في عالم مليء بالضجيج والتحديات، ظهر سعيد غبريس كواحة من الإبداع والعطاء. هذا الصحفي الرياضي اللبناني والعربي الشهير حمل على عاتقه حب الرياضة ونشر هذا الحب من خلال كلماته وصوره التي أصبحت نبراسًا لأجيال من عشاق الرياضة في العالم العربي الكبير.
كان غبريس أكثر من مجرد صحفي؛ كان راويًا للأحلام والقصص التي تنبض بالحياة في ملاعب العالم العربي، من بيروت ودمشق والقاهرة وعمان والرياض والدوحة إلى الرباط. فمنذ أكثر من خمسين عامًا، بدأ مشواره الإعلامي، حيث خطى خطواته الأولى في الصحف والمجلات في لبنان وخارجه، قبل أن يحصل على شهرة واسعة. لم تكن الشهرة هدفه، بل كانت نتاجًا لإخلاصه وشغفه للمهنة، وسعيه إلى التعريف بالرياضة العربية ورفع مكانتها بين شعوب العالم ورياضييها، ولا سيما في الدورات الأولمبية وكؤوس العالم.
عندما أشرف على تحرير مجلة "الوطن الرياضي" في السبعينيات، التي أصبحت لاحقًا "الحدث الرياضي"، لم تكن هذه المجلات مجرد صفحات مليئة بالكلمات، بل كانت موسيقى تغني بحب الرياضة، تجمع الشباب العربي تحت راية واحدة من الشغف والتفاني وحب الرياضة ونجومها من المحيط إلى الخليج.
كانت فكرة الحذاء الذهبي التي أبدعها في أوائل الثمانينيات كجوهرة تتلألأ في سماء الجوائز الرياضية. الجائزة التي تُعطى لهدافي الدوريات العربية والصافرة الذهبية لحكام الكرة المتميزين كرّست فكرة التميز والتفوق التي كان يؤمن بها غبريس. وقد توسعت جهوده في التحفيز والتكريم لإطلاق جائزة الكرة الذهبية لأفضل لاعب عربي، مما عزز مكانته كرائد في تقدير المهارات والأداء الرياضي.
إقرأ أيضاً: العالم يحتفل بفوز السعودية بتنظيم كأس العالم
وعلى شاشات التلفاز، تحديدًا في برامج تلفزيون LBC، قدم غبريس الدوري السعودي بروح ملؤها الحماسة والحب. لم يكن مجرد مقدم، بل كان سفيرًا للرياضة، يعبر الحدود بجمله ومعرفته العميقة، بحياد ومحبة لكل الأندية السعودية ونجومها. وبفضل علاقاته القوية مع الزملاء في السعودية والخليج العربي والوطن العربي الكبير، كان دائمًا محط احترام وتقدير أينما حل من خلال تواجده في المحافل الرياضية العربية حتى أطلق عليه لقب قبطان الصحافة الرياضية العربية.
لم يقتصر تأثير غبريس على التغطية الإعلامية فحسب، بل امتد ليشمل تخريج جيل جديد من الإعلاميين الرياضيين الشباب. كان مرشدًا وداعمًا لهم، ينقل خبراته ومعرفته بأسلوب ملهم وحماسي، مما ساعد في بناء قاعدة إعلامية رياضية قوية في الوطن العربي.
كان لغبريس عشق خاص للرياضة السعودية وكرة القدم السعودية بشكل خاص. كانت تغطيته للمباريات والبطولات في السعودية مشحونة بالشغف والإعجاب، مما زاد من تعاطف الجماهير ومحبتهم له.
إقرأ أيضاً: خليجي 26 وغياب المجلات الرياضية المتخصصة
لم تكن التكريمات والجوائز هي ما يسعى إليه، بل كانت شهادات تقدير لجهوده الكبيرة وحبه اللا متناهي للرياضة. كان مرجعًا هامًا، ملهمًا للأجيال، ومثالًا حيًا للشغف والعمل الجاد.
إن تأثير غبريس يمتد كأغصان شجرة وارفة، تعطي ظلًا وراحة لكل من اقترب منها. شكّل وعيًا رياضيًا وثقافيًا لدى جمهور واسع، وألهم جيلًا جديدًا من الصحفيين للسير على خطاه، ليبقى إرثه نابضًا بالحياة والعطاء.
في النهاية، سعيد غبريس هو ليس مجرد اسم، بل هو قصة حب وعطاء للرياضة والإعلام، قصة ستظل محفورة في قلوبنا وذاكرتنا.
التعليقات