رئيس الوزراء الاستقلالي عباس الفاسي مع الاتحاديين محمد اليازغي وعبد الواحد الراضي

قرّر المجلس الوطني للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية عدم المشاركة في حكومة يقودها حزب العدالة والتنمية الإسلامي. وكان حزب العدالة والتنمية يعول بشكل كبير على مشاركة الاتحاد الاشتراكي في الحكومة التي سيقودها رئيس الوزراء المعين عبد الإله بنكيران.


الرباط:بعد 14 سنة من ممارسة المسؤولية الحكومية التي باشرها في أول حكومة للتناوب التوافقي، مع اعتلاء العاهل المغربي محمد السادس عرش المملكة المغربية، قرر المجلس الوطني للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية (أعلى هيئة تقريرية للحزب) عدم المشاركة في حكومة يقودها حزب العدالة والتنمية الإسلامي، الذي اكتسح البرلمان المغربي بعد فوزه الساحق بـ107 مقاعد من أصل 395 في تشريعيات 25 نوفمبر / تشرين الثاني الماضي، محتلا بذلك المرتبة الأولى بعيدا عن حزب الاستقلال الحائز على المرتبة الثانية بـ47 مقعدا.

وأورد عبد الواحد الراضي الكاتب الأول لأكبر حزب يساري في المغرب خلال كلمته أمام المجلس الوطني: quot;إن منطق الديمقراطية يقتضي احترام إرادة الناخبين الذين اختاروا من يكون في الحكومة ومن يكون في المعارضة.quot;

وكان حزب العدالة والتنمية يعوّل بشكل كبير على مشاركة الاتحاد الاشتراكي في الحكومة التي سيقودها رئيس الوزراء المعين عبد الإله بنكيران، إلا أن قرار المجلس الوطني للاتحاد الاشتراكي بدا أنه خذل بنكيران.

حتى وإن اختلف حزبا الاتحاد الاشتراكي، والعدالة والتنمية في المرجعيات الفكرية، كون الأول حزبا اشتراكيا ديمقراطيا حداثيا والثاني حزبا إسلاميا يستند إلى المرجعية الدينية، إلا أنهما يتفقان على الخط في محاربة الفساد والرشوة في المغرب وهي أحد التحديات الأساسية المطروحة على حكومة بنكيران.

وبخروج الاتحاد الاشتراكي إلى المعارضة واصطفاف حزب الاستقلال مع الأغلبية الحكومية، يبدو أنه أول تصدع قد تشهده الكتلة الديمقراطية (تحالف يضم الاتحاد الاشتراكي وحزب الاستقلال وحزب التقدم والاشتراكية تأسس عام 1992) في انتظار ما سيكون عليه موقف حزب التقدم والاشتراكية، الذي يعيش مكتبه السياسي هذه الايام على إيقاع اجتماعات ماراتونية، من أجل تحديد موقف من عرض رئيس الحكومة المعين، والذي لن يكون إلا بعد اجتماع لجنته المركزية المرتقب هذا الخميس.

من جهة أخرى، قال الباحث في العلوم السياسية في جامعة محمد الخامس السويسي في الرباط نذير المومني لـquot;إيلافquot;: quot;موقف الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية يختلف هذه المرة تماما على نماذج أشكال التفاوض التي كان يقوم بها عام 2002 و2007، لأنه في سنة 2002 كان اعتراضه على عدم احترام المنهجية الديمقراطية في تعيين رئيس الوزراء، ولكن على الرغم من ذلك شارك في الحكومة، ثم في سنة 2007 كان تلويحه باللجوء إلى المعارضة يشكل جزءا من استراتيجيته كي يحظى بمواقع أقوى داخل التشكيلة الحكومية بشكل يتجاوز وزنه الانتخابي الفعلي.quot;

وكان الاتحاد الاشتراكي بعد انتخابات 2002 التي فاز بها، قد اعترض على تعيين رئيس وزراء تكنوقراطي هو إدريس جطو حيث عبر الكاتب الأول بالنيابة آنذاك محمد اليازغي، عن مخالفة ذلك التعيين للـ quot;المنهجية الديمقراطيةquot; التي تقتضي تعيين الوزير الأول من الحزب الفائز بالرتبة الأولى في التشريعيات، لكنه مع ذلك شارك في الحكومة.

ثم خلال عام 2007 حين احتل المرتبة الأولى، وتم تعيين رئيس الحكومة من حزب الاستقلال وهو عباس الفاسي بعد ضمه أحد النواب القادمين من حزب آخر ليحقق مرتبة أولى لم تفرزها له صناديق الاقتراع مباشرة.

فيما لم يكن الدستور السابق الذي جرت الانتخابات التشريعية لسنتي 2002 و2007 تحت ظله ينص صراحة على تعيين رئيس الوزراء من الحزب الفائز في التشريعيات بل كان يعطي حق اختيار التعيين للملك بشكل مطلق.

واعتبر الباحث خلال حديثه لـ quot;إيلافquot; أنه مهما تكن تركيبة الأغلبية الحكومية وتركيبة المعارضة المقبلة، quot;يبقى سؤال بقاء الكتلة كتحالف أو حتى التحالف من أجل الديمقراطية (تحالف تشكل قبيل الانتخابات التشريعية الأخيرة ويضم 8 أحزاب يتقدمها حزب الأصالة والمعاصرة والتجمع الوطني للأحرار).quot;

وكان حزب الأصالة والمعاصرة رفقة التجمع الوطني للأحرار، وهما حزبان ليبراليان قد أعلنا في وقت سابق عن اصطفافهما في المعارضة.

وأضاف المومني: quot;سيطرح سؤال البقاء أو جدوى العملية من استمرار التحالفين، وهنا بالإمكان أن يبرز خط جديد للتمايز بين الأحزاب التي يمكن أن نقول إن لها مرجعية محافظة، وبين الأحزاب التي تدافع عن خيارات حداثية، وهو الخط الجديد للتمايز الذي بإمكانه اختراق اليمين واليسار والوسط.quot;

وبانتظار موقف حزب التقدم والاشتراكية (يسار) قال الباحث في العلوم السياسية لـquot;إيلافquot;: لحزب التقدم والاشتراكية خيارات محدودة في آخر المطاف، إما أنه سيكون مع الأغلبية الحكومية، وربما يمكن أن يعطي روحا حداثية داخل الحكومة التي يقودها رئيس وزراء إسلامي، وممكن أن يكسبه مواقع حكومية أكثر من وزنه الانتخابي المتمثل في 18 مقعدا، ثم لديه خيار المعارضة وفي هذه الحالة سيكون أمامه تحد لإيجاد خطاب يشكل تنويعا للخطاب الاشتراكي الديمقراطي الذي سيرفعه الاتحاد الاشتراكي، حتى وإن ذهب أكثر في اتجاه اليسار ستلازمه دائما مشكلة القبول من قبل باقي مكونات اليسار الجذري الأخرى، وهذا ما يضع هذا الحزب على هامش ضيق للخيارات الثلاثة.quot;