قال تقرير لمؤسسة حماية البيئة والطبيعية في ألمانيا بعد الظواهر غير العادية في المناخ في المانيا وعدد من البلدان الاوروبية، يجب التفكير بتغيير تواريخ فصول السنة الاربعة.

اعتدال سلامه من برلين: اشار تقرير لمرصد الاحوال الجوية بان الحرارة التي شهدها شهراب ( اغسطس) لم يسجلها اي مرصد من قبل. اذ ان كمية الامطار التي هطلت في هذا الشهر الذي يعتبر من اشهر الصيف الحارة حوالي 157 ليتر في المتر المكعب، اي اكثر من ضعفي الكمية التي تهطل عادة وتصل الى 77 ليترا في المتر المكعب، لذا يمكن القول انها النسبة الاكبر منذ عام 1960.

والى جانب الامطار الغزيرة لم يشهد الشهرالماضي سوى 143 ساعة من الصحوة والفترات المشمسة، اي اقل بنسبة 27 في المائة من النسبة التي شهدها نفس الشهر من العام الماضي وكانت 197 ساعة. وهذه ادني نسبة منذ الاعتماد على المراصد الجوية لرصد ساعات سطوع الشمس منذ عام 1951.

وهذا التغير لم يطرأ فقط على الاحوال الجوية في الصيف، بل وشهد الشتاء تساقط كميات كبيرة جدا من الثلوج كما استمرت فترة الصقيع والبرد حوالي 20 يوما اكثر من السنوات الماضية، ما اثر على التربة التي خزنت كميات كبيرة من المياه نتيجة ذوبان الثلوج وكان احد المسببات في الفيضانات التي شهدتها مناطق في القسم الشرقي من المانيا المتاخم لبولندا التي جرفت المياه منازل ومزارع كثيرة فيها.

ويقول تقرير لمؤسسة حماية البيئة والطبيعية في كولونيا بعد الظواهر غير العادية في المناخ التي طرأت منذ اكثر من ستة اعوام على الطقس في المانيا وعدد من البلدان الاوروبية، يجب التفكير بتغيير تواريخ فصول السنة الاربعة. فمنذ عام 2004 تتداخل الفصول ببعضها وتعيش المانيا فصل الصيف مع درجات حرارة تصل الى ال17 مئوية، كما عرف فصل الشتاء حرارة وصلت الى 16 درجة مئوية.

وكان مؤتمر حماية البيئة الذي عقد العام الماضي في هامبورغ وضم قرابة 700 خبير في حماية البيئة والمناخ قد ركز على تأثيرات التغييرات المناخية على الحياة والصحة والبيئة. كما طالب المجتمعون بالحاح الدول الصناعية الالتزام باتفاقيات حماية البيئة لانها قد تكون زورق النجاة للعالم ايضا لايقاف ارتفاع نسب مياه البحار،لان مدنا كثيرة في المانيا مثل هامبورغ وبريمن وبريمارهافن وفي اوروبا كهولندا معرضة بالكامل للغرق حتى عام 2100 بسبب ذوبان الثلوج وزيادة الامطار.

والكوارث الطبيعية الناتجة عن التغييرات المناخية بسبب الفيضانات والخسائر البشرية
كلفت المانيا المليارات، فحسب دراسة وضعتها المؤسسة الالمانية للبحوث الاقتصادية DIW فان مواصلة اهمال الانسان للبيئة والكوارث طبيعية التي تقع بسبب التغيرات المناخية كلفت الاقتصاد الالماني المليارات وقد تصل هذا التكاليف في السنوات الاربعين المقبلة الى اكثر من 800 مليار يورو،وقد تتمكن المانيا من تحمل هذا المبالغ الهائلة لكنها سوف تشكل كارثة ضخمة للبلدان الفقيرة والمثل على ذلك هو الفيضانات الكارثية في باكستان. كما ان وقع الكارثة وانعكساتها لا يمكن حصره منذ الان، فحتى اليوم لم يتعاف اقتصاد البلدان الاسيوية التي تعرضت لكارثة تسونامي، والطبقة الفقيرة الاكثر تضررا مازالت ترسخ تحت وطأة الكارثة ولا احد يمدها بالعون الحقيقي. اضافة الى الكوارث وموجات الجفاف والفياضانات والهزات الارضية في هايتي وتشيلي والصين واندونسيا وقدرت الخسائر فيها ب حوالى 70 مليار دولار.

وذكر تقرير مؤسسة حماية البيئة والطبيعة ايضا ان درجات الحرارة العالية التي تشهدها اوربا في الصيف سيكون لها انعكاسات سلبية على قطاع الزراعة وقطاع الغابات في المستقبل، والشاهد على ذلك الحرائق التي نشبت في روسيا ولم يكن من السهل السيطرة عليها وقضت على الالاف من الهكتارات ودمرت مواسم القمح. وارتفاع الحرارة يشكل مشاكل اخرى مثل انقطاع التيار الكهربائي نتيجة لجوء الاف المنازل الى تشغيل كل المحركات الكهربائية باقصى طاقاتها وهذا سيسبب عدم توفر مياه باردة لتبريدها.

ولن يكون قطاع السياحة بمنأى عن انعكسات التحول المناخي السلبي لان تزايد ارتفاع الحرارة سوف يذيب في المستقبل الثلوج في المنتجعات التي تعتمد على السياحة الشتائية والتزلج. وفي المنتجعات السياحية الجبلية من المنتظر ان تزداد الامطار والرعود البرق.

والمشكلة ان كل المؤتمرات التي عقدت لمعالجة التلوث البيئي لم تتمكن حتى الان من التوصل الى وضع قواعد تلزم دول العالم خاصة الصناعية كي تعمل على تخفيض نسبة الغازات السامة التي تسببها والتي اصبح خطرها كما خطر الحروب على البشر والطبيعة.

والمقلق التقارير الحديثة التي تتحدث عن زيادة في نسبة هذا الانبعاثات وارتفاعها بمقدار الثلث بسبب اهمال الانسان للطبيعة، وهي اعلى نسبة منذ 65000 عام، فهذا ما اثبتته دراسات اجريت على الحفريات الجليدية في القطب الجنوبي. ولقد برزت منذ القرن التاسع عشر هذه الحقيقة التي تزداد تأكيدا يوما بعد يوم، حتى اصبحت شيئا مسلما به اليوم، وهو ان غاز ثاني اكسيد الكربون له تأثيرات كبيرة وانه يؤدي الى رفع حرارة الارض.

وكما تضمنه التقرير فان الخطر الاكبر بالنسبة للبشرية والطبيعة ينحصر في التغيرات الكبيرة التي تحدث، منها موجات الحر الشديد وانتشار الجفاف والامطار الغزيرة التي تسبب العواصف والفيضانات المتزايدة في المناطق الساحلية بسبب ارتفاع منسوب سطح البحر، فهو يرتفع سنويا بمقدار 3 سنتم نتيجة ذوبان الثلوج.

لكن مجلس تغييرات المناخ في المانيا، وهو يضم العديد من الهيئات الحكومية الالمانية قلل من شأن المخاطر الحقيقة لارتفاع منسوب البحار والسبب في ذلك وجود صعوبة في عملية الحساب الدقيقة للمخاطر الحقيقية التي تنجم عن ذوبان الثلوج في غرونلاد وفي غرب المنطقة القطبية الجنوبية. فالمراقبة المستمرة لهذه المناطق تؤكد تزايد هذا ا لذوبان خلال السنوات الاخيرة، الا ان الطرق الحسابية التي تعتمد لاحتساب التطورات المستقبلية، ليست دقيقة جدا، اذ انها قد اخطأت في حساب الارقام والمخاطر التي حدثت خلال العقود الماضية حول ارتفاع منسوب مياه سطح البحر، وكانت الارقام اقل.