عبد المالك صياد في شبابه

تمثل أعمال الباحث الجزائري الراحل عبد المالك صياد (1933-1998) وهو مؤسس علم اجتماع الهجرة والاغتراب، مرجعا نفيسا لمن يوّد الخوض في تاريخانية وسوسيولوجية السياسات ذات الصلة بالهجرة عبر عديد البلدان منذ أواسط القرن الماضي.

الجزائر: وُلد عبد المالك صياد سنة 1933 ببلدة سيدي عيش التابعة لمحافظة بجاية (260 كلم شرق الجزائر)، تابع دراسته الابتدائية والثانوية قبل أن يزاول تكوينه بمدرسة المعلمين بالجزائر العاصمة، كما واصل دراسته بجامعة الجزائر حيث تعرف على عالم الاجتماع الفرنسي الشهير quot;بيار بورديوquot; (1930-2002).

وبعد استقراره بفرنسا، التحق الراحل بمركز علم الاجتماع الأوروبي، قبل أن يعود إلى مسقط رأسه ويدير المركز الجزائري للبحث العلمي إلى غاية وفاته في الثالث عشر مارس 1998، مخلّفا ورائه إرثا غزيرا من المؤلفات على غرار: تاريخ وبحث في الهوية، الاغتراب أو تناقضات الغيرية، الغياب المزدوج: أوهام المهاجر ومعاناة المغترب، كما خلّف آلاف الوثائق والصور والتسجيلات السمعية تتوزع على 420 علبة أرشيفية.

ويقول quot;مصطفى حدادquot; أستاذ الفلسفة بجامعة الجزائر، أنّ صياد اعتنى على مدار عشريات، بإبراز مسارات الاغتراب والتهجير والتصورات الاجتماعية، وكذا حركية المنظمات السياسية والنقابية في أوساط المهاجرين وما لفّ حياة جزائريي ما وراء البحار في فرنسا، ويلفت أ/حداد إلى تركيز الراحل على تبيان الأضرار التي لطالما عانى منها عموم المغتربين في المهجر سوءا كانوا سريين أو قانونيين، وعلى رأسها صعوبات الحصول على السكن والشغل والخدمات الصحية.

الراحل في تسعينات القرن الماضي

ويعتبر مصطفى حداد أنّ تحاليل عبد المالك صياد تستحق أن تثمن من خلال نشر فرضيات لمعالجة الظواهر الجديدة المرتبطة بآثار الهجرة، مشيرا إلى أن أساتذة السوسيولجيا والفلسفة يُجمعون على أن هذا الباحث المتميز يشكل مرجعا متفرّدا لفهم السياسات ذات الصلة بالهجرة عبر عديد البلدان.

بدوره، يشير quot;كريستيان دو مونتليبارquot; أستاذ علم الاجتماع بجامعة ستراسبورغ الفرنسية، إلى أنّ أعمال صياد أثارت عدوانية من كان يشدهم الحنين الى المنظمة الفرنسية المتطرفة quot;الجيش السريquot;، ويضيف دو مونتليبار رئيس جمعية أصدقاء عبد المالك صياد، أنّ الأخير نجح في ربط صداقة قوية مع عالم الاجتماع الفرنسي بيار بورديو، في ظرف اتسم بهيمنة تيار اليمين المتطرف المنحاز إلى فكر الاحتلال، بيد أنّ صياد وبورديو تشبثا بمبادئهما، واختارا أن يجريا تحقيقات حول ميكانيزمات استغلال وتهجير السكان، قاما من خلالها بتعرية أفظع أشكال التهجير التي عرفها التاريخ، حيث فقد أكثر من مليون شخص أراضيهم وماشيتهم.