البابا مصافحًا أغاجا في سجنه

على مدى الأعوام السابقة شهدت العلاقات التاريخيَّة بين الفاتيكان وإسرائيل فترات عصيبة من الشَّد والتجاذب، كانت تهدف في مجملها إلى محاولة إيجاد صيغة للتفاهم بين المسيحيَّة واليهوديَّة، التِّي عملت على مدّ نفوذها إلى الفاتيكان إلا أنَّ فشلها في الماضي يبدو أنَّ الهدف وراءه كان محاولة إخفاء معلوماتها حول محاولة إغتيال البابا بولس الثاني العام 1981.

أنقرة: بعد ثلاثين عامًا على محاولة اغتيال البابا يوحنا بولس الثاني العام 1981، كشفت إحدى الصحف التركيَّة ان جهاز الموساد الاسرائيلي كان على علم بهذه العمليَّة لكنه لم يطلع الفاتيكان عليها. وذكرت إحدى الصحف التركيَّة ان محاولة اغتيال الزعيم الروحي للمسيحيين الكاثوليك في العالم من قبل محمد اغاجا، وهو مواطن تركي، تمت في ميدان سانت بيتر في الفاتيكان حيث كان الموساد الاسرائيلي على علم كامل بها بسبب الكراهية التي يحملها للبابا .

وأشارت الصحيفة ان الموساد الاسرائيلي عمل منذ تأسيس اسرائيل على مد نفوذه واختراقه للمؤسسات المالية والسياسية في الفاتيكان، بهدف الحصول على الدعم الذي كان يحتاج إليه، لكنه لم يوفق في ذلك ما دعاه الى التكتم على عملية اغتيال نفذها اغاجا . وجاء في جانب آخر من التقرير ان محمد اغاجا اثر فراره من السجون التركية وقبل ان يقوم بعملية الاغتيال، غادر الى ايران للدخول في دورة تعليمية عن اساليب الاغتيال. وذكرت الصحيفة ايضًا ان المدربين المشرفين على تعليم اغاجا في ايران كانوا من عملاء الموساد دون ان يعلم بالموضوع .

وفي 12 يناير 2006 أفرجت تركيا عن أغاجا الذي كان قد قضى 19 عامًا في سجن ايطالي لمحاولة اغتيال البابا، قبل العفو عنه بتوصية من البابا نفسه في عام 2000، وسلم لموطنه تركيا لقضاء فترة سجن في جرائم اخرى من بينها قتل رئيس تحرير صحيفة في العام 1979. وقال أغاجا في بيان خطه بيده quot;أرغب في زيارة الفاتيكان والبابا (بنديكت) راتزينجر. وأريد أيضًا زيارة قبر واحد من أكثر الشخصيات المثيرة للاعجاب والاحترام في العالم في القرن العشرين.. البابا يوحنا بولس الثانيquot;.

ويذكر أن العلاقات التاريخية بين الفاتيكان وإسرائيل مرت بفترات عصيبة من الشد والتجاذب كانت تهدف في مجملها إلى محاولة إيجاد صيغة للتفاهم بين المسيحية واليهودية رغم العداء المستحكم بينهما، بسبب إيمان المسيحيين بثبوت جريمة اليهود في صلب المسيح وقيام البابا جريجوري الثالث عشر في العام 1581 بإصدار حكم بإدانة اليهود، نصَّ على أن خطيئة الشعب الذي رفض المسيح وعذَّبه تزداد جيلاً بعد جيل، وتحكم على كل فرد من أفراده بالعبودية الدائمة وقد التزم الباباوات الذين تعاقبوا من بعده بهذا الموقف.

وكان من الواضح منذ البداية للحركة اليهودية السياسية في مؤتمر بال العام 1897 أن هذه الحركة تتناقض مع العقيدة الكاثوليكية بمركزها الديني في الفاتيكان حيث كانت الكنيسة تتمسك باعتقادها بأن ما يسمى بالأمة اليهودية قد انتهى. وقد تعرَّض الفاتيكان لضغوط قوية لتغيير هذا الموقف، وخصوصًا من الولايات المتحدة، فبدأ بعمليات تنازل تدريجي، وأخذت المنظمات اليهودية تصعد ضغوطها منذ العام 1960 لاستصدار وثيقة من الفاتيكان بتبرئة اليهود من دم المسيح، وقد صدرت بالفعل وثيقة فاتيكانية بعنوان quot;نوسترا ايتاتيquot; تعلن أن موت السيد المسيح quot;لا يمكن أن يعزى عشوائيًا إلى جميع الذين عاشوا في عهده أو إلى يهود اليومquot;. وفي كانون الأول 1969 كشف الكاردينال لورنس شيهان رئيس أساقفة بلتمور الأميركية أن الفاتيكان وزع وثيقة جديدة على الكنائس الكاثوليكية يطلب منها اتخاذ تدابير خاصة لتحسين علاقة الكاثوليكية باليهود وإسرائيل.

وتعتبر هذه الوثيقة الفاتيكانية الأولى التيأعدت لتنفيذ القرارات التاريخية التي اقرها المجمع الثاني بشأن الأديان وتبرئة اليهود من دم المسيح. وكما تعتبر هذه الوثيقة الجديدة أوضح مستند ينشره الفاتيكان عن دولة إسرائيل، كما أعلن في الوقت نفسه ثلاثة مطارنة كاثوليك في نيويورك من خلال بيان أن العلاقات بين الكاثوليك واليهود أصبحت امتن وأوثق مما كانت عليه.

ومنذ قيام إسرائيل برز موقف تطوري تجاهها، تميَّز بالمزج بين الأحكام الدينية المسبقة والعلاقات السياسية، وعقب حرب 1967 قام الفاتيكان بإجراء محادثات غير رسمية مع الحكومة الإسرائيلية، بهدف تحديد وضع المصالح الكاثوليكية في فلسطين.