بدأ الحديث عن إمكانية فشل برنامج الإتحاد الأوروبي لتحقيق تعليم جيد في العراق بسبب الفساد، وقد رصد الإتحاد الأسبوع الماضي لهذا البرنامج 17 مليون دولار، لكن المتخصصين يبدون خشيتهم من تبديد المنحة نتيجة سوء الإدارة.



بغداد: أعرب متخصصون عراقيون عن خشيتهم من فشل برنامج للإتحاد الأوروبي لتحقيق تعليم جيد في العراق بكلفة 17 مليون دولار بسبب الفساد وسوء الإدارة.

وأطلق عدد من الخبراء والمتخصصين في التعليم في العراق في تصريحات لـquot;إيلافquot; تحذيرات ومخاوف من احتمال تسبب الفساد الذي يسود المؤسسات والدوائر الحكومية العراقية المركزية منها والمحلية بتبديد المنحة التي قررها الإتحاد الأوروبي لتحسين فرص الحصول على التعليم الأساسي الجيد في العراق.

وقال ماجد نيسان موظف في تربية الكرخ إن غياب برنامج تعليمي مهني واضح ومتكامل لرفع مستوى التعليم في العراق طوال الأعوام الماضية يثير القلق من الإحتمالية الكبيرة لتضييع المنحة التي قرر الإتحاد الأوروبي تقديمها للمساهمة برفع وتحسين مستوى التعليم في العراق.
ولفت نيسان الى ان انعدام إرادة الإصلاح لدى السياسيين العراقيين وأفراد الحكومتين المركزية والسياسية يعتبر عائقاً جوهرياً، ولن يكون مستغرباً إن سمعنا بعد حين عن تلاشي منحة الإتحاد الأوروبي، كما يحدث مع المليارات التي دخلت العراق سابقاً من دون ان تحقق البرامج التي تم الحديث عنها أي نجاح يذكر.

أما ناهدة رويزق من الهيئة التدريسية في جامعة بغداد فقالت ان التعليم في العراق بلغ أسوأ مستوياته ولا بد من التصدي ووقفة مجابهة شجاعة وصلبة لأن الأمر يتعلق بمستقبل أطفالنا وأولادنا وبناتنا، ولا يصحّ إطلاقًا العبث بموضوع كهذا، وتابعت quot;انخفض المستوى التعليمي طوال العقود الثلاثة الماضية في العراق، ولم تعد الجامعات الخارجية تحترم او تعترف بالشهادة الأكاديمية العراقية، وهو أمر يحزّ في القلب والعقل، فإن لم تعد المدارس الإبتدائية قادرة على تعليم التلامذة مبادئ التعليم الفعلية، وان لم تتمكن الجامعات من تخريج طلاب أكفاء في اختصاصهم مثل أطباء مهرة وعلماء ذوي بأس ومدرس يفهم بالتدريس ومهندس مقتدر، فكيف سيكون مصير العراق والعراقيين بعد 10 أعوام مثلا؟.
وختمت بالقولquot; نحتاج حملات مكثفة وقوية على مستوى العراق للنهوض بالمستوى التعليمي. اما بخصوص منحة الاتحاد الأوروبي فلست متفائلة لأن منحاً كثيرة تم تقديمها للعراق على مدار السنوات الماضية، لكن أين ذهبت؟ خصوصاً أن الخدمات في العراق سيئة الى حد يثير الغضب والانفعالquot;.

17 مليون يورو لتعليم جيد
أعلن الاتحاد الأوروبي الأسبوع الماضي عن تقديمه مساهمة تبلغ 17 مليون يورو لتحسين فرص الحصول على التعليم الأساسي الجيد في العراق. وأطلق الاتحاد برنامج تحسين فرص الحصول على التعليم الأساسي بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة quot;اليونيسيفquot; وحكومة العراق، حيث ستعمل الأطراف الثلاثة على وضع سياسات تعليمية جديدة.

وجاء في بيان صادر من منظمة اليونيسيف في العراق تلقت إيلاف نسخة منه quot;ان هذا البرنامج يمثل استمراراً للعمل الجاري لدعم حكومة العراق على تطوير التعليم والإستراتيجية الوطنية لتحقيق الأهداف التعليمية.

وقال إسكندر خان ممثل اليونسيف في العراق تعليقًا على إطلاق البرنامج quot;سيكون لهذا البرنامج المهم دور محوري في توفير الحق الأساسي في الحصول على التعليم في المدارس الابتدائية لجميع الأطفال في العراق في السنوات المقبلةquot;.
وأضاف quot;من خلال تحسين نوعية التعليم الابتدائي شموليًا وإرجاع الآلاف من الأطفال واليافعين الذين هم حالياً خارج النظام التعليمي الى المدارس، فإن ملايين الأطفال في العراق سيتمكنون عبر الإستفادة من المهارات التي سيكتسبونها، من الخروج من الفقر، وأن ينعموا بالازدهار، ويشكلون قوة بناء من أجل عراق مستقر وسلمي في المستقبلquot;.

اما جوبست فون كيرخمان رئيس التعاون الإنمائي في وفد الاتحاد الاوروبي الى العراق فقال quot;إن الحصول على فرص التعليم الجيد في العراق هو عنصر أساسي للحصول على فرص عمل أفضل في اقتصاد السوق الأكثر تنوعا وتنافسا. والاتحاد الأوروبي يؤمن بأن تقديم التعليم الجيد لجميع الأطفال هو استثمار في مستقبل العراق، وسنستمر في مساعدة العراق على بناء مستقبلهquot;.

وسيعمل البرنامج على مدى السنوات الثلاث المقبلة على تطوير السياسة التعليمية الجديدة من خلال مراجعة المناهج الدراسية للتعليم الأساسي، وكذلك لبرنامج التعليم المسرع لليافعين الخارجين عن المدارس ووضع خطط الإستثمار المدرسية المتعددة السنوات، إضافة الى وضع معايير تعكس الإنصاف بين الجنسين في المدارس وضمان معايير المدارس الصديقة للطفل.
كما سيتم تطوير كفاءات وزارة التربية والتعليم وقدرات كوادرها في وضع الخطط والميزانيات ورصد أنشطة التعليم وفقاً للإحتياجات الملحة في البلاد، وكذلك تدريب المعلمين على استخدام منهجيات التدريس الصديقة للطفل وتدريب مديري المدارس على استخدام أفضل الممارسات العالمية في إدارة المدارس. وسيشمل البرنامج حملات التعبئة الاجتماعية لزيادة معدلات الالتحاق والتخرج من المدارس، وخصوصاً للفتيات، وتشجيع الممارسات الصحية بين الطلاب.

طبقا للبرنامج سيتم تنفيذ الحملات في 1200 من المجاميع الإجتماعية، حيث تتوقع اليونيسيف ان تعمّ الفائدة من البرنامج على أكثر من ستمئة ألف طفل من الأطفال الأكثر حرماناً تربويًا في أنحاء العراق.

ضعف معدلات الالتحاق بالمدارس
يذكر ان معدلات الالتحاق بالمدارس الابتدائية في عموم العراق تبلغ اليوم حوالي 87%، وهي نسبة أقل بكثير من أهداف العراق الإنمائية المؤمل تحقيقها بحلول 2015، والتي تبلغ 89 %، أي بفارق حوالي سبعمئة ألف طفل جديد في سنّ الالتحاق بالمدارس الابتدائية، الذين لم يحضروا المدارس الابتدائية في كل عام (حسب اليونيسيف).

وطبقًا لتقارير صادرة من اليونيسيف يوجد أكثر من ستمائة ألف تلميذ عراقي يكرر الصف في المرحلة الابتدائية من الدراسة، إضافة إلى العديد من المتسربين من المدارس، حيث إن أقل من 50 % من جميع الأطفال الملتحقين بالمدارس الابتدائية يلتحقون بالمدارس المتوسطة والثانوية خلال سنوات حياتهم كيافعين.
كما تظهر اختلافات في نسب الالتحاق بالمدارس الابتدائية والمواظبة وإكمال المرحلة التعليمية على مستوى المحافظات في أنحاء العراق. في حين أن معدل الالتحاق بالمدارس الابتدائية أعلى في كل من وسط العراق وشماله، حيث أكثر من 8 من كل 10 أطفال مسجل في المدارس الابتدائية، تهبط هذه النسبة في جنوب العراق بشكل كبير مع تسجيل أقل من 65 % في محافظات مثل ذي قار وبابل والبصرة. ونسب تسجيل الفتيات أقل من الأولاد في ما يقربكل محافظات العراق الـ18، مع 82 % فقط من الفتيات المسجلات في المدارس الابتدائية على الصعيد الوطني مقارنة مع 91 % للذكور.

اليونيسيف: برامج دعم الشفافية والنزاهة
حول كيفية ضمان انجاز وتنفيذ برنامج فرصة الحصول على تعليم جيد الذي يرعاه الاتحاد الأوروبي بالتعاون مع اليونيسيف في العراق، قال سلام عبد المنعم المسؤول الإعلامي في اليونيسيف في العراق quot;منظمة اليونيسيف معروف عنها مدى شفافيتها ومساهمتها في مساعدة الشعوب في ما يتعلق بالبنى التحتية والاقتصاد والتعليم ودعم وتدريب المؤسسات المستقلة في العراق وتدريب الكوادر في الاختصاصات كافة تقريبًاquot;.

وتابع quot;نحن نعتمد الشفافية والوضوح في تعاملنا في اليونيسيف، حيث تصدر تقارير مفصلة عن كيفية وطريقة صرف الأموال المخصصة للمشاريع المنجزة او التي يزمع انجازها في العراق او في أي مكان في العالمquot;.

ونفى عبد المنعم ان يكون لليونيسيف دور رقابي على الحكومة العراقية في ما يتعلق بمجالات مراقبة صرف الأموال الممنوحة لها لأجل انجاز المشاريع التي لها علاقة مباشرة بتحسين حياة الإنسان العراقي وخلق مستقبل كريم له، لكنه قال ان اليونيسيف نفذت العديد من البرامج لتعزيز ودعم قدرة وكفاءة الحكومة العراقية في ما يتعلق بالشفافية والنزاهة.

ولفت عبد المنعم الى ان الأسبوعين المقبلين سيشهدان البدء في تنفيذ برنامج تحسين فرص الحصول على تعليم جيد لتلاميذ العراق، الذي ساهم الاتحاد الأوروبي بتمويله بمبلغ يقارب 17 مليون يورو.