دعا مسؤول تركماني عراقي الأمم المتحدة للعب دور فاعل في حل مشكلتي كركوك والمادة الدستورية 140 المتعلقة بالمناطق المتنازع عليها وتحقيق مشروع مصالحة كردية تركمانية تجري مناقشته حالياً مشيرا الى ان هذه المصالحة هي التي ستكفل حل هاتين المشكلتين داعيا الى التعامل بشفافية ومرونة بين الجانبين محذرا من ان الغطرسة والتهديد بالعنف والقوة ستعقد الأمور أكثر.


طالب مسؤول تركماني عراقي اليوم الأمم المتحدة بدور فاعل في حل مشكلتي كركوك والمادة الدستورية 140 المتعلقة بالمناطق المتنازع عليها وتحقيق مشروع مصالحة كردية تركمانية تجري مناقشته حالياً مشيرا الى أن هذه المصالحة هي التي ستكفل حلّ هاتين المشكلتين داعيا الى التعامل بشفافية ومرونة بين الجانبين محذرا من أن الغطرسة والتهديد بالعنف والقوة ستعقد الأمور أكثر.

وجاء هذا الموقف تعليقا على ما نشرته quot;ايلافquot; أمس حول بدء قوى كردية وتركمانية كل على حدة، دراسة مشروع مصالحة بين القوميتين الثانية والثالثة في البلاد ودور تركيا والولايات المتحدة وتأثيراتها على إنجاز هذه المصالحة التي بدأت عمليا بدعم الرئيسين العراقي جلال طالباني والكردستاني مسعود بارزاني لتولي ممثل عن التركمان لمنصب النائب الرابع لرئيس الجمهورية وهو ما يتوقع ان يصادق عليه البرلمان قريباً.

كركوك.. جوهر الخلاف

يذكر أن خلافاً كبيراً بين الأكراد والتركمان قد تفاعل خلال السنوات الأخيرة حول وضع محافظة كركوك (255 كم شمال شرق بغداد) الغنية بالنفط التي يقطنها حوالى المليون نسمة يمثلون مكونات عربية وكردية وتركمانية ومسيحية. ففي حين يطالب الأكراد بضم المحافظة إلى إقليمهم الشمالي الذي يحكمونه منذ عام 1991، فإن التركمان والعرب يرفضون ذلك ويدعون لجعلها إقليما مستقلا بحد ذاته.

وتتفاعل قضية كركوك والتعايش بين مكوناتها باستمرار وتتعرض لمحاولات بنسفها من قوى لا تريد لهذا التعايش ان يترسخ، فقد تعرضت المدينة أمس إلى ثلاثة تفجيرات إستهدفت مقرات حزبية كردية وتركمانية وأدت الى مصرع وإصابة حوالى 100 مواطن. وعلى الفور قالت الجبهة التركمانية في بيان quot;نطالب الا يكون ما حدث اليوم في كركوك سبباً لنشر عناصر الميليشيات الكردية فيها، خصوصاً ان شهود العيان يؤكدون أن هذه العناصر نزلت إلى الشوارع بشكل كثيف وهذا الإنتشار غير المبرر مع الإرهاب الجبان ضرب جميع مكونات كركوك يعني إحداث عدم توازن أمني في الأمن غير المستقر أساساًquot;.

كما تشهد القضية رفضا لأي تدخلات خارجية في شؤونها وعلى هذا الأساس فقد أعلن ثلاثة من أعضاء الهيئة التنفيذية للجبهة التركمانية العراقية تعليق عضويتهم في الهيئة وهم: طلعت عزت وشابندر طاهر وأمين غريب بانتظار انعقاد المؤتمر العام للجبهة الذي يستهدف إعادة هيكليتها وتفعيل نشاطها وإعادة النظر بتحالفاتها الداخلية وعلاقاتها الخارجية.

حملت quot;إيلافquot; المعلومات عن مشروع المصالحة بين القوى الكردية والتركمانية وتوجّهت بأسئلة توضيحية الى القيادي في الجبهة التركمانية وممثلها في أميركا وكندا عاصف سرت تركمان الذي أكد وجود مثل هذا المشروع.. وهنا نص الحوار..

- ما هي طبيعة مشروع المصالحة الكردية التركمانية؟ ومن الذي طرح المشروع وما هي بنوده وكيف سيتحقق؟

bull; لقد عاش التركمان والأكراد معاً على أرض العراق، وعلى مدى قرون طويلة في سلام ووئام تربطهم العلاقات التاريخية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية والمصالح المشتركة بالإضافة الى علاقات الزواج والقرابة. ورغم نجاح بعض الأطراف في إيجاد بعض الخلافات بين الشعبين الكردي والتركماني وتقويض العلاقات بين الجانبين ، إلا أن الشعبين حافظا على هذه العلاقات. وكثيرا ما نسمع اليوم بكلمة المصالحة من أطراف سياسية وإعلامية كردية وتركمانية، لكن لم يتم اٍبلاغ الجبهة التركمانية العراقية بهذا الخصوص من قبل الذين طرحوا هذا المشروع. إن المصالحة بادرة جيدة لحل جميع المشكلات العالقة بين الطرفين وأعتقد أن الوقت قد حان للجلوس حول الطاولة المستديرة لبحث هذا الموضوع وما يريده كلا الطرفين من الآخر، كما يجب دراسة طبيعة العلاقات بين التركمان والأكراد ومستقبل مدينة كركوك وإزالة قضية التجاوزات واٍعادة الأراضي المستملكة من قبل النظام السابق الى أصحابها الحقيقيين وتثبيت حقوق التركمان، وتوزيع المناصب والوظائف في المديريات وفي قوى الأمن الداخلي وغيرها من الامور العالقة.. إضافة الى ضرورة الحد من آليات التدخلات الخارجية في المنطقة التي تستخدم فيها قضية التركمان ورقة لحماية مصالحها الاقتصادية والاستراتيجية. وعلى أي حال فإنه لا تزال هناك بعض المسائل التي تشكل عائقا لفتح باب الحوار بين الأحزاب التركمانية والكردية وهو ما ينبغي اٍيجاد الحلول المرضية لها بالنسبة إلى كلا الطرفين. وأعتقد الطريق سيكون ممهدا لفتح باب الحوار من خلال اتباع سياسة تقبل الآخر والإعتراف به سياسيا وقوميا مع عدم تهميش المكون الآخر. كما ويجب إشراك طرف محايد ثالث أثناء الجلوس حول الطاولة ويفضل أن تكون الأمم المتحدة.

- من هي القوى التركمانية والكردية التي تبحث مشروع المصالحة؟

bull; لو نزلنا الى شوارع كركوك وأسواقها سنرى أن علاقات الأخوة قائمة بين التركمان والأكراد والعرب والمسيحيين، بمعنى آخر فإن جميع مكونات كركوك بكل قومياتها وطوائفها ينبذون العنف ويريدون العيش بسلام واستقرار، والكل يريد تحسين أوضاعه الاجتماعية والاقتصادية، وكلهم على يقين بأن الصراعات وعدم التوافق لا تصب في صالح مكونات كركوك. وأعتقد أن المصالحة نابعة من عمق الشارع الكركوكي وأن الشعب يضغط على أحزابه لإنهاء هذه الصراعات وإيجاد الحلول المرضية لجميع مكونات مدينة كركوك. ومن هنا فإن على الأحزاب التركمانية والكردية الإنصياع الى رغبة الشارع الكركوكي ومكوناته وأن يتكاتفوا لإعمار كركوك والعمل على تحسين أوضاع هذه المدينة التي تعتبر مصدر رزق الملايين من العراقيين.

- الى أي مدى تعتقد أن المادة 140 ومشكلة كركوك ستعرقلان تحقيق هذه المصالحة؟

bull; مشكلة كركوك لها جذورها السياسية والقومية والاقتصادية والاستراتيجية، فمن الناحية السياسية هي امتداد لآثار مؤتمر المعارضة العراقية في لندن عام 2002 والتي تصارعت فيه القوى الفاعلة لفرض أجنداتها للسيطرة على كركوك نتيجة للكبت السياسي والتراكمات السياسية للنظام العراقي السابق الذي حاول تغيير التركيبة السكانية للمدينة. ومقابل ذلك هناك صراع قومي مفتعل بين التركمان والأكراد أوجدته بعض الدول التي لها مصالح عامة في العراق ومصالح خاصة في إقليم كردستان. وكما هو واضح فإن مدينة كركوك هي من أغنى مدن العالم حيث تعوم على بحر من النفط، ويقدر مخزونها بـ6 ? من احتياطي نفط العالم بالإضافة الى خصوبة أراضيها الزراعية ووفرة مياهها. أما أهميتها الإستراتيجية في المنطقة فهي أنها تقع في وسط مثلث متساوي الأضلاع فتشرف من داخل العراق على كل من ايران وتركيا وسوريا. ولا أعتقد أن المادة 140 ومشكلة كركوك ستعرقلان عملية المصالحة لأن المصالحة بحد ذاتها ستكون الوسيط في حل المشاكل العالقة ومن هنا يجب على الجميع التعامل بشفافية وبمرونة لحل هذه الخلافات لأن الغطرسة واستعمال القوة والعنف ستعقد الامور أكثر.

- ما هو الدور او الموقف الاميركي والتركي من مشروع المصالحة هذا؟

bull; من المعلوم أن الإدارة الأميركية إرتكبت العديد من الأخطاء عند احتلال العراق، ومن أكبر هذه الأخطاء هو تجاهل التركمان القومية الأساسية الثالثة في العراق، وهنا يجب أن لا نلومها على هذا الموقف بل يجب أن نحمل السياسيين التركمان الذين شاركوا في العملية السياسية قبل سقوط النظام العراقي السابق مسؤولية هذا التجاهل. لكن التركمان بدأوا بالتقرب من الادارة الاميركية بعد أن أيقنوا عدم وجود مكان لهم ضمن المعادلة السياسية العراقية ورغم أن هذه الادارة لم تدخل التركمان في حساباتها الاولية قبل احتلال العراق نتيجة أخطاء السياسيين التركمان ولكنها أيقنت بعد الاحتلال عدم امكانية تجاهل التركمان العنصر الاساسي الثالث في العراق وأن التركمان لهم الدور الفاعل في استقرار العراق، وجاء هذا بعد أحداث كركوك عامي 2003 و2004 وأحداث تلعفر في 2005 والتفجيرات الدامية التي حصلت فيهما. فقد حدث نوع من التقارب بين التركمان والأميركيين بعد الاتصالات المستمرة للجبهة التركمانية عن طريق ممثليتها في أميركا الشمالية وزيارة وفد الجبهة برئاسة رئيسها سعدالدين اركج الى واشنطن عام 2007، يضاف الى ذلك ان الانسحاب الاميركي التدريجي من العراق وزيادة النفوذ التركي في المنطقة قد اثار حفيظة بعض الاطراف ما أدى الى الاهتمام بالتركمان. وأنا واثق من أن الادارة الأميركية سيكون لها تأثير كبير على الجانبين الكردي والتركماني في حل المشاكل العالقة دون تدخلات دول الجوار .

وتجدر الإشارة الى انه عند الحديث عن مشروع المصالحة نجد أن الإدارة الأميركية تؤيد هذا المشروع وقد ظهر هذا التأييد من خلال لقاءاتي المستمرة مع مسؤولين فيها في واشنطن وأعتقد أن الأميركيين سيكون لهم شأن في هذا المشروع. أما بالنسبة للموقف التركي من المصالحة المقترحة هذه فان لتركيا موقفا موحدا تجاه جميع مكونات الشعب العراقي وهي تريد الاستقرار للعراق وهذا ما أكده ويؤكده باستمرار الرئيس التركي عبد الله غول ورئيس وزرائه رجب طيب اردوغان.

- في ظل التقارب الكبير بين تركيا وحكومة كردستان هل تعتقد ان انقرة قد تخلت عن التركمان؟

bull; تعتبر تركيا من الدول القوية في المنطقة وحليفا قويا لأميركا رغم وجود بعض التوترات بين الجانبين وتركيا كدولة جارة للعراق لها سياستها الخاصة بها، كما أن العامل الاقتصادي ولحركة حزب العمال الكردستاني دور في التقارب بين تركيا وحكومة إقليم كردستان. ولتركيا علاقات قوية مع جميع الاحزاب السياسية العراقية وأستطيع أن أقول إن معظم رؤساء الاحزاب العراقية قد زاروا تركيا ولكن العلاقات بين تركيا وحكومة الاقليم لها ميزاتها الخاصة رغم وجود بعض فترات الفتور كما أن هذه العلاقات ليست بالجديدة فهي تعود الى ما قبل سقوط النظام العراقي السابق حيث برزت المساعدات التركية للجانب الكردي في مجالات كثيرة. واستنادا الى القول المأثور لرئيس الوزراء البريطاني السابق تشرشل بأنه quot;ليس هناك علاقات دائمة ولكن هناك مصالح دائمةquot; نستطيع القول إنه اضافة الى ان العلاقات التركية والكردية قد تعززت في الفترة الأخيرة ويعود هذا بالدرجة الاولى الى عوامل اقتصادية وسياسية واستيراتيجية، فتركيا اليوم باتت تسيطر اقتصاديا على الاقليم حيث إن أكثر من 3000 شركة تركية تعمل فيه اضافة الى أكثر من 25 ألفا من المواطنين الاتراك يعملون في الاقليم كما قامت الشركات التركية باستثمارات واسعة في المنطقة ولذا فمن الطبيعي أن تؤثر هذهفي العلاقات التركمانية والتركية. وقد حاولت تركيا توحيد الصف التركماني عندما استضافت النواب التركمان ورؤساء الاحزاب التركمانية لحل المشاكل العالقة بينهم ولكن الصراعات والخلافات الشخصية بين هؤلاء أفشلت هذه المحاولة ولذا فالاجابة على السؤال سيكون بسؤال آخر هو: هل أن العلاقات التركمانية والتركية تمر بفترة فتور أم هي نوع من التخلي والجواب ستوضحه الايام المقبلة.

- ما هي أسباب ضعف الموقف التركماني على الساحة السياسية العراقية وهزال تأثيراته على الأحداث اليومية؟

bull; هناك جملة من الأسباب أضعفت الموقف التركماني على الساحة السياسية العراقية منها السياسات الخاطئة التي أتبعتها بعض الاحزاب التركمانية وخاصة عند الانتخابات العراقية الاخيرة حيث دخلت في اتفاقات غير مثمرة وقد ظهرت نتائجها اليوم وخاصة في فشل اٍناطة منصب النائب الثالث لرئيس الجمهورية الى التركمان، وان كان الرئيس طالباني سارع لمعالجة هذا الخلل بطلب نائب تركماني رابع له. كما أن غياب توحيد الكلمة والرؤية التركمانية والاستراتيجية الموحدة بين هذه الاحزاب وانشغال قيادي التركمان في الصراعات واتهام بعضهم البعض كانت من جملة هذه الاسباب. لقد ظهر عدم توحيد الكلمة في اختيار المرشح لمنصب نائب رئيس الجمهورية حيث قدمت هذه الاحزاب حوالى خمسة عشر اسما من جميع الاحزاب وهذا بطبيعة الحال دليل واضح على التشرذم.

- هل تعتقد ان دور الجبهة التركمانية على الساحة العراقية قد ضعف وأصبح بلا تأثير؟ ما هي أسباب ذلك وما سبل معالجة هذا الضعف؟

bull; لا أعتقد أن دور الجبهة التركمانية على الساحة السياسية العراقية قد ضعف وأصبح بلا تأثير والدليل أن نتائج الانتخابات العراقية الاخيرة في محافظات كركوك والموصل وديالى قد أثبتت قوة الجبهة، وان كان هذا لا يعني أنها لا تخلو من الاخطاء وهذا أمر طبيعي نجده في معظم الاحزاب السياسية العراقية ومن جملة هذه الأخطاء تسجيل الجبهة التركمانية العراقية كحزب واحد ضمن الاحزاب في العراق وخاصة بعد أن تم تقليص حجمها اثر خروج فصائل منها وجاء هذا نتيجة تدخل بعض التركمان الموجودين في تركيا في القضية التركمانية ومحاولة تسييرها وفق أجنداتها الخاصة.. ولا أريد هنا الخوض في التفاصيل لأنه ليس كل ما يعرف يقال ولا كل ما يقال ينشر. كما أن التناحرات والصراعات الشخصية وتعيين الاشخاص غير الكفوئين في بعض المناصب قد قللت من شعبية الجبهة التركمانية في الوسط التركماني. ولكن هناك توجهات لمعالجة الموقف وسيكون من خلال مؤتمر الجبهة التركمانية الذي سيعقد الشهر المقبل.