أدّى عدم تصويت مجلس النواب العراقي بسحب الثقة من المفوضية العليا للانتخابات إلى تصعيد التوتر ضمن التحالف الوطني الشيعي، ورفضت مكوناته اتهامات ائتلاف دولة القانون بحماية المفسدين واصفة هذه الاتهامات بالمحاولة لفرض الارادة بالترهيب.

صورة تجمع قادة التحالف الوطني العراقي

لندن: تصاعدت حدة خلافات اليوم داخل التحالف الوطني quot;الشيعيquot; العراقي ازاء عدم تصويت مجلس النواب بسحب الثقة من المفوضية العليا للانتخابات وردت مكوناته اليوم رافضة اتهامات ائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء نوري المالكي لها بحماية المفسدين واصفة هذه الاتهامات بأنها محاولة لفرض الارادة بالترهيب وقالت إن عدم تصويتها لسحب الثقة جاء اثر نقض الائتلاف لاتفاقات معها حول الموضوع.

ائتلاف المالكي يقاطع اجتماع الائتلاف

وإثر اجتماع لمكونات التحالف في بغداد اليوم الجمعة بحضور ممثلين عن التيار الصدري وحزب الفضيلة والقوى الاخرى وبغياب اي ممثل عن ائتلاف المالكي فقد قال بهاء الاعرجي القيادي في التيار الصدري بهاء الاعرجي خلال مؤتمر صحافي في بغداد اليوم ان التحالف ضد الفساد ولذلك فإنه ستتم احالة ملفات فساد المفوضية على هيئة النزاهة العامة . واضاف quot;اننا لانريد استغلال هذه القضية سياسياً وسنكون اول المصوتين على الترشيق الوزاري في جلسة مجلس النواب يوم غدquot; حين سيحضر المالكي الى البرلمان السبت لتقديم ايضاحات حول الامر اضافة الى قضايا ملحة اخرى تتعلق بتطورات الاوضاع السياسية في البلاد.

وكشف الاعرجي عن توقيع التحالف الوطني وائتلاف دولة القانون اتفاقا قبيل انعقاد جلسة مجلس النواب أمس بإنشاء مفوضية جديدة خلال 60 يوما quot;لكنا فوجئنا بما حدث في الجلسة حيث ان الوضع السياسي والامني لايتحمل إلغاء المفوضية في الوقت الحاضرquot;. وكشف عن وثيقةَ اتفاق مع ائتلاف دولة القانون تقضي بأن يتمَ سحب الثقة عن المفوضية وتكليفها بمواصلة مهامها لحين ِتشكيل مفوضية جديدة خلال ستين يوماً. واوضح ان ائتلاف دولةَ القانون تنصل من هذا الاتفاق ما اثار مخاوف الاطراف الاخرى من ان تدخلَ البلاد في أزمة وسائلِ ممارسة الديمقراطية الممثلة احدها بمفوضية الانتخابات ليكون الحال كما هو عليه الان واقع الوضع السياسي الذي تعصف به الازمات جراء الخلافات الشخصية والتهرب من الالتزام بالاستحقاقات والاتفاقات السياسية.

وحذر الاعرجي من ان سحب الثقة حاليا يحرم الشعب من استحقاقات انتخابية مقبلة . واكد ان أعضاء مجلس النواب مارسوا أمس حقهم الديمقراطي في التصويت من عدمه على سحب الثقة من مفوضية الانتخابات . لكنه اشار الى ان اتهام البعض للبرلمان حماية الفساد لا ينسجم مع المعايير الديمقراطية ويخالف الدستور والقوانين النافذة .. مؤكدا ان هذا السلوك يشير الى أن البعض يحاول أن يفرض إرادته بالقوة سواء بالترغيب أو الترهيب في اشارة الى ائتلاف المالكي .

واشار الاعرجي الى ان التحديات التي تواجه العراق حالياً تكمن في محاربة الفساد الأكبر المتمثل بوجود الاحتلال فعلى الذين يطالبون بمحاربة الفساد أن يثبتوا صدق مواقفهم من خلال المطالبة بخروجه وعدم التمديد له .

الفتلاوي: هناك مصالح مشتركة بين الجهات التي لم تصوت اليوم لسحب الثقة والمفوضية

وكانت النائبة عن ائتلاف دولة القانون حنان الفتلاوي التي قادت حملة الاتهامات بالفساد ضد مفوضية الانتخابات واتهمتها بالفساد، اتهمت امس الكتل التي لم تصوت على سحب الثقة وخصت بالذكر التيار الصدري وحزب الفضيلة والقائمة العراقية بحماية المفسدين وقالت إن على البرلمان ان لايتحدث بعد الان عن مكافحة الفساد . وأضافت ان هناك مصالح مشتركة بين الجهات التي لم تصوت اليوم لسحب الثقة والمفوضية . وقالت ان هناك مبررات تعطيها الكتل السياسية للتغطية على خيبة أملها وفساد أنفسها ..

واوضحت ان التحالف الكردستاني والصدريين تغير موقفهم بشأن التصويت لسحب الثقة باستثناء العراقية لأنها رفضت التصويت من الأول نكاية بدولة القانون على حد قولها. والنواب الذين صوتوا لصالح سحب الثقة يمثلون ائتلاف دولة القانون وأعضاء من العراقية البيضاء وحركة التغيير الكردية المعارضة وممثل كتلة الرافدين المسيحية يونادم كنا .

وجاء تطور الخلافات داخل التحالف الوطني quot;الشيعيquot; اليوم إثر تصريحات ادلى بها القيادي في ائتلاف دولة القانون خالد العطية خلال مؤتمر صحافي في بغداد امس قال فيه ان المفوضية العليا المستقلة للانتخابات فقدت مصداقيتها quot;ونعتبرها غير مؤهلة وباطلةquot; .. مؤكدا أن quot;ائتلافه سيدفع إلى تقصير مدة عملها من خلال تقديم مشروع قانون لتشكيل مفوضية جديدةquot;. وأضاف أن المشروع الجديد سيقدم مفوضية انتخابات جديدة مستقلة وبعيدة من الانتماءات السياسية وغير تابعة للحكومة ومجلس النواب . وشدد على ان ائتلاف دولة القانون لن يعترف بأي إجراء تتخذه المفوضية الحالية.

لكن رئيس مفوضية الانتخابات فرج الحيدري اعتبر تصويت مجلس النواب على عدم سحب ثقة المفوضية quot;انتصارا للديمقراطيةquot;. وقال ان الرفض تجسيد للديمقراطية في العراق وانتصار لها وتأكيد على نزاهة المفوضية واجراءاتها ورفض للمصالح السياسية .

رفض طلب سحب الثقة لانه quot;مسيسquot;

يذكر انه خلال تصويت لمجلس النواب العراقي أمس على طلب قدمه ائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي فقد رفض معظم النواب سحب الثقة من المفوضية حيث صوت بتأييد الطلب 94 نائبا فقط من بين 245 نائبا حضروا الجلسة من بين مجموع اعضاء المجلس البالغ 325 عضوا . ووفقا لقانون مفوضية الانتخابات والمادة 61 من الدستور العراقي فإن لمجلس النواب الحق بحجب الثقة عن الهيئات المستقلة بأغلبية الحاضرين شرط توفر النصاب القانوني في الجلسة.

وقد انسحب اعضاء ائتلاف دولة القانون من الجلسة إثر مشادة كلامية بين رئيس مجلس النواب أسامة النجيفي والنائبة عن الائتلاف ومقدمة طلب حجب الثقة حنان الفتلاوي التي قالت ان نتيجة التصويت هذه تدعم عمليات الفساد في مؤسسات الدولة حيث رد عليها النجيفي بأن التصويت كان ديمقراطيا ويجب القبول بنتيجته .

وقد اعلنت الكتلة العراقية بزعامة اياد علاوي وائتلافات التحالف الكردستاني والوسط والتيار الصدري وحزب الفضيلة رفض التصويت على سحب الثقة لعدم اقتناعها بمبرراته مبينة ان المقترح المطروح بنزع الثقة عنها لايملك مبررات قانونية وانه مدفوع باسباب سياسية . وكان المالكي اعترض لدى ظهور نتائج الانتخابات في نيسان (ابريل) الماضي وفوز القائمة العراقية فيها على النتيجة وطالب بعد يدوي للاصوات والذي قامت به المفوضية لكنه لم يسفر عن تغييرات في النتائج المعلنة.

وكان مجلس النواب قد استجوب خلال جلسته الاعتيادية في الثاني من أيار (مايو) الماضي رئيس المفوضية العليا فرج الحيدري واستكمل هذا الامر في الثلاثين من الشهر الماضي حيث شهدت الجلسة انتقادا من كتل سياسية للإجابات التي تقدمت بها المفوضية لأسئلة المستجوبة خصوصا الجزء المتعلق بالجهة المسؤولة عن إدخال نتائج الانتخابات الكترونيا في مركز إدخال البيانات بعد التأكد أن الأمم المتحدة هي من كانت تقوم بذلك الدور.

لكن مفوضية الانتخابات وصفت طريقة الاستجواب بـأنها مسيسة والملفات التي طرحت تبتعد كليا عن تأشير الجوانب السلبية في أداء المفوضية خلال تنظيم الانتخابات في البلاد.

يذكر أن المالكي كان قد أرسل في الثاني والعشرين من الشهر الماضي خطابا إلى مفوضية الانتخابات يتضمن إيقاف عملها لكنها ردت في اليوم التالي برفضها الأمر مؤكدة أن السلطة التنفيذية لا علاقة لها بعملها وأنها مرتبطة بالبرلمان حصرا، وهي مستمرة بالعمل في كل الأحوال.

سلطة الائتلاف انشأت المفوضية فنظمت 3 عمليات انتخابية

وجاء إنشاء المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق بأمر من سلطة الائتلاف الموقتة في 31 ايار(مايو) عام 2004 لتكون السلطة الانتخابية الوحيدة في العراق . والمفوضية هيئة مهنية مستقلة غير حزبية تدار ذاتياً وتابعة للدولة ولكنها مستقلة عن السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية وتملك بالقوة المطلقة للقانون سلطة إعلان وتطبيق وتنفيذ الأنظمة والقواعد والإجراءات المتعلقة بالانتخابات خلال المرحلة الانتقالية . ولم تكن للقوى السياسية العراقية يد في اختيار أعضاء مجلس المفوضية في المرحلة الانتقالية بخلاف أعضاء المفوضية الحاليين الذين تم اختيارهم من قبل مجلس النواب.

وأشرفت المفوضية الحالية على ثلاث عمليات انتخابية الأولى لمجالس المحافظات والثانية للانتخابات النيابية والثالثة انتخابات برلمان إقليم كردستان وحصلت على إشادة من قبل الأمم المتحدة ومنظمات أخرى.

وكان مجلس النواب العراقي صوت خلال جلسته الـ14التي عقدت أمس الخميس، برئاسة أسامة النجيفي وحضور زعيم القائمة العراقية إياد علاوي و245 نائباً، بالرفض على عزل رئيس وأعضاء المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، فيما أكد مصدر برلماني أن 94 نائباً فقط من أصل 245 حضروا الجلسة صوتوا إيجاباً على المقترح.