دفعت المخاوف التي تبديها شركة كوتش اندستريز النفطية الخاصة منذ انتخاب باراك اوباما رئيسا للولايات المتحدة وما ترتّب عنه من هواجس بإمكانية تحركه لإنهاء نحو عقدين من ضعف الرقابة على الصناعة النفطية، إلى دعم حركة حزب الشاي ذات النفوذ المتنامي.

واشنطن: يروق لحركة حزب الشاي أن تصور نفسها كحركة جماهيرية متمردة قوامها مئات التنظيمات المحلية التي عقدت العزم على إسقاط النخبة الحاكمة في واشنطن.

وتهدد الحركة الآن بإحداث انقلاب في موازين القوى بما ستحققه من اختراقات على حساب الكبار في الانتخابات النصفية الشهر المقبل.

ولكن مراقبين يؤكدون أن حركة quot;حزب الشايquot; ما كانت لتصل إلى هذا الموقع لولا تمويل جهة عُرفت تقليديا بدورها المؤثر حين تلقي بثقلها وراء هذا الطرف أو ذاك، أي شركات النفط الكبرى.

وعلى سبيل المثال فإنّ الأخوين اللذين يملكان شركة كوتش اندستريز النفطية الخاصة التي يبلغ عدد عمّالها 70 ألفا وعائداتها السنوية 100 مليار دولار، كانا يقولان مازحين إنهما يملكان أكبر شركة لم يسمع بها أحد.

ولكن بعد عقود تنامت فيها ثروتهما وضخا خلالها ملايين الدولارات لتمويل قضايا اليمين الأميركي، أصبح الأخوان تشارلس وديفيد كوتش أخيرا في دائرة الضوء بسبب دورهما الاستثنائي في رعاية النمو الاستثنائي لحركة حزب الشاي.

فالأخوان يراهنان بأموال ضخمة على نتائج انتخابات 2 تشرين الثاني/نوفمبر.

وتبين الوثائق الرسمية أن إحدى شركاتهما الفرعية ضخت مليون دولار في الحملة الرامية إلى إلغاء قانون مكافحة الاحتباس الحراري في ولاية كاليفورنيا.

وتلاحظ صحيفة الغارديان البريطانيّة أن الأخوين كوتش وزوجتيهما وموظفي شركاتهما يقدمون تبرعات مباشرة إلى المرشحين الجمهوريين لانتخابات الكونغرس النصفية وهم يشكلون سادس أكبر متبرع لحملة مرشح حزب الشاي ماركو روبيو من أجل الفوز بمقعد في مجلس الشيوخ.

كما تبرعت العائلة بمبالغ كبيرة للمرشح الجمهوري جيم ديمنت في ساوث كارولاينا.

ولكن منظمات ترصد مصادر التمويل في الحياة السياسية الأميركية تقول إن التأثير الأشد فاعلية لأموال الأخوين كوتش في الانتخابات النصفية سيكون من خلال عمليات التمويل وتقديم الدعم اللوجيستي لجماعات مثل جماعة quot;الأميركيون من أجل الازدهارquot; التي تعتبر من اكبر التنظيمات المنضوية في حركة حزب الشاي وفرَّخت تنظيمات أصغر تنفق ببذخ على الإعلانات وتعقد الاجتماعات الانتخابية في عموم الولايات المتحدة في محاولة لإلحاق الهزيمة بالديمقراطيين.

وتجيز القوانين الأميركية لجماعات المصالح السياسية والشركات التي تمولها، أن تخفي ما تنفقه خلال الحملات الانتخابية.
ونقلت صحيفة الغارديان عن السينمائي التسجيلي تاكي اولدهام الذي يتابع ناشطي حزب الشاي منذ أشهر قوله quot;إن هذا عالم من الأشباح، ولا شك عندي في أن لا أحد لديه نفوذ في الحملة المناهضة للرئيس اوباما أكبر من نفوذ الجماعات التي تمولها شركة كوتشquot;.

وأنفقت شركة كوتش منذ عام 1989 أكثر مما أنفقته أي شركة نفطية أخرى على كسب مؤيدين داخل الكونغرس، ودفعت خلال هذه الفترة 50 مليون دولار لشركات اللوبي من اجل هذا الهدف.

وأثار انتخاب اوباما مخاوف الشركة وصاحبيها الأخوين كوتش من أن يتحرك الرئيس الجديد لإنهاء نحو عقدين من ضعف الرقابة على الصناعة النفطية.

وقال كيرت ديفيز مدير الأبحاث في منظمة غرينبيس الذي أمضى عشر سنوات يجمع معلومات عن آل كوتش quot;أنهم كانوا خائفين جدا من إدارة اوباما والعودة إلى بيئة ملائمة لفرض ضوابط بعد سنوات بوش ولعلهم كثفوا نشاطهم للتوثق من أن لا شيء سيضيِّق على شركتهمquot;.

من ابرز وجوه حركة حزب الشاي، المرشحة الجمهورية لمنصب نائب الرئيس في الانتخابات السابقة ساره بايلن التي عملت طوال العام الماضي على تعزيز موقعها داخل الحركة حتى نالت لقب ملكة حزب الشاي. وأسهم نشاطها في هزيمة جمهوريين ذوي مواقع راسخة أمام مرشحي الحركة في سباقات انتخابية جرت في عموم الولايات المتحدة.

ولكن شعبيتها في حركة حزب الشاي لا تتناسب مع لقب الملكة الذي خُلع عنها.

وهذا ما كشفت عنه نتائج الانتخابات التي جرت خلال مؤتمر لحزب الشاي عُقد مؤخرا في ريتشموند عاصمة ولاية فرجينيا.

إذ جاءت بايلن بالمرتبة الثانية بين المرشحين لمنصب الرئيس في انتخابات 2012 بعد حصولها على 13.5 في المائة من أصوات المندوبين مقابل 14 في المائة حصل عليها كريس كريستي حاكم ولاية نيو جرسي.

وكانت النتيجة صدمة لأنصار بايلن.فان محبوبة حركة حزب الشاي على ما يُفترض هُزمت أمام حاكم مغمور نسبيا ادعى انه لا يعتزم الترشح أصلا لانتخابات 2012.

في غضون ذلك كشف خبراء مختصون بالأنساب أن اوباما وبايلن اللذين قد يتواجهان في السباق الرئاسي بعد عامين ينحدران من جد واحد هو القس البروتستانتي جون سميث الذي هاجر إلى الولايات المتحدة في القرن السابع عشر وكان من أوائل المستوطنين في ولاية ماسيشوسيتس. يا له من عالم صغير !