هناك ما يمكن وصفه بالإجماع بين المراقبين للشأن السياسي الداخلي في مصر على أن تسمية محمد بديع سامي مرشدًا جديدًا لجماعة الإخوان المسلمينليست النهاية لخلافات خرجت للمرة الأولى في تاريخ الجماعة إلى العلن، فالجماعة التي يرجع تاريخها إلى العام 1928، وعلى الرغم من اعتبارها محظورة رسميًا، غير أنها منتشرة على نحو واسع في المجتمع المصري، ولها امتدادات إقليمية كحركة حماس وأخرى دولية .

طيلة تاريخها التزمت جماعة الأخوان السرية الصارمة خاصة في ما يتعلق بما يجري في صفوف قيادتها، لكن هذه المرة خرجت خلافات قادتها لوسائل الإعلام، وهو ما يثير تساؤلات عما إذا كانت التسريبات هذه المرة مقصودة، أم أن ما يجري داخل صفوف الجماعة أمر خطير بالفعل وينذر بالانشقاقات بين الذين يوصفون بالمحافظين والإصلاحيين، فضلاً عن تصاعد الملاحقات الأمنية لنشطاء الجماعة وقادتها .

وحينما أعلن المرشد العام المنتهية ولايته لجماعة الإخوان المسلمين في مصر محمد مهدي عاكف أن الاختيار وقع على القيادي محمد بديع سامي ليصبح المرشد العام الثامن للجماعة، فقد حسم شهورًا من صراع خرج للعلن بين الجناح المحافظ فيها وجناح إصلاحي انتهى باستقالة الرجل الثاني محمد حبيب من جميع مناصبه، وهذا ما يفسر غيابه عن مراسم مبايعة المرشد الجديد لغضبه من نتائج انتخابات مكتب الإرشاد التي أجريت مؤخرًا، واستبعدته من عضوية المكتب الذي يعد الهيئة التنفيذية للجماعة .

ألقي القبض على بديع

ـ القضية العسكرية الأولى: سنة 1965 مع المنظر الشهير سيد قطب وقادة الإخوان، وحُكم عليه بخمسة عشر عامًا، قَضى منها 9 سنوات، وخرج في 4/4/1974، وعاد لعمله بجامعة أسيوط، ثم نُقل إلى جامعة الزقازيق، وسافر بعدها لليمن حيث أسس هناك معهدها البيطري ، عاد بعدها إلى جامعة بني سويف، شمال الصعيد، وأصبح أبرز النشطاء في الجماعة هناك .

ـ القضية الثانية: السجن لمدة 75 يومًا في قضية جمعية الدعوة الإسلامية ببني سويف عام 1998 حيث كان يشغل منصب رئيس مجلس إدارة جمعية الدعوة ببني سويف بعد اعتقال القيادي حسن جودة .

ـ القضية الثالثة: قضية النقابيين سنة 1999؛ حيث حكمت عليه المحكمة العسكرية بالسجن خمس سنوات، قضى منها ثلاث سنوات وثلاثة أرباع السنة وخرج بأول حكم بثلاثة أرباع المدة سنة 2003 .

ويدعو من يوصفون بالإصلاحيين في صفوف قيادة quot;الإخوانquot; إلى انخراط أوسع في العمل السياسي وحوار أوسع مع الجماعات والأحزاب والقوى السياسية في مصر وحوار مع القوى الدولية المؤثرة وخاصة الولايات المتحدة، لكن المحافظين يرون أن الأولوية يجب أن تعطى لتقوية نفوذ الجماعة من خلال العمل الاجتماعي والدعوة في وقت يبدو فيه أن المناخ لا يسمح بعمل سياسي ذي جدوى، بينما تقول الحكومة إن جماعة الإخوان محظورة، غير أنها تسمح لها بالعمل في حدود معينة لا تتجاوزها، وهذا ما يفسر الملاحقات المستمرة لنشطاء الجماعة، لكن من دون أن تطال قيادتها أو تغلق مقارها المنتشرة في مصر.

وفي كلمة ألقاها بهذه المناسبة اعتبر بديع أن عاكف قدم نموذجاً فريداً لكل المسؤولين في الحكومات والأحزاب في تسليم القيادة بعد فترة واحدة وأكد أن جماعة الإخوان تؤمن بالتدرج في الإصلاح، وأن ذلك لا يتم إلا بأسلوب سلمي ونضال دستوري قائم على الإقناع والحوار وعدم الإكراه، وشدد على رفض العنف بكافة أشكاله سواء من جانب الحكومات أو من جانب الأفراد، أو الجماعات أو المؤسسات، وفي مؤشر على اتجاهات عمل الجماعة خلال المرحلة المقبلة، واختتم بديع تصريحاته بالقول quot;إن جماعته لم تكن يوما خصمًا للأنظمة الحاكمة، وإن كان بعضها دائم التضييق عليهم، وتصادر أموال أعضائها وأرزاقهم، وتعتقلهم باستمرار، على حد تعبيره .

وبعد الانتخابات النيابية التي أجريت في العام 2005 برزت الجماعة كأقوى حركة معارضة في مصر، منذ حركة الضباط عام 1952 بحصولها على 88 مقعدًا في مجلس الشعب (البرلمان) تمثل نحو خمس مقاعد البرلمان، لكن أيا من مرشحيها لم يفز في الانتخابات التي أجريت منذ ذلك الوقت وسط اتهامات للحكومة بأنها تعمل على استبعاد مرشحيها لمنع اتساع نفوذها السياسي بدرجة تهدد حكم الرئيس مبارك الذي تولى مقاليد السلطة في العام 1981 .

سيرة ذاتية

وباختيار محمد بديع مرشدا عاما لجماعة الإخوان المسلمين يصبح بذلك محمد مهدي عاكف المرشد العام السابق هو الأول من نوعه طيلة تاريخ الجماعة في مصر صاحب لقب quot;أول مرشد عام سابق للجماعة لم يزل على قيد الحياةquot; . ويعمل المرشد الجديد للإخوان كأستاذ متفرغ بقسم الباثولوجيا بكلية الطب البيطري جامعة بني سويف. كما كان أمين عام النقابة العامة للأطباء البيطريين لدورتين، وأمين صندوق اتحاد نقابات المهن الطبية لدورة واحدة فقط .

محمد بديع عبد المجيد سامي (7 أغسطس 1943)

المرشد العام الثامن لجماعة الإخوان المسلمون منذ 16 يناير 2010

ولد في مدينة المحلة الكبرى بدلتا النيل شمال مصر

عضو مكتب الإرشاد بجماعة الإخوان المسلمون في مصر منذ العام 1993

والمرشد الجديد محمد بديع زوج السيدة سمية الشناوي مديرة سابقة لمدرسة الدعوة الإسلامية ببني سويف كريمة محمد علي الشناوي وهو من الرعيل الأول لجماعة الإخوان المسلمين والذي حُكم عليه بالإعدام عام 1954م وخُفِّف للمؤبد، وله ثلاثة أبناء هم: عمَّار (مهندس كمبيوتر)، بلال (طبيب أشعة)، ضحى (صيدلانية)، وأربعة أحفاد هم: رؤى وحبيب وإياد وتميم .

ويقول مقربون من الجماعة إن عاكف قرر الانسحاب في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي 2009 بعد انتهاء فترة ولايته بسبب ما وصفت بالخلافات بين من يوصفون بالمحافظين والإصلاحيين داخل الجماعة، بينما نفى عاكف ذلك، وكان يذكر مسبقًا أنه سيتنحى عندما تكتمل مدة الولاية الأولى ولن يجدد لفترة أخرى وأنه اشترط ذلك على الإخوان عندما قبّل أن يكون مرشدًا عامًا للجماعة التي توصف بأنها quot;أم الجماعات الإسلاميةquot; في المنطقة، وربما في العالم كله .

ويأتي تولي محمد بديع المنصب في ظل تقارير إعلامية ألمحت سابقا إلى وجود اعتراضات بين أعضاء التنظيم الدولي على شخصه، وأنه كانت هناك رغبة في تولي رشاد البيومي، وفي ديسمبر الماضي 2009 جرت انتخابات سرية لمكتب إرشاد جديد للجماعة وسط انقسامات بين تياري ما يوصف بالمحافظين والإصلاحيين داخل الجماعة حيث استبعدت انتخابات مكتب الإرشاد كل من محمد حبيب النائب الأول للمرشد آنذاك وعبد المنعم أبو الفتوح القيادي وعضو مكتب الإرشاد آنذاك .