|
لا يختلف أهل الإقتصاد والمال على قدرة مدير صندوق النقد الدولي دومينيك ستراوس كان على قيادة هذه المؤسسة، ويعتبر أحد أكثر الشخصيات التي ترسم مستقبل الإقتصاد العالمي والرأسمالية الجديدة، غير أنه يخضع حالياً للإستجواب بتهمة التحرّش الجنسي بعاملة في أحد فنادق مانهاتن الشهيرة.
واشنطن: لايختلف أهل الإقتصاد والمال، وكذلك السياسة في الولايات المتحدة، التي يقع في وسط عاصمتها واشنطن مبنى صندوق النقد الدولي، على قدرة دومينيك ستراوس كان في قيادة هذه المؤسسة الدولية عند أحلك الظروف التي عصفت بالإقتصاد العالمي، وكادت أن تُطيح بالتجربة الرأسمالية خلال السنوات الأربع المنصرمة.
فالفرنسي ستراوس كان، الذي جاء من عاصمة النور باريس، بكل مؤهلاته الإقتصادية والأكاديمية والسياسية الى واشنطن في شهر نوفمبر/تشرين الثانيمن العام 2007، ليتولى منصب رئاسة صندوق النقد الدولي، هو من الشخصيات التي يشار إليها بالبنان، حيث تعتبره الاوساط الإقتصادية الأوروبية هامة رفيعة، تتمتع بصفات قيادية فريدة، تؤمن بالهمة والتجديد والحزم واليقظة واتخاذ القرار.
إتقان مهارة القيادة الجماعية داخل أروقة صندوق النقد الدولي المؤسسة الأهم من قبل دومينيك ستراوس كان، دفع مجلة quot;فورين بوليسيquot;، المصنفة كأحد أكبر المجلات في ساحة العلاقات الدولية، إلى اختياره ضمن مائة مفكر أثرت أفكارهم في تشكيل العالم خلال 2010، محتلاً المرتبة الثانية بعد بيل جيتس صاحب شركة مايكروسوفت، ومتقدماً على الرئيس الأميركي باراك اوباما.
ويعتبر منظرو الإقتصاد العالمي دومينيك ستراوس كان، الذي سبق وأن عمل وزيراً للاقتصاد والمالية في حكومة بلاده مابين العام (1997-1999)، أحد أكثر الشخصيات التي ترسم مستقبل الإقتصاد العالمي والرأسمالية الجديدة، حيث استطاع، وهو على رأس صندوق النقد الدولي، أن يقدم الدعم لليونان والمجر وباكستان واوكرانيا، وأنقذ العالم من حرب العملات، كما حاول ايضاً أن يبعد بالحيلة والدهاء الجدل الدائر حول سياسة الصين بشأن العملات خارج المجلس التنفيذي للبنك.
وعلى الرغم من ذلك، يبدو أن دومينيك ستراوس (62 عاماً)، لايحظى بتأييد الجميع، إذ يعتبرهُ فريق آخر رأس حربة للمشروع الرأسمالي البشع المسؤول عن صناعة الفقر، الذي وضع خمس سكان الكرة الأرضية تحت خط الفقر، بدخل يومي أقل من دولار، فيما جعل متوسط الدخل في أغنى 20 بلد في العالم يساوي 37 مرة متوسط الدخل في أفقر 20 بلد في العالم.
ويواجه مدير صندوق النقد الدولي حملة إعلامية شرسة، بعدما اتهمته صحافية بالثراء غير المشروع، من خلال استغلال منصبه، وقالت صحيفة quot;فرانس سوارquot; إنه اشترى بدلة واحدة وصل سعرها إلى 35 ألف دولار من أحد الخياطين المشهورين في واشنطن، وهو ما نفاه دومينيك ستروس كان.
وتسلم الرجل الإقتصادي البارز في الساحة الأوروبية أعلى منصب داخل صندوق النقد الدولي قبل ثلاث سنوات ونصف سنة،بدعم من الرئيس نيكولا ساركوزي، تردد بعدها أن الأخير عمد من هذه الخطوة إبعاده عن تفاصيل الحياة السياسية، كي لايشكل وجوده هناك خطراً على مستقبله السياسي، لإعتبار أن دومينيك ستراوس كان يتمتع بذكاء حاد وبإستطاعته تحريك بوصلة العملية السياسية في فرنسا.
وتحفل حياة المدير العام لصندوق النقد الدولي دومينيك ستروس المهنية بإرتدادات قوية، فقبل أن تقتاده شرطة ولاية نيويورك الأميركية يوم السبت الماضي من مطار جون اف كيندي الدولي، وهو متوجه الى باريس من أجل المشاركة في اجتماع لوزراء مالية دول اليورو في بروكسل، للاستجواب على خلفية اتهامه بالاعتداء الجنسي بعاملة في أحد فنادق quot;مانهاتنquot; الشهيرة، دخل في أكتوبر/تشرين الأولمن العام 2008 بعلاقة عاطفية مع باحثة اقتصادية مجرية تعمل في مكتبه، بيد أن مجلس ادارة الصندوق برّأه من أي تهمة لاستغلال صلاحياته.
ولعل الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي أكبر المستفيدين من تلك الإرتدادات التي هزّت مشوار دومينيك ستروس المهني، حيث ينوى دخول استحقاقات الانتخابات الرئاسية في العام 2012 كأحد ابرز الوجوه الاشتراكية المنافسة لدخول قصر الأليزيه.
لكن ما يُؤكده المراقبون هنا عكس ذلك، بدليل أن نجمه ظل صاعداً حتى بعد حادثته مع المجرية، واستمرت شعبيته في الارتفاع، وسط الرأي العام الفرنسي، الذي يختلف عن المزاج العام في الولايات المتحدة، حيث كانت للرئيس الاميركي السابق بيل كلينتون تجربة مريرة عندما تكشفت علاقته الحميمية بمونيكا لونسكي، حيث كادت أن تعصف بمستقبله السياسي، لولا الانجازات الاقتصادية التي حققها للولايات المتحدة الاميركية، وهو ما أعتبره الأميركيون إنجازاً كبيراً حينه.
ويحمل دومينيك ستروس الآتي من الخلفية الإكاديمية، والذي كان عضواً في الجمعية الوطنية الفرنسية واستاذاً للاقتصاد في معهد الدراسات السياسية في باريس، فكراً خليطاً، يقع في منزلةٍ ما بين المنزلتين للتوجه الإشتراكي والرأسمالي، ولطالما ظل يروّج لمدرسة الاشتراكية الواقعية، التي تتفاعل في زمن العولمة التي تقودها المدرسة الرأسمالية.
التعليقات