قرر مجلس النواب العراقي التحقيق في صحة معلومات أعلنتها منظمتا هيومان رايتس ووتش والعفو الدولية عن وجود معتقلات سرية في بغداد تمارس فيها عمليات تعذيب منهجية وصل عددهم الى 30 الفا .. بينما أكد رئيس المجلس أسامة النجيفي العمل على تعزيز حقوق الانسان والديمقراطية في البلاد كونها الضمان الوحيد لعدم التأسيس للدكتاتورية.


استمع مجلس النواب العراقي في جلسة له اليومالى تقرير للجنة حقوق الإنسان تلاه رئيسها سليم الجبوري من تحالف الوسط أشار فيه الى ان معلومات لمنظمة هيومان رايتس ووتش الحقوقية تشير الى وجود معتقلات سرية تجري فيها انتهاكات لحقوق الإنسان وممارسات تعذيب ونقل معتقلين من معتقلات الى أخرى قبل تفتيشها من قبل الصليب الاحمر الدولي. وكانت الحكومة العراقية أعلنت الاسبوع الماضي أنها ستسمح بتفتيش معتقل الشرف من قبل الصليب الاحمر اثر تقرير دولي عن عمليات تعذيب تمارس فيه اضافة الى معتقل آخر في مطار المثنى في بغداد.


واضاف الجبوري ان هيومن رايتس تؤكد انها حصلت على خطابات رسمية تشير الى وجود هذه المعتقلات وعددها 18 وثيقة . واوضح أنه تم إجراء لقاء مع ممثلين عن المنظمة quot;ايمانا بضرورة الالتزام بالدستور وحماية حقوق الانسان وحقوق العراقيين والدفاع عنهم واحترام كرامتهمquot; . واوضح ان المنظمة تؤكد صحة تقاريرها ودقة المعلومات التي تنشرها حول عمليات تعذيب في المعتقلات.
واضاف الجبوري انه من اجل التدقيق في صحة وثائق المنظمة والتحرك لتحقيق مصلحة المواطن العراقي فإن على البرلمان تشكيل لجان للتحقق من وجود هذه المعتقلات السرية ومن الانتهاكات الانسانية التي تجري فيها والتعرف من وزارة العدل عن تابعية معتقلي العدالة و الشرف لها ومن وزارة حقوق الانسان عن عمليات الاعتقال وعمليات تفتيش المعتقلات واطلاع البرلمان على تحقيقاتها ليتم اتخاذ الاجراءات المطلوبة لمواجهة هذا الامر.
وإثر ذلك صوت البرلمان بالاجماع على تشكيل لجنة رئيسة تضم ثلاث لجان فرعية هي : حقوق الانسان والامن والدفاع والقانونية للتحقق من المعلومات الواردة في تقرير منظمة هيومن رايتس ووتش.
وكان رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي أكد السبت الماضي انه لا توجد سجون سرية في العراق نافيا التقارير الأخيرة التي نشرتها منظمة هيومن رايتس ووتش التي تتخذ من نيويورك مقرا لها وتقارير اخرى لصحيفة لوس انجليس تايمز.

رئيس البرلمان يؤكد العمل لتعزيز حقوق الانسان
ومن جهته اكد رئيس مجلس النواب الاستاذ اسامة النجيفي سعي مجلس النواب العمل على تعزيز حقوق الانسان والديمقراطية في العراق كونها الضمان الوحيد لعدم التأسيس للدكتاتورية.
وقال خلال اجتماع مع المدير التنفيذي لمؤسسة القانون الدولي وحقوق الانسان وليم سبينسر quot;ان العراق يمر بمرحلة انتقالية من حكم مركزي شديد الى نظام ديمقراطي مبني على الحقوق والحريات وهذا يحتاج الى خبرات دولية كبيرة وتقاليد تعزز الثقافة الديمقراطيةquot;.
واوضح quot;ان هناك صراعا بين تقاليد طارئة لا تستند إلى موروثات ثقافية تحاول إلغاء ما شرعه الدستور واخرى اصيلة تعطي الحقوق وترسخ الحريات وتفتح المجال امام المرأة بالعمل ومشاركتها للرجل في كافة المجالاتquot;.
وقال quot;نحن ضد التخلي عن الثقافة العراقية لكننا في الوقت نفسه مع تشريع قوانين مبنية على الحقوق وترسيخ الحرياتquot;. وعبر عن حرصه على إكمال آليات هيئة حقوق الانسان لتضطلع بدورها بالرقابة ولتتابع انتهاكات حقوق الانسان . وشدد على ان مسألة حقوق الانسان تحدٍ كبير لوجود اطراف نافذة سياسيا لا تريد تثبيت هذه الحقوق في العراق.

العفو الدولية : 30 ألف معتقل بأجساد وعقول محطمة
ويأتي تشكيل هذه اللجان اثر اعلان منظمة العفو الدولية في وقت سابق اليوم أن العراق يضم سجوناً سرية يتعرض فيها السجناء لعمليات تعذيب تهدف إلى انتزاع اعترافات تدينهم وتدير غالبيتها وزارتا الدفاع والداخلية مؤكدة أن نحو ثلاثين ألفاً من الرجال والنساء لا يزالون رهن الاحتجاز.

وقالت المنظمة ومقرها لندن في تقرير عنونته quot;اجساد محطمة .. عقول محطمةquot; ان نحو ثلاثين الفا من الرجال والنساء ما زالوا رهن الاحتجاز في العراق يقطن بعضهم في سجون سرية تديرها وزارات الدفاع والداخلية. واضافت ان quot;قوات الامن العراقية تستخدم التعذيب وغيره من ضروب وسوء معاملة لانتزاع اعترافات من المعتقلين الذين يحتجزون بمعزل عن العالم الخارجي ولا سيما في مرافق الاحتجاز التي بعضها سري يدار من قبل وزارتا الداخلية والدفاعquot;. واشارت الى ان المحكمة الجنائية المركزية في العراق غالبا ما تدين المتهمين على أساس quot;اعترافاتquot; انتزعت تحت وطأة التعذيب بشكل واضح. وأحصى التقرير شهادات تم جمعها على مدى السنوات الماضية تشير الى ان عمليات التعذيب شملت quot;الاغتصاب والتهديد بالاغتصاب والضرب بالاسلاك الكهربائية وخراطيم المياه والصدمات الكهربائية والتعليق من الاطراف وثقب الجسم والخنق بحقائب بلاستيكية ونزاع اظافر بكماشة وكسر اطرافquot;. واكدت ان اطفالا ونساء ورجالا عانوا جميعا هذه الانتهاكات .. موضحة انه quot;منذ عام 2004 تعرض مشتبه بهم محتجزون في السجون العراقية للتعذيب بصورة منهجية وقتل اثر ذلك عشرات منهم نتيجة لذلكquot;. وتابعت المنظمة انها لاحظت في تقريرها في عام 2009 ان وزارة حقوق الإنسان العراقية سجلت 509 ادعاءات بالتعذيب على ايدي قوات الامن العراقية لكنها قالت ان quot;العدد اقل بكثير من المستوى الحقيقي لإجمالي الاساءاتquot;. وقالت ان القوات الاميركية سلمت عشرات الآلاف من السجناء للسلطات العراقية بين أوائل عام 2009 تموز (يوليو) عام 2010 من دون أي ضمانات بأنهم سوف يكونون في امان.

وتورطت القوات الاميركية في التعذيب والاذلال الجنسي للسجناء العراقيين في سجن أبو غريب في بغداد في عام 2004. وسلمت القوات الاميركية التي غزت العراق وأطاحت بنظام الرئيس السابق صدام حسين في 2003 المسؤولية عن مرافق الاحتجاز الى الحكومة العراقية قبل الانسحاب الكامل للقوات المقاتلة في نهاية العام الحالي .

وكانت هيومن رايتس ووتش قالت في الاول من الشهر الحالي إنّ قوّات النخبة الأمنيّة الخاضعة لإدارة المكتب العسكري لرئيس الوزراء العراقي نور المالكي تتولّى إدارة مركز اعتقال سرّي يقع في مدينة بغداد. كما لفتت إلى أنّ القوّات المذكورة تقوم بتعذيب المعتقلين في موقعٍ آخر بلا حسيب أو رقيب. واشارت الى ان مقابلات ومستندات حكوميّة سريّة حصلت عليها قد كشفت بأنّه منذ تاريخ الثالث والعشرين من شهر تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي ولفترة ثلاثة أو أربعة أيام قامت السلطات العراقيّة بنقل أكثر من 280 معتقلا إلى موقعٍ سرّي يقع داخل معسكر العدالة وهو قاعدة عسكريّة كبيرة تقع شمل غرب مدينة بغداد.

ويخضع هذا الموقع السرّي لإدارة كلّ من اللواء 56 المعروف أيضاً باسم لواء بغداد وجهاز مكافحة الإرهاب وكلاهما يأتمر بمكتب رئيس الوزراء. وجرت عمليّات النقل المعجلة قبل بضعة أيام من موعد زيارة فريق تحقيق دولي يتولّى الكشف عن ظروف الاعتقال في موقف معسكر الشرف الواقع داخل حدود المنطقة الخضراء حيث كان السجناء موقوفين. واكدت هيومن رايتس ووتش انها حصلت على لائحة بأسماء أكثر من 300 معتقل كانوا محتجزين في معسكر الشرف قُبيل نقلهم إلى معسكر العدالة وهم بمعظمهم متهمون بارتكاب جرائم إرهاب.

مسؤول حقوقي : سجون سرية في قلب بغداد
وقال جو ستورك نائب مدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش quot;يؤدي الكشف عن وجود سجونٍ سريّةٍ في قلب بغداد يناقض كلياً وعود الحكومة العراقيّة باحترام حكم القانون .. كما يتعيّن على الحكومة أن تُقفل هذه المواقع وتُخضعها لإدارة النظام القضائي وتُحسِّن ظروف الاعتقال فيها وتحرص على معاقبة كلّ من كانت له يد في ارتكاب أعمال تعذيبquot;. ورأى أنّه يتعيّن على الحكومة العراقيّة المبادرة فوراً إلى إقفال هذه المواقع أو تنظيم وضعها وفتح أبوابها أمام التفتيش والزيارات.
واشارت هيومان رايتس ووتش الى ان مسؤولاً رفيع المستوى في وزارة الدفاع نأى بوزارته عن الاتهامات بارتكاب جرائم تعذيب في المثنى. وفي رسالة سريّة أبرقت إلى وزارة حقوق الإنسان بتاريخ 3 أيار/مايو 2010 واطّلعت عليها هيومن رايتس ووتش، كتب صالح سرحان، أمين السرّ العام لوزارة الدفاع: quot;لا علاقة لوزارتنا باللجان التحقيقيّة العسكرية ولا بمركز احتجاز سور نينوى [المثنى] كونها مرتبطة بمكتب القائد العام للقوّات المسلّحةquot;.

وسبق لمنظمة العفو الدولية أن كشفت في تقرير صدر في 12 أيلول (سبتمبر) الماضي عن وجود ما لا يقل عن 30 ألف معتقل في السجون العراقية، لم تصدر بحقهم أحكام قضائية متوقعة تعرضهم للتعذيب وسوء المعاملة إضافة إلى وفاة عدد من المعتقلين أثناء احتجازهم نتيجة التعذيب أو المعاملة السيئة من قبل المحققين أو حراس السجون الذين يرفضون الكشف عن أسماء المعتقلين لديهم.

وكانت الحكومة العراقية بادرت بعد الكشف عن السجن السري في ايلول إلى القول إنها ستحقق في مزاعم التعذيب وأعلنت القبض على ثلاثة ضباط في الجيش على صلة بتلك الإساءات فيما أصدر المالكي قرارا بإلغاء السجن ومحاسبة كل المسؤولين عن تلك الإساءات قضائياً إلا أن نتائج التحقيق لم تعلن حتى الآن.

وكانت وزارة حقوق الإنسان العراقية اعتبرت في الثالث من تموز الماضي أن حالة عدم الاستقرار السياسي في العراق وارتفاع العمليات العسكرية أدت إلى حدوث انتهاكات في السجون العراقية، مبينة أنها تنظر في جميع قضايا الانتهاكات لاسيما مسألة وفاة سبعة موقوفين اختناقاً أثناء نقلهم من سجن التاجي إلى سجن التسفيرات في بغداد وأشارت إلى أنها شكلت لجنة لتأسيس قاعدة بيانات لجميع السجون في العراق .