بدأت الكثير من الشائعات تنتشر في مصر بعد عملية استئصال المرارة للرئيس حسني مبارك في ألمانيا دون أن يظهر منذ ذلك الحين على وسائل الإعلام، ويرى مراقبون أن الجراحة التي أجراها مبارك قد تؤثر على انتخابات الرئاسة في 2011.

القاهرة:مرّ أكثر من أسبوع على إجراء الرئيس المصري حسني مبارك (81 عامًا) لعملية الحويصلة المرارية في ألمانيا، واعتاد الفريق الطبي المعالج للرئيس أن يصدر بيانات شبه يومية تشير إلى تحسّن حالته واستقرارها، لكن هذه البيانات المقتضبة التي تذاع عبر الحكومة المصرية لم تمنع من انتشار شائعات وتكهنات حول حالة الرئيس الصحية.

وكانت هذه الشائعات التي روجتها مواقع إسرائيلية وانتشرت في المدونات وعلى المواقع الاجتماعية الشهيرة مثل quot;الفايس بوكquot; وquot;تويترquot; أقوى تأثيرًا من تأكيدات وسائل الإعلام المحلية والفريق الطبي المعالج للرئيس بمستشفى هايدلبرج بأن الرئيس مبارك في quot;حالة جيدة ومستقرة ويتعافى بشكل طبيعيquot;.

شائعات وتطمينات

فعلى موقع تويتر كتب شخص ما يقول: quot;إذا كان (الرئيس مبارك) قادرًا على أن يقول حتى أهلاً، لكان التلفزيون عرضه وهو يقول أهلاً، لكنه في غيبوبة تامةquot;، وذهبت تعليقات الآخرين على موقع الفايس بوك إلى ابعد من ذلك.

وغذى هذه الشائعات عدم ظهور الرئيس علنًا منذ إجرائه للجراحة الأسبوع الماضي، الأمر الذي أدى إلى تراجع البورصة المصرية 6% خلال اليومين الماضيين، وتزايد أجواء عدم اليقين وخاصة في ظل عدم وضوح مسألة الخلافة.

شائعات عن وفاة مبارك

بيد أن الساعات القليلة المقبلة قد تحمل تطمينات إلى الشارع المصري، وفقًا لما ذكره مصدر مصري مطلع لـ quot;إيلافquot;، والذي أكد أيضًا أن quot;فريقًا من التلفزيون الرسمي يستعد للتوجه إلى المستشفى الذي يعالج فيه الرئيس لالتقاط صور خاصة له وحديث إن سمحت ظروفه الصحية لتبديد هذه الشائعات تمامًاquot;. علمًا أن هناك كذلك تقارير تفيد بأن الرئيس مبارك سوف يدلي ببيان في مكالمة هاتفية من المستشفى الذي يعالج به في ألمانيا خلال ساعات.

السفارة المصرية في واشنطن تنفي

ويبدو أن الشائعات لم تقتصر على المجتمع المحلي المصري فقط، وربما كان تدافعها بشكل كبير في الخارج سببًا في إقدام المتحدث باسم السفارة المصرية في واشنطن على نفي هذه الشائعات بشدة أمس لشبكة quot;سي بي اس نيوزquot;، مؤكدًا أن الرئيس سيخرج من المستشفى الألماني في غضون أيام متعدّدة.

وتعد صحة الرئيس مسألة حساسة للغاية في مصر، وخصوصًا أنه لا يزال من غير الواضح، من الذي سيخلفه. فالرئيس لم يعلن بعد عن نيّته للترشح في انتخابات الرئاسة القادمة المقرر أن تعقد في العام 2011، وسبق أن صرح بأنّه سيبقى في الحكم حتى آخر نفس في حياته. وهناك اعتقادات بين صفوف المعارضة أن جمال مبارك أمين لجنة السياسات بالحزب الوطني الحاكم سيخلف والده في المنصب.

يقول الدكتور حسن نافعة أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة والمنسق العام للحملة المصرية ضد التوريث إن quot;مصر تواجه لحظة حرجة وخطرة يشعر بها الجميعquot;، مشيرًا إلى أن quot;ذلك من شأنه أن يزيد الأمر سوءًا، بالتأكيدquot;.

الدرس النيجيري

ويرى الدكتور نافعة أن الناس قد تسأل المزيد من الأسئلة حول صحة الرئيس مبارك إذا لم يظهر على شاشات التلفزيون بحلول الأسبوع المقبل، لكنه يقول انه لا يزال من المبكر جدا معرفة ما سيحدث في حالة إذا طال غيابه.

وكان البرلمان النيجيري قد أعلن نائب الرئيس رئيسًا مفوضًا للبلاد في قرار مثير للجدل أثناء غياب الرئيس عمر يارادوا، الذي غاب عن البلاد لمدة 3 أشهر للعلاج بمستشفى بالمملكة العربية السعودية.

نقل السلطة

لكن الرئيس مبارك لم يوجد له نائبًا وقد فوّض سلطاته موقتًا إلى رئيس الوزراء أحمد نظيف قبل الجراحة التي أجريت له. ولو أعلن طبيًّا عدم قدرته على القيام بواجباته، فإن الدستور ينص في هذه الحالة على تولي رئيس البرلمان الرئاسة موقتًا وان تعقد انتخابات الرئاسة في غضون شهرين.

وتنظم المادة 84 من الدستور حالة العجز الدائم والخلو الدائم، ونصت على أنه في حالة خلو منصب رئيس الجمهورية أو عجزه الدائم عن العمل يتولى الرئاسة مؤقتا رئيس مجلس الشعب، وإذا كان المجلس منحلا حل محله رئيس المحكمة الدستورية العلياquot;.

تأثير على انتخابات الرئاسة

ويشير الدكتور مصطفى السيد، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأميركية في القاهرة، انه علم من مصادر موثوقة أن الرئيس مبارك سيتوجه إلى باريس الأسبوع المقبل لمدة أسبوع لقضاء فترة النقاهة، ثم يتوجه بعدها إلى منتجع شرم الشيخ للاستراحة قبل أن يعود إلى القاهرة.

لكن عودة الرئيس مبارك إلى مصر بصحة جيدة من المحتمل أن تؤثر على انتخابات الرئاسة العام القادم، وفقا لما ذكر مصطفى السيد لصحيفة quot;كريستيان ساينس مونيتورquot; الأميركية في تقرير لها عن حالة الرئيس مبارك الصحية.

وأضاف أن quot;الرئيس لو اخذ تذكرة الحزب الوطني الديمقراطي (الحاكم)، فان المعارضة ستستخدم الجراحة كدليل على انه خيار غير مؤكد جدا، أما إذا لم يترشح فإنه بذلك سيضع الحزب في مأزق.

quot;إذا لم يقرر الرئيس أن يكون مرشح الحزب الوطني، فإن الحزب سيتعين عليه أن يقرر ما إذا كان جمال مبارك سيكون مرشحه، أو يبحث عن شخص آخر قادر على مواجهة التحدي المتمثل في شخص مثل الدكتور محمد البرادعي، quot; وفقًا لمصطفى السيد مضيفا: quot;ان المهم بالنسبة إلى الحزب الوطني الديمقراطي أن يثبت أن لديه مرشحين قادرون وذو خبرة، وأنا لا اعتقد ان هاتين الصفتين تتوافرن في جمال مباركquot;.