عبد العزيز الخطابيأيمن بن التهامي من الدار البيضاء: تقدمت العلوم الطبية وتطورت الكيمياء العلاجية حتى بلغتا ذروة التقدم والتطور، لكن رغم ذلك فالمرض لاينتهي ولا يختفي.
فأنماط وأساليب الحياة الحديثة جعلت الجسم البشري مرتعا خصبا للأمراض، وقد تكون بعض الأدوية التي نتناولها للحد من المرض تحمل في حد ذاتها عناصر المرض والضعف فتضعف المناعة الطبيعية.
لهذا لابد من البحث عن منحى صحي جديد، يمنح للمرء إمكانية تحصين المناعة الطبيعية في جسده، وإنعاش الطاقات الشفائية الكامنة فيه، لمساعدة المرضى للشفاء من أمراضهم ولفتح الباب للأصحاء لوقايتهم من المرض المتربص بهم، ولتحقيق التوازن بين عنصري الين واليانغ الضروري توازنهما لتحقيق الصحة السليمة.
ولتحقيق التوازن بين هذين العنصرين لابد من الاهتمام بالجانب الجسدي والعقلي والروحاني على قدر سواء.
لكن في ظل دوامة الحياة وصعوباتها اليوم لا يجري استغلال النشاطين العقلي والروحاني إلا بنسبة قليلة، في حين يجري استغلال النشاط الجسدي في ما يتجاوز المعدل المطلوب، ما يؤدي إلى الإصابة بالقلق والتوتر النفسي، اللذين يعدان في معظم الأحيان الأسباب الكامنة وراء الكثير من الأمراض، وبإيجاد طرق طبيعية للتخلص منها ومن مسبباتها سوف نحصل على الصحة السليمة. عن دور الريفلوكسولوجي والطاقة تحديدا في علاج العديد من الامراض يتحدث الخبير عبد العزيز الخطابي في اللقاء التالي:

* الريفلوكسولوجي هو أحد فروع الطب الطبيعي الشامل الذي يربطه الكثيرون بالتخلص من القلق والتوتر، فهل يمكن أن تقدم لنا تفسيرا دقيقا لهذا الطب؟

الريفلوكسولوجي هو فرع أساسي من فروع الطب البديل، وهو كلمة مشتقة من ريفلكس، أي فعل انعكاسي، وهو الضغط بالأصابع.
ونال هذا الفرع من الطب البديل الإهتمام الكبير من طرف الدول المتقدمة، فأصبح يدرس في العديد من الجامعات في الولايات المتحدة وغيرها من البلدان المتحضرة.
إلا أننا في المغرب لا نكاد نسمع عنه، إلا من خلال بعض الكتب المترجمة من طرف المشارقة، والتي تشيد بقدرات هذا الفرع من فروع الطب البديل، ما يطرح في الذهن العديد من التساؤلات حول هذا الفن أو العلم العلاجي من قبيل مدى فعاليته؟ وهل يمكن حقا اعتباره علاجا، وإذا كان الأمر كذلك فما هي الأمراض التي يعالجها؟.

* المعروف عنك أنك معالج بالشياتسو والضغط الإنعكاسي، فما المقصود بكل منهما وهل هناك علاقة بينهما؟
الشياتسو كلمة يابانية والريفلوكسولوجي كلمة إنكليزية، وكلاهما يرتكزان على الضغط على مسارات الطاقة في الجسم، ويعتمدان على الضغط بالأصابع من أجل تنشيط الطاقة الجسدية وإزالة أي ركود بمساراتها.
فالريفلوكسولوجي هو شكل قديم للعلاج تستعمل فيه النقط نفسها التي تستخدم في الوخز بالإبر، وقد يتم فيه الاعتماد على نقاط ضغط معينة في أخمص القدمين، أو اليدين، أو في الأذنين، وهذه النقط التي تنعكس على كل عضو من باقي أعضاء الجسم، وتجعله يمارس وظيفته الطبيعية.
أما الشياتسو فهو نوع من الرياضة العلاجية أيضا، تعتمد على فكرة الريفلوكسولوجي نفسها أو الضغط الانعكاسي، أي على الطاقة التي تتدفق عبر المسارات في الجسم، حيث يجري في الشياتسو الضغط على الأصابع على نقاط معينة من الجسم لتساعد على الاسترخاء والإحساس بالنشاط.
وعرفت هذه الرياضات العلاجية منذ ما يقارب 5000 آلاف سنة في الشرق. وقد دخل الريفلوكسولوجي إلى الولايات المتحدة الأميركية سنة 1913 بواسطة الدكتور وليم فيتز رجرالد، ومن أهم روادها في العالم واترو أوهاشي، تورونا ميكوشي، شيزوتو موسوناغا.
وهذا النوع من العلاج له مفعول كبير في مساعدة الجسم وترميم وإصلاح ما يلزم بواسطة الطاقة، إذ يعمل على معالجة الجسد والنفس على حد سواء، فيعمل على الإحتفاظ بنوع من التوازن والتناغم بينهما ما ينتج منه توازن بين كافة أجهزة الجسم ومختلف أعضائه.

* وهل يتم الإعتراف اليوم في الدول المتقدمة كأميركا مثلا، بهذا النوع من الرياضة العلاجية؟

ما يجب أن يعلمه الجميع هو أن الريفلوكسولوجي هو فرع أساسي من فروع الطب البديل، وتعترف به اليوم العديد من الدول المتحضرة، بل وأصبح يدرس في الجامعات في الولايات المتحدة الأميركية، وأوروبا، ولندن، والصين، واليابان، وغيرها من الدول.
وتستمر مدة التدريس فيه من 6 أشهر إلى 3 سنوات، يجري من خلالها التعرف إلى مبادئ الطب البديل وأنواعه ومسارات الطاقة بالجسم، والأمراض وأسبابها وكيفية علاجها بالطرق البديلة للأدوية والجراحة.
ويجري تدريس الريفلوكسولوجي في هذه الجامعات على مستويين: الأول خاص بالهواة الذين يرغبون في التعرف إلى تقنيات التدليك ومواقع الضغط، وتدوم مدة الدراسة أو التكوين 6 أشهر.
أما المستوى الثاني فهو خاص بالذين يرغبون في الإرتقاء إلى مستوى التخصص، وتستمر الدراسة في هذا المستوى 3 سنوات يجري فيها دراسة العديد من العلوم التي ترتبط ارتباطا وثيقا بهذا المجال، كعلم الأحياء، علم التشريح، علم الأعراض والتشخيص، علم التغذية، علم النفس، جميع النقط الإنعكاسية في القدمين واليدين والأذنين وأساليب الضغط على كل حالة مرضية، ما يجعل الدارسين ملمين بكل الجوانب المتعلقة بصحة الإنسان الجسدية والنفسية، لأن الطب البديل ينظر إلى الإنسان ككل متجانس يرتبط فيه النفسي بالعضوي ويتأثر كل منهما بالآخر.
أما في المغرب فلا وجود لمعاهد أو جامعات تدرس هذه الرياضات العلاجية. وأتمنى أن نحظى يوما في المغرب بمستشفى للعلاج الطبيعي حتى يجري رفع الضغط الكبير على وزارة الصحة، ورفع الضغط أيضا على جيب المواطن وصحته التي أرهقتها الأدوية الكيماوية.
ويبقى هدفي الأسمى هو أن يصبح للمواطن المغربي ثقافة علاجية طبيعية وشاملة تمكنه من معالجة نفسه بنفسه.

* وهل يتم الضغط في الريفلوكسولوجي على جسد المريض بطريقة عشوائية أم أن هناك قواعد يجب اتباعها في ذلك؟

القاعدة الأساسية في الريفلوكسولوجي أنه لا يتم الضغط بالأصابع على مكان الألم نفسه، فمثلا إذا كان الألم بالمعدة لا يتم تدليك منطقة المعدة لأن هذا خطأ، بل يتم تدليك المنطقة الإنعكاسية للمعدة في مكان آخر في الجسم قد تكون في القدم أو اليدين أو في الرأس أو غيرها من مناطق الجسم.
فالريفلوكسولوجي هي أن يتم تقسيم جسد الإنسان من الرأس إلى أخمص القدمين إلى 10 مناطق طولية، إذ تقع كل خمسة مقاطع طولية على أحد جانبي الجسم ويقسمان الجسم طوليا إلى قسمين متساويين.
وينطلق المسار الأول في منتصف الجسم من منتصف الرأس إلى نهاية الإبهام في اليدين، ونهاية الأصبع الكبير في القدمين، وأن الضغط على أي نقطة منه تؤدي بالضرورة إلى تنشيط شتى النقاط التي تقع على امتداد هذا الخط.
والمسار الثاني ينطلق من أعلى الرأس على جانب المسار رقم 1، إلى نهاية الأصبع الثاني (السبابة في اليدين والأصبع الثاني في القدمين).
والمسار الثالث ينطلق من جانب المسار رقم 2، وينطلق إلى نهاية الأصبع الأوسط في اليدين والقدمين، والمسار رقم 4 ينطلق من جانب المسار الثالث، إلى نهاية الأصبع الرابع (أصبع الخاتم) في اليدين والأصبع الرابع في القدمين، والمسار الخامس ينطلق على جانبي الجسم وينحدر نزولا إلى الأذنين وعلى جانبي الجسم لغاية نهاية الأصبع الصغير في اليدين والقدمين.
وكل نقطة في الجسم تؤثر في باقي الأعضاء الموجودة في المسار نفسه الذي توجد فيه، فالنقط الخاصة بعضو ما توجد في النقطة الطولية أو في المسار نفسه الذي يقع فيه العضو، فمثلا تقع الكليتان في المسارين الثاني والثالث، لذلك فإن نقط الإنعكاس لهما تقع في المنطقتين الثانية والثالثة سواء في القدمين أو اليدين، أو في باقي الأعضاء في المسار نفسه.

* وهل تعد جلسة الريفلوكسولوجي جلسة مؤلمة؟

عادة تكون النقطة المقفلة المحتاجة إلى تسليك بواسطة الضغط بالإبهام مؤلمة في البداية، وفي المرة الثانية يقل الألم ويتلاشى في الجلسات التالية إلى أن يزول نهائيا، وغالبا ما تكون النقاط في القدمين مؤلمة أكثر من بقية أعضاء الجسم، لأنه بحكم قانون الجاذبية ووقوفنا كثيرا على القدمين، تترسب مواد معدنية وتتسبب في إغلاق مسارات أو تيارات الطاقة الكهروميغناطيسية، وبالضغط على النقطة المتصلبة يتم فتح الباب للطاقة لتسير بحركة طبيعية دون إحداث أي ألم في منطقة من المناطق.

وما هي الأمراض التي يمكن أن يفيد الريفلوكسولوجي في علاجها؟ وعلى أي أساس يقوم هذا العلاج؟

العلاج في الريفلوكسولوجي يقوم على أساس عدم تدليك العضو المريض نفسه، فالقدم تعد بمثابة خريطة لجسم الإنسان من الرأس حتى القدمين، لهذا فبواسطة الريفلوكسولوجي يمكن التخلص من كثير من الأمراض، فضلا عن أنه يمكننا من تنشيط أجسامنا بالضغط على نقاط معينة بالجسد، إذ بالضغط على هذه النقط يتم إرسال شحنات من الطاقة الشفائية إلى باقي أعضاء الجسد، إلا أنه يجب الإشارة إلى أن الضغط بالأصابع لن يحقق وحده العلاج من مرض ما، لأنه يشكل فقط فرعا من فروع الطب البديل، وبالتالي فهو يلعب دورا مكملا ويساعد إلى جانب باقي فروع الطب البديل وخصوصا التغذية الصحية في تحقيق العلاج من العديد من الأمراض، كآلام الظهر، الإمساك، ارتفاع ضغط الدم، القولون العصبي، الصداع النصفي، الأرق، التوتر، اضطرابات الدورة الدورية، عدم التوازن الهرموني، أمراض الجهاز الهضمي، اضطرابات النوم، آلام الأذن والبواسير والربو، بلل الفراش، أمراض القلب، كما أنه يساهم في تحسين وظائف الكلي والرئتين والغدد التناسلية والكبد، وتساعد هذه الرياضة العلاجية أيضا في تقوية جهاز المناعة وتخليص الجسم من السموم وتحسين الدورة الدموية.
كما أنها تجعل الجسد أكثر تكيفا مع ضغوط الحياة اليومية العصبية التي يقابلها الشخص في حياته، والأهم من كل هذا أن هذه الرياضة العلاجية تمنح الجسم القدرة على دفع الأمراض أو دفع الإصابة بها عند التعرض للضغوط.
كما أن هذه الرياضة العلاجية تعتبر إضافة إلى كونها أداة للعلاج أداة أيضا للتشخيص، إلا أنني غالبا عندما يأتي المريض ويقول لي شكواه أضعها في اعتباري عند بداية العلاج، لكنني غالبا لا أشخص المرض، وإنما أعتمد على التشخيص الطبي.

* هل تؤمن بوجود علاقة بين الغذاء والأمراض وأيضا بين الغذاء والشفاء من هذه الأمراض، وهل لنا أن نتعرف إلى تلك العلاقة؟

أنا أؤمن بأن أي مرض كيفما كان نوعه، يكون للغذاء والسموم المتراكمة في الجسم النصيب الأكبر في الإصابة به، وكذلك قلة القيمة الغذائية للأطعمة المتناولة، حيث أصبحت هذه الأخيرة مقتصرة على المواد المصنعة والأغذية المعالجة بالهرمونات، كما أن الشفاء من الأمراض يكون مرتبطا ارتباطا وثيقا بالغذاء، ولا أقصد هنا الغذاء الروحي والعقلي والجسدي لتحقيق العلاج الشمولي، إذ لا شفاء للجسد من غير شفاء العقل ولا شفاء للجسد أيضا من دون شفاء للروح.

* الملاحظ أنك لم تذكر السرطان ضمن الأمراض التي يمكن أن يعالجها الريفلوكسولوجي، رغم أن الكثير من المعالجين بأي نوع من العلاج، غالبا ما يركزون على هذا المرض ضمن لائحة الأمراض التي يعالجونها بحكم استفحال هذا الداء واستعصاء علاجه على الطب الحديث؟

لكل معالج طريقته الخاصة في التعامل مع المرض، فإذا كان البعض منهم يكذبون على المرضى، فأنا تربيتي وثقافتي ومحاكاتي لأناس جديين من كل الأجناس، وخصوصا الآسيويين في السبعينات عندما كنت أدرس الفلسفة في جامعة محمد بن عبد الله في فاس، لا تسمح لي بالغش والكذب.
وحقيقة الريفلوكسولوجي هو أنه يلعب بالنسبة إلى داء السرطان دورا وقائيا، إذ يحمي من الإصابة به، أما بعد أن يستفحل هذا المرض اللعين في الجسم فلا يمكن أن يعالجه الريفلوكسولوجي، ماعدا في ما يتعلق بمساعدة المريض على الشعور بالراحة والإسترخاء وتسليك مسارات الطاقة.
فصحيح أن هذا المرض مستعص، إلا أن الوقاية والعلاج منه يمكن أن يتم بالتغذية الصحية العضوية التي ابتعد عنها المواطن المغربي وأصبح دائم البحث عن كل ما هو مصنع ومعدل، ما جعل المغرب من الدول المسرطنة، وأصبح اليوم يبحث عن مخرج من الأمراض السرطانية، فالسرطان أصبح هاجسا يتهدد كل مواطن خصوصا وأن الحملة الإشهارية التلفزية ضد سرطان الثدي تؤكد إصابة 20 سيدة في اليوم بالسرطان وهذا يشكل خطورة. فمعنى هذا أنه في السنة الواحدة تصاب 7300 امرأة، فتخيلوا معي أنه في أفق 2020 سيكون عدد المصابات بسرطان الثدي فقط 80300 سيدة إن لم يكن أكثر في ظل الإبتعاد عن الأغذية الصحية والإتجاه إلى كل ما هو مصنع، فضلا عن أعداد المصابين بالسرطانات الأخرى.
ما يوجب علينا البحث عن حل لهذه المعضلة الصحية، ليس فقط من خلال الإشهار وإنما بالفعل، فما يجب أولا هو توفير مراكز فحص مجانية للمواطنين ومعالجتهم مجانيا، خصوصا وأننا بلد فقير وغالبية المصابين تكون من الطبقة المتوسطة أو الفقيرة، أما الأغنياء منهم فيكون دائما مقصدهم الدول الغربية للعلاج. فالدولة يجب أن تعالج المصابين مجانا لأنها من يساهم بإدخال السرطانات بمختلف أنواعها إلى المغرب، فحبوب القمح الأميركية، والكندية هي ما تجتاح الأسواق المغربية، في حين القمح الغربي غير المعدل جينيا يصدر إلى الأسواق الخارجية.
كما أن الماشية أصبحت معالجة هرمونيا وبالتالي لحومها وحليبها يكون مسرطنا، إضافة إلى الدجاج الأبيض المستهلك بشكل كبير في المغرب، خصوصا لدى الطبقات الفقيرة، فضلا عن المعلبات التي تغرق الأسواق.
ويجب أيضا على المواطن أن يراعي صحته في ما يتناوله من أغذية ويبتعد عن كل ما هو مشكوك في تسببه بمثل هذه الأمراض الخطرة.

* الشائع أن أي دواء أو علاج قد يحمل في طياته بعض الآثار الجانبية السيئة، فهل هناك آثار جانبية لجلسة الريفلوكسولوجي؟

بحكم تجربتي في هذا المجال، فمعظم الأعراض الناتجة من الجلسة الأولى والثانية تتمثل في بعض الأعراض البسيطة، كالشعور بالغثيان أو عدم الإرتياح، وقد يهاجم المستفيد أثناء الجلسة أحيانا صداع خفيف وتغير في درجة حرارة الجسم ما بين السخونة والبرودة، والإحساس بالتنميل في القدم أو في الجسم والشعور بالنعاس، وبعد جلسة الريفلوكسولوجي قد تصيب المستفيد أعراض شبيهة بنزلة البرد مثل الرشح، والسعال، وخروج المخاط من الرئتين والجهاز التنفسي، وقد يزداد تعرقه وبالتالي الإحساس بالعطش.
لكن هذه الأعراض تكون في صالح المستفيد من الجلسة، لأن معظم الفضلات التي كانت تستوطن جسمه تخرج، وبسبب خروجها يستعد الجسم إلى حالة مختلفة عما كان عليها، لذلك تظهر مثل هذه الأعراض، لكنها ليست مخيفة بل هي مشجعة وعلامة على انتقال الجسم من مرحلة إلى مرحلة أحسن.