التنافس على السيطرة يخلق جبهة جديدة من الصراع بين الأكراد والثوار السوريين، حيث اندلعت جبهة جديدة في المعركة من أجل سوريا، تهدد بفتح موجة جديدة من أعمال القتل والخطف، وتهدد التعايش الحذر بين الثوار والأكراد في حلب.


لميس فرحات: موجة العنف الدامية بين المجموعتين اللتين سبق أن اتفقتا على سلام ضمني هي علامة على تفتت المجتمع السوري والصعوبات التي تواجهها المعارضة المسلحة في توحيد البندقية ضد الرئيس بشار الأسد.

وقال نشطاء سوريون إن اشتباكات جديدة بين الثوار ووحدات مسلحة كردية اندلعت يوم الثلاثاء في شمال سوريا، ما يؤكد خطورة القتال الأول بين الفصيلين منذ بدء الانتفاضة السورية منذ 19 شهراً.

quot;الاشتباكات تنتشر في مساحات واسعة من شمال حلب، وربما تخرج عن نطاق السيطرة، وتدمّر الثورة السورية بكاملهاquot;، قال حسين جمو، وهو ناشط سياسي كردي، مشيراً إلى أن quot;الجميع خائف، يمكن أن يكون الوضع كارثياًquot;.

على الرغم من تاريخهم المعارض للنظام، إلا أن الأكراد، الذين يبلغ عددهم 2 مليون في سوريا، سعوا إلى البقاء عموماً على هامش الحرب الأهلية، كما إنهم لا يثقون بالثوار العرب، الذين يعتبرون من المقرّبين جداً لتركيا.

تركيا لديها أقلية من الأكراد، وتخوض حرباً منذ عقود ضد حزب العمال الكردستاني، وهي مجموعة متشددة لها صلات وثيقة بحزب الاتحاد الديمقراطي السوري، الذي يعتقد العديد من المعارضين العرب أنه من الداعمين للأسد.

حتى الأسبوع الماضي، عاش الثوار والأكراد جنباً إلى جنب مع بعضهم البعض من دون الكثير من العنف، فكل منهما في جيوبهما الخاصة، ويقف أفرادهما على نقاط التفتيش التابعة لهم في شمال سوريا.

لكن كل ذلك تغير يوم الجمعة عندما اندلعت اشتباكات بعد دخول مقاتلين من الجيش السوري الحر إلى المنطقة التي يسيطر عليها الأكراد في الاشرفية، أحد أحياء مدينة حلب، وذلك في خطوة غير ناجحة إلى حد كبير للاستيلاء على المزيد من الاراضي في ميدان المعركة الحاسمة.

هناك قصص مختلفة عما حدث، لكن يتفق الجميع تقريباً على أن القتال اندلع بعد تظاهرة نظمها الأكراد احتجاجاً على وجود الجيش السوري الحر في المنطقة، ما دفع الأكراد إلى القول إن وجود الثوار دفع النظام إلى قصف البلدة. وفقاً للمرصد السوري لحقوق الإنسان، قتل 30 شخصًا في أعمال العنف التي تلت ذلك، كان معظمهم من الثوار.

من جهة أخرى، يقول نشطاء إن الجيش السوري الحر أوقف واعتقل المدنيين الأكراد على الطريق السريع الذي يربط حلب بمعقل الأكراد في عفرين. وقال علي بيلو، وهو قائد quot;أحرار سورياquot;، واحدة من الكتائب المعارضة التي انخرطت في الاشتباكات إن القوات الكردية اعتقلت أعضاء من الجيش السوري الحر.

يشير النشطاء إلى أنه تم الإفراج عن معظم المعتقلين الأكراد، ويسعى كلا الجانبين إلى نزع فتيل النزاع منذ هذه الحادثة. ونشر quot;أحرار سورياquot; بيانًا على شبكة الانترنت يصف الأكراد بـ quot;الإخوةquot; في النضال ضد النظام متعهدين حلّ الإشكال.

ما يجعل الوضع خطراً على نحو خاص هو أن جماعات الثوار غير قادرة على التنسيق الاستراتيجي والتعاون في ما بينها، وقال بعض النشطاء إن جماعة من الثوار هاجموا قرية قسطل جندو الكردية، حيث لا تزال الاشتباكات مستمرة منذ يوم الثلاثاء.

وقال بيتر هارلينغ من مجموعة الأزمات الدولية إن اندلاع الاشتباكات بين الثوار والأكراد يحدث منذ بعض الوقت، نظراً إلى التوترات بين المجموعتين، والمنافسة على الأراضي في مثل هذه البيئة الفوضوية، خصوصاً وأن الأكراد يسيطرون على مناطق ذات أهمية استراتيجية في كل أنحاء الحدود التركية.

اتسعت الهوة بين الثوار السوريين والجماعات الكردية بشكل مطرد لأشهر عدة، ففي أيلول/ سبتمبر، أعلنت الميليشيات الكردية أنها قد سيطرت على معظم المناطق الكردية في البلاد. وهدد عدنان العرعور، وهو رجل دين سلفي مقرّه السعودية، ويتمتع باحترام عدد لا بأس به من الجماعات السنية المتمردة، بأن الأكراد سيتحمّلون عواقب وخيمة إذا استمروا في احتلال تلك المناطق.

القتال الأخير هو علامة مثيرة للقلق، ربما على أشياء مقبلة، فالاشتباكات أساساً نتيجة لسوء الفهم بين مختلف الجماعات التي تعمل من دون قيادة. وتعتقد بعض فصائل الجيش السوري الحر أن الجماعات الكردية تسعى إلى الانفصال عن سوريا، وبالتالي تحاول منعهم. ويتهم بعض الثوار الجماعات الكردية، مثل الاتحاد الديمقراطي السوري، المتحالف مع جماعة حزب العمال الكردستاني في تركيا، بالتعاون مع النظام، على الرغم من أنهم لا يملكون أدلة تثبت ذلك.

ويقول محللون إن الاشتباكات في الشمال، حيث يتركز 15 في المئة من السكان الأكراد، تنبع ليس فقط من عدم الثقة، بل من الصراع على السلطة والسيطرة على مستقبل سوريا.

يشدد بعض المتمردين على حرصهم على الحفاظ على وقف إطلاق النار، إلا أنهم يتهورون في فتح جبهات ثانية في الحرب التي يكافحون للفوز بها من دون الدعم الدولي.