إيلاف من بيروت: عندما بدأت حملات التطعيم ضد فيروس كورونا المستجد، سرى الاعتقاد أن اللقاح سيكون جرعتين، على الأكثر، ثم يكون الفرد ملقحاً تلقيحاً تاماً، لكن الأمور أخذت منحى مغايراً، بعدما صارت هيئات صحية توصي بجرعة ثالثة في الوقت الحالي، وربما تكون ثمة جرعة رابعة بعد أشهر.

وبحسب صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، فإن هناك أسئلة تطرح حول تصنيف الشخص الذي اكتفى بجرعتي التطعيم، ولم يأخذ الجرعة الثالثة المعززة، فهل هو ملقحٌ أم لا؟

يثار هذا الجدل لأن الأجسام المضادة التي يحصل عليها الجسم، عن طريق اللقاح المضاد للفيروس، تتراجع في الجسم، بعد أشهر، وهو ما يستدعي التعزيز بجرعة إضافية، حتى يبقى الإنسان قادراً على حماية نفسه من المرض الناجم عن "كوفيد 19".

في هذا السياق، تطلب مجموعتا "غولدمان ساكس" و"جيفريز" المصرفيتان، من موظفيهما، أن يأخذوا الجرعة الثالثة، فيما تشترط جامعة أوريغون الأميركية ومؤسسات أكاديمية أخرى أن يأخذ الأساتذة والطلبة الجرعة المعززة من اللقاح.

في غضون ذلك، قالت ولاية نيويورك إن لديها خطة من أجل استبعاد الأشخاص الذين لم يأخذوا الجرعة الثالثة من خانة المُلقحين.

وتخضع مواصفات التلقيح لإعادة نظر من قبل شركات وجامعات ومدارس أميركية، فيما يتزايد عدد المصابين بكورونا في الولايات المتحدة، على نحو متسارع.

وانضم مسؤولو صحة فيدراليون بدورهم إلى هذا النقاش، فيما يحرص صانعو القرار على تحفيز الناس حتى يأخذوا الجرعة الثالثة، وأكّدت مديرة المراكز الأميركية لمراقبة الأمراض والوقاية منها، روشيل والينسكي، يوم الثلاثاء، في مقابلة صحفية، وجود نقاش حول معايير التلقيح التام.

إعادة نظر

ويرى خبراء أنّ تفشي متحور أوميكرون يستوجب إعادة النظر في مفهوم التلقيح التام الذي يرتبط لدى كثيرين بأخذ الجرعتين، فتبدو عندهم الجرعة الثالثة المعززة بمثابة "ترف زائد".

ويرى رئيس جمعية الصحة العامة الأميركية، جورج بينجامان، أن وقت هذا التغيير قد حان، قائلاً إن المفترض هو أن يكون مفهوم الشخص الملقح تلقيحاً تاماً مرتبطاً بأخذ ثلاث جرعات.

لكن هذه الخطوة قد تصطدم بعدة عقبات، بعضها لوجستي، كما أن جدلاً سياسياً قد يثار أيضاً، وربما يجد ملايين الأميركيين أنفسهم معرضين لفقدان "وضعية الشخص الملقح" إذا لم يأخذوا الجرعة الثالثة، وعندئذ، لن يستطيعوا مثلاً أن يدخلوا إلى المطاعم وباقي المرافق الأخرى التي تشترط التطعيم.

ومن المحتمل أيضاً أن يؤدي تغيير مواصفات "التلقيح التام" إلى إضعاف ثقة الناس في مسؤولي الصحة، على اعتبار أن توصياتهم ظل تتغير باستمرار طيلة العامين اللذين انتشر فيهما وباء كورونا.

ويشرح لاري ليفيت، وهو مدير منظمة "KFF" غير الربحية المختصة في شؤون الصحة، أن تحديد مواصفات التلقيح مسألة علمية، من حيث المبدأ، لكن الأمر يخضع أيضاً لتأثيرات اقتصادية وسياسية.

وفي الوقت الحالي، تشير معايير المراكز الأميركية لمراقبة الأمراض والوقاية منها، إلى أن الشخص الملقح تلقيحاً تاماً هو الذي تلقى جرعتين من لقاح "فايزر – بيونتيك" أو لقاح "موديرنا" أو جرعة من لقاح "جونسون".

ويعتقد الباحثون أن جرعتي اللقاح تحميان بالفعل ضد عدوى كورونا، لكن فعاليتهما تتراجع مع مرور الوقت، لا سيما في ظل ظهور متحور "أوميكرون" القادر على مراوغة الأجسام المضادة.

ويرجّح خبراء الصحة أن تساعد الجرعة الثالثة على تقوية الجهاز المناعي ضد متحور أوميكرون، فيما باتت إسرائيل مثلا تدرس منح جرعة رابعة أو ما وُصف بالجرعة المعززة الثانية، على أن تشمل هذه العملية من يعملون في قطاع الرعاية الصحية.