ساعدت الحركات الاحتجاجية حول العالم خلال العقود الماضية في فرض التغيير وإستعادة الحريات. وتعرض كريستيان ساينس مونيتور مجموعة من الثورات التي وقعت حول العالم منذ الحرب العالمية الثانية.
لم تغب أبداً موجات النقاش والسجال عن أي بلد سبق لشعبه أن انتفض على حكم زعيم أو قائد أو حتى محتل، فدائماً ما كان للرأي والرأى الآخر نصيباً في ما يدور على الساحة من أقاويل عن تلك الثورات الديمقراطية التي تُحرِّكها الشعوب، وكذلك نتائجها، وتداعياتها على الصعيدين الداخلي والخارجي.
ولعل ما تشهده المنطقة العربية حالياً من أحداث متلاحقة، وانتفاضات أدت بعضها للإطاحة بأنظمة، وبعضها الآخر إلى خلخلة أنظمة أخرى، خير دليل على ما يدور في ذهن كثيرين بشأن مستقبل تلك الثورات، وما إن كان مقدراً لها أن تنجح وتستمر أم لا. وفي هذا السياق، تنشر اليوم كريستيان ساينس مونيتور تقريراً تحلل من خلاله مجموعة مختارة من الثورات السياسية التي وقعت حول العالم منذ الحرب العالمية الثانية.
* الأميركيتان:
- غواتيمالا ( 1944 ) : حيث ساعد الإضراب العام الذي نفذه من عُرِفوا بـ quot;ثوار أكتوبرquot; وهم quot;ضباط جيش وطلاب ومهنيينquot;، على مدار أسابيع، في الإطاحة بديكتاتور عسكري. وقد انتهت هناك فترة الإصلاح الديمقراطي بحدوث انقلاب عسكري في عام 1954. ولفتت الصحيفة إلى أن النتائج التي آلت إليها تلك الثورة كانت متباينة.
- بوليفيا ( 1952 ) : حين أدت انتفاضة مدنية مسلحة إستمرت على مدار ثلاثة أيام إلى تشكيل حكومة جديدة، وإطلاق quot;ثورة الإصلاحات البوليفيةquot;، بما في ذلك حق الاقتراع الشامل والديمقراطية التعددية، حتى حدث انقلاب عسكري عام 1964، وكانت نتائج تلك الانتفاضة متباينة أيضاً.
- تشيلي ( 1988 ) : حيث تسببت تلك الحقبة التي حدثت خلالها تظاهرات سلمية في الفترة ما بين عامي 1983 و 1988 من جانب نشطاء مجتمع مدني ونقابات في إجبار الدكتاتور أوغستو بينوشيه على الدعوة لإجراء استفتاء. وقد رفضت البلاد في تشرين الأول/ أكتوبر عام 1988 ترشح بينوشيه لولاية أخرى، وهي الخطوة التي تلاها قدوم سلسلة من الرؤساء المنتخبين ديمقراطياً. وهو ما كان سبباً في نجاح تلك الثورة.
* أوروبا الغربية:
- فرنسا ( 1968 ) : حيث تسببت التظاهرات الطلابية التي استمرت على مدار ثلاثة أسابيع إلى قيام ثلثي الطبقة العاملة بإضرابات عامة، وهو ما أجبر حكومة شارل ديغول المحافظة أن تدعو لإجراء انتخابات فورية ( فاز بها ديغول ). ورغم فشل هذا التمرد سياسياً، إلا أن الفضل يعود إليه في مسألة التحرر الاجتماعي. أي أن نتائجه كانت متباينة.
- ألمانيا الشرقية ( 1989 ): حيث أدت الاضطرابات المدنية التي استمرت على مدار شهر إلى الإطاحة بإريك هونيكر، رئيس حزب الوحدة الاشتراكي، وسقوط جدار برلين في التاسع من تشرين الثاني/ نوفمبر. وهو ما فتح الطريق أمام لم شمل ألمانيا الشرقية وألمانيا الغربية في تشرين الأول/ أكتوبر عام 1990، أي أن النتائج كانت ناجحة.
* أوروبا الوسطى:
- المجر ( 1956 ): حيث إندلعت مظاهرات طلابية عفوية ضد سياسات الشيوعية خلال فترة استمرت على مدار ثلاثة أسابيع، لكنها سُحِقت على يد القوات والدبابات السوفيتية، ما أسفر عن مقتل 3200 شخصاً. وفي أيار/ مايو عام 1989، أدى تحرير الحكومة إلى فتح الحدود، ومن ثم السماح لمواطني ألمانيا الشرقية الفارين إلى ألمانيا الغربية بالمرور. هذا وترى منظمة quot;فريدوم هاوسquot; أن المجر محررة اليوم في الغالب. وهو ما جعل الصحيفة الأميركية تقول إن نتائج تلك الثورة جاءت متباينة.
- صربيا ( 2000 ) : حيث انتهت الاحتجاجات التي استمرت على مدار 10 أيام بسبب انتخابات الرئاسة المتنازع عليها بالتقاء متظاهرين من جميع أنحاء البلاد في بلغراد، وهو ما أدى إلى تقدم الرئيس سلوبودان ميلوسيفيتش باستقالته. وكانت تلك الثورة بمثابة السابقة لثورات quot;الألوانquot; التي جاءت بعد ذلك من تبليسي إلى كييف إلى بشكيك. وتصنف quot;فريدوم هاوسquot; هذا البلد بأنه محرر جزئياً. لذا جاءت نتائج تلك الاحتجاجات متباينة.
* أوروبا الشرقية:
- اتحاد الجمهوريات السوفيتية الاشتراكية ( 1991 ) : فرغم أن سياسات البريسترويكا والجلاسنوست قد بدأت في عام 1985، إلا أن قوى الإصلاح ساهمت بشكل غير متوقع في تفكك الاتحاد الشيوعي بين روسيا و 14 جمهورية مستقلة أخرى في كانون الأول/ ديسمبر عام 1991. وقد وصفت حينها الخارجية الأميركية روسيا بأنها دولة شبه سلطوية تُدَار بها بعناية انتخابات وطنية. لذا، كانت النتائج ناجحة.
* الشرق الأوسط وإفريقيا:
- مصر ( 2011 ) : حيث أدت موجة من التظاهرات الشعبية الحاشدة على مدار 18 يوماً إلى الإطاحة بالرئيس حسني مبارك. ولم تتضح إلى الآن النتائج النهائية لتلك الثورة.
- تونس ( 2011 ) : وهي صاحبة الثورة التي عُرفَت بـ quot;ثورة الياسمينquot; بعد أن استمرت الاحتجاجات على مدار شهر، وتسببت في الإطاحة بالرئيس السلطوي زين العابدين بن علي. وستقود حكومة انتقالية البلاد حتى يتم إجراء انتخابات الرئاسة المقرر لها في منتصف العام الجاري. ولم تتضح أيضاً حتى الآن النتائج النهائية لتلك الثورة.
- السودان ( 1964 ) : حيث أدى القيام بإضراب عام وأعمال شغب استمرت لعدة أيام ndash; فيما عُرِفَت بـ quot;ثورة أكتوبرquot; ndash; إلى قيام قائد الجيش الذي كان رئيساً للبلاد بتسليم السلطة إلى حكومة مدنية انتقالية، وهو الأمر الذي انتهى بحدوث انقلاب عسكري عام 1969. أي أن النتائج التي تمخضت عنها تلك الثورة الشعبية كانت ناجحة.
- إيران ( 1979 ) : حيث كانت الثورة الإسلامية تصعيداً للإضرابات والمظاهرات العامة التي استمرت على مدار 15 شهراً وأجبرت الشاه رضا بهلوي إلى مغادرة البلاد والعيش في المنفى. وقد جاء بدلاً منه رجال دين متشددين محافظين ليكونوا حكام على نظام نيابي مبني على الشريعة الإسلامية. ولم تشهد البلاد مطلقاً ديمقراطية انتخابية. وفي العام 2009، حدثت انتفاضة quot;الحركة الخضراءquot; الخاصة بالمعارضة الإيرانية، حيث تم تنظيم احتجاجات في الشوارع على نطاق واسع عبر وسائل الإعلام الاجتماعية تنديداً بأعمال التزوير التي يُعتقد أن انتخابات الرئاسة هناك قد شهدتها ndash; وبدأت تلك الاحتجاجات في حزيران/ يونيو ولا تزال مستمرة بشكل متقطع من حينها. وبالنظر إلى ذلك، نجد أن نتائج تلك الانتفاضة متباينة.
* آسيا:
- الفلبين ( 1986 ) : حيث لاذ الرئيس فيرديناند ماركوس بالفرار من البلاد، بعد أن أدت تلك الانتفاضة العسكرية المدنية السلمية التي استمرت على مدار أربعة أيام إلى استبداله بكورازون أكينو، أرملة أحد زعماء المعارضة الذي تعرض للاغتيال قبلها بثلاثة أعوام. وقد خلفها العديد من القادة المنتخبين ديمقراطياً. أي نتائج الثورة كانت ناجحة.
- الصين ( 1989 ) : حيث استمرت الاحتجاجات الجماعية من جانب الطلاب والمثقفين والفئات العمالية على مدار شهرين في ساحة تيانانمن، وانتهت من خلال حملة قمع عنيفة من قبل الحكومة الشيوعية. ولم تكن نتائج تلك الانتفاضة ناجحة بأي حال من الأحوال.
التعليقات