إيلاف تفتح ملفّ التسلح في منطقة المغرب العربيّ

يوضح مختص في النزاعات الدوليَّة والتسلح لـ quot;إيلافquot; أنَّ صفقات بيع الأسلحة الإسبانيَّة إلى كلّ من المغرب وإسرائيل لا تشمل أسلحة ثقيلة. ويلفت إلى أنَّ إسبانيا تتعاون مع كلّ من المغرب والجزائر في مجاليّ الأمن والدفاع من دون إشعال النزاع بينهما. ويوضح أنَّ التعامل مع إسرائيل محدود ولا يغذي المخاوف في المنطقة. إلى ذلك لا ينفي الخبير أنَّ الصناعات الحربية الإسبانيَّة تسعى جاهدة إلى إيجاد مكانة لها في السوق الدولي ولديها صفقات عسكريّة مع السعوديَّة وإيران وفنزويلا ودول أوروبيّة.

د. كارلوس إيشيفاريا

مدريد: لا يبدي د. كارلوس إيشيفاريا، الخبير لدى مجموعة الدراسات الإستراتيجة الإسبانية والمختص في النزاعات الدولية والتسلح، قلقه من صفقات بيع الأسلحة الإسبانية للمغرب وإسرائيل المثيرة للجدل، ويوضح أنّ الصفقات روتينيَّة لا تضم أسلحة حربية هجومية إنما تقتصر فقط على عتاد عسكري من قطع غيار وعربات نقل عسكرية خصوصًا تلك الموجهة للمغرب.
ويقدم الخبير الإسباني في حواره لـ إيلاف وجهة نظره حول الجدل المثار وتداعياته على نزاع الصحراء الغربية وسباق التسلح بين كل من الجزائر والمغرب.

ما قراءتكم لما جاء في تقرير كشف عنه أخيرًا عن صفقات بيع الأسلحة الإسبانية والمعدات الحربيَّة إلى عدَّة دول وخصوصًا أنَّه أثار مجدّدًا الجدل حول بيع الأسلحة إلى المغرب وإسرائيل؟
أعتقد أن الجدل زاد نوعًا ما عن حده وتم تضخيمه، لأن التقرير يتحدّث عن بيع عتاد عسكريّ وليس أسلحة حربيَّة معينة، وخصوصًا في جانبه المرتبط ببيع العتاد الحربي إلى المملكة المغربية. وتضمّن التقرير جانبًا إقتصاديًا مهمًّا لأنَّه بيّن ارتفاع حجم الصفقات بنسبة 44في المئةفي العام 2009 بالمقارنة مع السنوات السابقة. وبانلظر الى العتاد الذي تضمنته الصفقات، لا يمكن اعتبارها خارقة للعادة. أمَّا الصفقات العسكرية مع المغرب، فأعتقد أنها لم تتجاوز بيع العتاد العسكري ولم تتضمن ببيع أسلحة ثقيلة أو حربية كما أثير من قبل بعض الأطراف. حتى أن هذه الصفقات لم تتضمن بيع أسلحة محصنة كعربات ومذرعات وسواها من أنواع الاسلحة الحربية الهجومية، إنما انحصرت فقط بالأسلحة الدفاعية وغيرها من المعدات كالسيارات العسكرية رباعية الدفع.

لكن الأرقام والإحصائيات التي جاءت في تقرير وزارة التجارة الإسبانيّة إستفزت بعض الأطراف.
الأرقام التي وردت في تقرير وزارة التجارة الإسبانيَّة والمرتبطة بحجم مبيعات العتاد الحربي إلى المغرب صحيحة، أمَّا تلك الخاصة بإسرائيل، فأعتقد أنها خارجة عن نطاقها، لأن التعامل التجاري بين إسبانيا وإسرائيل في المجال الحربي محدود على بعض الجوانب فقط، والتي لا تتضمن صفقات أسلحة هجومية وثقيلة قد تثير الجدل وتغذي المخاوف في منطقة الشرق الأوسط.
من جانب آخر، أعتقد ان العلاقات العسكرية بين إسبانيا والمغرب قد تجاوزت كل المراحل والأزمات السابقة التي عاشتها خلال الأعوام الماضية ومجال التعاون العسكري لا ينحصر فقط على صفقات تجارية بل يتعدى ذلك إلى إستراتيجية عسكرية متبادلة بمعنى تعاون في مجال الامن والدفاع. ولا أتحدث فقط على التعاون بين إسبانيا والمملكة المغربية بل هناك مجال واسع للتعاون الإسباني - الجزائري في مجال الدفاع قد أثار جدلا واسعا ومنطقيَّا برأي، وذلك بسبب الأزمات الدبلوماسية والسياسية التي تشهدها العلاقات بين المغرب والجزائر منذ فترة ليست بالقصيرة.

هل تحاول إسبانيا الضغط ساسيًا على المغرب في مجال بيع الأسلحة؟
لا أعتقد أن الامر يصل إلى حد الضغط السياسي، وذلك كما قلت لطبيعة هذه الصفقات. فهناك بعض المراحل التي شهدت فيها العلاقات بين البلدين توترًا سياسيًا، لكن لم يصل الى حدّ قطع الشراكة والتعاون في مجال الدفاع، وذلك لأهمية العلاقات بين البلدين وكلنا نتذكر أزمة جزيرة البريخيل (ليلى) لكن تمكنا من تجاوزها.

هناك نزاع أو حرب مفتوحة بين البوليساريو والمغرب. هل تعتقدون بأن هذا ما يثير في كل مرة الجدل حول صفقات الأسلحة للمغرب، إضافة إلى سباق التسلح وتحقيق التوازن بين المغرب والجزائر؟
إسبانيا لا تبيع أسلحة هجومية إلى المغرب قد تغذي النزاع مع البوليساريو في منطقة الصحراء الغربية، إنما المغرب يشتري الأسلحة الثقيلة والهجوميَّة كالطائرات المقاتلة والصورايخ والبوارج الحربية من دول أخرى مثل الولايات المتحدة الاميركيَّة وفرنسا.

بخصوص سباق التسلح بين الجزائر والمغرب؟
يتركّز ملف التوازن العسكري بين المغرب والجزائر أساسا على القوة الجوية العسكرية، فتجد مثلا أنَّ سلاح الجو المغربي يعتمد بشكل أساسيّ على طائرات (إف- 16) أميركيَّة الصنع وليست إسبانيّة. أمَّا السلاح الجويّ الجزائري فيقوم بشكل أساسي على طائرات (ميغ ndash; 29) سوفيتيَّة الصنع. ولا تساهم اسبانيا في إشعال النزاع الدائر بين البوليساريو والمغرب. كما أنَّ لا علاقة لإسبانيا بسباق التسلح بين المغرب والجزائر والذي يثير جدلا حول حقيقته ومصادر تغذيته، كما يحدث في مناطق متعددة من العالم لأن الأمر في عمقه يرتبط بتجديد الطاقة والقدرات العسكرية. الجزائر على سبيل المثال، بعدما تعافت نوعًا ما من الأزمة الإقتصادية بادرت إلى تجديد عتادها العسكري وهذا طبيعي وغير مرتبط بالتسلح ضد المغرب أو أوروبا. لا أعتقد أن إسبانيا يمكنها تغذية سباق التسلح في المغرب العربي.

إذًا سباق التسلح تسمية ليست في محلها؟
يقتصر السباق باعتقادي على تحديث الطاقة والمعدات العسكرية، أكثر مما هو سباق للتسلح على الرغم من أننا لا يمكن أن نهمل سباق التوازن العسكري في المنطقة وهذا أمر واضح ويخضع أساسًا إلى السياسة الدفاعية لكل بلد في المنطقة.

هل تعتقدون أن الصناعة الحربيّة الإسبانيّة تسعى إلى كسب السوق المغربي إنطلاقًا من المغرب أمام منافسة فرنسا والولايات المتحدة الأمركية وروسيا؟
من دون شك أن المؤسسات الإسبانية المختصة في الصناعة الحربية تسعى جاهدة إلى إيجاد مكانة لها في السوق الدولي وليس في منطقة المغرب فحسب، ولديها صفقات عسكرية مع السعوديَّة وإيران وفنزويلا ودول متعددة على مستوى الاتحاد الأوروبي. والمعلوم أنَّ مؤسسات الصناعة الحربية في أغلبها خاصة وتبحث عن توسيع سوقها وبالتالي تسعى إلى عقد صفقات مع مختلف دول العالم. من جانبها، تحاول دول المغرب العربي فتح قنوات شراكتها الدفاعية مع دول المنطقة. علينا التركيز كذلك على التكنولوجيا العسكرية في مجال الإتصالات والأقمار الصناعية والتي تبيعها إسبانيا. وسجّلت دول في العالم الثالث تقدمًا في هذا المجال وأذكر منها تركيا والبرازيل وجنوب أفريقيا.