إسماعيل دبارة من تونس: رغم نشر جهات كثيرة لدراسات تشكّك في جدوى وفاعلية عقار "هيدروكسي كلوروكين" في التصدّي لفيروس كورونا المستجدّ المسبب لمرض (كوفيد -19)، فإنّ البروفيسور الفرنسي مدير المعهد الاستشفائي الجامعي للبحر المتوسط في مرسيليا، ديدييه راوول، الذي كان أول من شجع على استعمال هذا العقار ضدّ كورونا، يرفض القاء سلاحه أو الاستسلام، بل عمل على الردّ على آخر البحوث المنشورة في هذا السياق.

ويقول راوول عبر قناته على يوتيوب منتقدا آخر الدراسات التي تشكك في فاعلية عقار "هيدروكسي كلوروكين" إنها "دراسة فوضوية" في اشارة إلى ما نشرته مجلة "The Lancet" ذائعة الصيت، ويشدّد على أن العقار أثبت جدواه مع آلاف المرضى، لافتا إلى أنه يصدّق ما يعاينه فقط في المستشفى ومع مرضاه ولا يصدّق الارقام و"البيانات الضخمة".

ونشرت المجلة الطبية "ذا لانتيست"، نتائج دراسة علمية حديثة خلصت إلى أنّ عقار هيدروكسي كلوروكين، الذي تم تطويره أساسا لعلاج الملاريا، والذي روّج له الرئيس الأميركي دونالد ترمب مؤخرا، قد ساهم في ازدياد عدد الوفيات بين مرضى "كوفيد-19" الذين عولجوا به في المستشفيات في جميع أنحاء العالم.

وكشفت الدراسة أنّ طريقة استخدام هيدروكسي كلوروكوين ونسخته القديمة الكلوروكين، في ستّ قارات حول العالم، لم تقدّم صورة واقعية عن فاعلية الدواء في ظلّ غياب التجارب السريرية.

وخلُص الباحثون كذلك إلى أنّه لا ينبغي إعطاء الدواء بعد الآن لمرضى "كوفيد-19"، إلاّ في ظروف البحث المناسبة، نظراً لنتائجه السلبية عليهم.

وشملت الدراسة 96 ألف مصاب بفيروس كورونا، أعطي حوالي 15 ألف منهم علاج هيدروكسي كلوروكوين أو علاجا مشتقا منه، إما وحده، أو مع مضادات حيوية.

ووجدت الدراسة أن احتمال موت المرضى الذين تناولوا العقار في المستشفى أو تعرضهم لمشاكل صحية في القلب أكبر من أولئك الذين لم يتناولوه.

لكنّ الدكتور راوول يردّ باصرار: "لا أعرف إن كان هذا الدواء يقتل في مكان آخر، لكنه بالنسبة الينا ينقذ الأرواح هنا".

وشدّد الطبيب الفرنسي على أنّ المستشفى الذي يعمل فيه تعامل مع 4 آلاف مريض تمّ اعطاؤهم هذا العقار ويتساءل: "لن أغيّر موقفي لمجرّد أن البعض يلجأ إلى البيانات الضخمة... هل تريدون من دراسة فوضوية تعتمد على أرقام مبالغ فيها أن تغيّر قناعاتنا وتغيّر ما نراه؟"

"واثقون مما نقوم به"

ويرى مدير المعهد الاستشفائي الجامعي للبحر المتوسط أنه واثق مما خلص اليه بشأن هذا العقار، ويقول في مقطع الفيديو: "الوقت سيصنع الفارق ولسنا قلقين! ربما الآن هو وقت السجالات العلمية والسياسية والدعائية".

ويؤكد: "لن أغير رأيي لأن مادة منشورة ترى رأيا مخالفا لي... بغض النظر عن الصحيفة التي نشرت فيها تلك المادة".

ويواصل انتقاده لنتائج الدراسات المشككة في جدوى العقار بالقول: "الواقع شائك الى درجة أن ما يقولونه لا علاقة له بما نعاينه هنا... نحن لا نتحدث سوى عن مرضى تمت معالجتهم من طرف فريقنا الطبيّ".

يوم غد الثلاثاء، سيظهر البروفيسور المثير للجدل راوول ديديه مجددا على قناة تلفيزوينة اخبارية هي LCI، ليواصل الدفاع عن قناعاته بخصوص "هيدروكسي كلوروكين"، ويردّ على المشككين وسيحاول تفكيك نتائج الدراسة التي نشرتها "ذا لانتيست".

عقار "اشكالي"

يشار إلى أنّ وزير الصحة الفرنسي، أوليفييه فيران، طلب منذ أيام "مراجعة القواعد الناظمة لوصف عدد من العقاقير بينها هيدروكسي كلوروكين، بعد ظهور الدراسة التي تشير إلى عدم فاعليته ومخاطر استخدامه في معالجة "كوفيد-19".

وجاء في تغريدة للوزير أنّه: "بعد نشر صحيفة "ذا لانست"، دراسة تحذّر من مخاطر بعض العقاقير وعدم فاعليتها في معالجة "كوفيد-19"، وبينها هيدروكسي كلوروكين، طلبتُ من المجلس الأعلى للصحة العامة إجراء تحليل للدراسة، وتقديم اقتراح خلال 48 ساعة لمراجعة القواعد الناظمة للوصفات الطبية".

وكانت فرنسا قد منعت استخدام عقار هيدروكسي كلوروكين خارج إطار التجارب السريرية، وصرّحت باستخدامه فقط في المستشفيات ولعلاج الإصابات الخطرة حصراً، بناء على قرار للجان الأطباء، وذلك بسبب اختلاف آراء العلماء والباحثين بشأن هذا الدواء المثير للاشكال والتساؤلات.

كما كشف الرئيس الأميركي مؤخرا أنه يتناول على سبيل الوقاية، عقار هيدروكسي كلوروكين المضادّ للملاريا، والذي أوصت البرازيل أيضا باستخدامه لعلاج الإصابات بفيروس كورونا المستجد.