مونتيفيديو: عندما علمت أولغا دياس بإصابتها بفشل كلوي، بدأ الشعور باليأس يتملك هذه الأوروغوانية البالغة 85 عاما... لكن في العيادة حيث تتلقى علاجها في مونتيفيديو، وجدت "إرادة للعيش" بفضل عروض التانغو والميلونغا الحية.

قالت دياس لوكالة فرانس برس من عيادة ديافيروم في مونتيفيديو "هذا أكثر من دواء".

وهي تجلس مع 20 مريضا على كراس بذراعين في العيادة، وكلهم موصولون بـ"كلى اصطناعية" تنقي دماءهم.

وفجأة، يخفت صوت الآلات وثرثرة الممرضات أمام صدح موسيقى باندونيون ومقطوعة التانغو الكلاسيكية "نارانخو إن فلور".


عازفو باندونيون، أبريل فاروليني، 22 عامًا، وراميرو هيرنانديز، 35 عامًا، والمغنية باولا لاراما، 37 عامًا، يقدمون عروضهم في غرفة غسيل الكلى في مركز Diaverum لمرضى الكلى، كجزء من مشروع مستشفى Tango. مونتيفيديو في 17حزيران\ يونيو 2022


ابتسامات

ترتسم ابتسامات على وجوه المرضى، بمن فيهم دياس التي تزور العيادة ثلاث مرات أسبوعيا حيث تمضي أربع ساعات متصلة بجهاز.

وقالت "دخلت في نمط روتيني. وكنت أفعل اشياء بلا حماس ... لكن الموسيقى أنعشت روحي ووهبتني الإرادة للعيش والفرح والحماسة، تلك الأمور التي كانت تتلاشى".

ويتفق مرضى آخرون على أن هذه الحفلات الموسيقية الصغيرة حسّنت نوعية حياتهم.

وقال رافايل غوتيريس (46 عاما) إن الموسيقى "تجعل الوقت يمر بشكل أسرع" وتجعل غسل الكلى عملية "أكثر قابلة للتحمل".

يستمر العرض 40 دقيقة ولكل مريض مقعد في الصف الأمامي.

تظهر بحوث علمية أن الاستماع إلى الموسيقى يقلل من القلق والتوتر ويثبت ضربات القلب والنبض، كما يؤثر على مناطق الدماغ المرتبطة بالمتعة عن طريق زيادة هرمون الدوبامين.

وأوضح المتخصص في أمراض الكلى خيراردو بيريس (68 عاما) أن الفوائد العلاجية للموسيقى "أثبتت بوضوح" مضيفا أن منظمة الصحة العالمية توصي "منذ سنوات" بدمج الفن والثقافة في الأنظمة الصحية.

مشروع مستشفى

ولهذا السبب أمضى عقدين في عزف التانغو على آلة الباندونيون لمرضى غسل الكلى.

لكن العام الماضي، تحولت مبادرته الشخصية إلى مشروع "مستشفى تانغو" الذي ينظم حفلات موسيقية مصغرة في مراكز صحية ومستشفيات.

والفكرة من ذلك إبعاد الأشخاص موقتا عن "القلق والمرض وحالة عدم اليقين والمعاناة".

قال بيريس "غالبا ما لا يعرفون ما هو تشخيصهم أو ما الذي سيحدث في حياتهم. ... (في المستشفى) يبقون لوقت طويل بمفردهم، وغالبا ما يكونون قلقين".

وانضم عازفو باندونيون ومغنون وعازفو غيتار آخرون إلى هذه المبادرة لتقديم عروض في كل أنحاء مونتيفيديو.

في الوقت الحالي، تركز المجموعة على التانغو التي يصفها بيريس بأنها "تراث ثقافي عالمي" لكن مهمتها قد تتوسع لتشمل أنواعا أخرى من الموسيقى أو حتى المسرح.

في غرفة صغيرة، ارتدى عازفا الباندونيون أبريل فاروليني (22 عاما) وراميرو هيرنانديس (35 عاما) والمغنية باولا لاراما (37 عاما) ألبسة واقعية ووضعوا أقنعة للوجه.

تجربة غير عادية

إنها تجربة غير عادية بالنسبة إلى الموسيقيين، كما هي الحال بالنسبة إلى مرضى المستشفى المتصلين بأجهزة غسل الكلى.

وأوضح هيرنانديس الذي كان أحد مؤسسي "مستشفى تانغو" أن موسيقاه تقدم "أكثر من مجرد راحة" لأنها "تولد أيضا الفرح وحس الفكاهة".

بالنسبة إلى لاراما إنها تجربة "مؤثرة جدا" لا سيما نظرا إلى "مدى استعداد المرضى للتواصل".

وقالت "الأمر يختلف عن التأدية في مكان يأتي إليه الناس لسماعك. هنا، نحن نقدم لهم شيئا، فيما يمر الناس بتجربة مختلفة".