أثار قانون جديد أقره الكنيست الإسرائيلي اخيرا، حول مصادر تمويل المنظمات، موجة جدل وغضب واسعة. ورأى مراقبون أن هذه السياسات تهدف إلى كم الأفواه والتضييق على المنظمات والجمعيات التي تدافع عن حقوق الإنسان. وينص القانون على إقامة لجنة تحقيق برلمانية حول مصادر تمويل مؤسسات حقوق الإنسان والجمعيات.
سياسة القمع مستمرة ضد عرب اسرائيل |
quot;يوم اسود للديمقراطية الإسرائيلية، وقرار يصور الوجود الحقيقي للائتلاف المكارثي اليميني الحاكم في إسرائيلquot;، بهذه الجملة لخص نائب رئيس الكنيست النائب احمد الطيبي رئيس الحركة العربية للتغيير، قرار الكنيست تبني اقتراح قانون كتل اليمين الإسرائيلي إقامة لجنة تحقيق برلمانية في مصادر تمويل الجمعيات ومؤسسات المجتمع المدني في اسرائيل.
فقد نجح حزب quot;يسرائيل بتينوquot; الذي يتزعمه وزير الخارجية الإسرائيلي المهاجر الروسي افيغدور ليبرمان في تمرير مجموعة من القوانين في الكنيست الحالي تضع حدا لحرية الرأي والتعبير وكذلك تقيد العملية الديمقراطية الإسرائيلية عامة، ومشاريع قوانين تزيد وتحدد الهامش الديمقراطي في اسرائيل خاصة على العرب.
الهدف: تضييق الهامش الديمقراطي وكم الأفواه
يرى مراقبون أن هذه السياسات تهدف إلى كم الأفواه والتضييق على المنظمات والجمعيات التي تدافع عن حقوق الإنسان عامة وعن حقوق المواطنين العرب في اسرائيل والفلسطينيين في الأراضي المحتلة خاصة. وقد اعتبرت عضو الكنيست فانيا كيرشنباوم عن حزب quot;يسرائيل بيتنوquot; الاقتراح بأنه يفحص تمويل منظمات، مثل quot;عدالة- المركز القانوني لحقوق الأقلية العربية في اسرائيلquot;، quot;بتسيلم- مركز حقوق الإنسان في الأراضي المحتلة عام 67quot;، quot;محسوم وواتش- حاجزquot;، quot;يش دين- يوجد قانونquot; يعتبر أنها تتلقى تمويلا من دول معادية لإسرائيل ومن جهات إرهابية هدفها الإساءة إلى الجيش الإسرائيلي.
د. أبو راس: السياسات الإسرائيلية الحالية تعبير عن أزمة الحكومة
د. ثابت أبو راس مدير فرع مركز quot;عدالةquot; النقب قال لـquot;إيلافquot;:quot; لا شك أن اقتراح القانون هذا هو سلسلة أخرى من الهجمة اليمنية المتطرفة على الأقلية العربية الفلسطينية في داخل اسرائيل، وبعض المنظمات اليهودية المتضامنة معها، وتقف ضد الاحتلال وتنادي بمساواة الجماهير العربية مع اليهودquot;.
وأضاف :quot; هذا التدهور تعبير عن الأزمة الشديدة التي وصل إليها المجتمع والحكومة الإسرائيلية على حد سواء، وترجمة لحالة الانغلاق وانسداد الأفق السياسي الذي وصلت إليه الحكومة الإسرائيلية الحالية، والتي تتخبط وتحاول البحث عن متهمين لحالة الانعزال وتلقي بظلالها على المجتمع الإسرائيلي برمته.
وأضاف أبو راس: quot;باعتقادي أن المجتمع الإسرائيلي يتدهور نحو الفاشية وبصورة سريعة، ويبتعد عن الديمقراطية. وأحد أسباب ذلك يعود لمواصلة احتلال اسرائيل للمناطق الفلسطينية المحتلة عام 1967، حيث تتخبط الحكومة الإسرائيلية ليس بتعاملها فقط مع الفلسطينيين فحسب، إنما مع فئات مختلفة من المجتمع الإسرائيلي بشكل غير متساوي مع طموح اليمين الحاكم، وكون اليمين الفاشي هو المسيطر على المشهد الإسرائيلي السياسي، يحاول إحكام قبضته على مجريات الأمور في اسرائيل وفرض خطاب سياسي موحد للمجتمع الإسرائيليquot;.
ويؤكد أبو راس أن اليمين الإسرائيلي يسعى إلى تهميش وتغييب المواطن الإسرائيلي ويقوده نحو المواجهة مع الرافض لسياساته، وإبعاد الصوت العقلاني في أوساط المجتمع الإسرائيلي، ويقول quot;باعتقادي أن جميع هذه المحاولات ستفشل لأنه يوجد إمكانية لنقل المعركة دائما خارج البلاد. وما يحدث في اسرائيل من طرح مقترحات عنصرية متتالية سيزيد من المأزق الذي تورطت فيه الحكومة الإسرائيلية الحالية وائتلافها اليميني، والتي بالتالي ستزيد من حجم الكراهية وإقصاء دولة اسرائيل من الأسرة الدوليةquot;.
عثمان: مشاريع قوانين اليمين الإسرائيلي تندرج في إطار الهجمة على الديمقراطية
المحامي نضال عثمان المستشار القضائي لمركز quot;مساواةquot; في حيفا، قال لـquot;إيلافquot; :quot; عمليا محاولات اليمين الإسرائيلي ،الذي يشكل الأغلبية في الكنيست الحالية، بسن وتشريع قوانين تضيق الحيز الديمقراطي في اسرائيل مستمرة، ومنها اقتراحات قوانين تم تمريرها وأخرى لا تزال مطروحة على طاولة الكنيست، وللأسف إمكانية تمريرها قد تنجحquot;.
ويضيف عثمان: قبل القرار الأخير الذي اتخذه الكنيست بإقامة لجنة تحقيق برلمانية حول مصادر التمويل للجمعيات الحقوقية، فشل اليمين في تمرير قانون يتحدث عن تحديد مؤسسات المجتمع المدني والعمل الأهلي بكل ما يخص النشر المباشر لدى مسجل الجمعيات الإسرائيلي حول مصادر التمويل. ولم ينجح اليمين في تمرير القانون بصورته الأساسية الذي نص على أن يتم تحويل كل مؤسسة أو جمعية تعمل في المجال السياسي كحزب سياسي. وليس كجمعية ونتيجة فشلهم في عدم إقرار القانون الذي يقيد عمل الجمعيات الأهلية ومؤسسات العمل المدني، توجيه بيانات حول التمويل من دول أجنبية، تم التوجه نحو إقرار إقامة لجنة تحقيق برلمانية.
ويشير عثمان إلى نجاح اليمين بصورة جزئية وليس بصورة أساسية، اذ يحاول عبر كل الطرق والوسائل القانونية إلى إيجاد سبل أخرى لتحديد النشاط لعمل هذه الجمعيات. وفي طبيعة الحال يشمل الاقتراح مؤسسات العمل المدني الفلسطينية داخل اسرائيل، كذلك المؤسسات التي يمكن تسميتها بالديمقراطية واليسارية.
ويوضح عثمان أن الاقتراح لا يلزم ولا يعني أن تقوم مؤسسات العمل الأهلي بالظهور أمام اللجنة، حيث لا يوجد لهذه اللجنة أي صيغة قانونية ملزمة.
ويؤكد أن القضية الأساسية في الأمر هو أن إقامة هذه اللجنة يندرج في إطار إعلاني وإعلامي، حيث أن مصادر التمويل للجمعيات معروفة ومفروض أنها موجودة في سجل البيانات لدى مسجل الجمعيات وكل المصادر معروفة.
ويقول عثمان نحن في الائتلاف لمناهضة العنصرية نرى أن تصرف اليمين الإسرائيلي والكنيست بتركيبتها الحالية تواصل مضايقة هذا الحيز، ويتوجب علينا عدم الوقوف مكتوفي الأيدي وهناك حاجة للتحرك وتنظيم الصفوف ورد الفعل على هذه التحركات والمبادرة إلى التحرك. كون الموضوع يحمل إبعاد جماهيرية أكثر.
وهو يندرج في إطار موجة التحريض القائمة في اسرائيل .
بن ييفيت: اسرائيل باتت دولة بدون رؤية
ياعيل بن ييفت مدير عام جمعية quot;كيشت مزراحيت ديمقراطيتquot; وعضو بلدية تل-أبيب/يافا قالت لـquot;إيلافquot;:quot; مؤسف جدا الوضع الذي وصل إليه حال المجتمع الإسرائيلي، ومشاريع القوانين التي يتم تشريعها في الكنيست توضح مدى انحسار الرؤية والأفق السياسي لدى اليمين الإسرائيلي، والذي حول الكنيست إلى مسرح لتمرير كافة مشاريع القوانين المعادية للديمقراطية وحقوق الإنسان وضد المواطنين العرب في اسرائيلquot;.
وتضيف: القوانين التي يتم طرحها في الكنيست من قبل حزب quot;يسرائيل بيتنوquot; وبدعم من الحكومة تظهر صورة قاتمة لحال الوضع الميؤس منه في اسرائيل، ومدى الخزي والعار الذي يقودنا نحو ليبرمان وإشكالهquot;. وقالتquot; اعتقد أن قيام اليمين الإسرائيلي بطرح مثل هذه القوانين يبين مدى وعمق العزلة الخوف الداخلي الذي يمر به اليمين عامة وليبرمان وحزبه بشكل خاصquot;.
واشارت بن ييفيت الى أن الجمعيات الموجهة ضدها هذه القوانين بالأساس هي الجمعيات المناهضة للاحتلال وسياساته وجمعيات تعنى بحقوق الإنسان وحريته، ونحن بدورنا في الائتلاف لمناهضة العنصرية ننظر بخطر لهذه القوانين، وسوف نقوم بإجراء مشاورات حول كيفية مواجهتها. ومن المؤسف جدا أن جميع القوانين التي تم تمريرها تمس بحقوق الإنسان وتحول دولة اسرائيل لدولة فاشية. وذلك بدل أن تقوم بسن قوانين تقود المجتمع الإسرائيلي نحو السلام والانفتاح.
وختمت بن ييفيت بالقول:quot; هذه القوانين تجعل دولة اسرائيل دولة بدون رؤية، وبدون إنجاز أي تقدم نحو الأفضل حيث يقودنا ليبرمان حسب أهوائه ومزاجهquot;.
التعليقات