رغم فداحة الخطأ الذي ارتكبته قوات الاطلسي في غارة على موقع عسكري، من غير من المحتمل ان يؤدي الى قطع العلاقات المتوترة اصلا بين اسلام اباد وواشنطن.


اسلام اباد: يرى محللون ان مقتل 24 جنديا باكستانيا في غارة شنها حلف شمال الاطلسي على موقع عسكري حدودي مع افغانستان ورغم انه يشكل افدح خطأ في الحرب على الارهاب المستمرة منذ عشر سنوات، الا انه من غير من المحتمل ان يؤدي الى قطع العلاقات المتوترة اصلا بين اسلام اباد وواشنطن.

وتعتمد الحكومتان بشكل تام على بعضهما البعض بعد دخولهما في هذه الشراكة اثر هجمات 11 ايلول/سبتمبر والحرب ضد القاعدة، الا ان تحالفهما يشهد ازمات متتالية بسبب غياب الثقة بينهما.

لذا من غير المستغرب، في الوقت الذي بدات فيه العلاقات تتحسن اثر الغارة الاميركية التي ادت الى مقتل اسامة بن لادن في باكستان في ايار/مايو، ان تعيد غارة الحلف الاطلسي الوضع الى توتره السابق.

وقامت اسلام اباد باغلاق حدودها مع افغانستان امام امدادات القوة الدولية للمساعدة في ارساء الامن في افغانستان (ايسالف) التابعة للحلف الاطلسي وانذرت الاميركيين بضرورة مغادرة قاعدة جوية يعتقد انها تستخدم في غارات وكالة الاستخبارات الاميركية، كما امرت بمراجعة شاملة لعلاقاتها مع واشنطن.

ولم يعد امام اسلام اباد وواشنطن سوى هامش ضيق للمناورة.

ولا تستطيع باكستان التي تشهد انتخابات عامة في شباط/فبراير 2013 ان تبدو بموقف الذي يتقبل مثل هذا الانتهاك لسيادتها بينما المعارضة تتسنح الفرص لاستغلال شعور السكان بالغضب الحقيقي.

وصرح الجنرال الاميركي المتقاعد باري ماكافري الذي يعمل محللا عسكريا لشبكة quot;ان بي سيquot; نيوز quot;اعتقد اننا بتنا على مشارف ازمة استراتيجيةquot;.

واضاف quot;علينا ان نتفاوض معهم وان نقدم تعويضات وان نعتذر عن الغارة. لا خيار امامناquot;، مشيرا الى ان 50% تقريبا من امدادات القوات الحليفة في افغانستان تمر بباكستان.

ووراء هذه الازمة اتهامات بالتوطؤ.

فغالبا ما يشتكي ضباط افغان واميركيون من ان الجنود الباكستانيين لا يبذلون اي جهود لمنع ناشطي طالبان من فتح النار عليهم انطلاقا من الاراضي الباكستانية او من التسلل عبر الحدود، بما فيها منطقة مهمند حيث قتل الجنود.

كما يتهمون احيانا القوات الافغانية بفتح النار على مواقعهم. وغالبا ما تكون مواقع الجنود الافغان والباكستانيين وناشطي طالبان قريبة للغاية من بعضها البعض.

والحدود التي يتنازعها سكان من اتنية الباشتون من الجانبين، غير مرسومة في اماكن عدة وتعتبر من بين الاخطر في العالم.

وصرح البريغاديير جنرال كارستن جيكوبسون المتحدث باسم قوة ايساف ان quot;الناشطين غالبا ما يستغلون المنطقة الحدودية للاختباء ولشن عمليات واطلاق النار على الجانبينquot;.

واضاف جيكوبسون لوكالة فرانس برس ان صلاحية قوة ايساف تتوقف عند الحدود الافغانية الا ان القوات يمكن ان ترد على اطلاق نار دفاعا عن النفس. وهناك تقارير بان قوات اميركية وافغانية عبرت الحدود خلال ملاحقتها لعناصر من طالبان.

ومع ان علاقة العمل بين قائد الجيش الافغاني اشفق كياني والمسؤولين الاميركيين تعتبر جيدة نسبيا، الا ان المحللين الباكستانيين يشيرون الى غياب التنسيق على المستويات العملانية.

ومن المرجح ان يطغي حل الازمة على نتيجة تحقيق الحلف الاطلسي في الغارة، وعلى مدى رغبة واشنطن في تهدئة حكومة تواجه شعورا شبه شامل بين السكان لمعاداة الولايات المتحدة.

وصرح اللفتنانت جنرال المتقاعد طلعت مسعود لوكالة فرانس برس quot;من المؤكد ان باكستان تريد ان تعرف دوافع الهجوم الفعلية. هل كانت نتيجة خطأ من قبل الاستخبارات او من قبل مجموعة او شخص معين؟quot;.

والسؤال هو هل ستكون هناك اضرار على المدى البعيد؟ والى اي حد بامكان باكستان ان تفرض تغييرات في شروط التزامها الى جانب الولايات المتحدة؟

واعتبر الصحافي والكاتب امتياز غول انه quot;من غير الوارد قطع العلاقات على المدى الطويل لكن يجري درس رد على المدى القصيرquot;.

واقترح دبلوماسيون ان باكستان يمكنها علاوة على اغلاق الحدود ان تغلق مجالها الجوي امام القوات الاميركية وتوقف اي دعم لوجستي في المستقبل.

الا ان مطالبة القوات الاميركية بمغادرة قاعدة شمسي للقوات الجوية في غضون 15 يوما، يسلط الضوء على الخيارات المحدودة امام باكستان.

وكانت باكستان طلبت مرات عدة من القوات الاميركية مغادرة القاعدة وكانت هناك تقارير عدة في وقت سابق هذا العام بان القوات الاميركية غادرت القاعدة.

واعتبر المحلل السياسي حسن عسكري في باكستان quot;اعتقد ان باكستان ستستأنف في الاسابيع المقبلة فتح امدادات الحلف الاطلسي وان الولايات المتحدة ستتعهد عدم تكرار مثل هذه الحوادثquot;.

الا ان جون بولتون السفير الاميركي السابق لدى الامم المتحدة اوضح المعضلة التي تواجهها واشنطن في تعاملها مع اسلام اباد التي تملك السلاح النووي، والتي تلقت مساعدات بقيمة 20 مليار يورو من واشنطن في السنوات العشر الاخيرة.

وقال quot;طالما ان (باكستان) لديها اسلحة نووية يمكن ان تقع بين ايدي متطرفين وتشكل تهديدا للعالم اجمع، فان ذلك يعيطها موقعا اقوى في المفاوضاتquot;.

باكستان تنفي ان تكون تسببت بغارة الحلف الاطلسي

نفت اسلام اباد الاثنين ان تكون تسببت بغارة الحلف الاطلسي التي اسفرت عن مقتل 24 جنديا باكستانيا وادت الى تدهور جديد في العلاقات بين الولايات المتحدة وباكستان.

وحاولت باكستان والحلف الاطلسي الحد من اضرار هجوم السبت الذي اعلنت اسلام اباد اثره قطع الامدادات عن قوات الحلف الاطلسي (ايساف) المنتشرة في افغانستان والبالغ عديدها 140 الفا، واجراء مراجعة شاملة لعلاقاتها مع واشنطن.

واعلنت واشنطن دعمها لاجراء تحقيق شامل وقدمت تعازيها. كما اعرب الامين العام للحلف الاطلسي اندرس فوغ راسموسن عن اسفه لمقتل الجنود quot;المؤسف وغير المتعمدquot;، الا انه لم يتقدم باعتذار.

من جهته، قال الناطق باسم وزارة الخارجية الصينية هونغ لي في مؤتمر صحافي الاثنين ان quot;الصين اصيبت بصدمة عميقة من هذه القضيةquot; وطالب بتحقيق quot;جديquot; في هذا quot;الخطأquot;.

واضاف ان quot;استقلال باكستان وسيادتها ووحدة وسلامة اراضيها يجب ان تحترمquot;.

واندلعت الازمة بعد اشهر على تدهور العلاقة المتوترة بين واشنطن واسلام اباد الى ادنى مستوياتها منذ سنوات اثر غارة قامت بها قوات اميركية خاصة ادت الى مقتل اسامة بن لادن شمال اسلام اباد في ايار/مايو.

لكن معظم الاسئلة لا يزال ينتظر الاجابة عليه حول ما حصل فعلا فجر السبت خصوصا بعد ورود تقارير بان جنودا باكستانيين بادروا الى اطلاق النار باتجاه قوات اميركية وافغانية.

ونقلت صحيفة quot;وول ستريت جورنالquot; عن ثلاثة مسؤولين افغان ومسؤول غربي ان الاوامر صدرت بشن الغارة الجوية للدفاع عن القوات الحليفة.

واوضح المصدر الغربي الذي رفض الكشف عن هويته للصحيفة ان قوات الحلف الاطلسي والقوات الافغانية quot;تعرضت لاطلاق نار من قاعدة عسكرية باكستانيةquot; وانه كان quot;عملا دفاعياquot;.

وقال مسؤول افغاني ان الحكومة في كابول تعتقد ان مصدر النيران قاعدة عسكرية باكستانية وليس متمردين في المنطقة.

وقال قائد في شرطة الحدود الافغانية رفض الكشف عن هويته، لان المسؤولين منعوا من الادلاء بتصريحات لوسائل الاعلام قبل انتهاء التحقيق، ان قوات الحلف الاطلسي من النادر ان تفتح النار ما لم تتعرض لهجوم.

وصرح لوكالة فرانس برس quot;من الواضح بالنسبة لي ان ايساف تعرضت لاطلاق نار من تلك المنطقة. والا لما كانت ردتquot;.

واشار الى المنطقة جبلية وعرة وفيها احراج كثيفة. واضاف ان مواقع ناشطي طالبان والقوات الافغانية والباكستانية غالبا ما تكون قريبة جدا من بعضها البعض.

وتشدد باكستان على ان الهجوم كان quot;غير مبررquot;. ولم يصدر اي رد رسمي اميركي على التقرير.

وصرح الجنرال آثار عباس المتحدث باسم الجيش الباكستاني في رسالة خطية ردا على سؤال لوكالة فرانس برس quot;هذا ليس صحيحا. انهم يختلقون الاعذارquot;. واضاف ساخرا quot;وعلى اي حال اين هي خسائرهم لو حصل اطلاق نار من الجانب الباكستاني؟quot;.

ونقلت صحيفة quot;ديلي تلغرافquot; البريطانية الاثنين عن جنود اصيبوا في الغارة ان الهجوم لم يكن مبررا.

ونقلت عن اميرزاب خان (23 عاما) ان المنطقة المحيطة بالحواجز والتي تبعد قرابة 3 كلم عن الحدود لا ناشطين فيها وان الليل شهد هدوءا قبل شن الهجوم.

واثر الغارة قامت اسلام اباد باغلاق حدودها مع افغانستان امام امدادات القوة الدولية للمساعدة في ارساء الامن في افغانستان (ايسالف) التابعة للحلف الاطلسي وانذرت الاميركيين بضرورة مغادرة قاعدة جوية يعتقد انها تستخدم في غارات وكالة الاستخبارات الاميركية، كما امرت بمراجعة شاملة لعلاقاتها مع واشنطن، وهي تدرس احتمال مقاطعة مؤتمر مهم حول افغانستان الشهر المقبل.

وتظاهر مئات من الباكستانيين الغاضبين الاحد واحرقوا دمية تمثل الرئيس الاميركي باراك اوباما واعلاما اميركية في مختلف انحاء البلاد البالغ عدد سكانها 167 مليون نسمة والتي تشهد معارضة متزايدة لتحالف الحكومة مع الولايات المتحدة.

واتصلت وزيرة الخارجية الباكستانية هينا رباني خار بنظيرتها الاميركية هيلاري كلينتون الاحد للاعراب عن quot;مشاعر السخط الشديدquot; لدى باكستان في الوقت الذي نظم الجيش الباكستاني مراسم دفن جماعية للجنود القتلى.

من جهته، دعا السناتور الاميركي جون كايل الاحد باكستان الى التعاون بشكل اكبر مع الولايات المتحدة بعد الغارة الجوية التي شنها الحلف الاطلسي، محذرا من ان المساعدات الاميركية لاسلام اباد مرتبطة بشروط معينة.

وقدم السناتور الديموقراطي ديك دوربين تعازيه لكنه اشار الى ان القوات الاميركية quot;عالقة بين عدم الكفاءة والفساد في باكستان والتواطؤ في بعض انحاء باكستانquot;.

الا ان جون بولتون السفير الاميركي السابق لدى الامم المتحدة اوضح المعضلة التي تواجهها واشنطن في تعاملها مع اسلام اباد التي تملك السلاح النووي، والتي تلقت مساعدات بقيمة 20 مليار يورو من واشنطن في السنوات العشر الاخيرة.

وقال quot;طالما ان (باكستان) لديها اسلحة نووية يمكن ان تقع بين ايدي متطرفين وتشكل تهديدا للعالم اجمع، فان ذلك يعيطها موقعا اقوى في المفاوضاتquot;.