لندن: من سقي النباتات وإعداد الطاولات إلى ترتيب الرفوف، يبدو صاحب المطعم الإيطالي جوزيبي غولو منشغلًا تمامًا في أرجاء مطعمه بعد أن حرمته إخطارات العزل من بعض موظفيه جراء تفشي وباء كوفيد.
قال جولو في مطعم لومي في برايمروز هيل، أحد أحياء لندن الراقية: "في الشهر الماضي كان علي أن أعمل محل الجميع، من المطبخ إلى الصيانة".
بعد صدمة الإغلاق وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، صار ما يعرف بوباء إخطارات العزل - ويُسمى بنغديميك (بالجمع بين كلمة بنغ للإشارة إلى تلقي الإخطار على الهاتف وبنديميك وتعني الوباء) - الآفة الجديدة التي تؤرق الشركات في جميع أنحاء بريطانيا.
فقد تلقى مئات الآلاف من العاملين إخطارات من التطبيق الذي يتتبع حالات الإصابة بفيروس كورونا تطلب منهم البقاء في المنزل وعزل أنفسهم مدة 10 أيام.
أدى ظهور المتحورة دلتا التي رصدت أول مرة في الهند إلى تفاقم الوضع في الأسابيع الأخيرة مع تزايد الإصابات ومن ثم مخالطة المصابين.
وعلى وقع احتجاجات أصحاب العمل، اضطرت الحكومة الجمعة إلى إعفاء أكثر من 10 آلاف من العاملين في قطاع الأغذية من الحجر الصحي - بشرط أن يقدموا نتيجة اختبار سلبية كل يوم، وسط تقارير عن خلو رفوف المتاجر الكبرى.
قال غولو الذي انتقد أيضًا رسائل الحكومة "المربكة" إن "الأمور تخرج عن نصابها، والجميع يتلقون إخطارات بالعزل".
اعلن وزير قطاع الأعمال بول سكالي في وقت سابق من هذا الأسبوع إن الإخطارات ليست سوى نصيحة وعلى أولئك الذين يتلقونها اتخاذ "قرار متبصر".
ثم ناقضته الحكومة بقولها إن مراقبة الحجر الصحي ستكون "حاسمة".
يقدر مركز الاقتصاد وأبحاث الأعمال أن تصل التكلفة التي سيتكبدها الاقتصاد البريطاني جراء عزل مئات الآلاف من الموظفين حتى 16 آب/أغسطس إلى 4,6 مليارات جنيه إسترليني (6,3 مليارات دولار، 5,4 مليارات يورو).
اعتبارًا من ذلك التاريخ، سيُرفع شرط العزل للأشخاص الذين تم تطعيمهم بالكامل.
واعترف بعض مدراء الشركات الذين قابلتهم وكالة فرانس برس أنهم شجعوا بالفعل موظفيهم على المجيء إلى العمل على الرغم من تلقي إخطارات بالعزل.
وقال غولو إنه لا يريد "تعريض الناس للخطر فقط من أجل المنفعة الاقتصادية. ... تريد أن يأتي موظفوك للعمل وأن يشعروا بالأمان ويعملوا في بيئة صحية".
وأضاف "نحن نتعامل مع الناس وأريد أن يعرف زبائن المطعم أنهم إذا جاؤوا إلى هنا، فإننا نتبع كل قاعدة يتوجب علينا اتباعها".
نتيجة لذلك، يواجه نقصًا في العاملين ويفكر في إغلاق يوم أو أكثر في الأسبوع أو في تقليص خدماته.
لكن المشكلات التي يواجهها قطاع الضيافة لا تقتصر على الوباء.
فقد كان للوباء المقترن مع بريكست الذي أدى إلى زيادة تكاليف التوظيف وثنى العديد من العمال الأجانب عن القدوم إلى المملكة المتحدة، تأثير مدمر.
تقول جميع الشركات التي شملها استطلاع أجرته ثلاث جمعيات مهنية، بما في ذلك اتحاد الضيافة البريطاني يو.كي.هوسبيتاليتي الرائد في مجال الضيافة في بريطانيا، إنها تبحث حاليًا عن موظفين، وأن هناك حاجة إلى 200 ألف موظف إضافيين للحفاظ على تشغيل المطاعم والحانات بكامل طاقتها.
قال غولو: "لقد جعل الوباء الناس يدركون أن بإمكانهم تغيير العمل بسهولة بالغة"، موضحًا أن اثنين من ثمانية يعملون لديه عادا إلى إيطاليا.
وأضاف "نحن قلقون للغاية. لدي فريق جيد جدًا، لكن إذا قرروا أن يغادروا في حال تلقوا عرض عمل أفضل، فسأواجه صعوبة في إيجاد من يحل مكانهم".
عندما أعاد فتح مطعمه في نهاية أيار/مايو، شعر غولو على الفور بأنه سيواجه مشكلات.
وقال: "كان الجميع في المطاعم يتصلون ببعضهم بعضًا يبحثون عن طهاة ونُدل". وأضاف أن جميع السير الذاتية التي وصلته خلال عمله في المهنة على مدار 15 عامًا في لندن جاءت من أوروبا القارية، وليس بتاتًا من بريطانيا.
التعليقات