عراقيين لم ينقطعوا، لذا القصيدة الشعبية مزدهرة، ولكن ارجع واقول انها مرحلة، وكثيرا ما مررنا بهكذا مراحل مثل
مرحلة افلام المقاولات في مصر التي كانت مراحل تنتج في اليوم مئة اغنية ويظهر في اليوم مئة مطرب، وهذا شيء غير معقول وغير صحي.

هل انت مع او ضد كثرة الفضائيات الغنائية العراقية؟
انا لست معها، لانها صارت اكثر من اللازم، وكل شيء فيه مبالغة ليس جميلاً.

بناء على ما جاء في كلماتك عن بغداد في اغنية (مدينة الحب) التي غناها كاظم الساهر وزيارتك لبغداد، كيف ترى بغداد؟
بغداد ما زالت تبكي، وما زالت عيونها دامعة، وما زالت جريحة، ولكن الامل ما زال موجودا بأن تكون اجمل وافض .

هل من واجب الشاعر الملتزم ان ينقل في الاغنية الواقع كما هو؟
الشاعر واجبه الاثنين ان لا يبالغ في نقل الحزن والتخلف والمرارات، ولا واجبه ان يتفاءل إلى درجة الوردية غير المعقولة، احيانا قمة الالم هي حب، يعني مثلا عندي قصيدة اسمها هنا بغداد اقول فيها (يقتل الاب ابنه ويخرب المواطن البلاد/ رفعت رأسي باكيا أهؤلاء اهلنا اهذه بغداد) هذا ليس واقعًا يومًيا، ولكنه حزن وألم، نحن نخفي في دواخلنا بركانا، نحن نبتسم، لكننا مجروحون، ابسط الوسائل التي تعوقنا غير متوافرة.

انا واحد من الناس غير المقتنعين بالذي يحدث والماء والكهرباء، هذه شغلة مضحكة، لكنني لست متشائما، نحن ابناء البلد لابد ان نصح،و وان نكون يدا واحدة، وانا على العكس كل سنة ارى العراق يتقدم نحو الافضل، هناك صحوة، هناك ناس انحدرت انحدارًا حفاظا على انفسها، لان الذي شاهدناه من الماسي ليس قليلا، وحتى يحمون انفسهم صارت عندهم ازدواجية، والمؤلم انه عند اكثر الناس الركض وراء الفلوس بسبب العوز والخوف، انه ركض غير طبيعي حتى افتعال وخلق مبررات عجيبة غريبة مثل الجندي الذي يختلق اعذارًا من اجل الاجازة، في السابق كنا نحتال حتى لا نذهب الى الخطوط الامامية للجبهة، الان نحتال من اجل الحصول على الفلوس، اكثر من راتب اكثر من طريقة اكثر من جهة اكثر من اسلوب، هذه الحالات موجودة، ولكنها طارئة على العراقيين.

أليس من واجب الشاعر ان يبعث التفاؤل والامل خصوصًا في اغنية يسمعها ويشاهدها الملايين من العرب؟
نعم يبعث التفاؤل، ولكن عليه ان ينقل صورة المظلوم المضطهد المجروح، فهو يقول اذا نقلت صورة فيها تفاؤل مطلق، سيقال هذا اشتروه، واذاكانت حزينةيقال هذا يبحث عن غاية معينة، فالموازنة مطلوبة، والناس لها حكمها، الناس تميز متى تكون حقيقيًا ومتى تكون مندفعا لجهة او لطائفة او لحزب معين، وعليك ان تعرف كيف تمشي وسط حقل الغام حتى تستطيع ان تقول ان هويتي هي العراق، لا تميل لا يسارا ولا يمينا.

هل تتدخل في تصوير الاغنية التي تمتب كلماتها؟
لا وبعض الاغاني أتألم لها، لان فيها امورًا كان من الممكن أن لا تصير.

هل كنت راضيًا عن تصوير اغنية (مدينة الحب)؟
لا.. لست راضيًا عنها ولا راضًيا عن تصوير اغنية (شاعلها) الاخيرة لشذى حسون، كان 90% منها جميلا، ولكن الـ 10 % كانت لديّ ملاحظات عليها، المخرج ياسر الياسريقدم عملارائعا ولكن هناك بعض اللقطات من المفروض ان لاتكون.

ما الطموح الذي ما زال في داخلك وتتمنى تحقيقه؟
طموحاتي كبيرة، ومنها ان يبنى مسرح غنائي جميل، يجسد ما مررنا به من تجارب مرة ليصل الى العالم كله، لاننا رأينا ما لم يره شعب في العالم، وامنياتي ان اكتب النشيد الوطني الذي هو حلم عمري، وقد تحقق لي حلم، وهو ان احدى قصائدي صارت طوابع بريدية عراقية وهي قصيدة (تعالي اضمد جرحك/ تعالي امسح دمعك/ تعالي نحلم تحت الرصاص)، على الرغم من ان القصيدة غناها كاظم الساهر في مؤتمر عالمي، وهي موجودة على اربعة طوابع يضم كل طابع مقطعا من القصيدة.

اشعر ان رضا العبدالله بعيد عنك، لماذا؟
انا حاولت معه، وبذلت جهدًا كبيرًا حتى انني اخذته الى شركة روتانا، ولكنه ظل يدور في حلقة فلم يضف شيئا جديدا، ولم يستمر التعاون بيننا، انا اتعامل مع جميع الشباب بلا استثناء حتى الشباب غير المعروفين والذين ظروفهم صعبة، مثل احمد الصياد وعلاء الشاعر، اصوات جميلة، لكن امكاناتهم المادية ضعيفة، وتعاملي معهم بحكم ما يقدرون ان يفعلونه.

هناك الكثير من المطربين اصدقائ،ي ولكن لم اكتب لهم، كما انه لابد لي ارى نتاجي، وان تكون له ثمرة، انا اريد ان اتقدم خطوة وانا مسؤول عن تاريخي، مرات اجامل أحدهم لظروفه الصعبة، ويقال ما يقال ولكن مرة ثانية لا، حين اجد عملي لم يصل، انا كتبت لرضا العبدالله اغنية (ظالم) وكتبت له (بعدك حبيبي) و(يقولون امي في العراق) التي غناها موالاً، يعني مشينا مشيًا جميلاً، وانا ليس فقط اعطي كلمات، بل اعطي رأيًا، رضا صوته جميل ووسيم، ولديه حضور، ولكن الخط الذي مشى به لا يقدم اسلوبه.

من هو المطرب الذي مثل الاغنية العراقية في الوطن العربي خير تمثيل؟
بلا شك، وأول ما يتبادر الى الذهن من ايام ناظم الغزالي وخطوات سعدون جابر، التي وصلت الى الوطن العربي بشكل جميل، وما زال سعدون معروفًا، وتوجه الفنان كاظم الساهر، وان كانت هناك اعتراضات بان كاظم لم يوصل الغناء العراقي، فانا ارى ان كاظم هويته عراقية، صحيح انه غنى بطريقة مختلفة، ولكنك تسمع (الابوذية) العراقية والدبكة، كاظم له اسلوبه الخاص، مهد الطريق للذين جاؤوا بعده من عشرات المطربين العراقيين، كاظم هوية عراقية للفن العراقي والشهود، احتفالاته الجماهيرية التي تسعها الالاف تنشد معه الغناء العراقي مثل: عبرت الشط، كثر الحديث، قصائده الفصحى والشعبية، انه هوية عراقية، وان كان اسلوبه مختلفا.