توقيف ستراوس كان في نيويورك

جاء توقيف مدير صندوق النقد الدولي دومينيك ستراوس كان في نيويورك بعد مواجهته بتهم متعلقة بالاعتداء الجنسي لتهدد بقلب خريطة السياسة الفرنسية وإضعاف الدور المركزي الذي يلعبه صندوق النقد الدولي في حل أزمة الديون العميقة التي تعانيها أوروبا.


كان من المتوقع أن يتم استدعاء مدير صندوق النقد الدولي دومينيك ستراوس كان، 62 عاماً، صباح اليوم الاثنين بتهم ذات صلة بمحاولته الاغتصاب والقيام باعتداء جنسي جنائي وكذلك احتجاز غير قانوني لخادمة في فندق في مدينة نيويورك، حيث كان يقيم، وفقاً لما ذكرته الشرطة.

وقال المحامي ويليام تايلور، من أمام محكمة مانهاتن الجنائية مساء يوم أمس إنه تم تأجيل استدعاء ستراوس كان بعد أن وافق عن طيب خطر على الخضوع لفحص علمي للطب الشرعي مساء اليوم. وأوضح تايلور أن المحققين طالبوا بإجراء هذا الفحص. وقد وافق كان على إجرائه، بعد أن طلبت الشرطة أمر تفتيش للبحث عن خدوش وأدلة الحمض النووي المتعلقة بالخادمة التي وجهت تلك الاتهامات لستراوس كان.

وقد استعان كان أيضاً بالمحامي البارز، بنيامين برافمان، الذي سبق أن ترافع عن مشاهير من أمثال المطرب الراحل مايكل جاكسون ومغني الراب شون كومبس. وأكد برافمان من جانبه أنه سيثبت أن موكله غير مذنب. وبدأت تظهر بعض التفاصيل الجديدة ذات الصلة بقصة إلقاء القبض على كان في الساعات التي تلت تلك الحادثة المزعومة أول أمس.

دومينيك ستروس خرج من مفوضية الشرطة في نيويورك مكبّل اليدين
مخاوف من تعقيد الجهود الجارية لتسوية أزمة المديونية في منطقة اليورو
توقيف دومينيك ستروس يساهم في تراجع اليورو وأسعار النفط
قاد صندوق النقد الدولي في ذروة الأزمة الإقتصادية العالمية ستراوس كان... من حرب العملات الى الإعتقال بتهمة التحرّش

وقالت الشرطة إن من أبرز اللحظات تلك التي اتصل فيها كان بالفندق ليسأل عما إن كان قد ترك هاتفه الجوال هناك أم لا. فكذب أحد مسؤولي الأمن في الفندق وأخبره بأنه يمتلك الهاتف، وطلب منه تحديد مكانه لمقابلته ليعيد له الهاتف. وأوقفته الشرطة في مطار جون كينيدي الدولي في نيويورك، حيث كان في طريقه إلى فرنسا.

ورأت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية أن هذا التوقيف المفاجئ جاء وسط اهتمام عالمي متزايد بالدور الذي يلعبه صندوق النقد الدولي، تلك المنظمة المكونة من 187 دولة وتقدم المشورة والقروض للاقتصاديات المتعثرة. ويلعب ستراوس كان دوراً بارزاً في عمليات الإنقاذ المالي في أوروبا، في وقت يتعافى فيه الاقتصاد العالمي من موجة التباطؤ المالي وتترنح القارة العجوز بفعل أزمات الديون المستحقة على الحكومات.

وتابعت الصحيفة بقولها إن هذا التوقيف من الممكن أن يغير مجرى انتخابات الرئاسة في فرنسا العام المقبل. حيث يتوقع على نطاق واسع أن يترك ستراوس كان منصبه عما قريب في صندوق النقد الدولي لخوض غمار الانتخابات الرئاسية في بلاده، كمرشح عن الحزب الاشتراكي، وأظهرت استطلاعات رأي أجريت مؤخراً تفوقه، من حيث نسبة التصويت، على الرئيس الحالي نيكولاس ساركوزي.

لكن من المحتمل أن يتسبب توقيفه في إصابة أحلامه للترشح بحالة من الإحباط، وتعزيز فرص منافسه ساركوزي، حسب ما أوردت الصحيفة الأميركية في هذا السياق. كما قد يعمل ذلك على دعم فرص زعيم الجبهة الوطنية اليمينية المتطرفة مارين لوبان.

من جهتها، أكدت آن سنكلير، زوجه ستراوس كان، وهي صحافية فرنسية بارزة، أنها لا يمكن أن تصدق أيًا من تلك الاتهامات الموجهة لزوجها. وقالت في بيان لها إنها لا تشك في براءته. وقبل أن تستوقفه الشرطة في المطار، كان يعتزم ستراوس كان التوجه إلى أوروبا لمقابلة المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، يوم أمس الأحد ليجري معها مناقشات بشأن أزمات الديون في اليونان والبرتغال وايرلندا. كما كان يخطط لحضور اجتماعات مهمة طوال الأسبوع مع وزراء المالية الأوروبيين وغيرهم من كبار المسؤولين لوضع اللمسات النهائية على حزمة المساعدة المقدمة للبرتغال وتقديم خيارات تهدف إلى وقف التدهور الحاصل في الشؤون المالية اليونانية.

في غضون ذلك، أدت تلك الأخبار التي تحدثت عن توقيف كان إلى حدوث حالة من الاستنفار داخل المقر الرئيس لصندوق النقد الدولي في واشنطن، حيث تسبب ذلك في نشوب موجة من المراسلات عبر البريد الإلكتروني ودعوات لإقامة مؤتمر وكذلك اجتماعات غير رسمية، في وقت كان يسعى فيه المسؤولون إلى تقييم خطوتهم المقبلة - بما في ذلك ما إن كان رئيسهم يعتزم التقدم باستقالته نتيجة لتلك الأحداث أم لا.

وكان يخطط المجلس التنفيذي لصندوق النقد أن يتقدم ببيان موجز حول الأمر مساء يوم أمس الأحد، لكن تم تأجيله، بعد أن جاء استدعاؤه متأخراً عما كان متوقعاً. وقام المسؤول الثاني في الصندوق، جون ليبسكي، بدور القائم بأعمال مدير إدارة. وتم إرسال المسؤول الثالث، وهي نائب المدير العام نعمت شفيق، إلى بروكسل، بدلاً من ستراوس كان، لحضور اجتماع مقرر اليوم الاثنين لوزراء مالية منطقة اليورو.

وقالت الصحيفة إن توقيف كان من الممكن أن يدفع بمنتقديه لزيادة الهجوم عليه بسبب استمرار دعم صندوق النقد لليونان وباقي منطقة اليورو. ولفتت الصحيفة في الإطار نفسه إلى أن ستراوس كان وباعتباره مسؤولاً بارزاً في صندوق النقد، فإنه يحظى بحصانة دبلوماسية فقط في ما يتعلق بأعمال الصندوق الرسمية. في حين أوضح أحد مسؤولي الصندوق أن ستراوس كان تواجد في نيويورك في مهمة عمل خاصة. وسيعتمد الحكم المحتمل صدوره بحق كان، إذا أدين، على عدد ونوعية التهم الموجهة إليه.

ووفقاً للرواية التي سردتها الضحية، وهي غينية الأصل وأم لطفلين، وتبلغ من العمر 32 عاماً، فإنها دخلت الغرفة رقم 2806 في حوالى الساعة الثانية عشرة مساءً يوم السبت، بغية تنظيفها، بعد أن اعتقدت أنها خالية. وأوضحت أن ستراوس كان خرج من الحمام عارياً واقترب منها من الخلف وداعب أثداءها ثم ألقى بها على السرير، طبقاً لما قاله أحد مسؤولي إنفاذ القانون المطلعين على القضية.

وبعد أن نجح ستراوس كان في فرض سيطرته عليها، قالت إنه اعتدى عليها جنسياً، قبل أن يسمح لها بالمغادرة. وبعدها، أخطرت مسؤولي الأمن في الفندق، الذين عرضوا عليها صورة للنزيل المتواجد في الجناح. وبعد أن تعرفت إلى ستراوس كان، اتصل مسؤولو الفندق بالشرطة. ونُقِلت بعدها عاملة النظافة للمستشفى لمعالجتها من آثار الصدمة، وإخضاعها لاختبار الاعتداء الجنسي ثم أفرج عنها في وقت لاحق. وقالت الشرطة إن ستراوس كان غادر الفندق في تمام الساعة الـ 12.38 مساءً.