يذبح مسلمو ألمانيا أضاحيهم عن طريق تجار عرب أو أتراك، ويتم الذبح في مزارع خاصة، فقوانين السلطات الألمانية تعترض علي الذبح دون تخدير.


برلين: بعد انقضاء صلاة عيد الأضحي يتوجه المسلمون في ألمانيا كما هي عادتهم في مثل هذا اليوم بصحبة أولادهم وأسرهم إلي حيث يقومون بذبح أضحية العيد، ويتم ذلك عن طريق تجار عرب أو أتراك حيث يتم الذبح في مزارع خاصة يمتلكونها ـ خاصة وأن السلطات الألمانية وفق القوانين تعترض علي ذبح الأضاحي دون تخدير.

من جهة أخري يجتمع أكثر من فرد في ثمن الأضحية طبقا لما تحدده المساجد هنا أوكذلك يمكنهم دفع الثمن الي أحد المساجد التي تقوم بهذا العمل نيابة عنهم ومن ثم نقل الأضاحي المذبوحة الي المسلمين الفقراء حول العالم.

أجواء العيد التي تبدو غائبة في ألمانيا بالنظر الى اختلاف الدين والعادات والتقاليد، تقوم الجاليات العربية والإسلامية بمحاولة إحيائها وتحاول جاهدة محاكاة أجواء العيد في بلاد المسلمين.

على سبيل المثال تقوم الجاليات المسلمة علي اختلاف مشاربها في المدن الكبيرة بالتجمع وطهي الطعام الشهي الذي يذكرها بالأوطان وصنع الحلوي التي هي احد مظاهر هذا العيد، ورغم أن أيام العيد ليست بالطبع إجازة رسمية في ألمانيا مما يقوض بهجة العائلات المسلمة التي يتوجب عليها العمل في ذلك اليوم، إلا أنّ البعض الآخر ممن يستطيعون الحصول علي إجازة من رصيد أجازاتهم لا يترددون في القيام بذلك، كذلك لايستطيع التلاميذ التغيب عن المدارس، لكن من حقهم الحصول علي بعض التسهيلات لقضاء أول أيام العيد مع أسرهم.

وفي هذه السنة يوافق العيد يوم إجازة في المانيا مما يعيد البسمة الي الصغار حيث يمكن قضاء يوم عائلي جميل معاً.

عيد مختلف

في كل الأحوال يبدو عيد هذا العام مختلفاً عن الأعياد السابقة فهو أول عيد أضحي يهل على المسلمين بعد إندلاع الثورات العربية، تلك الثورات التي تركت أثراً ايجابيا لدي عامة المواطنين الألمان فلم يكن الدين هو باعث تلك الثورات إنما هي الديمقراطية والحرية، وهو الأمر الذي تسبب في تراجع كبير للخوف عند الأوربيين من الإسلاميين الذين كان هاجسهم الأول في الخوف هو تكرار الثورة الدينية الإيرانية .

من مظاهر هذا الأحتفال ايضا أن يتوجه عمداء المدن التي تقطنها جاليات إسلامية كبيرة بتهنئة المسلمين بالعيد وإقامة حفلات صغيرة لمشاركة المسلمين في احتفالهم.

يحاول المسلمون خاصة الذين لديهم أطفال ان يحتفلوا، بخصوصية هذا اليوم فيقومون بإعداد الطعام والحلويات وشراء الهدايا للصغار.

مسلون ألمان يسافرون لتأدية فريضة الحج

مشاهد ومظاهر عيد الأضحى المبارك لا تنفصل عن مشاهد الحج وسفر حجاج بيت الله الحرام من ألمانيا الي الأراضي السعودية لأداء فريضة الحج، حيث اكتمل سفرهم الآن لتأدية أهم أركان الحج وهو الوقوف بعرفة.

الحج من المانيا ليس معقداً وعلى الحاج أن يختار بين الكثير من العروض التي تقدمها الكثير من المساجد المختلفة الموجودة، ومكاتب السياحة التي يديرها مسلمون من جنسيات عديدة، كذلك الاتحادات الإسلامية.

وتتراوح أسعار الرحلات فيما بينها تبعاً للقرب من المشاعر المقدسة والخدمات المقدمة اثناء فترة الحج وصولاً الي نوعية السكن في فنادق فاخرة أو حجرات متواضعة كذلك من حيث التنظيم والإرشادات المقدمة، كما أنه ليس هناك ثمة مشكلة للحصول علي تاشيرة حج من ألمانيا فهي لاتخضع لنظام الدول المحدد لها عدد ثابت من التاشيرات وتتميز هذه التاشيرات بميزة خاصة وهي إمكانية التوقف في بلد ثالث غالبا هو البلد الأصلي للحاج قبل الذهاب الي الأراضي المقدسة.

احد الحجاج المسافرين في الساعات الأخيرة هو الحاج أحمد صلاح القادم من النمسا عبر مطار ميونيخ متجها الي مكة المكرمة يقول: لدينا أيضا حجاج ألمان ممن اعتنقوا الديانة الإسلامية ذاهبون معنا لتأدية فريضة الحجquot;.

هكذا تبدو الصورة بكل تناقضاتها في مطار ميونيخ حيث آخر أفواج الحجيج المتجهين الي مكة المكرمة وهم يستعدون الي السفر بملابس الإحرام ولا يتوقفون عن ترديد نداء التلبية لبيك اللهم لبيك، في نفس الوقت الذي نشاهد فيه الركاب الآخرون المتجهين الي قضاء عطلات الإستجمام بمشاهدة فيلم أو مطالعة كتاب أو مجلة.

بعد مرور ايام التشريق الثلاثة تبدأ عودة الحجاج الي بلادهم وقد تكونت لديهم خبرة روحية لا حدود لها وتنعكس علي الحجاج الألمان اللذين يقومون بتوطيد علاقتهم مع المسلمين الآخرين في المانيا.

تزايد أعداد المسلمين في المانيا

يقدر عدد المسلمين في ألمانيا حسب الاحصاءات الرسمية بحوالي ثلاثة ملايين مسلم. مليونان ونصف المليون منهم ينهجون السنة وحوالي 125000 ينتمون الى الشيعة بالاضافة الى الطائفة الاحمدية الذين يقدر عدد منتميها إلى 60000 شخص.

ومن بين مجموع حوالي ثلاثة ملايين مسلم في ألمانيا يحمل حوالي 400000 منهم الجنسية الألمانية حسب الإحصاءات، تشارك أغلبيتهم بشكل فعال في المجتمع، وهم يحترمون القانون ويدفعون الضرائب ويقومون بالتزاماتهم تجاه الدولة بشكل كامل وتعتبر الجالية التركية هي الأكثر من بين كل الجاليات المسلمة التي تعيش في ألمانيا.

خلال الستينات من القرن الماضي ومع حاجة سوق الشغل الألمانية الى اليد العاملة تم التوقيع على اتفاقيات استقطاب العمال مع كل من تركيا والمغرب وتونس فزاد عدد المسلمين في ألمانيا بسرعة، حيث يمثل الأتراك بحوالي مليونين ونصف مليون وهى أكبر أقلية مسلمة في ألمانيا تليها الأقلية المسلمة من البوسنا والهيرسك بحوالي 180000 ومن إيران بحوالي 124000 شخصا.

تاريخ المسلمين في ألمانيا يعود الى القرن الثامن عشر وإلى عهد القيصرية الألمانية تحديداً وعلاقاتها مع الإمبراطورية العثمانية آنذاك غير أن عددهم لم يكن كبيراً. وخلال الحرب العالمية الأولى أضيف الى تلك الأقلية 15000 أسير حرب مسلم أقاموا بالخصوص في برلين. وقد قام عدد قليل منهم فيما بعد بانشاء جمعيات اسلامية مثلا في برلين وفي زوست.