نبدأ جولتنا في الصحف من الفايننشال تايمز التي ركزت على التشريع الذي مرره مجلس النواب الأميركي الأربعاء الماضي الذي ينص على إلزام المدير التنفيذي ومالك الشركة المشغلة لتطبيق تيك توك ومالك الشركة شاو زي تشو على بيع تطبيق نشر الفيديوهات القصيرة.

ونقلت الصحيفة عن تشو قوله: "هناك الكثير من الجلبة، لكني لا أعرف بالضبط ما الخطأ الذي ارتكبناه"، وذلك أثناء زيارته لكابيتول هيل عقب إصدار القانون الأميركي.

وربما يكون من الغريب أن نسمع هذه التصريحات من مالك الشركة في ضوء الوضوح الشديد الذي أعرب به أعضاء الكونغرس الأميركي عن مخاوفهم بعد أن أصبح تطبيق تيك توك، الذي تشغله شركة "بايتدانس"، هو الاختيار الأول للأميركيين بين مواقع التواصل الاجتماعي، وفقا للمقال الذي كتبه ديمتري سيفاستوبولو، وجيمس فونتانيللا، وتابي كيندر.

وأعرب مكتب التحقيقات الفيدرالي ووكالة المخابرات المركزية الأميركية عن بالغ قلقهم في مناسبات عدة حيال إمكانية استيلاء الحكومة في بكين على بيانات عشرات الملايين من الأميركيين المسجلين على موقع التواصل الاجتماعي تيك توك الذي يحظى بشعبية كبيرة في الولايات المتحدة، التي تحولت إلى تشريع مرره مجلس النواب الأميركي الأربعاء الماضي بنتيجة سجلت 362- 65 صوتا، والذي يقضي بأن يُحذف تطبيق تيك توك من متاجر التطبيقات العاملة في الولايات المتحدة إذا لم تتنازل عنه شركة "بايتدانس" خلال 180 يوماً.

ولا يزال من الضروري أن يُرفع مشروع القانون إلى مجلس الشيوخ الأميركي لتمريره حتى يتحول إلى قانون مفعل في حين أكد الرئيس الأميركي جو بايدن أنه سيصادق عليه بمجرد وصوله إليه بعد الانتهاء من الإجراءات التشريعية الحالية.

في المقابل، انتقدت إدارة تيك توك التشريع الأميركي الذي قد يلزم "بايتدانس" المشغلة للتطبيق، واصفة إياه بأنه "غير دستوري" لأن الشركة ليست تابعة للحكومة الصينية. ورأى منتقدو التطبيق أيضا أنه لا ينبغي السماح بتشغيل تيك توك في الولايات المتحدة كونه مملوكا لصينيين أسوةً بالقيود المفروضة على الملكية الأجنبية لوسائل الإعلام التقليدية مثل الصحف والقنوات التلفزيونية.

على ذلك، أصبح انتقاد تيك توك لا يقتصر على المشرعين والأجهزة الأمنية في الولايات المتحدة التي رددت في مناسبات عدة مخاوف حيال الأمن الوطني الأميركي فقط، بل تجاوز ذلك إلى منتقدين آخرين للتطبيق من المواطنين الأمريكيين أنفسهم. فعلى سبيل المثال، هناك جماعات يهودية تتهم تيك توك يجعل الأصوات الموالية للفلسطينيين أكثر انتشاراً باستخدام اللوغاريتمات الخاصة به مقارنة بالأصوات الموالية للجانب الإسرائيلي.

ورغم هذه الجهود التشريعية، لا تزال هناك تساؤلات كثيرة تلوح في الأفق حول مستقبل التطبيق الأكثر شعبية بين تطبيقات التواصل الاجتماعي بين الأميركيين. وأول هذه التساؤلات يتعلق بكيفية تعامل مجلس الشيوخ مع التشريع المقترح وسط غموض حول موقف المشرعين الأمريكيين في المجلس من القانون، إذا لم تصدر أي تصريحات بخصوص مشروع القانون عن أي من الأعضاء في مقدمتهم زعيم الأغلبية الجمهورية تشاك شومر.

كما يبقى تساؤل ملح آخر عن مصير تيك توك وإلى من ستؤول ملكيته حال تحول التشريع المقترح إلى قانون مفعل؟ وهل يخضع التطبيق للسيطرة الأمريكية في نهاية المطاف؟

لكن لن نتمكن من التوصل إلى إجابة عن تلك الأسئلة إلا بعد تصديق الرئيس الأمريكي جو بايدن على مشروع القانون حال تمريره من مجلس الشيوخ.

تيك توك في مجلس الشيوخ

ننتقل إلى صحيفة الغارديان البريطانية التي ألقت الضوء على ما يمكن أن يحدث على صعيد التشريع المقترح بخصوص تيك توك في مجلس الشيوخ، ملقيةً الضوء على وجهات نظر بعض المشرعين في هذا القانون المنتظر وما يمكن أن يؤول إليه من التمرير أو الرفض.

وقالت الصحيفة إن أغلب أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي يرون أنهم يحتاجون إلى المزيد من الوقت لدراسة ما إذا كان ينبغي عليهم دعم موقف مجلس النواب الذي يتضمن ضرورة إجبار شركة "بايتدانس" الصينية على بيع تيك توك خلال ستة أشهر أو التعرض لحذفه من متاجر التطبيقات.

وقالت رئيسة لجنة التجارة بمجلس الشيوخ ماريا كانتويل، في مقابلة مع رويترز، إنها تريد تشريعاً لمعالجة المخاوف المنتشرة على نطاق واسع بشأن التطبيق الأجنبي التي تحول إلى موضوع دعوى قضائية تنظرها المحكمة في وقت سابق. وأشارت إلى أنها غير متأكدة من أن مشروع قانون مجلس النواب قد يتم تمريره من مجلس الشيوخ أيضا.

وقال كانتويل: "من المحتمل أن تكون لدينا فكرة أفضل خلال أسبوع عن الخيارات التي يمكن أن تكون متاحة. وبالطبع نريدها (تطبيق تيك توك) أن تكون أقوى أداة ممكنة ونريدها أن تكون أقوى أداة يمكننا الحصول عليها"، مؤكدة أنها تفكر في عقد جلسات استماع.

وقال رون وايدن، عضو مجلس الشيوخ عن الحزب الديمقراطي المعروف بالتركيز على قضايا التكنولوجيا، إنه لا يزال يراجع مشروع قانون مجلس النواب، مؤكداً أن لديه "مخاوف جدية بشأن أي تطبيق يمنح الحكومة الصينية إمكانية الوصول إلى البيانات الخاصة للأمريكيين".

وأضاف أن "التاريخ يعلمنا أنه عندما يسارع المشرعون إلى سن تشريعات بشأن التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي، تُرتكب الأخطاء".

وقال تيد كروز، عضو مجلس الشيوخ عن الحزب وأبرز الأعضاء الجمهوريين في لجنة التجارة بالمجلس، لشبكة بلومبرج إن مشروع القانون يجب أن يكون قابلاً "للتعديل بشكل كامل"، الأمر الذي قد يؤخر أي إجراء بشكل كبير.

وقال زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ، تشاك شومر، إن "المجلس فقط هو الذي سيراجع التشريع"، لكنه لم يقدم جدولاً زمنياً محدداً للعمل فيما يتعلق بدراسة مشروع القانون.

تيك توك وفيسبوك

بلغت مبيعات شركة "بايتدانس"، المالكة لتطبيق الفيديوهات القصيرة تيك توك، 120 مليار دولار العام الماضي، وهو ما يجعلها في المركز الثاني بعد مبيعات شركة "ميتا"، الشركة الأم لموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، التي سجلت 135 مليار دولار في نفس الفترة. وتقف هذه المبيعات الهائلة شاهداً على الطفرة التي يحققها التطبيق والشعبية الطاغية التي بات يتمتع بها حول العالم.

وبلغت المبيعات الأمريكية لبايتدانس حوالي 16 مليار دولار في نفس الفترة، أو ما يمثل حوالي 10 في المئة من إجمالي المبيعات حول العالم، وهي الشركة الصينية التي تتبع القطاع الخاص وتردد دائما أنها لا علاقة لها بحكومة بكين.

ويُعرف تيك توك بأنه مثير للجدل لدى دول الغرب نظرا لأن مؤسسيه صينيون، ولما يتمتع به من شعبية كبيرة تجعله الأكثر استخداما وشيوعا بين وسائل التواصل الاجتماعي في الولايات المتحدة. كما يثير التطبيق ذائع الصيت الجدل بسبب الطبيعية الجذابة للوغارتمات التي يستخدمها، ما يثير مخاوف إساءة استخدام البيانات الشخصية للناس علاوة على إمكانية وصول الحكومة الصينية إلى بيانات المستخدمين، وما قد يشكله ذلك من تهديد للأمن الوطني في الولايات المتحدة التي تسعى إلى إصدار تشريع يلزم الشركة الصينية المالكة للتطبيق ببيعه.

نتيجة لذلك، يواجه التطبيق الصيني خطر الحذف من متاجر التطبيقات، مثل "أبل ستور" و"غوغل بلاي"، ليكون من بين التطبيقات التي لا يمكن استخدامها داخل الولايات، وذلك بعد أن صوت مجلس النواب على مشروع قانون من شأنه أن يجبر بايتدانس على بيع تيك توك لمالك جديد في غضون ستة أشهر. ومن المقرر أن يناقش مجلس الشيوخ الأميركي مشروع القانون في الأيام القليلة المقبلة.

وحاول الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب حظر تيك توك في 2020، لكن هذا التحرك تصدت له محكمة أميركية ولم ينجح ترامب في تمريره. كما بدأت شركة ميكروسوفت العملاقة للبرمجيات محادثات من أجل إتمام صفقة للاستحواذ على تيك توك، لكن لم يتوصل الجانبان إلى اتفاق في هذا الشأن.