تنكب أبرز المختبرات في العالم على العمل بجد للحصول على لقاح من شأنه أن يثبت فعاليته في القضاء على فيروس كورونا، والى اليوم يعمل البحثون على 42 لقاح في مرحلة ما قبل السريرية في حين وصل اثنين الى المرحلة الأولى من التجارب السريرية حسب معلومات منظمة الصحة.

لكن ما هي المراحل التي تمر بها صناعة اللقاحات في المختبرات وكيف يتم اختبارها وتحديد مدى جدواها، يجيب البروفسور آدم فين، أستاذ ديفيد باوم لطب الأطفال في جامعة بريستول في المملكة المتحدة عن كل التساؤلات التي يصعب علينا إيجاد تفسيرات علمية لها.

ففي سياق تقديم نظرة عميقة على كيفية دراسة الباحثين للفيروسات والبكتيريا التي تسبب العدوى قبل تطوير لقاح محتمل، يقول البروفسور فين: «لتطوير لقاح، يجب أولاً إجراء بحث لفهم طبيعة العدوى التي تحاول منعها. تحتاج إلى معرفة ما يكفي عن الفيروس أو البكتيريا التي تسبب العدوى؛ عليك أن تفهم بنية الجرثوم )الكائنات الحية الدقيقة(، لأنه من أجل إنشاء لقاح تحتاج إلى معرفة ما يكفي عن العدوى لتتمكَّن من تقليدها».

طرق متعددة

يوضح البروفسور فين، في مقابلة نشرتها «فاكسينز تودي »، أن اللقاحات يتم إنشاؤها بطرق مختلفة، أولها، صنع لقاح يعد في حد ذاته عدوى، ولكن مع نسخة من الميكروب الأصلي الذي لا يصيب الشخص بالمرض. وهذا، كما يوضح، يساعد على تحفيز الجهاز المناعي من خلال التسبب في عدوى خفيفة بحيث إنه بمجرد تعرض الجسم لهذا الجرثوم، يستجيب الجهاز المناعي بسرعة.

ويضيف: «هناك طريقة أخرى هي إنشاء مادة من الجرثوم، لا تسبب العدوى في الواقع، ولكنها تحفز الاستجابة. ويشار إليها بأنها لقاح غير حي. كانت النسخ السابقة من اللقاحات جرثومات مقتولة »، مشيراً إلى أن «اللقاحات الحديثة تستخدم طرقاً أكثر تعقيداً لتكوين المضادات (الترياق)».

بعد إجراء أبحاث ما قبل السريرية، يتم اختبار اللقاح على مجموعة صغيرة جداً من الأشخاص )أحياناً يصل عددهم إلى ستة أشخاص( فيما يسمى بالدراسة السريرية «المرحلة الأولى ». هذا يساعد على استبعاد مشكلات السلامة الرئيسة، ويساعد الأطباء أيضاً على تحديد الجرعة المناسبة للخطوة التالية في عملية الاختبار. يقول فين: «قبل أن يتم إعطاء أي شيء للبشر، يجب اتخاذ خطوات دقيقة لضمان تصنيع جميع المواد بطريقة آمنة تماماً، وخاضعة لرقابة صارمة، حتى تعرف تماماً ما ستقدمه للناس. يتم بذل الجهود بشكل خاص لضمان عدم وجود أي فرصة على الإطلاق لتلوث البشر بمواد معدية أو سامة أخرى».

مراحل اللقاح

شارك نحو 100 إلى 200 شخص، في تجربة المرحلة الأولى، ولكن في المرحلة التالية؛ تجربة المرحلة الثانية، يتم تقديم اللقاح لعدد أكبر من الناس، لأن الباحثين يريدون تحديد ما إذا كان اللقاح يعطي استجابة مناعية متسقة، وكذلك يراقبون حدوث أي آثار جانبية.

يشرح الدكتور فين ذلك بالقول: «تتضمن المرحلة الثانية إعطاء جرعة ثابتة من اللقاح، وغالباً ما تكون إلى جانب اللقاحات الروتينية الأخرى، إلى عدد أكبر من الناس، ومعظمهم من الأطفال إذا كانوا من السكان المستهدفين، والهدف هو معرفة مدى تكاثر الاستجابة المناعية وتناسقها. في هذه المرحلة، يمكنك تحديد معدلات الأعراض السلبية الشائعة مثل التورم، والحمى، إضافة إلى بعض الأعراض الأقل شيوعاً بقليل».

عندما يكون المرض شائعاً بشكل معقول - يكمل فين - يمكن إجراء تجارب المرحلة الثالثة لاختبار كيفية حماية اللقاح ضد العدوى الطبيعية. غالباً ما تتضمن هذه الدراسات عشرات الآلاف من المتطوعين الأصحاء بغية أن يكون لدى الأطباء فرصة أفضل لاكتشاف المشكلات النادرة التي لم تظهر في دراسات المرحلة الثانية الأصغر، وتثبت أن اللقاح يمنع المرض.

اختلاف اللقاحات عن الأدوية

ويختم البروفسور فين: «إن تجارب اللقاحات تختلف عن دراسات الأدوية الجديدة في أشكال عدة. لسبب واحد، تم تضمين عدد أكبر بكثير من الأشخاص في تجارب المرحلة الثالثة للقاحات، لأن الباحثين يريدون اكتشاف أي آثار جانبية نادرة جداً تسبب فيها اللقاح، مضيفاً: «كما أن هناك شيئاً آخر يجعل التسامح مع الآثار الجانبية في تجارب اللقاح أقل من تجارب الأدوية، وهو حقيقة أن المتطوعين - والمجموعة المستهدفة المستقبلية للقاح - يتمتعون بصحة جيدة في البداية».