نالت الدراما الرمضانية العراقية ذمًا كثيرًا من جمهور المشاهدين الذين استغربوا ان تكون مليئة بهذا الكم من الصور الغريبة، والاحداث المبالغ فيها، والتي لا تمت الى الواقع الا بالتسميات.


بغداد: نالت الدراما الرمضانية العراقية ذمًا كثيرًا من جمهور المشاهدين الذين استغربوا ان تكون مليئة بهذا الكم منالصور الغريبة، والاحداث المبالغ فيها، والتي لا تمت الى الواقع الا بالتسميات، وصولاً الى المواضيع والقصص المقدمة التي لا احد يعرف الجدوى من تقديمها، مؤكدين ان اغلب القنوات الفضائية التي قامت بانتاج هذه المسلسلات لديها اجندات سياسية وتحاول منتمريرهاخلال هذه الاعمال، فقد اشار عدد من المعنيين بالشأن الدرامي الى سوء الانتاج الرمضاني، على الرغم من توقعاتهم ان هذه السنة ستكون افضل من سابقاتها، ولكنهم وجدوا ان الكم هو الذي يميز هذه الاعمال بغض النظر عن النوع والجودة.

ويقول المخرج عزام صالح: quot;دراما سيئة الانتاج، تجارية، سياسية مع العلم ان الدراما تدخل ضيفًا جميلًا الى البيوت من دون استئذان، لكن هذه السنة دخلت محملة بأعباء وخطابات وافكار، قد يكون قسمًا منها غير وطني وقسمًا منها سيئًا، جرحت مشاعر الانسان الصائم الذي يريد ان يستمتع بهذا الشهر، هناك اعمال صورت في بلدان عربية واجنبية كالبرازيل، وهذه اسوأ ما يكون على المستوى الفني والفكري والقصة، وعلى كل المستويات، هناك اعمال صورت للقصاص من الحكومة بالذات، وان كان لدى احد رأي لماذا لا يتحدث به في برنامج فلماذا الدراما، ونحن نعرف ان الدراما تؤرشف وستبقى للاجيال، ليس هذا الذي نؤرشفهquot;.

واضاف:quot;كل الاعمال شاهدتها، وما قدمته الفضائيات من رقص وعري واسفاف يؤكد على ان هذه الفضائيات هذا هو مستواها، واقول بصوت مسموع واكرر القول انها تمول من دول الاقليم، فللاسف يقدم العراق بهذا الشكل، فمن كان ضد الحكومة عليه ان يقدم الاعمال بشكل بناء وان ينتقدها نقدا بناء، لا ان اعمل من اجل التشهير والتخريب، فهناك ذائقة تتابع، ولا ننسى ان المشاهد بضغطة زر ينسف هذه القناة ولا يشاهدها ثانية، وكان عليها ان تحترم المشاهد وتقدم له اشياء ممتعة تتناسب مع طقوس هذا الشهرquot;.

اما الكاتب فاروق محمد فقال: quot;انا لم اتابع المسلسلات العراقية لانني اعرف ما فيها بعد ان امر عليها مرورا سريعا لمشاهدة مشاهد معينة منها، ولكني تعمدت ان اشاهد مسلسل quot;فاتنة بغدادquot; عن المطربة عفيفة اسكندر، لانني بغدادي، ولاننا فتحنا عيوننا ونحن نسمع عفيفة اسكندر، ونسمع القصائد بهذا الصوت المثقف، وكانت تقرأ القصيدة بشكل جيد للبهاء زهير وللعباس بن الاحنف، كما ان المعروف عنها ان لديها مجلسا ادبيا يحضره حتى العلامة مصطفى جواد فكانت لا تلحن باللغة العربية، صوتها من الاصوات النادرة صوت مؤثر وامتد لاكثر من 50 سنة، لكنني في الحلقات التي شاهدتها لم اشاهد المطربة عفيفة اسكندر بل مشكلة عائلية ممطوطة اي مطولة، أحدهم يريد ان يتزوجها واهلها يرفضون وطريقة دخولها للفن، وهي ما كانت بهذا العمر بل كانت اصغر لان هي في احد اللقاءات قالت انا غنيت لاول مرة وعمري 12 سنة وامي التزمتني بينما في المسلسل امها تقف ضدها، ولا اعرف كيف هل هناك اختلاف في اقوال عفيفة اسكندر ام ان هذه اضافة من اجل البناء الدرامي والصراع وغيره، كما اعرف ان اسم اسكندر ليس اسم ابيها بلالرجل الذي رباها وتزوجها، وهذه المعلومة معروفة ولكن الذي كتب المسلسل والمخرج ربما راجعوا عفيفة اسكندر او ربما هناك اختلاف في اقوالها السابقة، كما هنالك ملاحظة وهي ان عفيفة اسكندر ما زالت حية ترزق والمفروض أن يظهروها في بداية المسلسل تقول شيئا او تعلق، بل اظهروها فقط تغني وصوتها في عمر الثمانين وهو ما يجعلنا نبتعد عن المسلسلquot;.

واضاف: quot;استوقفني ايضا مسلسل اعتقد ان عنوانه quot;الباب الشرقيquot; اقاموا له نصبا كبير شبيها بنصب الحرية في ساحة التحرير بالباب الشرقي، هذا النصب الكبير الذي انفقوا من اجله مبالغ طائلة ما الجدوى منه، وهو لم يعط اية دلالة للحدث الذي شاهدناه، مسألة التوثيق او ذكر شيء حي لم يبتعد بعد عن الذاكرة الصورية للمشاهد وعندما يكون الربط يحدث التناقض، انا سألت نفسي ان هذه الاحداث التي جاءت بالمسلسل لاتشبه التي شاهدناها، هنا تكمن خطورة ان يكتب الانسان سيرة ذاتية او موضوع حي، الذاكرة الصورية لايمكن الغاؤها ولا خداعها فهي في ذهن الناس صورة حية بشكل يومي وليس المهم ان نكتب من اجل الكتابة لابد ان نجد سبباquot;.

اما الفنان طه المشهدانيفقال: quot;انا متفائل جدا بالدراما العراقية مستقبلا واعتقد هذا الكم من الاعمال سيولد نوعا جميلا في انتقاء المواضيع، وفي التأليف وفي الاخراج والانتاج والفنانين والفنيين، واعتقد ان المستقبل سيكون افضل من الذي نعيشه اليوم، وبصورة عامة الانتاج ما زال غير جيد ولكنه قفز هذا العام افضل من السابق، انا شاهدت مسلسل quot;ابو طبرquot; كان مستوى البغدادية فيه اخفاق نوعا ما باعمالها كلها، واتساءل ما السبب وهناك مؤلف جيد ومخرج جيد وفنانون جيدون وموضوعة دسمة فلماذا هذا الاخفاق، هل لان العمل ذهب الى منتج منفذ، اما مسلسل quot;وكر الذيبquot; فهو جيد على الرغم من مشاهد الرقص المطولة التي استغربت وجودها بهذا الشكل وليس فيها احترام لحرمة الشهر وهذا ما استغربه من الفضائياتquot;.

أضاف:quot;ولكن اعجبني مسلسل quot;ابن نعناعةquot; على العراقية، انه مسلسل جميل جدا وصل الى الناس بشكل بسيط وهذا ما نبحث عنه، اما بقية الاعمال فمعقدة وفيها تراكمات سياسية قديمة، اقول يكفينا ما قدمناه ودعنا نخرج من هذه التراكمات ونفكر بالمستقبل ونفكر بالغد وبطريقة اجمل، حتى القبح اذا ما اردنا ان نقدمه فلنقدمه بشكل جميل، ايضا اود ان اقول ان المطربة عفيفة اسكندر قدمت في مسلسل quot;فاتنة بغدادquot; بطريقة سطحية جدا، وليس هنالك عمق في الشخصية، فالرموز التاريخية لابد ان نظهر العمق الانساني والفني والسياسي والتاريخي والاجتماعي لها، فهي شخصية مشهورة على مستوى الوطن العربي، وهذا يوحي لي باستسهال في التاليف والاخراج وللقضية الانتاجية ولهذه الاسماء الكبيرةquot;.

وتابع المشهداني: quot;قصص الحب مفتعلة والاداء مصطنع للاسف، وللاسف ايضا ان الفنان العراقي ما زال يفكر ويمثل بطريقة سهلة جدا ويستسهل القضيةquot;.

اما الصحفية في جريدة (الصباح) بلقيس كاووش فقالت: quot;من خلال الاعلانات الكثيرة للاعمال الدرامية قبل حلول الشهر كنا نرجو الخير في هذه المسلسلات وتمنينا ان تكون مختلفة عن السنوات الماضية ولكن للاسف اكتشفنا هناك ضعفا واستسهالا في المواضيع المقدمة واستخفافا بالمشاهد، حيث ان الاعمال المتعلقة بالاعمال التاريخية ليس هناك أي التزام بالتاريخ وهناك الكثير من الاخطاء والمطبات، اما الاحداث الواقعية فلم تعطنا أي شيء له علاقة بالواقع بقدر ما كانت هناك مبالغات اكثر من اللازم لاسيما في مسلسل quot;الباب الشرقيquot;، وانا كنت من اوائل المتظاهرين ولم أر أي شيء مما طرحه المسلسل، اضافة الى ان الاعمال التي تخص السيرة الذاتية مثل مسلسل quot;فاتنة بغدادquot; فيه الكثير من الاخطاء من ناحية الديكور والازياء التي لا علاقة لها بالحقبة التي يتناولها المسلسل وهذا كله استغفال للمشاهد واستسهال للعمل الدرامي، وبالتالي يظهرالمشاهد على قدر بسيط من الثقافة والوعيquot;.

واضافت: quot;الواضح ايضا ان اغلب المسلسلات حملت اجندات سياسية مثل الاعمال التي قدمتها فضائيتا البغدادية والشرقية اللتات تعملان وفق اجندتهما السياسية بكل وضوح ولم نشاهد أي عمل له علاقة بالجانب الايجابي بالوضع الحالي او تحاول ان تجعل المواطن اكثر تفاؤلا وتعطيه جرعة امل في الحياة، بل انهما تعملان على تدمير الحياة وكأنهما تقولان هذه هي النهاية للحياة ولا امل في العيش بسلام، امامسلسل quot;وكر الذيبquot; فهو منتهى الاسفاف ومحاولة لملء فراغ ليس الا، وانا استغرب كيف ان ممثلين معروفين واسماء كبيرة تشارك في مثل هذا العمل، اما المغني حسام الرسام فكنت اتوقع ان يقدم شيئا مهما ويكون نجم المسلسل لان هذه تجربته الاولى في التمثيل، وكان دور بائسا جدا واقل من الثانوي حيث يظهر في كل ثلاث حلقات بمشهد صغير وهذا يدل على ضعف الاختيارات عند الفنانينquot;.

وتابعت: quot;اصبت بخيبة امل كبيرة بمستوى الدراما الان وللاسف ان الفنانين الكبار يسهمون في هذا التردي والتراجع الواضح الذي ترك بصمة اسف لدى المشاهدينquot;.

اخر محطات استطلاعنا مع الفنان والناقدسعد عزيز عبد الصاحب الذي قال: quot;الاعمال الدرامية انقسمت الى قسمين، الغريب انها انقسمت مع التوجهات السياسية والولاءات السياسية الموجودة، يعني القسم الاول كان سياسيا اعتمد الذاكرة العراقية، وحسنا عملت قناة العراقية في العمل على الماضي القريب، ماضي الدكتاتورية وجيل البعث الثاني من عام 1968 الى 2003 عندما عملت على تقديم مجموعة جيدة من الاعمال الدرامية منها quot;الهروب المستحيلquot; وquot;غربة وطنquot; وغيرهما، التي اعادت انتاج الذاكرة العراقية، لان في الحقيقة الذاكرة العراقية ذاكرة مثقوبة، ذاكرة تنسى ما مرها من ضيم وقهر وفقدانات ومصائب، بالتالي تعمل هذه الاعمال الدرامية على اذكاء هذه الروح وعدم اعادة انتاج دكتاتوريات في المستقبل.

واضاف: quot;البغدادية لديها عملان مهمان حسب مشاهدتي الاول مسلسل quot;ابو طبرquot; والثاني quot;طيور تحت اجنحة الجحيمquot;، كانا فنيا جيدينوكانا على قدر معين من المقبولية والصدقية التاريخية بحيث سجل quot;ابو طبرquot; مشاهدة جيدة لدى المشاهدين وايضا كان قارئا جيدا للتاريخ الحديث وكانت الوثيقة فيها الكثير من الصدقية، حيث اظهر الوضع الاجتماعي العراقي في السبعينيات على حقيقته، حيث هذا الذي كان يجري خلف الستار، اما المعلن فالحانات مفتوحة والنوادي وشارع ابو نؤاس يعج بالناس والسواح الاجانب ولكن خلف هذا كله كان هناك جومحتقن مليء بالدماء ومليء بممارسات البعث الدموية .

وتابع: quot;اما القسم الثاني من الاعمال السياسية التي جاءتنا به بعض الفضائيات ومن ضمنها قناة الشرقية كانت تقدم شكلا سياسيا بموضوعة محبطة وغير حقيقية وغير واقعية وغير وقائعية وليست فيها صدقية ولكن بفن عالي، هذه هي المشكلة، فأنت تبحث عن الفن تجده في قناة الشرقية ولكن تبحث عن الحقيقة تجدها في مكان اخر، واستوقفني المخرج الرائع باسم قهار فيعمله على الظل والضوء والسينوغرافية داخل المشهد في مسلسل quot;الباب الشرقيquot;، ولكن عندما تقارنه بالمضامين والوقائع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية الان تجده بعيدا كل البعد عن الحقيقة، والغرض وراء هذا سياسي صرف بالتأكيد فليس فيه ولاء لوطن ولحقيقة ولمظلوم، هذا كله كذب وافتراء، وللعلم انا رفضت العمل فيه ولدي 21 حلقة وكانت شخصيتي فيه النقيب الذي يحقق مع الممثل علي عبد الحميد ورفضت بعد اطلاعي على سيناريو المسلسل الذي فيه اجندة سياسية وطائفية ايضا ولكن هذا لايمنع وقوف العمل الفني على الكثير من الاضاءات المهمة باتجاه الشكل والابهار البصري والسينوغرافيا والموسيقى وغيرها وكلها تحسب للجانب الاخراجي.