بين العاصمتين الإدارية والاقتصادية للمغرب تنتصب في مشهد جميل مدينة بوزنيقة الساحلية، التي تطل على المحيط الأطلسي، بتعداد سكاني لا يتعد 27 ألف نسمة، حسب إحصاء 2004.

مدينة بوزنيقة بالمغرب: تعد بوزنيقة المتنفس الأقرب إلى سكان العاصمتين، الذين حتى إذا لم يسعفهم العمل لتوفير وقت لقضاء عطلة في إحدى المدن الساحلية، فإنهم يقصدون شواطئ بوزنيقة، التي تحولت إلى مقصد مجموعة من الهاربين من صخب الحياة، والباحثين عن الهدوء التام، بعيدًا من الزحمة، التي تزيد من نسبة توترهم.

وهذه المواصفات تنطبق أكثر على شاطئ الصنوبر في المدينة، حيث أضحى قبلة مفضلة لكبار المسؤولين الأمنيين، ومشاهير الرياضيين، وحتى الصحافيين، الباحثين عن الهدوء والسكينة. وعلى الرغم من أن هذه المنطقة تفتقد للبنية التحتية الضرورية، إلا أن مجموعة ممن يملكون فيلات في هذه المنطقة، يقومون بخرجات على متن يخوتهم، التي أخذت لنفسها مكانًا بالقرب من قوارب الصيادين.

هذه المواصفات، جعلت أثمان الأراضي المحيطة بشاطئ الصنوبر ترتفع بشكل صاروخي، فيما ينتظر أن ترى مجموعة من المشاريع السياحية النور قريبا في المدينة. يقول الحسين طبايري، صياد في الشاطئ المذكور، quot;هناك العديد من العائلات الميسورة التي باتت تفضل قضاء فصل الصيف بأكمله في هذا الشاطئ، للاستفادة من الهدوء الذي يفتقدونه في المدن الكبرىquot;.

وأوضح الحسين، في تصريح لـ quot;إيلافquot;، أن quot;شخصيات مهمة تختار قضاء الصيف في هذا الشاطئ بعيدا عن الأنظار، خاصة أن المترديين على هذا بحره لا يكون كبيرا، إلا في نهاية الأسبوعquot;. من جهته، قال فؤاد الإدريسي، طالب يخيم رفقة عائلته في بوزنيقة، إن quot;هذه الأخيرة باتت تتوفر على أحياء سياحية بمواصفات أوروبية، ما يجعل العديد من الأسر، خاصة أفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج تتسابق لقضاء عطلتها في هذه المدينةquot;.

وأوضح فؤاد، في تصريح لـ quot;إيلافquot;، أن quot;من يريد قضاء عطلته هنا يجب عليه أن يقوم بالحجز قبل حوالى شهرين من دخول فصل الصيفquot;، مضيفًا أن quot;كل من يتأخر يعجز عن إيجاد سكن للإيجار، مع العلم أن لائحة الأسعار قفزت إلى أرقام غير مسبوقةquot;. ويرجع تاريخ تأسيس بوزنيقة إلى عهد السلطان العلوي سيدي محمد بن عبد الرحمن في القرن التاسع عشر، الذي بنى quot;القصبةquot; وجعل منها قاعدة لجيوشه.

وحسب المعلومات المستقاة من مصادر محلية، فإن سكان بوزنيقة الأقدمين ينتمون إلى قبيلة quot;الأعرابquot;، التي يكثر أفرادها إضافة إلى بوزنيقة، في وادي الشراط والصخيرات وجزءًا من تمارة. ويعود أصلهم إلى عرب quot;صباحquot; من بني هلال، ويرجع أمر وجود ساكنة لا بأس بها من تافيلالت ببوزنيقة إلى انحدار الأعراب بنسبة عالية من الرشيدية جنوب المغرب، وهذا ما يؤكده تواجد فخذات ودواوير في محافظة الرشيدية تحمل الإسم نفسه الموجود بتراب دائرة بوزنيقة.

إلى جانب القصبة، تعتبر الكنيسة الكاتوليكية الموجودة بقلب بوزنيقة، محطة ثانية لنشأة بوزنيقة في بداية القرن العشرين quot;رمز التواجد المعمر الفرنسي في فترة الاستعمار بالمنطقةquot;.كما يعد إنشاء الطريق الوطنية رقم 1 بين الرباط والدار البيضاء عاملاً مهمًّا في التوسع العمراني بالمدينة.

كل هذه العوامل وغيرها، كالصراعات القبلية القديمة، والهجرة القروية نحو المراكز السكنية، ساهم في تطور نسبة النمو الديموغرافي، إذ وصل تعداد السكان حاليًّا إلى ما يناهز 26 ألف نسمة، بعد أن كان سنة 1936 لا يتجاوز 417 نسمة فقط.