سفير الصومال لدى القاهرة عبدالله حسن محمود

يرى سفير الصومال لدى القاهرة ومندوب بلاده لدى جامعة الدولة العربية في حوار مطول مع quot;إيلافquot; أن القذافي وبعض أثرياء العرب كانوا يموّلون المتمردين في بلاده، وهو يتمنى زوال بعض الحكام الجاثمين على قلوب شعوبهم.


القاهرة: أكّد عبدالله حسن محمود،سفير الصومال لدى القاهرة ومندوب بلاده لدى جامعة الدول العربية في حوار مع quot;إيلافquot; أن المشهد الراهن في بلاده لم يتغير منذ عشرين عامًا، مشددًا على أن حركة الشباب المتمردين تمثل حجر عثرة في طريق استقلال بلاده.

واتهم محمود، العقيد القذافي وبعض أثرياء العرب ndash; على حد قوله- بتمويل ومساعدة ودعم حركة الشباب المتمردة،مطالبًا الدول الغربية الكبرى بتغيير مواقفها من بلاده.

كما اتهم سفير الصومال في القاهرة العرب بأنهم لم يقدروا على القيام بالدور الذي يقوم به الإتحاد الأفريقي وقواته على الساحة الصومالية من بسط الأمن على المواقع والمصالح الحيوية وغيرها،كاشفا أن قوى غربية أصدرت أوامر للعرب بإخلاء الساحة الصومالية أو الاقتراب منها،ووافقوا على ذلك بالإجماع. على حد قوله.

وكشف سفير الصومال في القاهرة عن أن أمناء الجامعة العربية عبد المجيد،وموسى، والعربي مهتمون بالشأن الصومالي، لكنهم لم يجدوا من يتعاون معهم من الدول العربية، مؤكدا أن الجامعة العربية هي انعكاس لإرادات الأنظمة العربية فقط،وليس الأمانة العامة أو الأمين العام،لافتًا إلى أنه عندما توجه الأميركيون إلى الصومال جرى العرب خلفهم وعندما هرب الأميركيون من الصومال هرعوا وراءهم.

وأعرب محمود عن سروره بقدوم الربيع العربي لإزاحته بعض القيادات العربية كما تمنى اختفاء بعضها.

** ما هي قراءتكم للمشهد في الصومال حاليًا بعد مرور عشرين عاماً على اندلاع الحرب الأهلية، وعدم استقرار الحكومات المتعاقبة؟

-المشهد في الصومال على حاله كما كان قبل عشرين عامًا ويزيد، والحرب الأهلية انتهت لكن حرب المتمردين الشباب مازالت قائمة رغم أنهم ضعفوا وتفرقوا واختلفوا في ما بينهم، لكن إشكاليات الاغتيالات وزرع الألغام على الطرق لقتل المسؤولين والأجانب الذين يساعدون الصومال وأبناء الشعب الصومالي ما زالت موجودة ومستمرة وهذا هو المشهد حالياً.

** ولكن ماذا بعد تعيين الحكومة الجديدة التي عينها الرئيس الصومالي شيخ شريف مؤخراً؟

- لا أحد يستطيع أن يتنبأ بما سيحدث بعد الحكومة الجديدة، ونحن نرجو ما دام أن الشباب المتمردين ضعفوا وطالما أنه يوجد من الاهتمام الدولي على الساحة الصومالية وعلى رأسهم جمهورية تركيا الشقيقة وقيام رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان بزيارة الصومال الأمر الذي لفت أنظار العالم كله وحتى العرب الذين كانوا قد صموا آذانهم وعموا عيونهم بدأوا يفتحونها مرة أخرى تجاهها ، ويعود الفضل الكبير في ذلك إلى زيارة السيد أردوغان للصومال مؤخرًا والذين نطلق عليه في الصومال لقب quot;صلاح الدين العصرquot; حيث زار الصومال على رأس قافلة مكونة من 22 طائرة محملة بالمواد الغذائية والأدوية والمؤن المختلفة وما يحتاجه الصوماليون.

وكان قد وصل قبله الرئيس الجيبوتي إسماعيل عمر جيله، وهو رجل صومالي وقدم تبرعات قدر إمكانياته للصومال مشكوراً، وبعد ذلك بدأ العرب يتشجعون على استحياء فذهب الأمير الوليد بن طلال وقدم بعض التبرعات ونشكره على ذلك، كما توجه إلى مقديشو بعض وزراء دول الخليج الأخرى، كما توجهت من مصر وفود رسمية وشعبية وكذلك دول عربية كثيرة ساهمت في إنقاذ الجوعى من الصوماليين، وتقريبًا كل الدول العربية حتى الدول المشغولة بأحوالها مثل سوريا وتونس كل العرب ساهموا.

فالشعب الصومالي بدأ يدرك أن العرب لن يتخلوا عنه وفي هذه المرة على الأقل برهنوا على ذلك عملياً حيث ذهبوا إلى معسكرات النازحين في كينيا وإلى مقديشو وضواحيها التي تبعد عنها حوالى خمسين كيلومترا تقريبًا وشاركوا في توزيع مواد الإغاثة الإنسانية، كما توجه كثير من المصريين وخاصة من الإسلاميين إلى معسكرات الصوماليين حتى الذي يملك القليل توجه إلى الصومال ووزعه.

كما قام المجلس العسكري الحاكم في مصر والحكومة المصرية متمثلاً في وزارة الخارجية المصرية بإرسال عدد من الطائرات المحملة بالمعونة الغذائية والأدوية، وكانت على رأس هذه التبرعات السفيرة منى عمر مساعد وزير الخارجية للشؤون الأفريقية، وهي سيدة يقدرها الصوماليون تقديراً كبيراً لأنها صومالية الهوى وكان زوجها صلاح علي سفيرًا لمصر لدى الصومال لمدة عشر سنوات من قبل.

** ما هي المعضلة الرئيسة للصومال؟ وما السبيل للحل؟

- معضلة الصومال الرئيسة يحكمها عاملان، أولهما: الجفاف الذي يجثم على صدور الصوماليين منذ عشرات السنين، والمعمرون الصوماليون يقولون إننا لم نر حالة الجفاف هذه منذ ستين عاماً، أما العامل الثاني فيتمثل في الحرب التي كانت أهلية في السابق ثم تحولت إلى شباب المتمردين الذين يقتلون الناس على الهوية، وهذان أشد عاملين دفعا بالصوماليين إلى ما هم عليه الآن، والسبيل للحل هو أنه يجب أن يقوم العالم بإقامة كيانات وتجمعات صغيرة وإعادة تأهيل بعض الصوماليين الذين نزحوا من مناطقهم إليها مرة أخرى.

وعلينا ألا ننكر أن إعطاء العالم المؤن الغذائية للصوماليين في الصباح والمساء أنقذ الكثير منهم، ولكن هذه الأرواح تحتاج إلى إيجاد نوع من الحياة من خلال هذه التجمعات وإعادة توزيعهم على مناطقهم المنكوبة مع حفر آبار لاستخدامها، وفتح بعض المدارس في تلك المناطق، وأيضًا بعض المستشفيات أو المراكز الصحية، وحالة حياة هؤلاء الناس لا تحتاج فقط إلى التبرع بمبلغ معين من المال أو تقديم تبرعات عينية من الأغذية، فهذا لا يكفي ودولة واحدة تستطيع أن تقوم بكل هذه الأعباء، لأنه يمكن القول إن كل الصومال متضرر من حالة الجفاف التي تضرب في البلاد، وقالت الأمم المتحدة إن الذين يموتون جوعاً من أبناء الشعب الصومالي يبلغ عددهم نحو 750 ألف فرد، وهذا رقم غير صحيح، فالصومال كلها في حاجة إلى مساعدات.

** في منظوركم ما هو أفضل عهد مرت به بلادكم منذ الاستقلال وحتى الآن؟

- الصومال كانت في أزهى عصورها عندما كانت الجامعات تعمل وتستقبل طلاب العلم، والمستشفيات تعالج المرضى، والحياة تدبّ في كل أرجاء الصومال الموحد، وهذا كله ما ينطبق على عهد الرئيس الأسبق محمد سياد بري، كما كانت القوات المسلحة تقوم بواجباتها نحو أمن البلاد، ورغم تحفظ بعض الصوماليين على عهده ووصفه بالديكتاتور إلا أن عهده شهد فتح الجامعات، وهو الذي كتب اللغة الصومالية، وقام بالكثير من الأمور في الساحة الصومالية وبعد خروج سياد بري الصومال انهارت نهائيًا، وساعد على هذا الانهيار بعض الأنظمة العربية.

** تواترت الأنباء عن قيام طائرات استطلاع أميركية مؤخرًا بشن غارات على مواقع لحركة الشباب الإسلامية في الصومال. هل هو إنذار بتدخل جديد أميركي في الصومال أم أنه يندرج تحت ما يسمى بمحاربة الإرهاب؟

-لا أعرف هل الأميركيون أعداء لحركة الشباب المتمردة أم أنهم أصدقاء لهم؟ ولا أدري حتى هذه اللحظة، وأنا أعتقد أن الأميركيين إذا أرادوا القضاء على حركة الشباب لكانوا ساعدوا الحكومة الصومالية بكل الإمكانيات ثم ينتهون منها بعد ذلك، وحركة الشباب المتمردة في الصومال ليست قوة هائلة، لذلك فإن قيام هذه الطائرات الأميركية ببعض الأمور هذا شيء يخص الأميركيين وحدهم ولا تستشير الحكومة الصومالية في هذا، فأميركا التي تقوم بهذه الأعمال في الصومال كما تفعل أحيانًا في باكستان ومنطقة وزيرستان، وما شابه ذلك بدعوى مقاومة الإرهاب.

** ما هو منظوركم للمشهد في القرن الأفريقي حاليا؟ وهل أصبح مخترقًا من قوى و جهات أجنبية تعبث به؟ وماذا عن علاقات بلادكم بدول الجوار معها؟

-القرن الأفريقي بل كل أفريقيا مخترقة، وكذلك الدول العربية والعالم الثالث باستثناء بعض الدول مخترق كذلك مثل تركيا وإيران، وكل العالم مخترق من القوى الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية، وأما بالنسبة لدول الجوار مع الصومال فيجاورها كينيا وأثيوبيا وجيبوتي وهذه الدول نعتبرها في الوقت الراهن كلها دول صديقة أما اريتريا فهي ليست مجاورة للصومال بل بعيدة عنها جغرافيا، لكن الشعب الإريتري شعب شقيق نحبه ونقدره.

** ماذا بعد انفصال جنوب السودان؟ وما هي انعكاساته على دول المنطقة؟وما هي توقعاتكم بالنسبة للدور القادم على أي من الدول العربية والأفريقية؟

-المعاهد الإستراتيجية البريطانية منذ فترة كانت ترشح تقسيم نيجيريا والكونغو الديمقراطية وغيرها وهذه دول محكومة بالتفكك، وهذه توقعات ورؤى غربية ولا نعرف ماذا سيحدث فيما بعد في دول المنطقة؟ ولا نستطيع أن نتجنى على أحد، لكن يمكن القول إن قارة أفريقيا مرشحة لكثير من الصعوبات فمثلاً القذافي هذا الرجل الذي حكم على الشعب الليبي لمدة 43 عاما بالحديد يرفض أن يغادر السلطة ويقتل الناس حتى هذه اللحظة.

** ما هو تقديركم للوضع الراهن في اليمن؟ وما السبيل للخروج من هذه المعضلة؟

-اليمن بلد شقيق وصديق وجار لنا وهو من أقرب الدول العربية إلينا، وبيننا وبينهم علاقات اجتماعية قديمة بالمصاهرة والتجارة ووشائج القربى بيننا وبين اليمن موجودة، ونرجو من الله العلي القدير ألا تقع حرب أهلية في هذا البلد وان تستقر الأحوال، ونرجو إن شاء الله أن يقوم العالم بدوره في هذه المعضلة، ولا أريد أن أخوض كثيرا في الشأن اليمني، وكل ما أرجوه أن يحدث الاستقرار في هذا البلد وأن تشكل حكومة يجمع عليها الشعب وأن تعود الأحوال إلى طبيعتها، ويجب أن تستمر محاولات القادة الخليجيين لتنفيذ المبادرة الخليجية حتى يصلوا إلى نتيجة.

** ماذا عن دور الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي والدول العربية في مشكلة بلادكم؟

-جامعة الدول العربية هي انعكاس لإرادات الدول والأنظمة العربية، وليست الأمانة العامة والأمين العام، ولو تتعاون الدول الأعضاء في الجامعة العربية مع الأمانة العامة والأمين العام لكانت الجامعة لديها كفاءة في إدارة هذه الأعمال والأمناء مثل د.عصمت عبد المجيد، وعمر موسى، والحالي د.نبيل العربي كلهم مهتمون بالشأن الصومالي، ولكنهم قبل ذلك لم يجدوا من يتعاون معهم من الدول الأعضاء، وكأن الدول العربية كلها أعطيت أوامر من جهات معينة بعدم الاقتراب من الصومال ووافقوا على ذلك واستمر الحال أكثر من عشرين عامًا، وقد بح صوتنا في جامعة الدول العربية بأن الصومال بلد عربي ومسلم وجار لكم يا عرب ولم يفعلوا شيئًا، وعندما ذهب الأميركيون إلى الصومال بقواتهم جروا خلفهم وعندما هرب الأميركيون من الصومال هرب العرب كذلك خلفهم ولم يفعلوا شيئًا، ونحمد الله أنه أتى بالربيع العربي، لأنه أزاح بعض القيادات العربية، وأرجو أن تختفي بعض القيادات العربية، ولا أريد أن أسمي أحدًا.

-**ناقشت عشرون دولة مؤخراً في الأمم المتحدة مستقبل بلادكم، وتم وضع خارطة طريق يوم 6 سبتمبر الماضي، فهل هذا يعني بداية الحل بعد تدويل المشكلة؟ وما هو دور الحكومة الانتقالية الحالية؟

- لم يكن موجودًا هذا التدخل منذ أكثر من عشرين عامًا، ولا أرى جديدًا على الساحة الصومالية حتى هذه اللحظة، ونرجو من الله العلي القدير أن تنفرج هذه الغمة بعد ذهاب تركيا إلى الساحة الصومالية، وظهورها هناك، ولها الآن تواجد كبير وتقدم المساعدات للشعب الصومالي، وقررت حكومة تركيا بناء مستشفيات وأن تعيد جزءًا كبيرًا من إعادة الأعمار في الصومال، وهي دولة نثق بها ونرجو من الله أن تجد تركيا من يتعاون معها من الصوماليين.

** ماذا عن دور الإتحاد الأفريقي إزاء فرض وبسط سيطرة القوات الحكومية من الناحية الأمنية بالتعاون معها؟

- حاولوا أن يقوموا بأي شيء ليكون لهم وجود داخل العاصمة مقديشو، فهم الذين يحفظون الأمن في رئاسة الجمهورية والميناء والمطار والمراكز الحكومية المختلفة، وحتى هذا العرب لم يقدروا على فعل ذلك أو القيام به، فكأن هناك أوامر وجهت لهم بإخلاء الساحة الصومالية منهم أو الاقتراب منها ووافقوا على ذلك بالإجماع.

** ما هو تصوركم المستقبلي للمعضلة الصومالية؟

-نعلم أن دوام الحال من المحال، والشباب المتمردون الذين هم حجر عثرة في طريق استقرار الصومال بدأوا يضعفون ويختلفون في ما بينهم أيديولوجيا وغيره، والقذافي الذي كان يمدهم بالمال خرج عن الساحة، وبعض أثرياء العرب الذين كانوا يمدونهم بالأموال خرجوا عن الساحة والحمد لله لنا أمل في المستقبل رغم أننا حتى هذه اللحظة لم نر بصيصا كبيرا من الأمل لكن الأمل في الله وفي شعبنا وفي وقوف الربيع العربي إلى جانبنا والمجتمع الدولي وعلى رأسه تركيا، كما نرجو من الدول الغربية الكبرى أن تغير مواقفها لصالح الصومال.