دعا وليد معلوف، الدبلوماسي الأميركي من أصل لبناني والمختص في شؤون الشرق الأوسط، أمين عام حزب الله حسن نصر الله تسليم سلاحه للدولة اللبنانية مقابل خروج الفلسطينيين من الأراضي اللبنانية.
وليد معلوف |
واشنطن: في حديث خاص لـ quot;إيلافquot;، طالب الدبلوماسي الأميركي من أصل لبناني والمختص في شؤون الشرق الأوسط وليد معلوف نصر الله بالعودة إلى لبنانيته وأن لا يكون عرفاتًا ثانيًا ويخرب بيروت، فإذا طالب برحيل الفلسطينيين من لبنان سيتحول زعيمًا وطنيًا خصوصًا في نظر المسيحيين، الذين سيشيدون كنيسة بإسم نصرالله.
واعتبر معلوف لـ quot;إيلافquot; أن تحركات الوزير ميشال سماحة المقرب من سوريا أسقطت سياسة النأي بالنفس التي إتخذتها الحكومة اللبنانية، فيما أشار إلى أن أبرز عيوب قانون الإنتخابات اللبنانية تضاؤل الكوتا النسائية والكوتا الإغترابية.
وفي الموضوع السوري شدد وليد معلوف على وجوب مساعدة الشعب لكي ينجح في الإطاحة بنظام بشار الأسد ولو عسكريًا، لكن ليس إنطلاقًا من لبنان، مؤكدًا أن النظام البعثي لن يستطيع البقاء بعدما دمر البلاد لأكثر من أربعين عامًا.
وفي ما يأتي نص الحوار:
كل الأنظار اليوم مشدودة إلى الحدث السوري. فكيف تنظر إلى الثورة السورية؟
واجبنا كلبنانيين دعم التحركات الديموقراطية في الشرق الاوسط لأن لبنان كان ولا يزال الدولة العربية الوحيدة تقريبًا المتمسكة بالديمقراطية. من هذا المنطلق، واجبنا تقديم كل الدعم للشعب السوري في نضاله نحو تحقيق الديمقراطية في بلده.
إذًا أنت ضد توجه الرئيس ميشال سليمان وحكومة الرئيس نجيب ميقاتي التي تنأى بنفسها عن الوضع السوري القائم؟
ليس ضروريًا أن ندخل المعركة مع أي طرف، لكن في نفس الوقت يجب أن لا نقف ضد الثورة. فالأسد خرب لبنان طوال 30 عامًا من الوصاية السورية، وسقوط هذا النظام وتحول سوريا إلى الديمقراطية يصبان في صالح لبنان. فأنا لست مع التدخل عسكريًا في الصراع السوري، بل مع دعم الثورة معنويًا في المجتمع الدولي.
تردد أن بعض قيادات 14 آذار كخالد الظاهر يمول الثوار ويمدهم بالسلاح. فهل تقف ضد هذا التوجّه؟
لا أملك معلومات دقيقة حول هذا الموضوع ولن يثبت هذا الاتهام، لكن السلاح الذي يأتي إلى الثوار متطور لا يملكه أحد من الأطراف اللبنانية. وهذا السلاح يأتي من الولايات المتحدة وفرنسا، وقد يمر عبر لبنان. فالحدود متداخلة وغير مراقبة، بسبب رفض بشار الأسد دعوة لبنانية قديمة لترسيمها. وهو اليوم يلوم لبنان على ذلك.
معلومات سماحة
هل سياسة النأي بالنفس التي نادى بها لبنان أمر واقع؟
سياسة النأي بالنفس سياسة جوهرية وواضحة وجيدة، لكن السيد حسن نصر الله والوزير ميشال سماحة اسقطاها، الأول بتدخله في العمليات العسكرية إلى جانب النظام السوري، والثاني بتواطؤه مع مسؤولين سوريين لتفجير شمال لبنان.
لكن سماحة سحب اعترافاته وانكر ما اتهم به، متهمًا فرع المعلومات بتلفيق الملف؟
لو لم يكن ما فعله سماحة موثقًا 100 في المئة لما تم اعتقاله. كما أني مقتنع تمامًا بنزاهة فرع المعلومات الذي كشف الشبكة التجسسية التابعة لإسرائيل. وغالبية المتعاملين مع إسرائيل، الذين كشفهم فرع المعلومات، ينتمون تنظيميًا إلى حزب الله. ولا أظن أن جهاز أمن حزب الله يكشفهم ويسلمهم للمعلومات لكي ينال الفرع التقدير. فهذا كلام غير منطقي.
لكن فرع المعلومات محسوب على السنة وهذا سبب تشكيك قوى 8 آذار بالتحقيق؟
إنها قصص سورية لزعزعة استقرار لبنان. فهمّ بشار الأسد خراب لبنان طائفيًا وتوجه الانظار إليه. وهذا ما يساهم فيه حزب الله من خلال السماح لآل المقداد بإختطاف السوريين والأتراك. وعلى الرغم من نفي حزب الله ودعوته الجيش للامساك بزمام الأمور، إلا أن الطريقة التي نزل فيهاآل المقداد الىالشارع والتغطية الاعلامية التي حظوا بها تدلان على أنها كانت عملية منظمة. لكني أقول إن حزب الله بهذا الأمر دلّ على ضعف بدأ يتسلل إليه. فهو اليوم أضعف من ذي قبل.
عرض على نصرالله
لكنّ المسؤولين الأمنيين الإسرائيليين يعتبرون أن حزب الله رقم صعب في المنطقة ويخشون مواجهته، ويقولون إنه أقوى من النظام السوري، إذ يفرض عليهم حرب عصابات مرهقة؟
يسوق الإسرائيليون هذا الكلام كأعذار ومبررات ليضربوا حزب الله ويخربوا لبنان. وعندما يقول الأميركي أن لحزب الله خلايا ناشطة في أوروبا وكندا. فليس الخوف هذا إلا غطاء لعمليات يخطط لها ضد لبنان، خصوصًا أن الحكومة فيه اليوم هي حكومة موالية لحزب الله، بشكل أو بآخر. على حزب الله اليوم أن يقطع على إسرائيل الطريق. فمن الذكاء بمكان أن يقطع أمين عام حزب الله تواصله مع إيران، فشيعة لبنان عرين العروبة. ومن الذكاء أيضًا أن يتوجه نصرالله إلى العالم عارضًا تخليه عن السلاح مقابل خروج الفلسطينيين من لبنان. أدعوه للعودة إلى لبنانيته، وأن لا يكون عرفاتًا ثانيًا فيخرب لبنان. فإن فعل ذلك، أراهن أن المسيحيين في لبنان والشرق سيشيدون عندها كنيسة باسم نصرالله.
لكن هذا يخالف أدبيات حزب الله قاطبةً؟
استغل بشار الأسد، وصدام حسين من قبله، الشعب الفلسطيني ومحور الممانعة ضد إسرائيل ليمرروا مشاريعهم، وحسن نصرالله يستخدم الصراع الفلسطيني الاسرائيلي لإنشاء دولة إسلامية في لبنان. مسعاه آيل إلى الفشل. وانا أدعو التيار الوطني الحر لمطالبة حسن نصر الله سلاحه مقابل خروج الفلسطينيينمن لبنان. كما أدعو السنة أن لا يخافوا من خروج الفلسطينيين من لبنان، لأنهم أقوياء سياسيًا.
ليهاجروا إلى كندا!
لكن إسرائيل ضد حق العودة الفلسطيني؟
الموضوع إنساني، ولا بد أن يجد الفلسطينيون ضالتهم في دول أخرى كفنزويلا وشيلي وكندا والولايات المتحدة ودول أميركا اللاتينية. لماذا لا يذهبون إلى هذه الدول؟ لماذا لا يذهبون إلى كندا؟ لمذا يتحمل لبنان كل هذه المآسي؟ ياسر عرفات أدخل إسرائيل إلى قلب بيروت، وسوريا خربت لبنان ونهبت اقتصاده، والسيد حسن مرتبط بإيران التي تريد رمي اسرائيل بالبحر. أظن أن لبنان تحمل ما يكفي.
فهل تقترح سلامًا لبنانيًا مع إسرائيل؟
كلا لم أطرح هذا الأمر، فكل ما أريده وقف تسلح الأطراف اللبنانية، التي يرتبط كل طرف منها بجهة إقليمية، ووقف استخدام لبنان من سوريا وإسرائيل. أريد لبنان دولة محايدة تلغي الطائفية وتعزز المواطنة. وانا أعول على الربيع العربي في تحقيق ذلك. فرياح التغيير في الشرق الأوسط ستكون في صالح لبنان.
الربيع العربي مَطهَر الدول
لكن الربيع العربي أوصل تيارات دينية إلى سدة الحكم، كما في مصر مثلًا؟
لا بد أن تمر مصر وغيرها من دول المنطقة العربية بما يسمى quot;المَطهَرْquot;، فإما تذهب إلى جنة الديمقراطية أو إلى جحيم التطرف. فالكنسية أو المسجد كيان منظم ومؤثر في المجتمع، لكن نجاح القوى الاسلامية في الوصول إلى الحكم ليس إلا مرحلة انتقالية، قبل الانتقال إلى الديموقراطية.
وهل ترى أن الشعب المصري سيسقط الإخوان المسلمين؟
اعتقد ذلك. فالشعب لا يريد الانتقال من طغيان الأنظمة إلى طغيان الجماعات الدينية، وخصوصًا المرأة العربية التي تسعى إلى التحرر من القيود. أعتقد أن الفكر الحر الديمقراطي سيسود في النهاية، والدليل هو الحراك المصري الكبير في الشارع ضد ما يسمى أخونة الدولة والمؤسسات والمجتمع. كما أن الأميركيين يتعاملون مع الواقع ويسعون إلى تغييره، اليوم أو بعد خمسة اعوام. فالواقع فرض مرسي في مصر وتأجلت الديمقراطية إلى حين، لأنهم على قناعة بأن الشعب سيلفظ حكم الإخوان المسلمين، ولا ننسى أنهم لم يفوزوا إلا بأغلبية ضئيلة.
لكنّ الأميركيين دعموا الإخوان منذ البداية، وباركوا إقالة طنطاوي؟
الأميركيون يمشون مع الأمر الواقع ولا يهتمون إلا لمصالحهم. يرون اليوم أن مرسي والإخوان في مصر لا يشكلون خطرًا على هذه المصالح، ولا على مصالح إسرائيل، حتى أنهم يعتبرون الجماعة حاجزًا أمام وصول سلفيين إسلاميين إلى السلطة.
لستُ عراب 1559
ثمة من يبالغ باعتبارك عراب القرار 1559، لكن ألم يصد هذا القرار وفق تقاطع مصالح أميركا ودول إقليمية؟ فكما دخل حافظ الأسد إلى لبنان بقرار أميركي، خرج بشار الأسد منه بقرار أميركي، وانتم مع 14 آذار لا محل لكم من الأعراب.
لست عراب القرار. انتظرنا ثلاثين عامًا حتى وصلنا إلى تقاطع المصالح هذا، وإستطعنا تسويق فكرة خروج السوريين من خلال دعوة الادارة الأميركية حينها إلى الجدية في تطبيق اتفاق الطائف، الذي حصل بمباركة أميركية. لا يمكن إنكار جهود اللوبي اللبناني الذي شكلناه داخل إدارة الرئيس جورج بوش حينها، حتى أقنعنا الأميركيين بضرورة الانسحاب السوري، ولو كانوا يعتبرونه ضمانًا لحدود إسرائيل. كان الأميركيون يسألوننا اقتراحاتنا دائمًا، وقد تهيأ لنا الجو بعد أحداث 11 ايلول (سبتمبر)، إذا صار إصغاؤهم إلينا أفضل. ولا ننسى أن اغتيال رفيق الحريري عجل في تنفيذ القرار.
لن أترشح مستقلًا
إن كان لك هذا الدور الفاعل، لماذا لم تترشح على لوائح 14 آذار في الانتخابات السابقة؟ هل رفضوك لأنك كنت قريبًا يومًا من ميشال عون؟
في العام 2009، تركت الولايات المتحدة وذهبت إلى لبنان وترشحت مستقلًا في الشوف، بعيدًا عن 14 آذار وعن 8 آذار، لأنني لم أرد أن أحسب على أي منهما. وطرحت برنامجي الانتخابي وفق ما أراه، مطالبًا بالعلمنة والاصلاح الحقيقي. لم يرفضني فريق 14 آذار، وحاربني ميشال عون، مع أنني خدمته عندما صرخ من بعبدا ايها الشعب العظيم نريد أن نحرر لبنان من القوات السورية. لكني لم اخدمه لذاته بل خدمت القضية اللبنانية التي آمنّا بها. أما عتبي على ميشال عون أنه يعرف أنني لم ألتزم بنصائح أميركية بالعمل ضده، ولم أهاجمه... بينما دفع بالأستاذ الموسيقار عبدو منذر الذي لا خبرة له في السياسة كي ينافسني في قريتي.
هل سترشح نفسك في انتخابات 2013؟
أريد مساعدة لبنان على النهوض، فهذا واجبي. ولكي اساعد فعلًا ينبغي أن أكون عضوًا في البرلمان، أؤثر على القرارات وأقدم الأفكار والقوانين، لكني واثق أن الترشح مستقلًا لا يفيد ولا يوصل إلى نتيجة. ففي الشوف، إلى عون، ثمة وليد جنبلاط الذي يعاملني بهجومية مستهجنة، وكأني لم أكن في الولايات المتحدة أخدم مصلحة بلدي.
لم لا تعتمد على شعبيتك وجمهورك؟
في المرة الماضي، وصل برنامجي الانتخابي إلى نحو 30 ألف بيت شوفي، لكني سمعت الكلام نفسه اينما ذهبت، أتفق مع وليد بك تصل إلى النيابة. إن كان لا بد أن أعمل مع فريق سياسي، أختار العمل مع فريق 14 آذار، لكنهم يعرفون إني لا أطلب. إن طالبوني بالترشح عن مقعد الروم الكاثوليك في الشوف معهم، آمل حينها في النجاح. أنا أتكل على من يقدر منهم جهودي في سبيل لبنان.
وما رأيك في القانون الانتخابي الذي ينسج اليوم؟
القانون لم يعجبني أبدًا، لأنه مقسم على مقاس السياسيين، ويفتقر إلى تمثيل نسائي واغترابي صحيح. لسنا في أفغانستان، فالمرأة اللبنانية مبدعة منذ زمن وأثبتت نجاحها في الشأن العام. كما أن لبنان المغترب لم يقطع صلاته بالوطن، ومن حقه تقرير مصير هذا البلد.
فرصة أهدرها العراقيون
على الرغم من الوجود الأميركي في العراق، تهجر أكثر من مليون مسيحي. والسيناريو يتكرر اليوم في سوريا. الا تبدو الادارة الأميركية كأنها تتعمد تهجير مسيحيي المشرق من أجل مصلحة اسرائيل؟
الأميركيون يخطئون في المنطقة، ويرد المسلمون على هذا الخطأ بخطيئة أكبر، يوجهون انتقامهم ضد الكنائس المسيحية لأن الولايات المتحدة مسيحية، متناسين أن المسيحيين أسسوا للعروبة كما نعرفها اليوم. فالمسيحيون احتموا بالليبرالية وألفوا أحزابًا قومية عريبة كالبعث، لكن هذا الحزب خرب حالهم، ومن هنا أدعو المجتمع المسيحي للوقوف الى جانب الديمقراطية.
لكن تهجير مسيحيي العراق تم في ظل ديمقراطية الادارة الأميركية؟
ذهبنا إلى العراق لنخلصه من ديكتاتور. لكن بعدما قدمنا الديمقراطية للعراقيين على صحن من ذهب، تقاتلوا في ما بينهم وضربوا المسيحيين. فالعرب يستخدمون أميركا واسرائيل شماعة لتصرفاتهم الشائنة.
لماذا تقدم أميركا وكأنها جمعية خيرية، بينما ذهبت إلى العراق من أجل النفط؟
لا أنفي وجود المصالح، لكنها كانت فرصة فشل العراقيون في انتهازها وفضلوا التقاتل. المسيحيون وجدوا أنفسهم بين مطرقة أميركا التي خذلتهم وسندان المسلمين الذين قتلوهم. لهذا أقول بالديمقراطية وفصل الدين عن الدولة، وإلا لن نرى حكومة عربية صالحة تقدم مصلحة شعبها على مصالح المرجعيات الدينية، مسلمة أو مسيحية. أميركا تقدم الفرص، ولكننا لا نحسن استغلالها وننكر الجميل.
رومني داعم الديمقراطية
وهل تصنف مقتل السفير الأميركي في ليبيا في نفس فئة نكران الجميل العربي لأميركا؟
أعتقد أن هجوم بنغازي عمل مدبر، فلا أرى الشعب الليبي ميالًا إلى الارهاب، وقام بمظاهرات عديدة ضد الارهابيين وطردهم من بنغازي. على المسلمين ألا يخلطوا بين الاساءة الفردية والمجتمع الأميركي. ففي أميركا وحدها، وفي خلال 15 سنة فقط، تم بناء ثلاثة آلاف مسجد، وهذا جزء من حرية التعبير.
معروف عنك هواك الجمهوري. هل ستتغيّر السياسة الأميركية في الشرق الأوسط إن فاز رومني؟
لديّ ملء الثقة بأن ميت رومني سيكون أكثر دعمًا لترسيخ الديمقراطية في الشرق الأوسط من الرئيس الحالي باراك أوباما، الذي بان فشله الذريع وتردده في أكثر من مناسبة.
هل سيدعم رومني الديمقراطية بطريقة سياسية أم عسكرية؟
بالسياسة طبعًا. فرومني مؤمن بأن الضغط السياسي فعّال ضد الديكتاتوريات في المنطقة العربية، ولا يرى لزومًا أن يتم تدخل عسكري لأن الشعب العربي يعي تمامًا أفق حراكه، ويتحرك بثورات لا تختلف كثيرًا عن العمليات العسكرية، ويصل في النهاية إلى مبتغاه.
التعليقات