بعد أيام من الإعلان في بغداد عن إلقاء جماعة quot;عصائب أهل الحقquot; الشيعية السلاح وانضمامها إلى العملية السياسية، شنّ الزعيم الشيعي مقتدى الصدر اليوم الأحد هجومًا ضدها متهمًا إياها بقتل مسؤولين سياسيين وأمنيين بتهمة العمالة للقوات الأميركية، ثم الانخراط الآن في العملية السياسية بحثًا عن مكاسب ومناصب.
الصدر خلال لقاء سابق في ايران مع قيس الخزعلي |
بغداد: جاء موقف الصدر هذا في خضم أجواء توتر تسودها احتكاكات بين عناصر عصائب أهل الحق بزعامة الشيخ قيس الخزعلي، والتيار الصدري بقيادة الصدر، والتي كانت قد انشقت عنه، وذلك في المناطق التي يتواجدون فيها في العاصمة بغداد ومحافظات العراق الجنوبية.
يتخوف العراقيون من تطور هذه الاحتكاكات إلى نزاع مسلح بين الطرفين، قد يجرّ قوى أخرى إلى الانخراط فيه بما يلحق بالمواطنين أفدح الأضرار في وقت تمر البلاد بأخطر أزمة سياسية.
وأعلنت العصائب الاثنين الماضي إلقاءها السلاح، وانضمامها إلى العملية السياسية. وقال زعيمها الخزعلي quot;نشهد أيامًا عظيمة، وهي لحظات تاريخية يشهدها العراق بانتصاره على القطب الأوحد في العالم الولايات المتحدةquot; في إشارة إلى الانسحاب العسكري الأميركي، الذي اكتمل أمس السبت.
وتابع الخزعلي، الذي اعتقل لسنوات عدةلدى القوات الأميركية، إن quot;العراق انتصر على الولايات المتحدة معنويًا وسياسيًا وعسكريًا، وانهزمت المرجعيات الأميركية ومراكز صناعة القرار أمام المرجعية الدينية والمراجع السياسية العراقيةquot;.
جاء موقف الصدر من العصائب اليوم ردًا على سؤال وجّهه إليه أحد أنصاره، قال فيه quot;إن العصائب، وفي احتفالهم بالنصر المزعوم غيروا تسميتهم من عصائب أهل الحق إلى أهل الحق، وذلك خوفًا من كلمة العصائب، فهي تذكرهم بعظم المصائب التي اقترفوها بحق الخط الصدري وقيادته المخلصة لله والوطن، وهم قد توهموا بنصر قد صنعوه لأنفسهم، وتناسوا شهداء المقاومة الشريفة، التي ملآت جثامينهم ثلاث مقابر بالعز والشموخ .. ونرى أن بعض الأطراف في العملية السياسية تؤيد أعمالهم، وتتفق معهم وكأنهم حقًا هم أصحاب المقاومة لاغيرهم، وقد يحصلون بذلك على امتيازات خاصة باسم المقاومة تشوّه صورتها.. فما هي النصيحة التي تقدمونها إلى الحكومة العراقية والأطراف السياسية في هذا الوقت.. وما هو الأمر لأبناء التيار الصدري ليتخذوا الموقف من العصائب؟quot;.
وأشار الصدر في رده إلى أنه طلب من مسؤولي العصائب في إيران تغيير اسم الجماعة وقيادتها، التي يتزعمها الشيخ الخزعلي المنشق عنه، وذلك لفتح باب أمام عودتهم إلى التيار الصدري، لكن جميع الأطراف، وبينهم العصائب، رفضوا ذلك.
وأشار إلى أنه حين جاءت فرصة الانتخابات quot;بانت نواياهم، وبان مدى عشقهم للسياسة الدنيوية وكراسيها، وأن المقاومة كانت مقدمة للسياسة والكراسي، لا كما تقول إن السياسة مقدمة للمقاومة والتحريرquot;.
وأضاف الصدر إن العصائب quot;سلموا أسلحتهم من أجل أن ينخرطوا في العملية السياسية، التي كانوا يقتلون أفرادها، ابتداء من الشهي صالح العكيلي، واستمرارًا بقتل أفراد الجيش العراقي وشرطته، مدّعين عمالتهمquot;.
وقال موجّهًا سؤاله إلى العصائب وفقًا لذلك قائلاً quot;فلم تنخرطون في العملاءquot;. والعكيلي نائب في البرلمان العراقي، اغتيل في تشرين الأول (أكتوبر) عام 2008في انفجار عبوة ناسفة استهدفت سيارته في شرق بغداد.
وكانت جماعة quot;عصائب أهل الحقquot; المسلحة، التي تتهمها واشنطن بتلقي دعم من طهران، قد أعلنت الاثنين الماضي عنانخراطها في العملية السياسية، فيما أكد مسؤول حكومي أن الجماعة قررت quot;التخلي عن السلاحquot;.
وقال الأمين العام للجماعة قيس الخزعلي في مؤتمر في النجف إن quot;ابناء المقاومة أدوا تكليفهم بنجاح يشهده العدو قبل الصديق، وهم مستعدون للتضحية والمشاركة في العملية السياسية وتصحيح ما يمكن تصحيحهquot;.
وأشار الخزعلي إلى أن quot;سياسيي العراق اتخذوا قرارهم بعيدًا عن مصلحة أميركا، وكان قرارهم وطنيًا وسياديًاquot;. وقال إن quot;سياسيي العراق استفادوا من ضربات المقاومة، التي أغرقت الاحتلال،فكان انتصار أبطال المقاومة الإسلامية على أكبر آلة عسكرية في العالمquot;.
من جانبه قال المتحدث باسم هيئة المصالحة الوطنية محمد الحمد إن الخطوة جاءت quot;بعد لقاء بين مستشار رئيس الوزراء لشؤون المصالحة الوطنية عامر الخزاعي ورئيس الهيئة السياسية للجماعة، تم الاتفاق فيه على المشاركة في العملية السياسية والتخلي عن السلاحquot;.
وقال إن quot;الحكومة تعتبر كل من يحمل سلاحًا خارجًا عن القانون وجماعة العصائب تعهدت بإلقاء السلاحquot;. وأكد أنه quot;لا يوجد أي مبرر لحمل السلاح بعد خروج الأميركيينquot;.
وأضاف أن الجماعة كانت تخشى في السابق أن quot;يكون الانسحاب غير حقيقي، لكن بعدما شعروا بحقيقة الانسحاب، انتفت الحاجة إلى حمل السلاح، وتم الاتفاق بين الطرفين على دعم العلمية السياسية والمشاركة الفاعلة فيهاquot;.
وبرز اسم العصائب بعدما خطفت خبير المعلومات البريطاني بيتر مور وحراسه الأربعة، الذين يحملون جنسيات غربية في أيار (مايو) عام 2007 من مكتب تابع لوزارة المالية.
واحتجزت العصائب مور عامين ونصف عام قبل أن تفرج عنه في كانون الأول (ديسمبر) عام 2009 مع جثث ثلاثة من حراسه،بينما أبقت الرهينة الخامس لديها .. ثم اشترطت للإفراج عنه أن تطلق القوات الأميركية سراح عدد من قادتها.
وكانت السلطات العراقية أطلقت سراح الخزعلي مع عدد كبير من أفراد منظمته مقابل الإفراج عن مور والجثث الثلاث المذكورة.
واتهم الجيش الأميركي طهران بدعم ثلاثة فصائل شيعية مسلحة هي عصائب أهل الحق وكتائب حزب الله ولواء اليوم الموعود، الذي يقوده مقتدى الصدر. والعلاقة بين العصائب والصدر متوترة جدًا، حيث اتهمهم مرات عدةبإثارة الفتنة، وقتل مئات العراقيين الأبرياء.
التعليقات