اتهم رئيس هيئة النزاهة في العراق عددًا من الوزراء بمحاولة التستر على الفساد بدلاً من محاربته.


بغداد: قال رئيس هيئة النزاهة في العراق القاضي رحيم العكيلي الأربعاء إن الوزراء العراقيين يفضلون التغطية على الفساد في وزارتهم على مكافحته، مؤكدًا أن الفساد هو أحد الأبواب المهمة لتمويل الإرهاب.

وأوضح العكيلي لوكالة فرانس برس quot;أن التنفيذيين (الوزراء) عمومًا غير جادين في مكافحة الفساد، وأحيانًا يعتقدون أن خير تعامل مع الفساد هو التغطية عليهquot;. وأضاف أن quot;عيبهم الآخر، حينما يتسلمون مسؤولية تنفيذية يعتقدون أنها ملك لعائلتهم، لذلك يمنعون الآخرين من الدخول إليها أو مكافحة الفساد فيها، وحتى يحاولون حماية الموظفينquot; الفاسدين.

وصنفت منظمة الشفافية الدولية في تقريرها السنوي للعام 2010 العراق كرابع أكثر دولة فسادًا في العالم. وأكد العكيلي صدور 4082 أمر استدعاء بحق مطلوبين للهيئة خلال عام 2010، بينهم 197 بدرجة مدير عام وما فوق، مقابل 3710 في 2009 بينهم 152 بدرجة مدير عام وما فوق.

وبحسب القاضي، فإن عدد المحالين إلى المحاكم في عام 2010 بلغ 2844، في 2322 دعوى تنطوي على فساد تصل قيمته الإجمالية إلى 31 مليار دولار.

وأعلى عدد للموظفين المحالين كان لوزارة الدفاع حيث بلغ 13.47 %، تليها وزارة الداخلية بنسبة 7.28 %، ثم وزارة البلديات والأشغال بنسبة 6.26 %، بحسب تقرير أعدته الهيئة. وأوضح القاضي، الذي تسلم مهامه مطلع عام 2008، quot;نحن في صراع مستمر معهم، والحقيقة نستطيع أن نتغلب عليهم بالقانونquot;، مؤكدًا أن quot;هيئة النزاهة أصبحت مؤسسة يخاف منها الجميع، حتى كبار موظفي الدولة، بمن فيهم الوزراءquot;.

وأضاف ردًا على سؤال إن quot;رئيس الوزراء (نوري المالكي) يحاول أن يعمل في ميدان مكافحة الفساد، وكانت له خطوات جادة، لكن لا يمكن له أن يقوم بكل شيء بنفسه، يفترض أن يكون هناك وزراء هم الأداة التفيذية لهquot;. وأكد أن quot;التنفيذيين في الغالب لا يؤمنون بالعمل ضد الفساد عمومًاquot;.

وقد ازداد عدد الموقوفين بدعاوى الفساد بشكل مطرد على مدى السنوات الماضية، ففي 2006 لم يزد العدد عن 94 موقوفًا، فيما بلغ 147 في 2007، وارتفع إلى 417 في 2008، ثم تزايد في 2009 ليصل إلى 1719، بينما بلغ 1619 خلال 2010، غالبيتهم من وزارات البلديات والداخلية والصحة.

وأصدر القضاء العام الماضي 1016 حكمًا بحق متهمين، بينهم 110 بدرجة مدير عام وما فوق، و84 من مرشحي الانتخابات بتهمة تزوير شهاداتهم، مقابل 296 في 2009. واعتقلت السلطات العراقية في 2009 وزير التجارة السابق عبد الفلاح السوداني أثناء محاولته مغادرة البلاد إثر دعاوى فساد.

ويقول العكيلي (44 عامًا) الذي تلقى تهديدات بالقتل مباشرة وغير مباشرة quot;حينما نتحدث عن زيادة عدد المطلوبين لهيئة النزاهة وزيادة عدد القضايا وعدد المحكومين ثلاثة مرات عن العام الماضي، فهذا دليل على زيادة جهود مكافحة الفساد، وليس دليلاً على زيادة الفساد بعينهquot;.

بالنسبة إلى العكيلي فإن الخطر الأكبر هو العلاقة بين الفساد والإرهاب، موضحًا quot;ما زلت أعتقد أن الجهود غير كافية لمكافحة الفساد، والإرادة السياسية ناقصة جدًا في هذا الإطارquot;.

وأضاف أن quot;الفساد أحد الأبواب المهمة لتمويل الإرهاب، وكثير من أموال الفساد تذهب إلى تمويل العمليات الإرهابيةquot;. وبحسب مسؤولين عراقيين فإن قسمًا من الأموال المخصصة للخدمات العامة ينتهي به المطاف إلى الجماعات الإرهابية من خلال بعض موظفين العموميين.

وحول تصنيف العراق في قائمة أسوأ بلدان العالم من ناحية الفساد وفقًا لتقرير منظمة الشفافية الدولية، قال العكيلي quot;اتفق تمامًا مع ما تذهب إليه الشفافية الدولية، واحترم ما تصدره رغم أنني لدي بعض الاعتراضات العلمية على مؤشر مدركات الفسادquot;.

وأوضح quot;أعتقد أن تقارير الشفافية الدولية حول العراق كانت مفيدة، وشكلت ضغطًا كبيرًا على الحكومة العراقية والجهات المعنية من أجل العمل ضد الفساد، لذلك كانت نتائجها إيجابيةquot;.

وردًا على سؤال حول إمكانية معالجة الفساد والوقت المطلوب لذلك، قال quot;لا يمكن أن نتحدث عن الوقت، نحتاج وقتًا طويلاًquot;.
وأضاف quot;نحتاج تبني منظومة من القوانيين التي تنص عليها اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، من أهمها حق الإطلاع على المعلومات، وقانون حماية الشهود والمخبرين، وقانون الشفافية في تمويل الأحزاب السياسية، وقانون الشفافية في تمويل الحملات الانتخابيةquot;.

وذكر quot;اإذا كنا جديين في العمل لإصدار تلك القوانيين نستطيع أن نكملها خلال السنوات الأربع المقبلةquot;، مضيفًا بلهجة تشاؤمية quot;لا أتوقع أن تنجز تلك القوانيين في السنوات الأربع الآتية في ظل هذا الصراع السياسي المركب في العراقquot;.

في ما يتعلق بقرار المحكمة لاتحادية ربط الهيئات المستقلة في مجلس الوزراء، قال quot;اختلف تمامًا مع قرار المحكمة الاتحادية علميًا، لكن أقف إجلالاً واحترامًا للقرار لأنه صدر من جهة مختصةquot;.

وأضاف quot;أؤمن باحترام القضاء وهيبته وعدم المساس به، لكن من جهة أخرى فإن هيئة النزاهة لا تدخل في القرارquot;. وأوضح أن quot;هناك قرارًا سابقًا ينص على الاستقلال الكامل للهيئة لأنه لا يحكمها إلا القانون، وأنها تدير نفسها بنفسها، وليس من حق أحد التدخل فيها، وهذا القرار الذي يفسر استقلاليتهاquot;.

كما يعتقد تنفيذًا للالتزامات الدولية على العراق، quot;يجب أن تكون هيئة النزاهة مستقلة بالكامل، وليس من حق أحد التدخل بأعمالها ولا يؤثر عليها بأي شكل حتى لا تكون أداة سياسية لتتمكن من أداء دورها بفعالية وجديةquot;.