روما: صدرت الصحف الايطالية اليوم وعلى صفحاتها الأولى شارة حداد احتجاجا على اجازة أولية لقانون أطلق عليه اسم quot;قانون الكمامةquot; يحد من سلطات القضاء في التنصت على المشتبه بهم ويمنع نشر أخبار ما يكشفه.
وصعد اتحاد الصحافيين الايطاليين بجانب ممثلي دور النشر حدة الاحتجاجات بعدما أقر مجلس الشيوخ الليلة الماضية القانون الذي طرحت الحكومة الثقة بشأنه تمهيدا لانتقاله الى مجلس النواب بينما اعتصم العشرات من الصحافيين ومعارضي القانون مكممي الأفواه طوال الليل أمام منزل رئيس الوزراء سيلفيو بيرلسكوني.

وأعلن اتحاد الصحافيين في اطار موجة الاحتجاجات الواسعة تنظيم اضراب عام يوم التاسع من يوليو المقبل تحجب فيه وسائل الاعلام عن تقديم أي نشرات اخبارية ومواد اعلامية فيما دعا جميع الفئات المهنية الايطالية الى الانضمام للاحتجاجات quot;دفاعا عن حرية الاعلام والحق في الاستعلامquot;.
واعتبر الاتحاد في بيان أصدره بهذا الصدد أن مواد القانون الذي أجازه مجلس الشيوخ أمس بأغلبية 164 صوتا مقابل 25 من أحزاب المعارضة الصغيرة وانسحاب الحزب الديمقراطي quot;لا يحقق الهدف الذي أعلنت عنه الحكومة وهو حماية الخصوصية الشخصيةquot;.

وأكد أن القانون على النقيض ستكون له quot;آثار تخويفية ضد الاعلام اعتمادا على العقوبات البالغة الشدة التي يوقعها على الناشرينquot;.
وتبنت قناة (سكاي نيوز 24) الاخبارية الخاصة والتي علقت على شاشتها شارة حداد سوداء تغطية اعلامية متواصلة حول القانون الذي يدور حوله جدل حاد وواسع النطاق حتى داخل الأغلبية البرلمانية التي يتحفظ جانب منها على نتائج القانون في مكافحة الجريمة.
واتهمت الجمعية الوطنية للقضاة الايطاليين القانون بأنه quot;يمد يد العون للمجرمين للافلات من شباك العدالةquot; مؤكدة أن quot;حماية الخصوصية الشخصية هي في الواقع مجرد ذريعةquot; ولا علاقة لها اطلاقا بالهدف الحقيقي للقانون معربة في الوقت نفسه على لسان أمينها العام عن القلق الشديد ازاء تركيز الحكومة على اجازة قانون يؤدي الى quot;الحد من حرية الصحافة وقدرة القضاء على التحريquot; في quot;بلد يواجه أزمة اقتصادية حادة ويشهد تفشيا لحالات الفسادquot;.

وفي هذا السياق هاجم الحزب الديمقراطي المعارض بشدة الأغلبية البرلمانية التي اتهمها بمحاولة السعي quot;الى ستر سوء الأعمال واستغلال النفوذ والمال العامquot; الذي كشفت عنه عمليات تنصت قانونية أخيرة وذلك بسن هذا القانون الذي اعتبرته quot;بداية لمذبحة ضد الحريةquot;.
من جانبه أعلن حزب (ايطاليا ذات القيم) بقيادة قاضي مكافحة الفساد السابق أنطونيو دي بيترو الذي احتل أعضاؤه قاعة مجلس الشيوخ أمس أنه سيواصل مقاومته والدعوة الى استفتاء عام على القانون الذي أكد أنه غير دستوري مناشد الرئيس الايطالي عدم التصديق عليه بينما أكد حزب اتحاد الوسط المسيحي مواصلته الكفاح من أجل تعديل نص القانون.

بدوره عقب وزير العدل أنجيلينو ألفانو بالقول ان الحكومة بهذا القانون تنجز احدى نقاط برنامجها السياسي مؤكدا أن القانون يسمح باستخدام التنصت مع الحيلولة دون التجاوزات مشيرا الى أن القانون ظل مطروحا للنقاش المنفتح في البرلمان لعامين.
ويحد القانون الجديد سلطة قاضي التحقيق بالسماح باستخدام التنصت على اتصالات المشتبه بهم في غير قضايا المافيا والارهاب لمدة أقصاها 75 يوما يمكن تجديدها كل يومين بموافقة ثلاثة من القضاة بينما يمنع وسائل الاعلام من نشر نصوص المحادثات التي تكشف عنها عملية النصت خلال مراحل التحقيق الأولية والاكتفاء بموجز يسهم في تحريره محامو المتهمين.

ويوقع القانون الذي أطلق عليه الصحافيون quot;قانون الكمامةquot; على الاعلاميين المخالفين عقوبة السجن لمدة شهر والغرامة المالية بمبلغ يصل الى 10 آلاف يورو بينما ينزل بالناشر غرامة تصل الى 450 ألف يورو وعقوبة بالسجن تصل الى ثلاث سنوات لمن ينشر نصوص تنصت تقرر اعدامها لعدم علاقتها بالتحقيق.
وشهدت ايطاليا في السنوات الأخيرة عديدا من الفرقعات الاعلامية والسياسية بعد نشر بعض المكالمات الهاتفية التي طالت الكثير من الشخصيات السياسية والعامة مثل رئيس الوزراء بيرلسكوني كما كشفت عن عديد من الفضائح أدى آخرها الى استقالة وزير التنمية الاقتصادية.