انتخب البرازيليون اليساريّة ديلما روسيف، التي دعمها الرئيس لويس ايناسيو لولا دا سيلفا لخلافته، لتكون رئيسة للبرازيل بـ 55,9% من الأصوات في الدورة الثانية للانتخابات الرئاسية . وتعتبر روسيف أول امرأة تتولى هذا المنصب في تاريخ البلاد.


برازيليا: انتخبت ديلما روسيف، التي دعمها الرئيس البرازيلي لويس ايناسيو لولا دا سيلفا لخلافته، رئيسة للبرازيل بعد ان حصدت 55,9% من الاصوات في الدورة الثانية للانتخابات الرئاسية لتكون بذلك أول امرأة تتولى هذا المنصب في تاريخ البلاد، بحسب النتائج الرسمية التي أعلنتها المحكمة الانتخابية العليا.

ونال منافسها الاشتراكي الديمقراطي جوزيه سيرا المدعوم من اليمين 44% من الأصوات.

وهذه النسبة تعني أن مرشحة حزب العمال (يسار) الذي يتزعمه لولا حصدت 55 مليون صوت.

ودعي نحو 136 مليون ناخب الى الإدلاء بأصواتهم داخل صناديق الاقتراع الأحد في البرازيل حيث التصويت الزامي الا ان هذه الدورة الانتخابية تميزت بمعدل مرتفع للممتنعين عن التصويت بلغت 21,4% بحسب المحكمة.

وتجمع مئات من الأنصار في شوارع ساو باولو والعاصمة برازيليا وهم يرقصون ويلوحون بالأعلام الحمراء لكل من حزب العمال ونقابات العمال التي تشكل قاعدة مؤيديها.

وأكملت النتيجة رحلة لم تكن متوقعة لروسيف أخذتها من السجن والتعذيب الوحشي على يد معتقليها العسكريين في السبعينات لتصبح اول امرأة ترأس اكبر اقتصاد في أميركا اللاتينية.

وروسيف اقتصادية ووزيرة طاقة سابقة تميل لليسار ولكنها أصبحت اكثر براغماتية بمرور الوقت وهي لم ترشح نفسها قط لاي منصب انتخابي.

وحصلت روسيف على دعم حاسم من الرئيس لويس ايناسيو لولا دا سيلفا الذي يحظى بشعبية طاغية والذي انتشلها من الغموض النسبي كي تخلفه.

وادت سياسات لولا المالية المستقرة وبرامجه الاجتماعية خلال سنواته الثمانية في الحكم إلى انتشال 20 مليون برازيلي او أكثر من عشرة في المئة من السكان من الفقر.

وبدأت الطبقة الوسطى المزدهرة تتهافت على شراء السيارات وبناء منازل بوتيرة لم تشهدها البرازيل من قبل ما ساعد على جعلها نقطة مضيئة نادرة في الاقتصاد العالمي الى جانب دول ناشئة عملاقة مثل الصين والهند.

وببساطة كان هذا التراث أكبر من أن يستطيع سيرا التغلب عليه.

وروسيف هي كبيرة موظفي لولا سابقا وتتعهد الاستمرار اعتمادا على نجاحاته من خلال تحديث طرق البرازيل والمدارس والبنية الأساسية الاخرى مع استعداد البلاد لاستضافة بطولة كأس العالم عام 2014 والالعاب الاولمبية عام 2016.

كما انها تسعى أيضا إلى استغلال الثروة النفطية البحرية المكتشفة حديثا في البرازيل وتوسيع دور الدولة في قطاع الطاقة في الوقت الذي تواصل فيه اجتذاب الاستثمارات الخاصة.

وتفتقر روسيف الى جاذبية لولا او نفوذه في الكونغرس ويخشى بعض المستثمرين من ان رئاستها ستكون رئاسة وضع راهن تفشل فيها في إجازة إصلاحات اقتصادية يمكن ان تحد من التكلفة الباهظة للقيام بنشاط تجاري في البرازيل.

ويخشى البعض أيضا من انها قد توسع دور الدولة أكثر مما يجب في بعض القطاعات في الوقت الذي تخفق فيه في كبح الانفاق الضخم في الميزانية والذي يضغط على العملة البرازيلية وساعد في جعلها اكثر عملة مبالغ في تقييمها في العالم من خلال بعض المقاييس.

ولم يكن طريق روسيف إلى رئاسة اكبر ثامن اقتصاد في العالم تقليديا بشكل كبير.

فقد انضمت روسيف وهي ابنة مهاجر بلغاري موسر إلى جماعة ثوار يسارية خلال الستينات وقاومت الحكم الاستبدادي العسكري في تلك الحقبة. وسجنت روسيف بعد ذلك ثلاث سنوات وعذبت مرارا بالصدمات الكهربائية.

ولدى خروجها من السجن في عام 1973 جعلت روسيف آراءها اكثر اعتدالا ودرست الاقتصاد.

وتقلدت سلسلة من المناصب الحكومية المتوسطة المستوى في جنوب البرازيل ولم تظهر قط طموحا سياسيا كبيرا الى ان اسند لها لولا وزارة الطاقة ورئاسة هيئة موظفيه ثم اختارها بعد ذلك خليفة له.

واعترف لولا بان روسيف تفتقر الى الخبرة السياسية ولكنه اختارها لمهارتها كفنية وإدارية.

ويقول ان هذه الصفات ستكون حاسمة خلال السنوات الاربع المقبلة مع محاولة البرازيل جعل بنيتها الاساسية تتماشى مع طموحاتها كقوة عالمية ناشئة.

ويحظر الدستور على لولا (65 عاما) ترشيح نفسه لفترة رئاسية ثالثة على التوالي ولكن انتخاب مساعد مقرب له ليس له قاعدة تأييد راسخة سيسمح بان يبقى للولا دور في السياسة بعد تقاعده في اول يناير كانون الثاني.

وقالت روسيف نفسها عشية الانتخابات quot;لولا سيكون موجودا دائما في حكومتيquot;.

وتعهدت الرئيسة البرازيلية المنتخبة ان يكون quot;اجتثاث البؤسquot; أولويتها الرئيسة، وذلك في الخطاب الاول لها بعد اعلان فوزها.

وقالت روسيف في برازيليا امام حشد من مستشاريها وأنصارها quot;اجدد التزامي العميق: اجتثاث البؤس لدى جميع البرازيليين والبرازيلياتquot;.

وأضافت quot;لن نستكين طالما ان برازيليين يعانون الجوعquot;.

وقامت الرئيسة البرازيلية المنتخبة بتحوير الشعار الانتخابي للرئيس الأميركي باراك اوباما quot;نعم نستطيعquot; قائلة quot;نعم المرأة تستطيعquot;.

وتابعت quot;للمرة الاولى ستحكم امرأة البرازيلquot;، واعدة بأن نساء أخريات سيخلفنها على هذا المنصب.
واكدت ان quot;المساواة في الفرص تشكل مبدأ اساسيا للديمقراطيةquot;.

كما قالت روسيف في تصريح مقتضب للصحافيين في برازيليا عقب إعلان انتخابها رئيسة للبرازيل quot;انني سعيدة جدا. اشكر البرازيليات والبرازيليين وأعد بأن اكرم الثقة التي منحوني اياهاquot;.

وقالت روسيف quot;بتأثر شديد، أشكر بشكل خاص الرئيس لولاquot;.

وأضافت quot;سأقرع مرارا بابه واعلم انه سيبقى دوما مفتوحاquot;.

واعتبرت ان quot;مهمة خلافته صعبة وتمثل تحديا، لكنني سأعرف كيف أكرم هذا الارث وأوسع مداهquot;.

واعلنت روسيف انها quot;تمد يدهاquot; الى المعارضة معتبرة ان quot;الوقت الان للوحدةquot;، وتعهدت الاهتمام بجميع البرازيليين حتى الذين لم يمنحوها ثقتهم.

كما انتقدت روسيف السياسة الحمائية التي تعتمدها الاقتصادات الأساسية في العالم وحرب العملات الدائرة حاليا بحسب رأيها.

ورأت ان هذه الحمائية quot;تمنع الدول الفقيرة من تحقيق كامل امكاناتهاquot;.

وقالت quot;اننا نعارض كذلك حرب العملات الدائرة حاليا في العالمquot;، في حين تعاني البرازيل تراجعا قويا في قيمة عملتها الريال ما ادى الى تخفيض الفائض في الميزان التجاري.

إلى ذلك، هنأ المرشح الخاسر في الانتخابات الرئاسية البرازيلية جوزيه سيرا الاحد الرئيسة المنتخبة ديلما روسيف متمنيا ان تعمل quot;لخيرquot; البلاد، وذلك في اول تصريح له بعد خسارته.

وقال سيرا (68 عاما) quot;لقد ناضلت بكثير من الاعتزاز للوصول الى رئاسة الجمهوريةquot;، موجها شكره الى الquot;43,6 ملايين برازيلي وبرازيليةquot; الذين صوتوا له.

وأضاف هذا الحاكم السابق لولاية ساو باولو الاغنى والأكبر سكانيا quot;الى الذين تصوروا اننا سنخسر، ان نضالنا الحقيقي بدأ لتوه.

واكد ان quot;النضال مستمرquot;، وسط تصفيق أنصاره.

وخسر سيرا الذي شغل سابقا منصب وزير الصحة بحصوله على 43,9% من الاصوات مقابل 56% لروسيف.