رغم أن الثورات العربية أبطلت مفعول فزاعة الإسلاميين السلطوية، إلا أن القلق ما زال ينتاب الغرب وإسرائيل، من احتمال تسجيل مصاعب مستقبلا تعجّل بقرب quot;زلزال سياسي تاريخيquot;، على حد تعبير وزير الدفاع الإسرائيلي، خصوصا مع استحضار بعض المواقف والتصريحات، التي كانت تصدر عن الإسلاميين، قبل تسلمهم الحكم.

تظاهرة سابقة في الرباط ضدّ التطبيع مع إسرائيل

الرباط: لا يبدو أن إسرائيل ستستثني المغرب من quot;علامة الاستفهام التي وضعتها حول إمكانية استمرار التطبيع مع عدد من الدول العربيةquot;، وذلك بسبب بعض المواقف السابقة التي سجلت على قياديين في العدالة والتنمية، الذي أوصلته صناديق الاقتراع إلى قيادة الحكومة الجديدة.

ومن بين هذه المواقف، ما كتبه سعيد الدين العثماني، رئيس المجلس الوطني للحزب، والمرشح لتولي منصب وزير الخارجية في حكومة عبد الإله بنكيران، في مقال رأي جاء فيه quot;يبدو من العديد من القرائن أن الخاسر الأكبر من قيام الثورات (العربية الأمازيغية) في المنطقة هو إسرائيل. وقد تكون هذه الأخيرة اليوم في أضعف وأهون حالة لها منذ قيامهاquot;.

كما تضمن المقال، الذي نشر في إحدى اليوميات تحت عنوان quot;إسرائيل والديمقراطيات الصاعدةquot;، quot;مع الانتصارات الديمقراطية المنتظرة لبلدان الثورات في المنطقة، ينتظر أن تتوالى المفاجآت المفجعة لإسرائيلquot;.

مصطفى الرميد، وزير العدل في حكومة بنكيران، سبق له بدوره أن هاجم إسرائيل في أكثر من مناسبة، منها تصريحه في الوقفة التي نظمت، السنة الماضية، في الرباط احتجاجا على الهجوم العسكري الذي شنته قوات البحرية الإسرائيلية ضد أسطول الحرية الذي كان يحمل مساعدات إنسانية إلى غزة، (تصريحه) بأن quot;دم الإنسانية المستباح لن يذهب هدرا لأن الله أكرم هذه الأمة بالمجاهدينquot;.

ويبدو أن الإسلاميين غير مستعدين بعد لتخفيف نبرتهم تجاه إسرائيل، إذ أكد، محمد الحمداوي، رئيس حركة التوحيد والإصلاح (الوعاء الإيديولوجي والذراع الدعوي لحزب العدالة والتنمية)، quot;على ضرورة خلق فضاءات للحوار مع الغرب، وأعني بذلك أوروبا وأميركا، أما إسرائيل أو الكيان الصهيوني فهو بلد محتلquot;، مشيرا إلى أنه quot;من الأمور التي يجب على الغرب القيام بها هو أن يتحرر من هيمنة اللوبي الصهيوني الذي كان ينسف كل محاولات الحوار، والذي يتصيد كل الفرص لكي تذهب أوروبا في اتجاه دعم احتلال الصهاينة لأرض الفلسطينيينquot;.

وقال محمد الحمداوي، في تصريح لـquot;إيلافquot;، إن quot;علاقة الإسلاميين بالغرب كانت في حاجة إلى نوع من الإنصافquot;، مبرزا أن quot;فزاعة الإسلاميين كانت تستغلها الأنظمة المستبدة لتخويف الغرب منهمquot;.

وذكر رئيس حركة التوحيد والإصلاح أن quot;الغرب انتبه إلى أن الفزاعة التي تستعملها الأنظمة المستبدة لم تعد مجدية، وأن تكلفة دعم هذه المصالح المستبدة ستكون مكلفة، حتى بالنسبة إليهمquot;، موضحا أنهم quot;أدركوا أنه يجب أن يتعاملوا مع الشعوب ومع ما تفرزه صناديق الاقتراعquot;.

وأضاف محمد الحمداوي quot;مادام هذا الأمر زال عند الغرب فأعتقد أن العلاقة معه يمكن أن تكون بشكل جيدquot;، مشيرا إلى أن quot;هذه المرحلة هي مرحلة تجاوز حكاية صراع الحضارات إلى حوار الحضارات والإسلاميينquot;.

وأبرز أن quot;الإسلاميين المعتدلين كانوا يطالبون بالإنصاف، والمساواة في العلاقة، والمصالح المشتركة، والحق في الاختلافquot;.

من جهته، قال محمد خليدي، الأمين العام لحزب النهضة والفضيلة الإسلامي، إن quot;صعود الإسلاميين لم يكن مفاجأة بالنسبة للعالم الإسلامي، الذي يعرف أنه كانت هناك وصاية من طرف بعض الدول الأجنبية، وذلك لعدم فهمهم للإسلام الحقيقي، الذي كانوا يعتبرونه بأنه لا يلتقي مع الحداثةquot;.

وأوضح محمد خليدي، في تصريح لـquot;إيلافquot;، أن quot;الوقت حان لتصحيح المفاهيمquot;، مبرزا أن quot;الإسلام جاء للحوار. لهذا فليس هناك أي سبب لقلق الغرب من صعود الإسلاميينquot;.

أما محمد مجاهد، القيادي في حزب الاشتراكي الموحد، فكان له رأي آخر في هذا الموضوع، إذ قال، في تصريح لـquot;إيلافquot;، quot;نحن نعرف موقف حزب العدالة والتنمية، كما أننا نعرف أن مركز القرار السياسي خارج الحكومة، ما يعني أن المغرب سيبقى مستمرا في علاقاته الخارجية، التي يبقى الملك، حسب الدستور الجديد، هو المسؤول الأول عنهاquot;.

وذكر القيادي السياسي أن quot;المجلس الوزاري هو الذي يرسم السياسة العامة للبلاد، داخليا وخارجياquot;، مشيرا إلى أن quot;العدالة والتنمية، في المرحلة الأخيرة من تشكيل الحكومة، تبين أنه تراجع عن مجموعة من التصريحات التي أدلى بها، ما يظهر أن الحزب يتكيف بشكل كبير مع رغبة الدولة، حتى على المستوى الخارجيquot;.

تغيّر شعارات الإسلاميين.. ضرورة

أكد سعيد لكحل، الباحث المتخصص في شؤون الجماعات الإسلامية، أن quot;الإسلاميين في الوطن العربي هم حديثو العهد بالسياسة من حيث هي تدبير مباشر للدولة وللحكم. وكل التراث الفقهي لم يعط للسياسة إلا اهتماما بسيطا وسطحيا لم يسعف الإسلاميين في تشكيل نموذجهم السياسي الناجحquot;، مشيرا إلى أنه quot;حتى إن وجدت اجتهادات فقهية فإنها لن تقدم الإجابات المطلوبة في مجال تدبير الحكم الذي غدا مجالا متشعبا يقتضي الانفتاح على تجارب الشعوب والاستفادة من خبراتهاquot;.

وأوضح سعيد لكحل في تصريح لـquot;إيلافquot;، أن quot;من يتتبع خطاب الأحزاب الإسلامية قبل فوزها في الانتخابات سيدرك أنه خطاب تحريضي ضد غير المسلمين وضد فئات من المواطنين يصنفون ضمن العلمانيينquot;، مبرزا أن quot;من شأن هذا الخطاب، في حال تطبيقه، أن يجر الدول إلى فتنة داخلية وحروب أهلية ستشكل تهديدا مباشرا لمصالح الغربquot;.

وأضاف الباحث المغربي quot;هناك فرق بين خطاب المعارض للحكومة وبين من يقود الحكومة. فمن يقود الحكومة يتحمل مسؤولية قراراته وما قد تجلبه من ضغوط وحصار اقتصادي إن هو جارى خطاب التحريض الذي ألفه من قبل.

ومن هنا لن يجد الإسلاميون بدا من تعديل خطابهم وتغيير مواقفهم بما لا يصطدم ومصلحة الشعب والوطن. وكمثال على هذا، الموقف الذي سيتخذه إسلاميو مصر من الاتفاقيات الدولية التي وقعتها الحكومة المصريةفي عهدي السادات ومبارك، خاصة مع إسرائيل، خصوصا أن الأوضاع الاقتصادية في مصر أو تونس على حافة الهاوية، ويستحيل عليها تحمل عقوبات اقتصاديةquot;.

وحول ما إذا كانت ستتغير شعارات الإسلاميين تجاه إسرائيل وفق ما تقتضيه الظروف، قال سعيد لكحل quot;بالتأكيد ستتغير خاصة بالنسبة للإسلاميين في الدول التيلها حدود وعلاقات مشتركة مع إسرائيل، وأقصد مصر والأردن، أما بالنسبة لإسلاميي تونس، والمغرب فمساحة المناورة أمامهم أرحب لعدم وجود اتفاقيات ثنائية مع إسرائيلquot;.

لكن الأكيد، يشرح الباحث المغربي، أن quot;الإسلاميين الذين ظلوا ينتقدون (تخاذل) أنظمة بلدانهم في التعامل مع قضية فلسطين ويطالبونها بفتح باب الجهاد أمام الشباب الراغب في الذهاب لتحرير فلسطين، إن هؤلاء الإسلاميين لن يفتحوا الحدود وهم في السلطة أمام الجهاد ولن يحرضوا الشباب على القتال ضد إسرائيل .فهم يدركون جيدا تبعات مثل هذه القرارات على وضعية شعوبهم وظروف عيشها. فالشعوب صوتت لصالح الإسلاميين ليحلوا المشاكل لا ليزيدوها تعقيداquot;.