عند إلقاء نظرة متمعنة على الأوضاع الداخلية في إيران في ظل النظام الإيراني، والتي تزداد وخامة عامًا بعد عام، ولا سيما على صعيد الممارسات القمعية التعسفية الجارية والانتهاكات الفظيعة لأبسط مبادئ حقوق الإنسان، والأوضاع الاقتصادية المعيشية التي تسير من سيئ إلى أسوأ حتى صارت المعيشة في ظل النظام الإيراني أشبه ما يكون بكابوس؛ يتضح واقع مرير. منذ الأيام الأولى لقيام هذا النظام، بدا وكأن الشعب الإيراني دخل نفقًا مظلمًا طويلًا يواجه فيه واقعًا مأساويًا ليس من السهل وصفه.
هذا النظام، الذي ادعى في بداية حكمه أنه سيوفر الحرية والحياة الكريمة لجميع أبناء الشعب الإيراني دونما تمييز، ووعد بأن يكون نصيرًا للشعوب المحرومة ومؤيدًا للحق الفلسطيني والقضايا العربية والإسلامية الأخرى، أثبتت الأيام وبصورة لا تقبل الجدل أنه لم يكتفِ بعدم الوفاء بوعوده، بل عمل تمامًا بما يناقضها. الشعب الإيراني بات يجد صعوبة، إن لم تكن استحالة، في تدبير أمور المعيشة، والتي ازدادت سوءًا بسبب الجمع بين الممارسات القمعية التعسفية والأوضاع الاقتصادية والمعيشية الوخيمة.
النظام الإيراني اليوم، وبعد انهيار جبهته المشبوهة المسماة زورًا بـ"جبهة الممانعة"، وبشكل خاص بعد انهيار نظام الدكتاتور بشار الأسد، يقف أمام منعطف بالغ الخطورة. هذا النظام، الذي كان يأمل أن ترتد عليه تدخلاته في المنطقة وإثارته للحروب بمنافع وتأثيرات إيجابية، وجد نفسه منذ حرب غزة ومرورًا بما حدث لحزب حسن نصرالله وانتهاءً بما جرى لنظام بشار الأسد، في مواجهة نتائج معاكسة تمامًا.
إقرأ أيضاً: مقاومة إيران وتغيير السياسات العالمية
خوف وقلق النظام الإيراني يزدادان بشكل مطرد مع استمرار تردي أوضاعه وعدم وجود أي مجال لتحسينها، خصوصًا في ظل تشديد العقوبات الأوروبية عليه. هذه العقوبات تجعل النظام يفقد أي أمل إيجابي في المستقبل المنظور، بل يمكن القول إنه يسير في طريق محفوف بالمخاطر نحو مصير يبدو على الأرجح مجهولًا!
خوف النظام من ازدياد تدهور أوضاعه، ومن فقدانه لعامل إثارة الحروب والأزمات في المنطقة، يتزامن مع أوضاعه الداخلية المتأزمة واحتمال انفجار بركان الغضب الشعبي بوجهه، خصوصًا أن كل الأسباب الموجبة متاحة لذلك. لذلك، لا يجد أمامه وسيلة لمواجهة هذا الوضع سوى مضاعفة الممارسات القمعية وزيادة تنفيذ أحكام الإعدامات.
إقرأ أيضاً: فشل سياسة المسايرة
ولكن، وكما أثبتت تجارب الأعوام الماضية، فإنَّ القمع المتزايد يقود بصورة أو بأخرى إلى رد فعل معاكس، كما شهدنا في الانتفاضات الشعبية التي اندلعت بوجهه. الأمر الذي يجب ملاحظته هو أن النظام يعلم جيدًا أن لجوءه للتصعيد ضد الشعب أشبه بتوقيعه على قرار إعدامه، بينما عدم لجوئه للتصعيد لا يعني أنه سيصل إلى بر الأمان.
باختصار، في كل الأحوال، خيار الموت والفناء هو الذي ينتظر النظام الإيراني.
التعليقات