إيلاف من لندن: تشير دراسة علمية "صادمة" إلى أن الفشل المستمر في الحصول على قسط كافٍ من النوم قد يزيد من خطر تصديق نظريات المؤامرة، مما يعني أن مشاكل النوم، لا تؤثر على الشخص جسدياً فقط، بل قد يكون لها تأثير في تغيير شخصيته.
وبحسب الباحثين الذين تابعوا أكثر من ألف بريطاني، فإن أولئك الذين عانوا من شهر من الأرق كانوا أكثر عرضة لتأييد معتقدات غير واقعية وغير مثبتة، بما في ذلك أن الأرض مسطحة وأن هجمات 11 سبتمبر كانت مخططة من قبل الحكومة الأميركية.
تشير الأبحاث حول ما يحرك نظريات المؤامرة منذ فترة طويلة إلى أن السمات الشخصية قد تكون مسؤولة، حيث يكون الأشخاص غير الآمنين والمصابين بجنون العظمة والاندفاع أكثر عرضة لقبول هذه السمات.
ومع ذلك، أشارت دراسة جديدة إلى أن قلة النوم قد تؤدي إلى حدوث مثل هذه التغيرات في الشخصية.
وزعم الخبراء اليوم، الذين وصفوا النتائج بأنها مهمة، أن معالجة جودة النوم يمكن أن تمكننا من " تقييم المعلومات بشكل نقدي ومقاومة الروايات المضللة" بشكل أفضل.
النوم والصحة العقلية
وقال الدكتور دانييل جولي، الأستاذ المساعد في علم النفس الاجتماعي بجامعة نوتنغهام والمؤلف الرئيسي للدراسة: "النوم أمر بالغ الأهمية للصحة العقلية والأداء الإدراكي.
"لقد ثبت أن قلة النوم تزيد من خطر الإصابة بالاكتئاب والقلق والجنون - وهي العوامل التي تساهم أيضًا في تطوير معتقدات المؤامرة.
"تشير أبحاثنا إلى أن تحسين جودة النوم قد يكون بمثابة عامل وقائي ضد انتشار التفكير التآمري."
نظريات المؤامرة هي تفسيرات بديلة للأحداث الكبرى التي ترفض الرواية المقبولة لصالح مؤامرات أكثر خيالية.
على سبيل المثال، لأن سطح الأرض يبدو مسطحًا، فإن من يسمون أنفسهم "أصحاب الأرض المسطحة" ينكرون كل الأدلة التي تثبت العكس.
في هذه الأثناء، وبعد أن أرجأت وكالة ناسا مهمتها القادمة إلى القمر، سارع منكرو هبوط الإنسان على القمر إلى وسائل التواصل الاجتماعي ليزعموا أن وكالة الفضاء لا تستطيع العودة إلى القمر لأنها لم تذهب إلى هناك أصلاً.
وتتضمن النظريات الشائعة الأخرى أن التطعيمات هي طريقة لزرع شريحة في أجسام الناس.
وفي الدراسة الجديدة، أجرى باحثون من جامعة نوتنغهام تقييمين شملا 1000 مشارك لتقييم مدى تأثير النوم على دوافع التفكير التآمري.
في الدراسة الأولى، أكمل 540 متطوعًا تقييمًا لجودة النوم قبل قراءة مقال عن حريق كاتدرائية نوتردام في باريس عام 2019. وتعرض البعض لرواية مؤامرة تشير إلى تستر متعمد، في حين قرأ آخرون رواية واقعية تنسب الحريق إلى حادث.
الدراسة في مجلة علم النفس الصحي
وقال الباحثون في دراسة نشرت في مجلة علم النفس الصحي إن الأشخاص الذين يعانون من سوء نوعية النوم كانوا "أكثر عرضة بشكل كبير" لتصديق النسخة المؤامرة للأحداث.
وأضافوا أن "التعرض لنظريات المؤامرة يؤدي إلى زيادة معتقدات المؤامرة، كما أن سوء نوعية النوم يؤدي إلى تضخيم هذا التأثير". وفي دراسة ثانية، سعى العلماء إلى تفسير الارتباط بين الاثنين، من خلال تتبع 575 متطوعًا أكملوا استبيانات الشخصية.
وقد تم سؤالهم عن حالتهم العاطفية في تلك اللحظة، مع خيارات بما في ذلك "الغضب"، "الجنون" "الخوف" و"التوتر". كما تم تقييم مدى احتمالية معاناتهم من الاكتئاب في استبيان بالإضافة إلى مدى شعورهم بالجنون خلال الشهر الماضي.
ثم طُلب منهم التعبير عن آرائهم بشأن نظريات المؤامرة المعروفة بما في ذلك تغير المناخ والهجوم الإرهابي الذي وقع في 11 أيلول (سبتمبر).
توصل العلماء إلى أن تأثير الاكتئاب على جودة النوم واحتمالية تطوير "عقلية المؤامرة" كان "كبيرا". وأضافوا أن الغضب والجنون لعبا أيضًا دورًا.
الأرق يقودك إلى عاطفة بلا سيطرة
ويأتي ذلك في الوقت الذي أشارت فيه دراسة منفصلة، شملت ما يقرب من 400 شخص ونشرت في عام 2023 ، إلى أن الأشخاص الذين يعانون من الأرق هم أكثر عرضة للشعور بأن عواطفهم أصبحت خارجة عن السيطرة.
وأدى ذلك إلى زيادة احتمالية تبني "عقلية المؤامرة" والتعرض لـ" ضائقة نفسية"، بحسب ما قاله العلماء من جامعة هونج كونج.
وفي العام الماضي، وجدت دراسة أن حوالي واحد من كل ستة بريطانيين يعانون من الأرق، ومع ذلك فإن 65% منهم لا يطلبون المساعدة مطلقًا لحل مشكلة النوم لديهم.
أظهر استطلاع للرأي أجرته مؤسسة Sleep Charity الخيرية على 2000 شخص أن تسعة من كل عشرة أشخاص يعانون من نوع ما من مشاكل النوم، في حين ينخرط واحد من كل اثنين في سلوكيات عالية الخطورة أو خطيرة عندما لا يتمكن من النوم.
قلة النوم والمشاكل الصحية
تم ربط قلة النوم بعدد من المشاكل الصحية، بما في ذلك السرطان والسكتة الدماغية والعقم. ويؤكد الخبراء منذ فترة طويلة أن الاستيقاظ أثناء الليل لا يعني بالضرورة الإصابة بالأرق، وهو ما تشير الأرقام إلى أنه يؤثر على ما يصل إلى 14 مليون بريطاني .
ومع ذلك، فإن الحرمان من النوم له آثاره السلبية، بدءاً من التهيج وانخفاض التركيز على المدى القصير، إلى زيادة خطر الإصابة بالسمنة وأمراض القلب والسكري، ووفقا للجمعية الأمريكية للنوم، يعاني ما يقرب من 70 مليون أميركي من اضطراب النوم.
النوم كم ساعة لكل مرحلة عمرية
- مرحلة ما قبل المدرسة (3-5 سنوات): 10-13 ساعة
- سن المدرسة (6-13 سنة): 9-11 ساعة
- المراهقون (14-17 سنة): 8-10 ساعات
- الشباب (18-25) 7-9 ساعات
- البالغون (26-64): 7-9 ساعات
- كبار السن (65 عامًا أو أكثر) 7-8 ساعات
ماذا يمكنني أن أفعل لتحسين نومي؟
1) توقف عن استخدام أي شاشات قبل النوم بساعة: حيث تحتوي أجسامنا على "ساعة" داخلية في الدماغ، والتي تعمل على تنظيم إيقاعنا اليومين وتصدر الهواتف المحمولة وأجهزة الكمبيوتر المحمولة وأجهزة التلفزيون ضوءًا أزرق، والذي يرسل إشارات إلى دماغنا لإبقائنا مستيقظين.
2) عالج "عقلك المتسارع": خصص من 5 إلى 10 دقائق قبل الذهاب إلى النوم للجلوس مع دفتر ملاحظات وكتابة قائمة بأي شيء تحتاج إلى القيام به في اليوم التالي.
3) تجنب الكافيين بعد الساعة 12 ظهرًا: إذا كنت ترغب في تناول مشروب ساخن في فترة ما بعد الظهر أو المساء، تناول الشاي أو القهوة منزوعة الكافيين.
4) حافظ على درجة حرارة غرفة النوم باردة: حافظ على درجة حرارة غرفة نومك عند حوالي 18درجة مئوية. خلال فصلي الربيع والصيف، حاول النوم مع فتح نافذة غرفة نومك لخفض درجة الحرارة وزيادة التهوية.
5) مكملات فيتامين د: يلعب فيتامين د دورًا كبيراً في النوم.
6) تأكد من تناول كمية كافية من المغنيسيوم والزنك: تشمل الأطعمة الغنية بالمغنيسيوم السبانخ والكرنب والأفوكادو والموز والكاجو والبذور.
تشمل الأطعمة الغنية بالزنك اللحوم، والمحار، وسرطان البحر، والجبن، والعدس المطبوخ، والشوكولاتة الداكنة.
التعليقات