إيلاف من بيروت: "إنها التاسعة صباحاً في أحد أيام السبت الشتائية في شرق لندن، والسماء زرقاء والهواء نضر. يحتشد خارج مقهى على الطراز الإسكندنافي عدد كبير من شبان المدينة يعتمرون قبعات ويحمل كل منهم عدته الرياضية. يرافق بعضهم القادمين الجدد، ويُشركونهم في المجموعة بثرثرة صباحية سهلة. يقف أمامي أكثر من 40 شخصاً، وكلٌّ منهم منهمك في محادثة"، بهذا المشهد تبدأ عطلة نهاية الأسبوع بالنسبة إلى غرايس كوك، بحسب ما تكتب في تقرير نشرته مجلة الرفاهية العصرية How To Spend It Arabic، ويصف أحدث التقليعات التي تسود العاصمة لندن: نوادي الجري.

على ضفتي قناة ريجنت
مستفيدة من جائحة كورونا على وجه الخصوص، يقول التقرير إن عشرات نوادي الجري تنشط في مدن عدة منها لندن وواشنطن ومكسيكو سيتي، وهي عبارة عن نوادي للهواة، تُنسِّب المتطوعين وتقسمهم إلى مجموعات بحسب طاقتهم ومراسهم في الجري، ليشقوا يومياً طريقهم عبر كتل من الأبراج الضخمة أو على طول قناة ريجنت الشهيرة، كما هو الحال في مدينة لندن. أحد هذه النوادي هو نادي Friendly، الذي تضاعف في الأشهر الستة الماضية عدد الأعضاء الذين ينتمون إليه، وقد أسسه بشكل غير رسمي قبل ثلاث سنوات المصور الفوتوغرافي أوليفر هوسون، بواقع أربعة أضعاف. ينقل التقرير عن هوسون قوله: "تنمو المجموعة كل أسبوع. يستمر أشخاص جدد في الظهور. وهم لا يأتون لمرة واحدة فقط".

جري جماعي
ويورد التقرير أن أعداد أعضاء نوادي الجري في ازدياد. وكمثال، انطلق Northeast Track Club في واشنطن العاصمة، وقد تأسس في حزيران (يونيو) 2020، بنحو خمسة عدائين، والآن يشارك 200 شخص تقريباً كل أسبوع. وسجل Kent AC، وهو المركز اللندني الجنوبي الذي اختاره أليكس لي، البالغ من العمر 23 عاماً والحائز على الميدالية الفضية الأولمبية، أكثر من مئة عضو في العام الماضي، في حين أنّ Orchard Street Runners، النادي المكتظ الذي ينطلق في شوارع مانهاتن في ساعات الفجر، لديه قائمة انتظار حتى. وينقل التقرير عن سارة ماكينزي، رئيسة نادي Serpentine Running Club المؤسس قبل 40 عاماً في هايد بارك بلندن، والذي تسجل فيه 182 عضواً جديداً منذ حزيران (يونيو) الماضي قولها: "يُبقي الجري الجماعي المرء محفزاً، ولاسيما في الشتاء".

مجتمع صغير
يقول التقرير إن نوادي الجري توفر شعوراً بوجود مجتمع صغير جاهز عند الطلب، وهذا عامل جذب أساسي الآن. وقد كانت تلك المتعة هي أحد الأسس التي قام عليها نادي Friendly. فسرعان ما دعا المؤسس بعض الأصدقاء للجري معاً، ونما عدد أعضاء النادي مذَّاك. يورد التقرير نقلاً عن لسان المؤسس: "يشبه النادي كثيراً الاسم نفسه. هو ناد للجري لأشخاص لا يعتبرون أنفسهم ‘عدائين’. فهو بعد مجتمع صغير من الأصدقاء، يجتمعون للجري". ويتوافق نمو المزيد من نوادي الهواة مع التحول إلى الرياضات الاجتماعية. فحين أُقفِلت أبواب المطاعم والنوادي الرياضية، تريض الأصدقاء معاً في الهواء الطلق باعتبار ذلك وسيلة للحفاظ على التواصل وراء الكواليس.

أمان للنساء
في الظلام الدامس، ثمة منفعة إضافية للجري ضمن مجموعات، بحسب التقرير. فبالنسبة إلى النساء، هذا يوفر لهن أماناً على الأرصفة. ويحقق نادي Dos Seis Uno (261)1 هذا الهدف بالتحديد، وهو ناد للجري مخصص للنساء في مكسيكو سيتي. كذلك هي الحال مع Orchard Street Runners الذي يستضيف جريه الأسبوعي عبر مانهاتن ليلاً؛ هنا، ليست الزمالة الاجتماعية هي الهدف. يمكّن حسن الإعداد المشاركين من "الجري وحدهم، معاً"، كما يقول المؤسس جو دينوتو. وفي لندن، ينقل التقرير عن تاليا رينوتشي، المدربة الصحية الشاملة ومديرة التسويق لصالح شركة للشقق الفندقية، قولها: "يخرج شريكي للجري من دون هاتفه كي ينقطع فعلياً عن العمل. لم أستطع تصور أن أفعل هذا يوماً".