في وقت اتسمت فيه التظاهرات التي شهدتها على مدار الأيام الماضية كل من ليبيا والبحرين واليمن بالعنف، ووصول الأمر هناك بين الفينة والأخرى إلى حد قتل المحتجين على يد القوات الموالية للنظام في تلك البلدان، بدا أيضاً أن الأردن المستقر إلى حد كبير قد شهد على الأقل بعض لحظات الغضب.
رغم أن قتال الشوارع كان أول اندلاع لأي أعمال عنف هذا العام في الأردن، بعد أن باتت الإحتجاجات السلمية سمة مميزة لأيام الجمعة في العاصمة الأردنية منذ مطلع العام الجاري، إلا أن الملك الأردني عبد الله الثاني، نجح حتى الآن في تفادي مستوى المعارضة التي ظهرت بشكل ملموس في أماكن أخرى في المنطقة العربية.
وفي هذا الصدد أكدت مجلة quot;فورين بوليسيquot; الأميركية اليوم، أن معظم الأردنيين ما زالوا يحترمون المؤسسة الملكية. وأوردت عن أحد المواطنين من مدينة العقبة الساحلية، قوله: quot;أعتقد أن 95 % من الناس هنا يؤيدون الملكquot;. وفي الوقت الذي لم يسبق أن حظيت فيه الأردن بتيارات معارضة قوية، فإن كثيرين في المملكة يعترفون بأن الدعم الذي يحظى به الملك ربما يكون مبالغاً فيه بعض الشيء.
وقال نواف التل مدير مركز الدراسات الإستراتيجية في الجامعة الأردنية: quot;أنا متأكد من أن هناك جمهوريين في هذا البلد. إذ أنه سيكون من الصعب أن نفترض أننا جميعاً ملكيون. وأنا الآن لست على علم بأي قوى مناهضة للنظام. وأنا متأكد من أن هناك أفراد ضد النظام الملكي الهاشمي، لكن ليس هناك من وجود لأي جماعات بالتأكيدquot;.
وأوضحت المجلة أن الجهة التي يمكن وصفها بأنها الأقرب إلى حركات المعارضة الحقيقية في الأردن هي جماعة الإخوان المسلمين، التي يعتبر جناحها السياسي quot;جبهة العمل الإسلاميquot; أكبر وأكثر الأحزاب السياسية تنظيماً في المملكة. ويبدو حتى الآن أن الجماعة مستعدة للعمل داخل المنظومة، ولم تُطلَق دعوات صريحة للإطاحة بالنظام الملكي.
ومع هذا، لم تغفل المجلة الإشارة إلى أن المملكة تعاني من نفس مشكلات البلدان التي تترنح فيها الآن الأنظمة الحاكمة أو حتى التي تمت الإطاحة بها بالفعل. فهناك شكاوى من انتشار الفساد، وانعدام فرص العمل، والحد من الحريات السياسية الأساسية، وهو ما كان يعانيه التونسيون والمصريون والليبيون. وهناك أيضاً مشكلة تراجع النمو الاقتصادي، في الوقت الذي يشكو فيه الأردنيون في المناطق الحضرية، وهم غالبية السكان في المملكة، من أنهم يمثلون تمثيلاً ناقصاً إلى حد كبير في البرلمان.
وهناك كذلك تضييقاً على حرية التعبير، خصوصاً عندما يتطرق الأمر إلى الإعتراض على النظام الملكي وإتفاقية السلام مع إسرائيل، أو الاعتراض على وجود الفلسطينيين في المجتمع الأردني. وهو ما يعني، طبقاً للمجلة، أن الملكية لا يمكنها الاعتماد على احترام المؤسسة فحسب، بل أنها مطالبة بأن تتعامل مع شكاوى مواطنيها.
ومضت المجلة تقول إن السلطات الأردنية نجحت حتى الآن في تلبية بعض التطلعات الطامحة في التغيير. ومنذ أن تم تعيين حكومة البخيت في التاسع من شباط- فبراير الماضي، تم الإعلان عن عدد من الإصلاحات المخطط لها، وتم تقديم وعد بتحقيق المزيد. وتبين أن الشكاوى الاقتصادية هي أكثر الشكاوى التي يصعب التعامل معها. حيث تأثرت البلاد نتيجة لإرتفاع أسعار الوقود والسلع المستوردة. ورغم أن الحكومة قد تعهدت بأن تُبقِي على أسعار الوقود ثابتة وأن تتخذ إجراءات أكثر صرامة ضد الفساد، لكن لم يكن بوسعها فعل شيء لخلق فرص عمل بسرعة.
من المقرر أيضاً أن تقوم الحكومة الجديدة بوضع قانون إنتخابي جديد، بعد أقل من 12 شهراً على آخر محاولة لإصلاح نظام البلاد الإنتخابي المعيب. ويقول محللون سياسيون محليون ورجال أعمال إن قانون الانتخابات القائم يشجع الإعتبارات القبلية والعشائرية للسيطرة على العملية الإنتخابية، مما يجعل من فرصة ظهور الأحزاب في داخل منصات السياسة الوطنية أمراً مستحيلاً. ورأت المجلة أنه إذا ما نجحت الإصلاحات الجديدة في تحقيق ما لم تحققه الجهود التي بذلت في الماضي وشجعت على ظهور أحزاب سياسية ناضجة، فمن الممكن أن ينذر هذا بحدوث تغيير أكبر في الساحة السياسية للمملكة. وقد قال الملك عبد الله الثاني إنه يرغب في ظهور أحزاب معارضة حقيقية، وشدد أيضاً على رغبته في تسريع وتيرة عملية الإصلاح.
التعليقات