واشنطن: تمكّن الباحثون للمرة الأولى من تحديد موقع تمثيل البظر في دماغ المرأة بدقّة، في إطار جهود علمية قد تتيح إيجاد علاجات لضحايا العنف الجنسي أو للاضطرابات الجنسية.

وأظهرت الدراسة التي نشرت نتائجها مجلة جاينيوروساي" أنّ منطقة الدماغ التي تنشط أثناء تحفيز البظر تكون أكثر اتساعاً لدى النساء اللواتي يقمن عدداً أكبر من العلاقات الجنسية.

وأُجريت الدراسة عبر تحفيز بظر عشرين امرأة، بالتزامن مع إجراء تصوير بالرنين المغناطيسي لأدمغتهنّ.

ويوضح الباحثون أنّ من المستحيل في الوقت الحالي معرفة ما إذا كان وجود منطقة أكبر يتيح إدراك الأحاسيس بشكل أفضل، وما إذا كان حجم هذه المنطقة يحث على المزيد من الجماع، أم أنّ كثرة الجماع تزيد من حجمها.

وقد تساعد هذه الأبحاث مستقبلاً على التوصل إلى علاجات للواتي تعرضن لعنف جنسي أو يعانين اضطرابات جنسية.

وتلاحظ أستاذة علم النفس الطبي في مستشفى "شاريتيه" الجامعي في برلين كريستين هيم التي شاركت في إعداد الدراسة في حديث لوكالة فرانس برس أن "ثمة نقصاً كاملاً في الدراسات المتعلقة بالطريقة التي تتمثل بها الأعضاء التناسلية النسائية في القشرة الحسية الجسدية للإنسان".

وتضيف أن "النقص في المعرفة أدّى إلى إعاقة البحث في السلوكيات الجنسية المعتادة، وكذلك في الحالات المرضية".

عندما يتأثر مكان ما في الجسم، يُثار النشاط العصبي في القشرة الحسية الجسدية. ويتطابق كلّ جزء من الجسم مع منطقة مختلفة في الدماغ، مما يشكل نوعاً من خريطة للجسم فيه.

ولكن حتى الآن، لا يزال الموقع الدقيق المخصص للأعضاء التناسلية النسائية موضع نقاش.

وحدّدت دراسات سابقة موضعه تحت المكان الذي تتمثل فيه القدم، وذكرت أخرى أنّه قرب منطقة الدماغ المعنية بالخصر. ويعود تباين المواقع إلى تقنيات التحفيز غير الدقيقة (الذاتية أو المتأتية من شريك) التي تُؤدي إلى لمس متزامن لأجزاء أخرى من الجسم أو تسبّب إثارة، وبالتالي تؤدّي إلى تشويش النتائج.

أما الدراسة الحالية، فأجريت على 20 امرأة يتمتعن بصحة جيّدة تراوح أعمارهنّ بين 18 و45 عامًا.

وأُجريت ثماني عمليات تحفيز للبظر، مدة كل منها 10 ثوانٍ، تتخللها 10 ثوانٍ من الراحة، بالإضافة إلى ثمانية محفزات على سطح اليد اليمنى بهدف المقارنة.

وأشارت الخلاصة إلى أنّ تمثيل الأعضاء التناسلية للرجال والنساء يقع قرب منطقة الخاصرة في الدماغ.

إلا أن التحديد الدقيق للموقع في هذه المنطقة يختلف بين امرأة وأخرى.

بدأ الباحثون بعد ذلك بالسعي إلى معرفة ما إذا كانت هذه المنطقة تظهر خصائص مختلفة اعتماداً على النشاط الجنسي.

وسُئلت النساء العشرون عن وتيرة ممارستهنّ علاقات جنسية في العام الماضي، وكذلك منذ أن مارسن الجنس للمرة الأولى.

ثم حدّد الباحثون، لكل واحدة منهنّ، النقاط العشر الأكثر نشاطاً في الدماغ أثناء التحفيز، وقاسوا هذه المنطقة.

وتوضح هيم قائلةً "لقد وجدنا رابطاً بين سماكة المنطقة التناسلية في الدماغ ووتيرة الجماع" ، وخصوصاً في الأشهر الـ12 الماضية، مضيفةً "كلما زادت عمليات الجماع، زادت سماكة المنطقة".

وتحصل ليونة الدماغ بطريقة معروفة، إذ يتطوّر بعض أجزائه كلّما استُخدمت وظيفة في الجسم.

ولكن لم يتسن في الوقت الراهن تحديد رابط سببي مباشر.

وأظهرت دراسات سابقة أُجريت على الحيوانات، أنّ تحفيز الأعضاء التناسلية للجرذان والفئران أدّى بفاعلية إلى توسع في منطقة الدماغ المطابقة لهذه الأعضاء.

ولم تحدد الدراسة ما إذا كان وجود منطقة أكبر يؤدّي إلى تصوّر أفضل.

لكنّ هيم أثبتت في دراسة نُشرت العام 2013، أنّ الأشخاص الذين تعرّضوا إلى عنف جنسي مؤلم يعانون تقلّصاً في منطقة الأعضاء التناسلية في الدماغ.

وتقول "افترضنا في ذلك الوقت أنّ هذا يمكن أن يكون استجابة الدماغ للحدّ من التأثير الضار للاعتداء"، مشيرةً إلى ضرورة إجراء المزيد من الدراسات اللازمة للتحقق من الموضوع.

ويبقى الهدف في المستقبل تطوير طرق لمساعدة المرضى. وترغب الباحثة في دراسة ما إذا كانت بعض الاضطرابات الجنسية مرتبطة بالتغيرات في منطقة الأعضاء التناسلية. وربما يمكن بعد ذلك النّظر في العلاجات التي تهدف إلى "تدريب" هذه المنطقة.