نفذ مساعد الطيار أمرًا معاكسًا للتوجيهات، بينما كانت العبارة الأخيرة التي أدلى بها كابتن الطائرة الإثيوبيَّة قبل ثوان من الارتطام quot;خلص انتهينا... الله يرحمناquot;... هذا ما أظهره التقرير الأولي الذي حملته لجنة التحقيق الفنيَّة المكلفة بمتابعة موضوع الكارثة من باريس، وأشارت المعلومات إلى ترجيح احتمال ان يكون خطأ بشري تسبب بالكارثة.

بيروت: عادت التطورات المتصلة بكارثة الطائرة الاثيوبية إلى احتلال مانشيتات الصحف اللبنانية خصوصًا إثر ما أعلنه مجلس الوزراء رسميًّا عقب جلسته العادية مساء أمس في السرايا، أن رئيس الوزراء سعد الحريري أعلم المجلس بأن لجنة التحقيق الفنية الدولية ستسلم الحكومة اللبنانية تقريرًا أوّليًا في الايام المقبلة يتضمن ما توصلت إليه من معلومات عن حادث الطائرة المنكوبة.


التقرير النهائي قيد الإعداد

وأفاد وزير الاعلام طارق متري ان الحكومة ستصدر تقريرها الشامل منتصف الاسبوع المقبل بعد اطلاع ذوي الضحايا على المعلومات الكاملة المتوافرة لديها. وشدد على الصفة الاولية لتقرير اللجنة الفنية، قائلاً ان هذا quot;ليس التقرير النهائي الذي يلزمه وقت أطولquot;. كما أكد عدم اتخاذ قرار بوقف عمليات البحث عن الضحايا.

جاء ذلك عقب عودة لجنة التحقيق الفنية المكلفة بمتابعة موضوع الكارثة من باريس مساء أمس، بعدما اطلعت على محتويات الصندوق الاسود الثاني للطائرة وما يتضمنه من تسجيلات صوتية في قمرة قيادة الطائرة قبل سقوطها في البحر. وضمت اللجنة رئيس لجنة التحقيق المدير العام للطيران المدني حمدي شوق والخبير في حوادث الطيران الطيار محمد عزيز والخبير الاثيوبي غيرما بيامي. والتقت اللجنة فور عودتها الرئيس الحريري ووزير الاشغال العامة غازي العريضي قبيل انعقاد مجلس الوزراء.

السفير: الطيار الأثيوبي لمعاونه: انتهينا .. فليرحمنا الله

وفي هذا السياق، كشف مراسل quot;السفيرquot; في باريس أن التقرير الذي حملته اللجنة معها من باريس تضمن معطيات تتعلق بالتسجيلات الأخيرة في قمرة القيادة، فضلاً عن معطيات أولية تتعلق بـquot;الصندوق الأسودquot;. وقال مصدر موثوق في المكتب الفرنسي للتحقيق في حوادث الطيران إن العبارة الأخيرة التي أدلى بها كابتن الطائرة، قبيل ثوان قليلة من سقوط الطائرة كانت الآتية: quot;خلص انتهينا... الله يرحمناquot;... وقد قالها باللغة quot;الأمهريةquot;، وهي إحدى اللغات الأثيوبية. وحسب الاستنتاجات التي توصل إليها الفريق الفرنسي بالتعاون مع لجنة التحقيق الدولية، أمكن تحديد الآتي بين الإقلاع والارتطام بسطح البحر:

أولاً: انطلقت الطائرة عند الساعة الثانية و37 دقيقة وارتطمت بسطح البحر عند الثانية وإحدى وأربعين دقيقة، أي أن رحلتها، دامت فقط أربع دقائق.
ثانيًا: دامت عملية سقوط الطائرة منذ ارتفاعها المفاجئ إلى حوالى تسعة آلاف قدم وحتى سقوطها في البحر، أقل من دقيقة حوالى أربعين ثانية.
ثالثًا: ظلت الطائرة حتى ما قبل ارتطامها بسطح البحر، جسمًا واحدًا، وعند لحظة الارتطام انشطرت إلى أجزاء وغرقت في أعماق البحر.
رابعًا: تبين أن قبطان الطائرة، طلب من مساعده الطيار تنفيذ أمر ما بعد أن تواصل مع برج المراقبة في مطار بيروت الدولي، وتصرف على أساس أن الأمر قد نفذ، لكن تبين أن مساعد الطيار، إما لم ينفذ أو نفذ أمرًا معاكسًا، ما جعل الطيار يقدم على خطوة، جعلته تدريجيًّا يفقد السيطرة على الطائرة... وهو الأمر الذي جعل المحققين يتوصلون إلى استنتاج أولي مفاده أن laquo;خطأ بشريًّا في قمرة القيادةraquo; أدى إلى سقوط الطائرة.

خامسًا: من الواضح أن قبطان الطائرة ومساعده فقدا في غضون ثوانٍ قليلة القدرة على السيطرة على الطائرة، وهو الأمر الذي عبرت عنه التسجيلات بما فيها العبارة الأخيرة، علمًا أنه لم يتبين أن هناك أي خطأ في لحظة الإقلاع من جميع المعنيين، سواء برج المراقبة أو الطيار ومساعده...

وقد تسلمت شركة الطيران الأثيوبية والحكومة الأثيوبية وشركة quot;بوينغquot; الأميركية والمكتب الفرنسي للتحقيق والمنظمة الدولية للطيران والحكومة اللبنانية نسـخًا عن التقرير الأولي حول مضمون صندوق التسجيلات، حيث سيكون جزءًا لا يتجزأ من التقرير الأولي الذي ستذيعه الحكومة اللبنانية على الملأ في الأسبوع المقبل.

النهار: التقرير الأولي يثبت quot;السبب البشريquot;

وأوضحت مصادر معنية لـquot;النهارquot; ان مجلس الوزراء اطلع على المعلومات التي عادت بها اللجنة باعتبارها معلومات أولية، وقد طلب من الوزراء عدم تسريب أي شيء منها لأن ذلك يعرض الحكومة للمقاضاة باعتبار ان هذه المعلومات لا تزال في طورها الأولي. وأكدت المصادر ان اللجنة لم تضع تقريرها بعد، لكن المعلومات التي توافرت عن الكارثة تشير الى ان سبب سقوط الطائرة لم يكن عملاً ارهابيًّا وانما هو quot;سبب بشري وأخطاء بشريةquot;.

نهاية الفرضيات

وتأتي هذه المعلومات التي تم التوصل إليها بعد تحليل الصندوق الأسود في الطائرة المنكوبة، لتضع حدًّا للفرضيات الكثيرة التي أثيرت حول سبب الكارثة، ومن النظريات العديدة التي أثيرت حول الحادث، هي أن القبطان غيّر وجهة سير طائرته بعد تفاجئه بوجود طائرات أخرى في الجو تحاول الهبوط.

لكن الفرضية السابقة استبعدتها لجنة التحقيق، لأن مسارات الإقلاع مختلفة تمامًا عن مسارات الهبوط، ومختلفة أيضًا عن مسار الطائرات التي تعبر الأجواء اللبنانية، إضافة إلى أنّ برج المراقبة الذي له حق طلب تغيير وجهة طائرة ما في حال وجود طائرة أخرى في الأجواء، نفى حصول ذلك تلك الليلة، وهناك من تحدث عن إمكانية وقوع انفجار داخل الطائرة بسبب عمل إرهابي، ولكن هذه الفرضية أيضًا استبعدت لان الطائرة لم تكن تحمل أي مسؤول.

وجاء سقوط الطائرة الاثيوبية بعد إقلاعها من مطار بيروت في ليلة شتائية عاصفة، جعلت الكثيرين يتوقعون أن سبب الحادث ربما يعود لفقدان السيطرة على الطائرة من قبل قائدها، ولا سيما أنه تجاهل أمرًا من برج المراقبة الذي طالبه بتغيير مساره ولكنه لم يفعل.