إن انعقاد مؤتمر "السياسة الجديدة تجاه إيران – التركيز على الشعب الإيراني ومقاومة إيران" في البرلمان الأوروبي يُظهر تحولًا في رؤية المجتمع الدولي تجاه الوضع في إيران. حضور مريم رجوي، الرئيسة المنتخبة للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، والاستقبال الواسع الذي حظيت به، إضافة إلى دعم ممثلي مختلف الأحزاب في البرلمان الأوروبي، من الليبراليين والاشتراكيين والخضر والمحافظين واليسار الموحد، يعكس هذا التحول بوضوح. وقد شكّل هذا الحدث رسالة واضحة تُبرز التفاهم المشترك بين السياسيين الأوروبيين حول أهمية مراجعة السياسات السابقة ودعم الشعب الإيراني ومقاومته المنظمة.

إنَّ نظرة سريعة إلى أحداث وتطورات العام الماضي فيما يتعلق بالنظام الإيراني تقودنا إلى النتائج التالية:

فشل سياسة الاسترضاء
اتبعت الدول الغربية سياسة الاسترضاء تجاه النظام الإيراني على مدى أربعة عقود كاستراتيجية رئيسية، لكنها باءت بالفشل. هذه السياسة لم تخدم المصالح قصيرة المدى للدول الغربية فحسب، بل جعلت النظام الإيراني تهديدًا خطيرًا للأمن العالمي. العمليات الإرهابية، التجسس، وتهريب المخدرات التي قامت بها عناصر النظام داخل أوروبا أبرزت الطبيعة الخطيرة للنظام الإيراني، وأكدت عدم قدرته على التعايش مع النظام الدولي، بل وتحوله إلى تهديد مباشر له.

ضعف النظام داخليًا واتساع رقعة الاحتجاجات
النظام الإيراني يواجه اليوم أضعف حالاته الداخلية. الاحتجاجات الشعبية الواسعة والانتفاضات المتكررة، لا سيما في عام 2021، أظهرت بوضوح رغبة الشعب الإيراني في التغيير الجذري وإسقاط النظام الحالي. هذه الاحتجاجات لم تكن عفوية كما يدّعي النظام، بل جاءت نتيجة أربعة عقود من النشاط المنظم للمقاومة ووحدات المقاومة. ورغم القمع الشديد، استطاعت هذه الوحدات الحفاظ على شعلة الاحتجاجات مشتعلة، ولعبت دورًا هامًا في تحقيق أهداف المقاومة.

المقاطعة الواسعة للانتخابات
شهدت الانتخابات البرلمانية والرئاسية الأخيرة للنظام الإيراني مقاطعة شعبية واسعة. هذه المقاطعة لم تكن مجرد رسالة واضحة للمجتمع الدولي بشأن فقدان النظام للشرعية، بل أكدت أيضًا فشل استراتيجية خامنئي في تعيين شخصيات مثل إبراهيم رئيسي. سياسات رئيسي القمعية ورمزيته كـ”جلاد”، لم تعزز النظام، بل أدت إلى تآكل شرعيته داخليًا ودوليًا.

تأثير الحروب الإقليمية على مكانة النظام
سعى النظام الإيراني إلى استخدام الحروب الإقليمية، خاصة في الشرق الأوسط، كوسيلة لقمع الاحتجاجات الداخلية وتشتيت الرأي العام. إلا أن هذه الحروب جاءت بنتائج عكسية، إذ أضعفت القوات الموالية للنظام، لا سيما حزب الله في لبنان، مما أدى إلى تراجع مكانة النظام إقليميًا ودوليًا. كما زادت تكاليف هذه الحروب من الضغوط الاقتصادية وعمقت حالة السخط الشعبي داخل إيران.

القلق من عودة سياسة الضغط الأقصى
مع التغيرات السياسية في الولايات المتحدة، يزداد قلق النظام الإيراني من احتمالية عودة سياسة الضغط الأقصى. هذه السياسة، التي طُبقت خلال فترة رئاسة دونالد ترامب، وضعت النظام في موقف اقتصادي وسياسي حرج للغاية. المحاولات الدبلوماسية للنظام لتجنب تصعيد هذه الضغوط تعكس مدى خوفه من تبعات هذه السياسة إذا استؤنفت.

الوضع الانفجاري في المجتمع الإيراني
يشهد المجتمع الإيراني حالة غير مسبوقة من السخط العام والأزمات الاجتماعية. الأوضاع الاقتصادية المتردية، الفساد المستشري، والقمع السياسي، خلقت وضعًا انفجاريًا يهدد استقرار النظام. في الوقت ذاته، تستمر وحدات المقاومة في نشاطها رغم القمع والاعتقالات، وما زالت تلعب دورًا رئيسيًا في تحفيز وتوجيه الاحتجاجات الشعبية.

دعم بديل ديمقراطي
أظهر المؤتمر الأخير للبرلمان الأوروبي أن المجتمع الدولي توصل إلى قناعة بأن النظام الإيراني لا مستقبل له. وأكد البرلمانيون على وجود بديل ديمقراطي وخطط واضحة للانتقال السلمي إلى جمهورية ديمقراطية. هذا التوجه يمثل خطوة مهمة لدعم الشعب الإيراني والمقاومة المنظمة.

لقد حان الوقت للمجتمع الدولي لتبني سياسات أكثر حزمًا لتمهيد الطريق لتحقيق الحرية والديمقراطية في إيران. هذا التحول لن يفتح الباب فقط لإيران حرة، بل ستكون له آثار إيجابية على الاستقرار والأمن الإقليمي والعالمي.