يبدو الباكستانيون غير مهتمين بموجة الثورات التي تعم العالم العربي، حيث ينظرون إليها وكأن شيئاً لم يحدث، أو بشيء من عدم الفهم لطبيعة ومسببات هذه الحركات الإحتجاجية الشعبية.


ما يجري في الدول العربية منذ الثورة التونسية التي تلتها ثورة شعبية في مصر، وما يشهده اليمن ويجري في ليبيا والبحرين، أصبح حديث الشارع في كل مكان. والعالم كله يتابع تلك الأوضاع بعين الحذر، في حين يرى محللون أن الثورات الشعبية في الدول العربية قد تكون سببا في تجديد سياساتها أو بتعبير أدق بمنح الشعب دورا أكبر على الساحة السياسية، لكنهم يخشون اختلاس تلك الثورات على أيدي الانتهازيين وتبقى الشعوب كما كانت أو تواجه أنظمة أكثر ظلما وقمعا من سوابقها، بينما يرى آخرون أن الأنظمة الجديدة على الأقل ستكون أكثر انفتاحا أمام حريات الفرد التي كانت شجرة ممنوعة للشعوب العربية.

وقد استطلعت quot;إيلافquot; آراء عدد من المواطنين الباكستانيين حول تلك الثورات. ومن الغريب أن معظم الذين التقيناهم لا تهمهم تلك الثورات وكأن شيئاً لم يحدث أو أن الأمور جرت كالمعتاد وكانت متوقعة من قبل. وقد أكدت سيدة مثقفة تعمل في مجال الترجمة وفضلت عدم ذكر اسمها أنها لم تفهم دوافع تلك الثورات، مشيرة إلى أنها لم تهتم بها كثيرا، إلا أنها تقول إن ما جرى يبدو غريباً لأنه لم يكن هناك أي حراك قبل ذلك.

ويقول محمد عارف الذي سبق له العمل في الإعلام وهو على إطلاع على الأمور التي تجري، إن الثورات الشعبية في الدول العربية قد أوقعت الجميع في حيرة، لأن أحداً لم يكن يتوقع حدوثها. أما بالنسبة إلى الدوافع وراءها، فهو أيضا متردد، ويوضح أنها قد تكون مؤامرة أميركية لتمهيد طريق لتطبيق خططها الماكرة في الشرق الأوسط. كما أنه لا يستحيل أن يكون لتنظيم القاعدة دور غير مكشوف في تحريك الشارع، مبررا بأن زعيم القاعدة قد قال قبل فترة بأن القاعدة ستهاجم تلك الأنظمة من حيث لن تدرك، لكنه يبدي شكوكه إزاء نجاح تلك الثورات مبررا ذلك بأنه لا توجد لها قيادات، بل كل الثورات شعبية بدون أي قيادة موحدة.

ويبدي مواطن آخر (فضل عدم ذكر اسمه)، تعجبه مما جرى، متسائلاً quot; كيف سكتت تلك الشعوب على الظلم والقهر اللذين تعرضت لهما منذ زمن طويلquot;. ويصف الحكومات في مصر وتونس وليبيا بأنها أنظمة ملوكية، مبررا بأنه كيف يعقل أن يحكم مبارك مصر ثلاثين سنة دون أي منافس، وكيف يعقل أن يحكم القذافي ليبيا لنصف قرن، متسائلا quot;إذا لم تكن هذه الأنظمة ملوكية، فما يكون اسمها؟quot;.
وعن دوافع تلك الثورات يقول إنه لا يعرف أسبابها كليا، بيد أنه يرى أن جور الحكام ومعاداتهم للإسلام قد أدت إلى تلك الأوضاع، مضيفا أن تونس هي أول دولة فرضت الحظر على الحجاب الشرعي، رغم ادعائها الإسلام. كما أنه لا يستبعد مشاركة القاعدة بطريق أو آخر في تلك الثورات. وبدا متفائلا من نتائج الثورات العربية حيث أشار إلى أن الأوضاع السياسية ستتغير وأن الشعوب ستجد حقوقها. وسترفع الحظر المفروض على شؤون دينية.

على صعيد آخر يرى إحسان الله ويدير أعمالا خاصة به أن ما جرى ليس أكثر من مؤامرة خارجية لتغيير الوجوه في تلك البلاد، لأن الولايات المتحدة أرادت كسب شعبية في تلك الدول عن طريق دعمها لشعوبها وإسقاط أنظمة كان على رؤسها عملاء لها، لأن الشعوب قد ملتهم وهي الآن تحضر لتقديم وجوه جديدة تحافظ على مصالحها في المنطقة. وهو يؤكد أن الولايات المتحدة ترغب في تغطية فشلها في أفغانستان عن طريق تلك الثورات، لينسى الناس ما يجري في أفغانستان. مبررا لك بأن واشنطن قد خسرت تلك الحرب، لكنها لا تريد إعلان الهزيمة إبقاء لماء وجهها واغترارا بكونها القوة الخارقة في العالم.

من جهة أخرى يرى الصحافي محمد أحمد أن تلك الأمور لم تحدث في آن واحد، بل إن الحكام العرب الجائرين قد مهدوا الأرضية لها منذ سنين، متسائلا هل يعقل أن لا يحق لأحد المنافسة في رهان انتخاب رئيس للبلاد؟ هل يعقل أن تدعي دولة بأنها جمهورية وديموقراطية لكنها تفرض الحظر على جميع الأحزاب سوى حزب الرئيس؟.

ويرى محلل سياسي فضل عدم الكشف عن اسمه أن ما جرى في مصر وتونس وما يجري الآن في دول عربية أخرى، رسالة واضحة إلى الدول العربية الأخرى بأنها إن لم تقم بمنح الشعب حق التعبير ولم تقم بإصلاح الدوائر الرسمية الفاسدة، فإنها أيضا لن تكون بعيدة عن الثورات، مضيفا أن الأوضاع الاقتصادية في باكستان أسوأ مقارنة بتونس ومصر، لكن لم تحدث هنا ثورة بعد، لأن حرية التعبير في باكستان تعمل صمام أمن في سد طريق أي ثورة شعبية.