إزداد تذمر الكاثوليك الألمان الاثنين، حيال صمت البابا عن قضايا الاعتداء الجنسي على الأطفال في مسقط رأسه، حيث توالت الدعوات إلى إجراء إصلاح يتناول عزوبة الكهنة، ومن المقرر ان يرسل البابا قريبًا رسالةالى اسقفية ايرلندا تنص على اجراءات جديدة بحق الكهنة المتورطين في اعتداءات جنسية.

برلين: قال رئيس اتحاد الشبيبة الكاثوليكية الالمانية ديرك تانتسلر في تصريح لصحيفة برلينر تسيتونغ، إن فضيحة الاعتداء الجنسي على الاطفال في مدارس كاثوليكية quot;تقلق الناس، سواء كانوا مؤمنين أم لا، وعلى قداسة البابا الإدلاء بدلوهquot; في هذا الشأن.

وأضاف ان الكنيسة الكاثوليكية الالمانية التي تعصف بها منذ اواخر كانون الثاني/يناير، انباء الكشف عن التجاوزات الجنسية القديمة التي اقترفها اعضاء من رجال الدين، تشهد quot;واحدة من أعمق أزماتها الوجودية منذ 1945quot;.

وقد وجهت الى البابا الالماني بنديكتوس السادس عشر يوم الجمعة، تهمة السماح في العام 1980 عندما كان رئيس اساقفة ميونيخ، بنقل كاهن مشبوه بالاستغلال الجنسي للاطفال الى رعيته. وكان الكاهن سيخضع لجلسات علاجية، لكنه تسلم مسؤوليات رعوية جديدة، بلا علم من الكاردينال راتسينغر الذي لم يكن منتخبًا الى منصب قداسة البابا.

وفي العام 1968، عندما كان المونسنيور راتسينغر يخدم في روما، حكم على الكاهن الذي أدين باقتراف تجاوزات جنسية على قاصر، بالسجن 18 شهرًا مع وقف التنفيذ. وكان عدد كبير من الكاثوليك يرغب في سماع رأي البابا شخصيًّا الاحد خلال صلاته الاسبوعية في ساحة القديس بطرس في روما، كما فعل في السابق لدى تنديده بفضائح مماثلة حصلت في بلدان اخرى، منها ايرلندا، على سبيل المثال.

واضطروا بدلاً من ذلك، الى الاكتفاء برد فعل المتحدث باسم الفاتيكان الأب فيديريكو لومباردي الذي أكد السبت ان quot;الجهودquot; الرامية quot;إلى إقحام البابا شخصيًّاquot; في فضائح الاعتداء على الاطفال قد quot;منيت بالفشلquot;.

واعتبر كريستيان فيسنر المتحدث باسم حركة quot;نحن كنيسةquot; المعارضة، في تصريح لصحيفة منشنر تسيتونغ، أن التنديد بما اعتبر حملة مسعورة ضد البابا يشكل quot;أسوأ استراتيجية اتصال يمكن تصورهاquot;. وقال quot;يأسف عدد من المؤمنين الكاثوليك لأن البابا بنديكتوس السادس عشر لم يعرب حتى عن كلمة تعاطف واحدةquot;.

وسارع الاب اليسوعي بيرند هاغنكورد الذي يتولى ادارة البرنامج الالماني في راديو الفاتيكان، الى الرد عبر صحيفة سوددويتش تسيتيونغ. وقال ان اتخاذ موقف سيكون امرًا متسرعًا في هذه المرحلة، لأن الكرسي الرسولي ما زال لا يمتلك كل العناصر المتصلة بهذه القضايا.

وبصفته عضوًا في اللجنة المركزية للكاثوليك الالمان، قال نائب رئيس البرلمان الالماني فولفغانغ تيرسي، ان صدقية الكنيسة الكاثوليكية quot;قد اهتزت اهتزازًا خطرًاquot; جراء قضايا الاعتداء الجنسي على الاطفال، مطالبًا البابا وكنيسته بمزيد من النزاهة.

واضاف ان quot;ذهول المؤمنين لا يوصفquot;، معتبرًا ان لا مفر من طرح مسألة عزوبة الكهنة على بساط البحث حتى لو ان البابا جدد الجمعة تأكيد الطابع quot;المقدسquot; لهذه المسألة. من جهته، قال ديرك تانتسلر من اتحاد الشبيبة الكاثوليك، quot;لدي شكوك حول العزوبية القسريةquot;. ودعا رئيس اللجنة المركزية للكاثوليك الالمان اليوس غلوك الكنيسة الى التساؤل quot;هل تتوافر شروط خاصة في الكنيسة تشجع على حصول تجاوزات؟quot;

وجاء في استطلاع للرأي نشرت نتائجه الاسبوع الماضي في مجلة فوكوس ان 82% من الالمان يقولون انهم لا يفهمون العزوبة الكهنوتية. من جهة اخرى، دعا البابا في quot;رسالةquot; اصدرها الفاتيكان الاثنين قبل اليوم العالمي للشبيبة في 28 اذار/مارس، الشبان الى الا quot;يخافواquot; من الانخراط quot;في الحياة الدينية او الديرية او الرسوليةquot;.

وقال quot;لا تخافوا، ايها الشبان الاعزاء، اذا ما دعاكم الرب الى الحياة الدينية او الديرية او الرسولية او الى التكرس الخاص: فهو يعطي من يستجيب دعوته فرحا عميقاquot;. واضاف البابا quot;ارغب في أن أدعو الشبان والمراهقين الى ان يصغوا إلى دعوة الرب ... حول الحياة الكهنوتيةquot;. ودعا البابا من جهة اخرى quot;الذين يشعرون بالميل الى الزواج، الى التعاطي معه بايمان، والتعهد بوضع اسس راسخة لعيش حب كبير ووفيquot;.

في سياق متصل،قال كبير اساقفة ايرلندا الذيأكد الاحد انه شارك في اجتماعات وقّع خلالها ضحايا مفترضون لاعتداءات جنسية تعهدات بلزوم الصمت، الاثنين، انه لن يقدم استقالته الا بطلب من البابا بنديكتوس السادس عشر.

وبحسب الكنيسة الكاثوليكية الايرلندية فإن الكردينال شون برادي شارك في اجتماعين في 1975 حين كان قسيسًا وسكرتيرًا بدوام جزئي للاسقف الراحل كيلمور فرنسيس ماكيرنان، واكدت الكنيسة انه خلال الاجتماعين قامت ضحيتان مفترضتان quot;بتوقيع تعهدات وعدا فيها باحترام سريّة جمع المعلوماتquot;.

وكانت السلطات الدينية تحقق حينها حول الاب بريندان سميث الذي يعتبر مسؤولاً عن اعتداءات جنسية على مئات الاطفال لفترة استمرت 40 عامًا وتوفي في السجن بعد توقيفه في تسعينات القرن الماضي.

واوضح الكردينال برادي لاذاعة بي بي سي الستر الاثنين انه كانت تسود قبل 35 عامًا ثقافة quot;الصمتquot; و quot;السريةquot; بشأن الاعتداءات الجنسية سواء في صلب رجال الدين او المجتمع المدني، واضاف quot;لن اقدم استقالتي الا اذا طلب مني البابا ذلكquot; في الوقت الذي دعا فيه الكثير من الجمعيات المدافعة عن الضحايا الاحد الى استقالته.

واوضح كبير اساقفة ايرلندا انه كان يعرف ان اعمال سميث كانت اجرامية غير انه لم يكن يشعر انه من مسؤوليته التنديد بالاعتداء الجنسي على الاطفال، واضاف quot;اليوم اعرف مع مراجعة الامر انه كان يتعين علي القيام بما هو اكثر لكني اعتقدت في تلك الفترة اني كنت اقوم بما هو متوقع منيquot;.

بيد ان هيلين ماكناغل المحامية الاميركية التي كانت ضحية سميث حين كانت في السادسة من عمرها، اعتبرت ان الكردينال برادي لا يملك quot;اي عذرquot;، وقالت لاذاعة ار تي اي الوطنية quot;لقد ظل مهتز اليدين بهذه المعلومة التي تخص الاب بريندان سميث لمدة 35 عامًا. وهو سمح بأن تساء معاملة اطفال آخرين. انه بالتأكيد لا يملك اي عذرquot; في ذلك.

وهزت ايرلندا بتقارير اشارت في السنوات الخمس الاخيرة الى سوء معاملة واعتداءات جنسية وحالات عنف وقسوة مستوطنة احيانًا داخل الكنائس ومؤسسات التعليم الكاثوليكية، ومن المقرر ان يرسل البابا قريبًا رسالة بابوية الى اسقفية ايرلندا بهذا الشأن. وستشتمل الرسالة على اجراءات جديدة بحق الكهنة المتورطين في اعتداءات جنسية، بحسب ما ذكر المونسنيور رينو فيسيتشيلا احد ابرز مطارنة روما.