توجه فكري وأيديولوجي جديد بدأت تميل إليه القاعدة في عملياتها، وقد بدأ يتجلى بوضوح في ما نفذته من عمليات خلال الآونة الأخيرة، ونجحت اليوم مجلة quot;فورين بوليسيquot; الأميركية في وضع أصابعها على كثير من تفاصيله عبر تقرير كشفت من خلاله عما يسمي بـ quot;جيش الخبراء الجهاديينquot; الذين باتوا يمثلون الوجه الأحدث للتنظيم في حروبه التي يخوضها ضد الغرب على الشبكة العنكبوتية قبل أرض الميدان.

القاهرة: تزيح مجلة فورين بوليسي الأميركية النقاب وتكشف أن الطبيب الأردني همام خليل البلوي، الذي فجر نفسه الشهر الماضي في قاعدة أميركية في أفغانستان، ما أسفر عن مقتل سبعة من الضباط الاستخباراتيين العاملين في وكالة الاستخبارات الأميركية، كان أحد الخبراء الجهاديينquot; الذين باتوا يمثلون الوجه الأحدث للتنظيم في حروبه التي يخوضها ضد الغرب على الشبكة العنكبوتية قبل أرض الميدان.

وكان يعمل تحت لقب quot;أبودجانة الخراسانيquot; (قبل أن يصبح عميلا ً أردنيا ً ثلاثيا ً)، وقد كان يمد قراءه على الانترنت بصورة مجهولة بسيل من الخطابات الجهادية منذ أوائل العام 2007. كما تشير المجلة إلى أن ارتقاء البلوي من مجرد مشارك شغوف في غرف الدردشة الإلكترونية إلى مدير منتدى جهادي للصفوة ومن ثم إلى خبير إنترنت محنك وبعدها إلى انتحاري منتصر، قد ساعد في تشكيل مسار يمكن للجهاديين الإلكترونيين أن يحذوا حذوه في نهاية المطاف.

إلى هنا، تمضي المجلة في السياق نفسه لتكشف أيضا ً عن أن أعداد الجهاديين الذين يعملون على الانترنت ويتحولون لإرهابيين فعليين على ارض الواقع باتت في تزايد. ومنهم هؤلاء الذين تم تجنيدهم إلكترونياً مثل الميجور نضال مالك حسن والشاب النيجيري عمر فاروق عبد المطلب والكويتي بدر الحربي وأخيراً البلوي.

وترى المجلة أن هؤلاء الجهاديين نجحوا من خلال تلك الطريقة في تعليم غيرهم من الجهاديين الإلكترونيين كيف لهم أن يقوموا بتطوير لوحات المفاتيح الخاصة بحواسيبهم إلى أحزمة ناسفة. وتردف بالقول إنه ومن خلال الخطب الطويلة التي قام بنشرها على منتديات تقوم بتمجيد هؤلاء الذين يقومون بحمل شعلة القاعدة، ساعد البلوي في تضييق المسافة الفاصلة بين مقاتلي الحركة الجهادية العالمية والمتعاطفين معها على الإنترنت.

وفي الوقت الذي سعى فيه البلوي إلى تطوير قدراته، بالشكل الذي بات من الممكن أن يُطلق عليه quot; خبيرا ً جهاديا ًquot;، مستفيدا ً من كتابته لتحقيق مكانة بارزة له داخل العالم الجهادي على شبكة الإنترنت، ولم يكن معظم الأميركيين على دراية بهذا النوع من التوجه القاعدي، كما لم تول الحكومة الأميركية أولوية لقراءة وتحليل أو حتى ترجمة تلك الكتابات، لأنها لم تكن تحتوي على أي معلومات ذات صلة بعمليات محتملة للتنظيم. ومع هذا، تلحظ المجلة أن المستشارية الجهادية أصبحت جزءا ً أساسيا ً في عملية التطرف التي تتم عبر الإنترنت لكل من منتجيها ومستهلكيها على حد سواء.

وبحسب منفذ quot;اليقينquot; الإعلامي التابع المناصر لتنظيم القاعدة، فإن البلوي كان يعمل بهويتين مختلفتين على شبكة الإنترنت. اللقب الأول الذي لم يسبق وأن تم الكشف عنه خارج العالم الإلكتروني الجهادي قبل كتابة هذا التقرير هو quot;مالك الأشجاعيquot; ndash; وهو اسم أحد صحابة النبي محمد . وقد عمل البلوي بموجب تلك الهوية كمشرف أو مدير لأبرز منتدى يتبع القاعدة ويُعرف بـ quot;الحسبةquot;. أما اللقب الثاني، فهو ما كان يشتهر به البلوي أكثر، وهو quot;أبودجانة الخراسانيquot; الذي ساهمت كتاباته ndash; جنبا ً إلى جنب مع حفنة أخرى من الخبراء الجهاديين ndash; في تجاوز الهوة بين تفكير القيادة العليا للقاعدة وبين حركتها العالمية الموجودة على شبكة الإنترنت.

ومن بين أبرز خبراء الإنترنت الآخرين، هناك من يُطلَق عليهم الألقاب التالية؛ quot;عبد الرحمن الفقيرquot; و quot;يامان مخضبquot; و quot;أبو شاديةquot; و quot;أسد الجهاد2quot;، ويقومون بصورة منتظمة أيضاً بنشر مقالات على منتديات تنظيم القاعدة التي تُشرِّح وتحلل وتفسر وتنشر الفكر الجهادي. ثم تنتقل المجلة لتشير إلى التنوع الملحوظ في فكر وأسلوب وتطور كل خبير من هؤلاء عن الآخر، فعلى سبيل المثال، يعتمد هذا الشخص الذي يُطلق عليه quot; أسد الجهاد 2quot; على مزيج عبثي من التنبؤ والتبجح في كتاباته.

وفي الختام، تلفت المجلة إلى أن الموجة الأولى لهذا التوجه الجهادي المعاصر قد بدأت في الظهور خلال عام 2002 واستمرت حتى عام 2005. وكان يهيمن عليها خبراء إستراتيجيون مجهولون تابعون للقاعدة، وقد كان من أشهرهم أولئك الذين أطلقوا على أنفسهم ألقاب من بينها quot;أبو بكر ناجيquot; وquot;أبو عبيد القرشيquot; وquot;لويس عطية اللهquot; لكتابة مقالات للعديد من المجالات التي تصدرها القاعدة على الإنترنت ومن بينها ( الأنصار ) و ( صوت الجهاد ). ثم بدأت الموجة التالية في الالتئام عام 2006، وقد صبّ فيها الجهاديون الإلكترونيون تركيزهم بصورة أكبر على تفسير وحماية والتبشير برسائل قادة القاعدة البارزين، أكثر من تركيزهم على استراتيجية عمل التنظيم.