تتبنى تركيا نهجا أكثر تجددا تجاه سوريا التي تشهد احتجاجات دامية تطالب بإسقاط نظام بشار الأسد. وتعتبر أنقرة أنّ مدة بقاء النظام السوري محدودة، لذلك فهي تحرص على مساعدة المعارضة كما تفكّر في إعلان منطقة عسكرية عازلة على الحدود بين البلدين.


الضغط التركي على نظام الأسد يتزايد بسبب الاحتجاجات الدامية

اسطنبول: تتبنى تركيا نهجا اكثر تشددا حيال حليفتها السابقة سوريا وصولا الى إعلان دعمها للمعارضين السوريين واحتضان المنشقين عشية استعدادها لاعلان عقوبات جديدة بحق نظام بشار الاسد.

وقال رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان الاربعاء quot;لا يمكن ان نبقى مكتوفي الايديquot; ازاء ما يحصل في سوريا، لافتا الى quot;عقوبات معينةquot; ضد هذا البلد حيث خلفت اعمال القمع اكثر من ثلاثة الاف قتيل منذ منتصف اذار/مارس بحسب الامم المتحدة.

ولم يوضح اردوغان ماهية هذه العقوبات ضد النظام السوري الذي كان يصفه بانه quot;صديقquot; العام الفائت ويعقد معه مجالس وزارية مشتركة وصولا الى إلغاء التأشيرات بين البلدين وتشجيع التجارة.

واعلن في تشرين الاول/اكتوبر ان هذه العقوبات وشيكة، ولكن لم تكشف طبيعتها حتى الان فيما يتحدث وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو حاليا عن quot;اجراءاتquot;.

واعتبر المحلل سنان اولغن من اسطنبول ان quot;تركيا لا تؤيد عقوبات عموما. انها تخشى من دون شك ان تدعوها الدول الغربية الى الانضمام اليها في عقوباتها ضد ايران، وهو امر رفضتهquot;.

من هنا حديث انقرة عن quot;اجراءاتquot; بدلا من عقوبات.

وبعدما يئست من مطالبة دمشق باصلاحات، استقبلت الحكومة التركية المنبثقة من التيار الاسلامي المحافظ العديد من مؤتمرات المعارضين السوريين، وفي 18 تشرين الاول/اكتوبر التقى داود اوغلو المجلس الوطني السوري الذي يضم شخصيات معارضة بارزة.

ولم تتردد تركيا في استقبال منشقين، من بين 7500 سوري نزحوا الى الاراضي التركية.

وابرز هؤلاء العقيد رياض الاسعد الذي يؤكد قيادته quot;جيش سوريا الحرquot; ويطالب بquot;مساعدة عسكريةquot; لمواجهة نظام دمشق.

وبخلاف قواعد تعامل انقرة مع النازحين السوريين، سمحت تركيا للاسعد بالادلاء بتصريحات صحافية. لكن وزير الخارجية التركي يتولى اختيار هذه الاطلالات الاعلامية وتنظيمها.

ويؤكد الاسعد ان quot;جيش سوريا الحرquot; ينفذ عمليات بفضل الاسلحة التي يستولي عليها.

وردا على سؤال لفرانس برس عما اذا كان الاسعد يتلقى سلاحا من الجانب التركي، قال مسؤول في وزارة الخارجية انه يسمح للسوريين بعبور الحدود التركية ذهابا وايابا، ولكن quot;يحظر على الجميع العبور مزودين اسلحةquot;.

ومهما كانت طبيعة دور هذا العقيد، المهم انه يعكس تصميم تركيا على مواجهة نظام الاسد.

وعلق سنان اولغن quot;تعتبر تركيا ان مدة بقاء النظام السوري محدودة، من هنا تساعد المعارضة بما فيها تلك المسلحة. لقد يئست من امكان التفاهم مع دمشقquot;.

ومن بين الخيارات التي تفكر فيها انقرة، اعلان منطقة عسكرية عازلة داخل الاراضي السورية بهدف تأمين الحدود واحتواء التدفق الكبير للنازحين في حال اندلاع حرب اهلية في سوريا.

واكد الصحافي محمد علي بيراند لفرانس برس ان هذا الخيار نوقش منذ الصيف.

لكن داود اوغلو لم يدل بموقف واضح عن هذا الامر ردا على سؤال في بداية تشرين الثاني/نوفمبر لصحيفة فايننشل تايمز عن المنطقة العازلة او امكان فرض حظر جوي.

وقال quot;نامل الا تكون تلك التدابير ضرورية، ولكن القضايا الانسانية مهمة بالتأكيدquot;.

وثمة اسباب عديدة تقف وراء تدخل الحكومة التركية في الملف السوري.

وفي هذا السياق، ذكر اردوغان الاربعاء بان الحدود المشتركة تمتد بطول يتجاوز 800 كلم، ما يعني ان اخطار زعزعة الاستقرار كبيرة وخصوصا ان مجموعات كردية تقيم على جانبي تلك الحدود.

واوضح اولغن ان quot;الجانب التركي يعتقد ان سوريا تحاول استخدام ورقة حزب العمال الكردستانيquot; المتمرد الذي يكثف هجماته على القوات التركية.

وقال عكيف بيكي المستشار الاعلامي السابق لاردوغان لصحيفة راديكال quot;نشهد تصاعدا لارهاب حزب العمال الكردستاني ولغضب تركيا حيال سورياquot;.

وثمة سبب اخر يدفع اردوغان الى التحرك ازاء سوريا: الولايات المتحدة.

فواشنطن التي تساعد الجيش التركي في التصدي للمتمردين الاكراد طلبت في ايلول/سبتمبر من حليفها التركي العضو في الحلف الاطلسي ممارسة quot;مزيد من الضغوطquot; على النظام السوري.